مع ان اعلان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط اعتزامه تقديم استقالته من مجلس النواب لدى انعقاد جلسات تشريع الضرورة كاد يطغى بصداه على التعقيدات التي تواجه التوافق على مبدأ انعقاد هذه الجلسات، فان الايام المقبلة تبدو مرشحة لحماوة سياسية اضافية متصلة بمجمل مناخات هذا الملف. وزاد الطين بلة أمس ان جانباً من "القصف" الجنبلاطي الذي قرن به اعلانه التحضير لنهايته السياسية الذي يتصل بملف شبكات الانترنت غير الشرعي أشعل جبهة وزارية جديدة تولاها وزير الدفاع سمير مقبل الذي نالته شظايا مباشرة من الاتهامات الجنبلاطية كما نالت الجيش واثار رده عليها رداً حاداً من وزير الصحة وائل أبو فاعور الامر الذي يزيد السخونة المصاحبة لفتح ملف هذه الشبكات تفاقماً. ويبدو هذا الملف مقبلا على مزيد من تطورات قضائية وسياسية اذ أعلن المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود انه اعطى الاشارة بختم التحقيق الذي ينظمه مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الامن الداخلي في شأن قضية "غوغل كاش"، مشيرا الى انه بنتيجة التحقيق تم توقيف شخصين والاستماع الى افادات موظفين وانه سيصار الى الادعاء وتحريك الدعوى العامة في هذا الملف كما سيطلب الاذن بملاحقة موظفين لم يسمهم. وكشف ان قسم المباحث الجنائية يتابع التحقيقات في شأن استجرار الانترنت من الخارج على ضوء محضر التحقيق الذي اجرته مخابرات الجيش وفي اشرافه شخصياً.
اما على المسار السياسي للملف، فان الوزير مقبل رد على اتهامات جنبلاط مؤكداً ان القيادة العسكرية رفعت الى المسؤولين والمعنيين تقارير بكل ما لديها في هذا الموضوع " ولا يجوز ان تقحم المؤسسة في قضية مماثلة وتحل مكان أجهزة أمنية أخرى". وكرر وزير الدفاع في تصريح لـ"وكالة الانباء المركزية " ما سبق له ان أدلى به الى "النهار" قبل أيام من ان "ادخال المعدات الى لبنان ومعاينتها من مسؤولية الجمارك، أما اذا كانت ادخلت عبر معابر غير شرعية عن طريق الحدود مع سوريا فذاك شأن آخر يوجب التعاون بين الجميع لكشف ملابساته". وأضاف: "تبعا لذلك نقول لمن يستهدفنا كفى اتهامات باطلة ومن يملك مستندات أو وثائق فليضعها على الطاولة أو يقدمها الى الجهات المختصة لتتم في ضوئها المحاسبة والمحاكمة والا فليصمتوا".
وسارع الوزير أبو فاعور الى الرد على مقبل متهكماً وناعتاً اياه بـ"سمير الكيماوي اذ ظننت لوهلة ان البيان صادر عن علي الكيماوي وزير الدفاع العراقي الاسبق في زمن صدام حسين لكن لحسن الحظ جاء من ينبئني بالخبر الصحيح فاطمأن قلبي لعلمي ان معالي الوزير سيرأف بحالنا ولن يمارس صلاحياته المطلقة علينا !".
الاستقالة وانتخاب فرعي؟
اما في ما يتعلق باستقالة جنبلاط في الجلسة التشريعية الاولى للمجلس، فان الامر لم يتخذ مجراه النهائي بعد في انتظار بت مصير جلسات التشريع أولاً ومن ثم معرفة التوقيت الدقيق الذي يعتزم جنبلاط تقديم استقالته فيه ليبنى على الامر مقتضاه القانوني الذي سيرتب حتماً اجراء انتخاب فرعي في قضاء الشوف لانتخاب من يخلف جنبلاط في مقعده الذي سيصبح شاغراً. واذ يبدو بديهياً ان تيمور جنبلاط سيكون المرشح الاشتراكي مكان والده فان مصادر قيادية في الحزب التقدمي قالت لـ"النهار" ان اجراء انتخابات فرعية مرهون بمسار استقالة رئيس الحزب وتوقيتها والمدة المتبقية من ولاية المجلس التي تنتهي في ايار 2017 بالاضافة الى موعد تقديم الاستقالة رسمياً. ومعلوم انها المرة الثانية التي يتجه فيها الى الاستقالة بعد أولى قبل أكثر من سنة عاد وتريث في تنفيذها. ولاحظت المصادر تلفت الى انه مع اجراء الانتخابات البلدية واجراء انتخاب فرعي نيابي في جزين باتت استقالة جنبلاط ممكنة.
حلف التشريع
في غضون ذلك، تتجه الانظار الى كباش مفتوح بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والمعارضين لجلسات التشريع وسط تصاعد ملامح التصلب في مواقف كل من الفريقين. ولاحت بوادر تقاطع رباعي يدفع في اتجاه عقد جلسات التشريع ويضم مبدئياً الرئيس بري والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار "المستقبل " و"حزب الله " في حين لا تبدو القوى المسيحية الثلاث "التيار الوطني الحر " و"القوات اللبنانية " وحزب الكتائب في وارد التساهل مع عقد الجلسات تحت وطأة الطعن في ميثاقيتها. لكن بري ردد أمام زواره ان الكرة في مرمى الكتل النيابية ويأمل منها اجوبة مشجعة، مكرراً "لا تحرجوني فتخرجوني". ولمح الى انه سينصرف الى تحقيق "ما يؤمن مصالح الناس لان ثمة مشاريع شديدة الاهمية ولا بد من اقرارها".
الحريري
الى ذلك، بداً لافتا ان الرئيس سعد الحريري انصرف أمس وبعد عودته الى بيروت الى متابعة الاستعدادات للانتخابات البلدية وخصوصاً في مدينة بيروت حيث التقى تباعا العديد من وفود العائلات البيروتية في حضور المرشح لرئاسة بلدية بيروت جمال عيتاني. وقد جدد الحريري التزامه تحالفاته في بيروت " رغم بعض التفاوت في الآراء السياسية"، وشدد على السعي الى "التوافق مع كل الاحزاب في بيروت من اجل التوصل الى اللائحة الفضلى". وتناول الملف الرئاسي، فكرر انه "اذا تأمن النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية سأنزل الى المجلس وانتخب رئيساً وحتى اذا فاز العماد ميشال عون سأكون أول المهنئين وأقول له مبروك يا جنرال فوصول أي شخص الى سدة الرئاسة يكون افضل من الفراغ".