فيما الأزمة السياسية تراوح مكانها بفعل الفشل الذريع والمتمادي في انتخاب رئيس جمهورية جديد، والخطوات الحكومية تتعثر بفعل الخلافات داخل البيت الحكومي، ومع ارتفاع وتيرة التحضيرات لإجراء الانتخابات البلدية الشهر المقبل، ينتظر أن يشتد الكباش النيابي والسياسي بدءاً من الأسبوع المقبل حول عقد جلسة تشريعية وسط إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري عليها كضرورة ملحّة لمصلحة البلاد والعباد، منتظراً ردود الكتل النيابية على مبادرته التشريعية ليبني على الشيء مقتضاه. وقال بري امام زواره رداً على سؤال عن مبادرته التشريعة التي طرحها على طاولة الحوار قبل ايام «إنّ الكرة الآن في مرمى القوى السياسية، وآمل ان اتلقّى اجوبة إيجابية على ما طرحته».

وأضاف: «الاولوية هي مراعاة مصالح الناس فوق ايّ اعتبار آخر، ومن هنا أكرّر القول أن لا يحرجوني فيخرجوني، وإنني أنتظر حتى الاثنين المقبل (بعد غد)، وبعدها إذا كانت الاجوبة ايجابية فأهلاً وسهلاً، وإن لم تأتِ الايجابية فليس امامي سوى ان اتصرّف وفق ما تقتضيه مصالح المواطنين». راجع ص 4).

في هذه الاجواء، أكد الرئيس سعد الحريري «أن انتخاب رئيس للجمهورية سيشكل مفصلاً مهمّاً في إعادة انتظام مسيرة الدولة وتحريك عجلة المؤسسات الدستورية وتنشيط الدورة الاقتصادية وتفعيل العمل الإنمائي على صعيد البلد ككل، وقال أمام وفد بيروتي: «إذا تأمّنَ النصاب سأنزل إلى مجلس النواب وأنتخب رئيساً، وحتى إذا فاز العماد ميشال عون سأكون أوّل المهنئين وأقول له «مبروك يا جنرال»، فوصول أيّ شخص إلى سدة الرئاسة يكون أفضل من الفراغ». وأضاف: «نحن مقبلون على انتخابات بلدية بعد أيام عدة، وقد أكّدنا منذ البداية التزامنا بها، وهي ستُجرى إنْ شاء الله في موعدها».

وكرّر التزامه بتحالفاته «على رغم بعض التفاوت في الآراء السياسية»، وقال: «نحن سنسعى إلى التوافق مع كافة الأحزاب في بيروت بغية التوصّل إلى اللائحة الأفضل التي تضم كافة مكوّنات المجتمع البيروتي، وحتى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي كان زعيماً وطنياً لم يقصِ أحداً، بل تواصل مع الجميع من أجل مصلحة العاصمة. ونحن اليوم نسعى لأن نشكّل لائحة تضم أبناء العائلات البيروتية وتمثّل الجميع».

الراعي

وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، لفتَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى «انّنا بلغنا في لبنان حالة لا يمكن قبولها، إذ نشهد تفكيكًا لأوصال الدولة، وكأنّه مبرمج، بدءًا من فراغ سدّة الرئاسة الأولى منذ سنتَين، وصولًا إلى تعطيل عمل المجلس النيابي، وتعثّر نشاط الحكومة وسائر المؤسّسات العامّة، وبالتالي ازدياد الفساد فيها، وتفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة، وخطر استيطان النازحين واللاجئين والحالة الأمنية وفقدان الهوية اللبنانية، وهجرة الأدمغة والقوى الحيّة».

وقال: «آنَ الأوان لأن تطرح القوى السياسية المعنية، بمسؤولية وشجاعة، الأسباب الحقيقية التي تحول دون إكمال النصاب وانتخاب رئيس للجمهورية». وشدّد على «أنّ المسؤولية في الدرجة الأولى تقع على اللبنانيّين، أصحاب البيت».

الحوت

وعلى خط التشريع، أعلنَ نائب «الجماعة الإسلامية» النائب عماد الحوت مشاركتَه في أيّ جلسة يدعو لها الرئيس بري لتشريع الضرورة» وقال لـ«الجمهورية»: «هناك تعطيل متعمّد لانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي لا نستطيع أخذَ البلد كلّه رهينة لهذا التعطيل».

وأضاف: «المبادرة التي طرحها الرئيس برّي مبادرة منطقية جداً، نعم قانون الانتخابات النيابية هو مِن القوانين الضروري جداً إقرارها، وبالتالي أمر طبيعي ان يكون على رأس جدول الاعمال، لكن ماذا لو لم نتّفق على قانون الانتخابات؟ ماذا نفعل؟ هل نُبقي التعطيل قائماً؟ هل نُبقي البلد بلا القوانين المالية والضرورية التي تسمح باستمرار المرفق العام؟

ماذا نفعل بحياة المواطن اليومية؟ من هذا المنطلق نحن نرى أنّ جلسات تشريع الضرورة مهمّة جداً أن تسير، وأعتقد انّ الرئيس بري بما يملك من قدرة على المناورة والإستيعاب، سيستطيع ان يقنع على الأقلّ بعض الاطراف، ليس بأن تذهب الى مواجهة، وإنّما أن تأخذ الموقف الحيادي، قد لا تشارك في كلّ الجلسات التشريعية، لكن على الأقل أعتقد أنّه لن يكون هناك مواجهة حقيقية، لأنّ الجميع يدركون أنّهم لا يستطيعون ان يتحمّلوا عبء توقيف عجلة مصالح المواطنين».

شمعون

في غضون ذلك، لم يرَ رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون «أيّ عذر لعدم إجراء الانتخابات البلدية، كما لم يكن هناك ايّ عذر لعدم إجراء الانتخابات النيابية قبلاً».

وقال لـ«الجمهورية»: «نحن لا نُجري انتخابات رئاسية، كذلك لا نجري انتخابات نيابية بذريعة انّ القانون الموجود غير صالح ونريد قانوناً آخر، وهذا ليس بعُذر لعدم إجرائها، ومن ثمّ لا ننتخب رئيس جمهورية، حسناً، ما هو العذر اليوم لعدم إجراء الانتخابات البلدية؟ إلّا إذا كانت هناك نيّة عاطلة».

وأبدى شمعون تشاؤمه إزاء انتخاب رئيس قريباً، وقال: «في البلاد الديموقراطية التي تحترم نفسها، تحترم دستورها أوّلاً وتنتخب رئيسها، فنحن كم من المرّات نزلنا الى المجلس وبلا جدوى؟ إنّ «حزب الله» لا يريد انتخابات رئاسية، بل يريد تغيير كلّ»السيستيم» في لبنان».

الإنترنت غير الشرعي

وفي ملف الإنترنت غير الشرعي، كشفَ المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود أنه أعطى الإشارة بختم التحقيق الذي نظمه مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الامن الداخلي في شأن قضية «غوغل كاش»، مشيراً إلى «أنّه وبنتيجة التحقيق تمّ توقيف شخصين، والاستماع إلى إفادة موظفين».

وأوضح «أنّ قسمَ المباحث الجنائية المركزية يتابع التحقيقات في شأن استجرار الانترنت من الخارج، بصورة غير شرعية، في ضوء محضر التحقيق الذي أجرَته مخابرات الجيش، وذلك تحت إشرافه شخصيا». ولفت إلى أنّ القسم» سيتابع ايضاً، التوسع في التحقيق، وبإشرافي شخصياً، في ضوء المحضر الذي نظّمته مخابرات الجيش، في شأن طريقة إدخال المعدّات بلا ترخيص الى لبنان، لاستخدامها في الانترنت غير الشرعي».

وقالت مصادر تتابع التحقيقات الجارية لـ»الجمهورية» إنّ «بعض جوانب من التحقيق كشفَت عن وجود نوع من التواطؤ بين الموظفين في مؤسسة «اوجيرو» ومسؤولي الشركات الخاصة، وإنه لولا الخلل الذي طرأ على شكل العلاقة بين المؤسسة والشركات التي تدير وتسوّق في القطاع لبَقيَ الوضع قائماً بغضّ نظر وبتواطؤ، لكن وقوع الخلاف على توزيع المغانم والأرباح بين الشركات المستوردة للخدمات غير الشرعية والشرعية منها في آن أدّى الى ظهور مسلسل الفضائح الذي ستتّضح ملامحه قريباً».

وإلى هذه الوقائع الجديدة، قالت مصادر التحقيق إنّ ما كشفته مديرية المخابرات في تقريرها أشار الى احتمالات عدة لجأ إليها مهرّبو الخدمات والمعدّات من الخارج لتجاوز القوانين والامتناع عن دفع الرسوم اللازمة والتصريح الخاطئ عن المعدّات وحجمها ونوعيتها والتي يمكن تقديرها في وقتٍ لاحق بعد التثبت من بعض الأرقام وموازنات الشركات.

خليل

تزامُناً، طلب وزير المال علي حسن خليل في كتاب وجّهه الى رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل متابعة الدعاوى في سرقة الإنترنت «في وجه كلّ من يظهره التحقيق فاعلاً أو متدخّلاً أو محرّضاً أو شريكاً، خصوصاً في ما يتعلق بتحصيل كافة الحقوق المالية والمعنوية التي تعود للخزينة العامة، ممّن يثبت ضلوعهم في الجرائم المنسوبة إليهم في هذا الشأن، وإعلامهم بالنتيجة لاتّخاذ التدابير الآيلة الى حسنِ تطبيق القانون في كلّ ما يحافظ على حقوق الدولة».

أبوفاعور

في هذا الوقت، لفتَ وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور الى حصول «تطور قضائي مهم في ملف الانترنت غير الشرعي من خلال التحقيق مع المدير العام للاتصالات عبد المنعم يوسف، وتمّ إخلاء سبيله بسند إقامة ولم يتمّ تركه حرّاً، وهو ما نتمنّى ان يؤشّر الى مسار قضائي جدّي».

وأضاف: «هناك من يقول إنّه كبشُ فداء أو ضحية، ولكن بالنسبة إلينا هذا المدير هو رأس جبل الجليد في منظومة الفساد في وزارة الاتصالات، والجدّية القضائية والمسؤولية الوطنية تفترض ان نغوص عميقاً لاكتشاف قعر الفساد وعدم التوقّف عند مسؤول بحدّ ذاته، بل كلّ المسؤولين، وهذا ما نتعهّد ان نقوم به، لكي نقدّم رسالة واضحة الى المجتمع الدولي بأنّ لبنان ليس دولة فاشلة بل فيها انظمة ومحاسبة».

وأكد انّ «الحزب التقدمي الاشتراكي مستمر في معركة محاربة الفساد والتي تظهر منها ظواهر شائنة في الفترة الأخيرة، سواء في شبكة الدعارة الفحشاء التي تمّ اكتشافها أو الفساد في بعض الاجهزة الامنية، أو في قطاع الاتصالات عبر شبكة الانترنت غير الشرعي».

إضراب الثلاثاء

تربوياً، وفيما تدخل السنة الدراسية أسابيعَها الأخيرة، أعلنَت رابطة التعليم الثانوي الإضراب والاعتصام الشامل في كلّ الثانويات ودور المعلمين ومراكز الإرشاد التربوي الثلثاء المقبل، ودعت إلى المشاركة في الاعتصام الذي دعت إليه هيئة التنسيق النقابية في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم نفسه في أماكن عدة من المحافظات اللبنانية، وذلك لتوجيه «رسالة قوية إلى السلطة».

وجدّدت الرابطة مطالبتها ببتّ سلسلة الرتب والرواتب «بنداً أوّلاً على جدول أعمال أول جلسة تشريعية لتعديلها وإقرارها كما وعَدها بها المسؤولون سابقاً، وإلّا فاللجوء الى اتّخاذ خطوات قاسية تجبرهم على إعادة حساباتهم في حال إهمال أو إسقاط المطالب بالسلسلة».

وقالت مصادر الرابطة لـ«الجمهورية» إنّ مِن بين الخيارات المتوقّعة مقاطعة الانتخابات البلدية والاختيارية وتولّي إدارة صناديق الانتخاب، أو مقاطعة مراقبة وتصحيح المسابقات في الامتحانات الرسمية، وإنّ الخيارات ما زالت مفتوحة أمام الجمعيات العمومية التي ستلتئم لاحقاً.

أمن المخيّمات

أمنياً، وفي خطوة تعكس مدى خطورة الاحداث الاخيرة التي شهدها مخيّم عين الحلوة، والحديث عن انزلاق المخيّم في اتجاه تنظيم «داعش»، جالَ وفد فلسطيني برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزّام الأحمد على كل مِن الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وعرضَ معهم لضرورة العمل والتنسيق للحفاظ على الاستقرار الأمني في المخيّمات وإبعادها عن التجاذبات السياسية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ ابراهيم طلبَ من الوفد تقديمَ دعم جديد للقوّة الأمنية داخل مخيّم عين الحلوة حتى تقوم بمهمّاتها كما يجب بعيداً من الضغوط والتدخّلات السياسية، وأن تكون لها الصلاحية المطلقة لتواجه أيّ توتّر داخل المخيّم وصولاً الى تسليم كلّ من يقوم بأعمال الشغب أو يخِلّ بالأمن في الدولة اللبنانية. وأبدى الوفد استعداده لترتيب الأوضاع، واعداً «القيام بكلّ ما يلزم لسدّ الثغرات الأمنية».

وعلمت «الجمهورية» أنّ الجانب الفلسطيني منِح فرصة أخيرة لاتّخاذ إجراءات حاسمة، وإلّا فسيكون هناك تدابير جديدة.