هاجم الرئيس الأميركي باراك أوباما بشدة أمس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشككاً بدوافعه في سوريا حيث تشارك القوات الروسية في دعم بشار الأسد ولا سيما في قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، متهماً إياه بالإضافة إلى إيران بأنهما «أبرز داعمين للنظام القاتل» الذي لا يزال مستمراً في ارتكاب المجازر ضد المدنيين، فيما شهدت حلب أمس إحدى فصولها الأشد دموية.

فقد عبّر الرئيس الأميركي من لندن عن «قلقه الشديد» إزاء احتمال انهيار وقف إطلاق النار في سوريا. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «أنا قلق جداً إزاء اتفاق وقف الأعمال القتالية، وأتساءل ما إذا كان سيصمد». وأضاف «أن وقف الأعمال القتالية صمد بالواقع أكثر مما كنت أتوقع، وحتى على مدى سبعة أسابيع شهدنا تراجعاً ملموساً للعنف داخل ذلك البلد خفف العبء عن المواطنين بعض الشيء».

وتابع الرئيس الأميركي «إذا انهار اتفاق وقف الأعمال القتالية، فسنحاول إعادة العمل به مجدداً حتى مع مواصلتنا الحملة ضد داعش». 



وفي انتقاد شديد للسياسة التي تنتهجها موسكو في سوريا، قال «كانت تساورني على الدوام شكوك حول تصرفات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ودوافعه في سوريا». وأضاف «أنه، مع إيران، أبرز داعمين لنظام قاتل». وقال إن بوتين سيدرك أن المشكلة السورية لا يمكن أن تُحل بالسبل العسكرية.

وأوضح الرئيس الأميركي أن الأزمة السورية لا يمكن أن تُحل من دون مفاوضات سياسية، وهذا يتطلب التعامل مع أشخاص هو على خلاف عميق معهم. وقال أوباما «لن نحل المشكلة بشكل عام إلا إذا حركنا المسار السياسي«. 

وطالبت الأمم المتحدة باجتماع «طارئ» لمجموعة العمل الدولية حول سوريا على المستوى الوزاري، في ظل التدهور الحاصل على صعيد الوضع الإنساني وانتهاك اتفاق وقف الأعمال القتالية والعملية السياسية، معلنة مواصلة جولة المحادثات الحالية حتى الأربعاء المقبل.

وقال الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة في جنيف «نحتاج بالتأكيد الى اجتماع جديد لمجموعة العمل الدولية حول سوريا بالنظر الى مستوى الخطورة» على صعيد المساعدات الإنسانية واتفاق وقف الأعمال القتالية الساري منذ 27 شباط وعملية الانتقال السياسي التي تشكل أساس مفاوضات جنيف بين ممثلين للحكومة والمعارضة السورية.

وتضم مجموعة العمل الدولية حول سوريا ممثلين عن 17 دولة وترأسها واشنطن وروسيا اللتين توصلتا الى اتفاق وقف الأعمال القتالية في مناطق سورية عدة يُستثنى منه تنظيم «داعش» وجبهة النصرة.

وقال دي ميستورا للصحافيين إن «اتفاق وقف الأعمال القتالية استناداً الى كل المعايير لا يزال سارياً«، لكنه حذر من أنه «في خطر شديد إذا لم نتحرك سريعاً« في ظل المعارك المتعددة الأطراف التي تشهدها مناطق عدة لا سيما في محافظة حلب في شمال سوريا.

واعلن دي ميستورا أنه يعتزم استكمال الجولة الراهنة من المحادثات غير المباشرة بين ممثلين للحكومة السورية والمعارضة حتى منتصف الأسبوع المقبل. وقال «أود مواصلة المحادثات غير المباشرة في إطار رسمي وتقني الأسبوع المقبل حتى يوم الأربعاء وفق ما كان مقرراً«.

وتأتي مواقف دي ميستورا بعد تعليق وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية، مشاركتها الرسمية في جولة المفاوضات احتجاجاً على تدهور الأوضاع الإنسانية وانتهاكات لاتفاق وقف الأعمال القتالية تقوم بها قوات الأسد.

لكن دي ميستورا أوضح أن أعضاء من فريق عمله واصلوا عقد «اجتماعات مثمرة جداً« على الصعيد التقني مع أعضاء في وفد الهيئة العليا للمفاوضات في مقر إقامتهم في جنيف. وأضاف «سنواصل محاولة التعمق في الملفات التي بدأنا مناقشتها.. وبإمكاننا القيام بذلك على المستويين الرسمي وغير الرسمي، التقني والعملي».

وقال إنه تمكن خلال لقاءاته مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات من التعمق أكثر حول رؤيتهم لهيئة الحكم الانتقالي، موضحاً أنه ناقش مع الوفد الحكومي رؤيته للحكومة الموسعة ويأمل «استكمال» النقاش بعمق خلال الاجتماع المقرر الاثنين المقبل.

وازدادت المخاوف أخيراً حيال انهيار وقف الأعمال القتالية بعد التصعيد العسكري الذي شهدته محافظة حلب منذ نحو ثلاثة أسابيع بين أطراف عدة، وتوسع الى مدينة حلب، أبرز المناطق التي شهدت هدوءاً منذ تطبيق وقف العمليات القتالية.

وفي مجزرة جديدة قامت بها مقاتلات الأسد، تعرضت أحياء عديدة في حلب واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، لقصف جوي، تسبب بمقتل 25 مدنياً وإصابة 45 آخرين بجروح، وفق حصيلة أوردها مسؤول في الدفاع المدني.

وفي جنوب دمشق، بات تنظيم «داعش» يسيطر بشكل «شبه كامل» على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. وقال مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية في سوريا أنور عبد الهادي إن تنظيم «داعش» «بات يسيطر بشكل شبه كامل على مخيم اليرموك بعد طرد جبهة النصرة حليفه السابق من المواقع التي كانا يسيطران عليها».

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن مصدر عسكري سوري قوله إن طائرة حربية تحطمت بالقرب من دمشق تابعة لسلاح الجو السوري. وقال المصدر للوكالة «خضعت الطائرة لإصلاحات في الآونة الأخيرة... لم تتعرض لهجوم من الأرض. تحطمت بسبب عطل فني. الطيار قفز بمظلته«.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن متحدث باسم قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا قوله إن الطائرات الحربية الروسية لم تحلق فوق منطقة قرب دمشق حيث تحطمت طائرة عسكرية.

وقالت وكالة «أعماق« إن تنظيم «داعش» أسر طياراً سورياً بعد تحطم طائرته خارج دمشق.