لم تستأثر الازمة الدستورية والسياسية في لبنان، بلحظة واحدة من القمة الاميركية ـ الخليجية. مصدر خليجي مسؤول قال لـ«الديار»: «اننا ناقشنا مع الرئيس باراك اوباما الازمات الساخنة، اما ازمتكم فهي «باردة» وثانوية، وتدور في فلك ازمات المنطقة».
المصدر الذي اعتبر «ان ادارة الازمة، وتكريس الستاتيكو، افضل ما تستطيعون فعله، واقصى ما تستطيعون فعله»، استدرك قائلاً «ان حزب الله لم يعد مشكلتكم انتم بل هو مشكلتنا جميعاً، ونحن سنواصل الضغط عليه، وشددنا على الرئىس الاميركي رفع وتيرة الضغط عليه لانه بات يشكل خطراً حقيقياً على بلدان المنطقة».
ـ لقاءات موازية ـ
المصدر اشار الى «لقاءات موازية جرت بين اعضاء بارزين في الوفد الاميركي ومسؤولين سعوديين، واثناء هذه اللقاءات طرح ملف الحزب من كل جوانبه، بما في ذلك دعمه لتنظيمات فلسطينية لعبت دوراً سلبياً في بلورة تسوية ديبلوماسة للصراع، مع ما يعنيه امتلاكه اكثر من 100 الف صاروخ من تأثير على الامن الاستراتيجي للمنطقة ككل».
امام المسؤولين الاميركيين، وبحسب ما يستشف من كلام المصدر الخليجي، اثيرت مسألة «التأثير النووي» للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، بصراحة، وبطرح معطيات محددة كانت الشكوى منه كونه يؤثر في قطاعات شعبية في العديد من بلدان المشرق العربي ما يمكن ان يفضي الى زعزعة الاستقرار الداخلي في هذه البلدان.
ـ تجميد الاتفاق النووي ـ
وكشف المصدر ان اوباما فوجىء بطرح مسؤول سعودي كبير تجميد تنفيذ اتفاق فيينا لحين تخلي ايران عن الحزب، ولم يعلق على هذا الطرح، موضحاً ان دوائر الادارة، بما في ذلك وزارة الخزانة، تطارد الحزب، على نحو منهجي، وعلى اساس ان محاصرته مادياً لا بد ان تفعل فعلها في الحد من سياسة الاستقطاب التي يعتمدها والتي يتعدى مفعولها الساحة اللبنانية.
وكشف المصدر ان الكلام الذي ادلى به المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنيئي والذي وصف فيه شباب «حزب الله» بأنهم «يسطعون كالشمس»، بدا وكأنه اخترق جدران القمة، وقد وضع التصريح امام الرئيس الاميركي الذي كان تعليقه مقتضباً بما مفاده ان هذا الكلام ليس بالجديد، وقد «دأبنا منذ زمن بعيد على سماعه».
ـ مواقف جاهزة ـ
وقال المصدر ان اوباما جاء الى الرياض بمواقف جاهزة، وباجابات جاهزة، لا مجال لتغيير السياسات التي انتهجها حتى الآن بالنسبة الى سوريا، ولن يأمر بوارجه باعداد صواريخ التوماهوك للانقضاض على دمشق، لكنه اكد ان عداءه للرئيس بشار الاسد لا يقل، في اي حال، عن عداء القادة الخليجيين له. ما ظهر من المحادثات ان الرئيس الاميركي لا يثق لا بصدقية المعارضة السورية، ولا بفاعليتها، وكان من الصعب جداً بل من المستحيل، اقناعه بأن هناك فصائل معارضة «وطنية بالكامل»، ولا تمت بصلة الى تنظيم الدولة الاسلامية او الى «جبهة النصرة».
وفي ما بدا دعوة من الرئيس الاميركي لعدم ذهاب المملكة بعيداً في علاقاتها الاستراتيجية، اوما شاكل ذلك، مع انقرة، اكد ان بلاده تنتهج سياسة ثابتة، ومنذ اللقاء الشهير الذي عقد في شباط عام 1945 بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس فرنكلين روزفلت «الذي اعتقد انكم مثلي تكنون له الاحترام الكبير، حيال المملكة، وبالتالي حيال «العقد الخليجي».
ـ لا زعزعة لاستقرار الخليج ـ
وشدد على «انه غير مسموح لأي قوة وعلى رأسها ايران، زعزعة الاستقرار لا في السعودية ولا في غيرها من دول الخليج»، موضحا ان الايرانيين يفهمون ذلك جيداً، والوزير جون كيري ابلغ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف كلاماً واضحاً، ومباشراً وحاسماً حول امن الخليج.
وقال المصدر ان اللقاءات التي جرت، وبموازاة القمة، اظهرت ان المسؤولين الاميركيين، ومن وزير الدفاع اشتون كارتر الى مستشارة الامن القومي سوزان رايس، يعتبرون ان قادة المعارضة السورية، وتحديدا ما يعرف بـ«فريق الرياض» اما انهم لا يمتكلون اي حيثية على الارض او ان علاقتهم وثيقة بـ«جبهة النصرة».
ـ ابعاد الاسد ـ
هذا الكلام لم يطرح جزافاً، بل ان الجانب الاميركي استند الى معطيات استخباراتية لا يرقى اليها الشك. واذ اعتبر ان ابعاد الرئيس الاسد «يدخل في اساس رؤيتنا للحل السياسي في سوريا»، فان اي خطوة في اتجاه الحل لا يمكن ان تتم الا بالتوافق مع الكرملين الذي له تأثيره على النظام. وكان لافتاً ان الرئيس الاميركي كرر اكثر من مرة، ان «سقوطاً فوضوياً» للنظام يعني دخول سوريا في دوامة من الحروب لا بد ان تكون لها انعكاساتها على سائر انحاء المنطقة.
ـ ثنائية سعودية ـ ايرانية ـ
«الديار» استندت الى مصادر مختلفة وموثوقة في اكثر من عاصمة خليجية، ليتأكد ان اوباما لا يزال عند رأيه الذي ادلى به لجيفري غولدبرغ في صحيفة «اتلونتيك»، وهو قيام ثنائية سعودية ـ ايرانية لضبط الايقاع الايديولوجي والاستراتيجي في المنطقة.
ما قاله يختزل بكلمات ان باستطاعة الدول الخليجية ان تشعر، كلياً، بالامان، لا سيما المملكة العربية السعودية التي لن يكون عليها اي خطر. هذه مسألة لا تقبل الجدل في حال من الاحوال، لكن الابقاء على وتيرة التوتر من خلال الصراع السعودي ـ الايراني سيكون مؤذياً للجميع. العبارة الذهبية هي ضبط الايقاع الجيوبوليتيكي في المنطقة من خلال التوصل الى «مفهوم فلسفي» جديد للعلاقات بين الرياض وطهران.
هذا بموازاة التواصل الاميركي ـ الروسي ومحاولة الجانبين تشكيل رؤية مشتركة لحل النزاعات، والازمات ودون ان يكون ذلك ممكناً الا بفتح قنوات للتواصل بين السعودية وايران، على ان تتحدث واشنطن في تفاصيل ذلك مع موسكو.
محلياً، وتأثراً بواقعة انفلونزا الطيور، انتشرت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي عبارة «انفلونزا الاقطاب»، في اشارة الى «السياسات القاتلة» التي يمارسونها...
ـ موقف بكركي ـ
واذ لم يصدر اي موقف من بكركي حول موضوع الجلسة التشريعية، سألت «الديار» احد المطارنة الذي قال انه لا يستطيع ان يحدد ما في رأس صاحب الغبطة سوى انه قلق حيال التدهور والشلل الذي تعاني منه البلاد.
اضاف، بداية يفترض معرفة نتيجة الاتصالات التي يجريها الرئيس نبيه بري، وما اذا كانت عملية تدوير الزوايا ستقترن بالنجاح ام لا، و«بطبيعة الحال البطريرك مع عمل المؤسسات، اذ يكفي الناس ما تعانيه، وما تتحمله من فضائح لا يشق لها غبار، لكن هذا لا يلغي بأي حال المخاوف من ان يتحول الشغور الرئاسي، بانعكاساته المأسوية على وضع البلاد ككل، الى امر واقع يفضي الى... واقع آخر».
ـ قلق الفاتيكان ـ
المطران أضاف انه يتوقع ان تكون للبطريرك رؤيته لميثاقية الجلسة ولتشريع الضرورة، على ان يعلن عن ذلك في حينه.
غير ان ما يتردد في الاوساط الديبلوماسية يؤكد على قلق الجهات المعنية في الفاتيكان ازاء الفوضى السياسية او بالاخرى الخواء السياسي الذي يعيشه لبنان، وهو ما همس به السفير البابوي المونسنيور غابرييللي كاتشيا في اذن اكثر من مسؤولي سياسي وروحي لبناني، والى حد التحذير من تصنيف المجتمع الدولي للبنان بـ«الدولة الفاشلة».
ـ المسيحيون المسلمون ـ
وحيال الاختلاف حول ما اذا كان يفترض اقرار قانون الانتخاب قبل او بعد انجاز الاستحقاق الرئاسي، فان الرئيس بري عاقد العزم على فتح ابواب البرلمان والدعوة الى الجلسة، ولكن دون ان يتضح ما اذا كان سيقدم على هذه الخطوة بغياب نواب الاحزاب المسيحية الاكثر تأثيراً في الشارع.
وفي اجواء التيار الوطني الحر انه ستكون للدعوة انعكاسات خطيرة، وتكرس سياسة تهميش المسيحيين على المستويات كافة في الدولة، والى حد التساؤل عما اذا كان رئيس المجلس سيكتفي بـ«المسيحيين السنّة» و«المسيحيين الشيعة» و«المسيحيين الدروز»، وذلك في اشارة الى النواب المسيحيين الذين يخوضون الانتخابات على لائحة القوى الاسلامية وباصوات المسلمين.
لا ثلاثية، وثلاثية الابعاد ان للرئيس الضعيف في رئاسة الجمهورية، او لقانون إنتخاب لا يأخذ بالاعتبار الانصاف والمناصفة، او لجلسة تشريعية لا يتم فيها اقرار هذا القانون، وفقاً لمعايير تتمحور حول التوازن في التمثيل.