لبنان الفضائح , وحوار اللا ثقة واتهامات متبادلة بين المتحاورين وبري يحذّر عون وجعجع
السفير :
حتى تصل أجوبة الكتل النيابية على المبادرة التي طرحها الرئيس نبيه بري، في جلسة الحوار الوطني، أمس، لتأمين تفاهم حول عقد جلسة تشريعية توفق بين المنادين بأولوية قانون الانتخاب حصرا والمتمسكين بتشريع الضرورة الأوسع مدى، تستمر وقائع ملفات الفساد بالاستحواذ على اهتمام اللبنانيين الذين يساور معظمهم شعور بأن هذه الملفات ستطوى عاجلا أم آجلا بالتي هي أحسن، وبأقل الخسائر الممكنة، استنادا إلى حصيلة التجارب السابقة المريرة، خصوصا في زمن «جمهورية الطائف ـ الطوائف».
ولعل الأجهزة القضائية والأمنية تقف، أكثر من غيرها، على المحك في هذا الامتحان، باعتبار أن الوجهة التي يمكن أن تسلكها الفضائح المتدحرجة، سواء نحو اللّفلفة أو الحسم، إنما تتوقف على طريقة تعاطي تلك الأجهزة معها، ومدى اكتسابها المناعة أو العكس، إزاء «فيروس» المداخلات السياسية الذي اعتاد على التجوال في جسم الدولة الرخو والضعيف.
وفي انتظار تبيان نتائج الاختبار، تقفز الى الواجهة أسئلة، مبني بعضها على معلومات غير مطمئنة، حول المسار القضائي المحتمل لفضائح الفساد، خصوصا تلك التي تكشفت مؤخرا وتنطوي على طابع أمني، وبينها مغارة الانترنت غير الشرعي واختلاسات قوى الامن الداخلي وأبعاد ملف كاميرات بيروت.
«السفير» تقارب هذه الملفات من زاوية هواجس الرأي العام الذي لم يحصل حتى الآن على أجوبة شافية، بل ان أسئلته تتكاثر مع مرور الوقت.
مغارة الإنترنت
وبهذا المعنى، فإن مغارة الانترنت لا تزدحم فقط بالفضائح المتناسلة، بل بتساؤلات ملحة من نوع:
÷ الى أي حد تبدو السلطة على القدر المطلوب من الجدية والمصداقية في التعامل مع فضيحة الانترنت غير الشرعي، التي لو حصلت في أي دولة ديموقراطية ومؤسساتية حقا، لكان وزراء ومسؤولون قد استقالوا على الفور، أقله من باب تحمل المسؤولية المعنوية؟
÷ لماذا لم يبادر المعنيون بهذا الملف الى تعليق مهامهم، بالحد الأدنى، في انتظار انتهاء التحقيقات القضائية وثبوت براءتهم من أي ارتكاب أو إهمال؟
÷ هل يصح أنه بعد مرور أسابيع على انكشاف «دويلات الانترنت»، لا تزال القوى الأمنية عاجزة عن تقديم أجوبة واضحة للبنانيين حول كيفية دخول التجهيزات العائدة الى المحطات المخالفة عبر المرافئ الشرعية ببيانات مزورة، ومن هي الجهات التي تولت تغطية هذا التسلل، وكيف جرى تركيب المعدات الضخمة في الجبال والتلال من دون أن ترصدها القوى الأمنية التي لا يفوتها في المقابل أن تضبط مخالفة صغيرة تتعلق بغرفة أو شرفة مبنية من دون ترخيص؟
÷ ويروى في هذا الإطار، أن مواطنين باتوا يواجهون عناصر أمنية تلاحق بعض المخالفات الفردية بالقول: كيف تلتقطون هذه التفاصيل الصغيرة، بينما فاتكم أن تضبطوا تجهيزات ضخمة لاستجرار الانترنت غير الشرعي، جرى زرعها في مناطق مكشوفة؟
÷ ما الذي يضمن ألا تكون هناك معدات ومواد خطيرة أو ربما أسلحة ايضا قد هُربّت أو تهرب بالطريقة ذاتها الى الداخل اللبناني؟
÷ لماذا لا تزال صورة المتورطين الكبار في ملف الانترنت غامضة وضبابية برغم الاستماع حتى الآن الى عشرات المشتبه فيهم، وهل يجوز أن تكون هوية من يقف خلف محطات التهريب الاساسية (الزعرور، الضنية..) غير واضحة أو مكتملة بعد؟
÷ الى أي حد سيلتزم القضاء بالشفافية في التحقيق وبالتخفف من الحسابات السياسية والشخصية التي قد تكبل أو تضيّق مساحة الحرية في المساءلة والمحاسبة، علما أن أحد النواب قال لقاض يتابع ملف الانترنت: هل تريدنا أن نصدق أن أحداً لا يتصل بكم للتأثير عليكم، فما كان من القاضي إلا أن أجابه.. بابتسامة خبيثة.
÷ هل سيرفع السياسيون أيديهم عن القضاء ويمنحونه «الأمان»، ام ان أصابعهم ستظل تتغلغل بين أوراق ملف الانترنت لحماية اسم هنا أو للتمويه على حقيقة هناك؟
÷ لماذا بدا الجسم الوزاري متشظياً في اجتماعات لجنة الاتصالات والإعلام النيابية بدل أن تكون الحكومة حاضرة بمقاربة واحدة، حتى أن أحد النواب اعتبر ان الوزراء المعنيين يظهرون في النقاشات كأنهم يمثلون حكومات عدة، بعدما تبين أن لكل من وزراء الدفاع والمال والاتصالات والصحة روايته للأحداث والوقائع المتصلة بملف الانترنت، بينما يستمر غياب وزير الداخلية الذي يوحي بأن في فمه ماء، يمنعه من البوح بكل ما يعرف في هذا الملف.
÷ هل ثمة صفقة بدأ ترتيبها للملمة الفضيحة واختصارها برئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، الذي يجب أن يخضع بالتأكيد الى المساءلة والمحاسبة، لكن ليس وحده، لان يوسف إذا ثبتت إدانته في الاتهامات الموجهة اليه، لن يكون سوى رأس جبل الجليد؟
÷ هل صحيح أن الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تفاهما حول ضرورة إزاحة يوسف عن موقعه، وأن الأمر سيطرح بأسرع وقت ممكن على مجلس الوزراء، لاستثمار زخم الحصار السياسي المطبق على رئيس «أوجيرو» في هذه اللحظة من أجل الدفع في اتجاه اتخاذ قرار بإقالته، بعد تحميله الجزء الأكبر من المسؤولية عن فضيحة الانترنت؟
÷ هل بدأ «تيار المستقبل» تسويق اسم بديل ليوسف، يرجح أن يكون أحد موظفي الإدارة الرسمية من أصحاب الخبرة، وهو نبيل يموت؟
÷ لماذا حاول البعض تجميد عمل اللجنة النيابية عند الحد الذي وصلت اليه، وما مدى صحة المعلومات المتسربة حول سيناريو وُضع لإنهاء مهمة اللجنة، بحجة انها ليست لجنة تحقيق برلمانية وان المطلوب ترك القضاء يعمل بهدوء وبالتالي تحريره من رقابة اللجنة النيابية، وضغط الإعلام الذي يواكب عملها.. لكن هذا السيناريو أحبط في ظل إصرار اللجنة على متابعة المهمة؟
÷ لماذا بدأ وزراء ونواب وكتل نيابية يعربون عن تذمرهم من دور الإعلام، محاولين وضعه في إطار التشويش على المسعى المبذول للوصول الى الحقيقة؟
الكاميرا.. الخفية!
وما قبل الانترنت وبعده، ما هي حقيقة صفقة كاميرات بيروت؟
÷ هل يجوز أن تُعتبر مسألة حيوية بهذه الحساسية والدقة من اختصاص بلدية العاصمة حصراً، بدل أن يشرف مجلس الوزراء على تفاصيلها انطلاقا من كونها تتصل بأمن بيروت في مواجهة الارهاب والتحديات الاخرى الداهمة؟
÷ ألا يُخشى من أن يؤدي تفرد المجلس البلدي، في إقرار مشروع الكاميرات وتنفيذه، الى الانزلاق نحو ما يشبه «الأمن الذاتي» المقونن؟
÷ هل كان المجلس البلدي للعاصمة مجرد واجهة لفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، والذي يراد لداتا الكاميرات أن تصب عنده، من دون ان يكون للجيش أو الأمن العام أي علاقة بهذا المشروع؟
÷ أين المصلحة في تكريس صراع الأجهزة وجزرها الأمنية، في حين ان المطلوب رفع مستوى التنسيق بينها الى أعلى الدرجات؟
÷ ما هي حقيقة الشق المالي في هذه الصفقة، وأي ملابسات كان ينطوي عليها عقد الـ20 مليون دولار المتعلق بـ«الفايبر اوبتيك» قبل أن يؤدي تدخل عبد المنعم يوسف الى تجميده؟
÷ كيف يمكن تفسير النقص في بعض المعطيات الجوهرية لدى وزير الاتصالات بطرس حرب الذي أكد خلال أحد اجتماعات اللجنة النيابية أن بلدية بيروت حاولت مد خط «الفايبر» لوصل الكاميرات به، لكن طلبها رُفض لان أي أمر من هذا النوع يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، فما كان من يوسف إلا ان انتقل الى جانبه وتكلم معه، ليعدّل الوزير بعد ذلك أقواله، موضحا ان رئيس «أوجيرو» أخبره للتو أن البلدية قبلت بالشروط المحددة ومدت «الفايبر أوبتيك» عبر الدولة، ما يدفع الى التساؤل: كيف لم يكن حرب يعرف بهذا المعطى، في حين ان الموافقة على طلب بلدية بيروت تحتاج الى توقيعه وأين دور وزارتي الداخلية والدفاع حيال أمر سيادي أمني خطير كهذا؟
النهار :
لعلها من غرائب السياسة في لبنان ان تحفل المنابر الاعلامية بمعارك كلامية وسجالات وتراشق بالاتهامات بالفساد بين أفرقاء سياسيين، ثم يجتمع ممثلوهم في اليوم التالي لينسقوا تحالفهم في المعارك الانتخابية البلدية والاختيارية المقبلة كما يشاركون معا في اعتصامات احتجاجاً على التسيب في قطاع الانترنت غير الشرعي. هذا الجانب "النادر " العجيب من المشهد الداخلي تمثل امس في اعتصام المنظمات الشبابية لقوى 14 آذار والحزب التقدمي الاشتراكي على خلفية ملف الانترنت غير الشرعي، وانسحب أيضاً على اجتماع لقيادتي "تيار المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت اللتين اكدتا "وحدة الحال والتحالف القائم في ما بينهما وقد تم الاتفاق على ابقاء الاجتماعات مفتوحة في ما بينهما خلال هذه المرحلة".
لكن ذلك لم ينسحب على الملفات السياسية المأزومة الاخرى والابعد أثراً مثل جولة الحوار الجديدة التي خرجت بنصف مخرج شكلي يصعب الجزم في ما اذا كان سيؤدي الى توفير حل لانعقاد جلسات التشريع التي وضعت على نار دفع قوي يتولاه رئيس مجلس النواب نبيه بري وسط تعقيدات لم تتأخر في التعبير عن نفسها من خلال مواقف معظم القوى المسيحية خصوصاً.
وقبل الخوض في وقائع هذه الجولة يجدر التوقف عند الحديث الذي أدلى به رئيس "تيار المردة " المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية لدى زيارته أمس مكاتب "النهار" للمرة الاولى ولقائه رئيسة مجلس الادارة النائبة نايلة تويني وعدداً من أفراد أسرة "النهار" وتناول فيه معظم الملفات المطروحة. واختصر النائب فرنجية ما آلت اليه أزمة الفراغ الرئاسي بعبارة "أنا أو غيري... المهم يمشي البلد ". وانطلاقاً من مجريات جولة الحوار التي انعقدت أمس وحضر فرنجية الى "النهار" عقب مشاركته فيها، تساءل "هل في تعطيل مجلس النواب نسرع انتخاب رئيس الجمهورية؟ وماذا يربح المسيحي اذا عطّل التشريع؟".
ولا يعتبر فرنجية نفسه في منافسة مع العماد ميشال عون، ذلك أن "ظروفه غير ظروفي"، لكنه يشدد على انه "في مكان ما ثمة أمر يجب ان يحرك الامور". ولا يخفي رؤيته "ان الجميع ضائعون للمرة الاولى ولا فريق يعرف ماذا يريد". ويؤكد ان "للمسيحيين دوراً أساسياً في تحسين وضعهم اذا ما احسنوا اغتنام الفرصة ولعب هذا الدور في شكل صحيح... واذا لم يصل شخص محدد الى رئاسة الجمهورية فهذا لا يعني ان المسيحيين انتهى دورهم وان المسلمين لا يريدونهم ". ويضيف: "بصرف النظر عمن يكون الرئيس، المهم ان يشعر المجتمع المسيحي بوجود الدولة وان ثمة مستقبلاً له في هذا البلد مع شريكه". ويدعو فرنجية المسيحيين الى ان يكونوا جاهزين " لكل المراحل وما يهمني ان يصل رئيس مسيحي يمثل وينبثق من بيئته وآدمي وشريف". واذ يؤكد انه ليس ضد انتخاب العماد عون، يشير الى ان "الوقائع تقول بوجود مرشحين الآن هما فرنجية وعون والطرح الذي سيأتي برئيس هو الوفاق الوطني وبموافقة الجميع".
الحوار
أما جولة الحوار الـ18 التي انعقدت أمس في عين التينة وخصصت في معظمها لمناقشة موضوع التشريع وحملت معها احياء للتعقيدات التي يصطدم به مسعى الرئيس بري لعقد جلسات تشريع الضرورة، فقالت مصادر وزارية شاركت فيها لـ"النهار" إنها إستنتجت بعد المناقشات ان الرئيس بري يتجه الى عقد جلسة تشريعية في اقرب وقت.فقد تبيّن أن موقف الوزير جبران باسيل عبّر عن رفض "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" جلسة التشريع ما لم يلتزم إقرار قانون الانتخاب، فيما عبّر رئيس الكتائب النائب سامي الجميل عن موقف مماثل ضد الجلسة ولكن من منطلقات مختلفة. وفي المقابل برز تأييد من أكثرية الحضور للجلسة التشريعية عبّر عنه تباعاً النواب وليد جنبلاط وفرنجية وطلال أرسلان ونائب رئيس المجلس فريد مكاري والرئيس نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة الذي قال إنه يجب عدم وقف التشريع وربطه بإي شرط.ونفت المصادر أن تكون ذيول السجالات بين الفريق الجنبلاطي و"المستقبل" قد تركت تأثيراً على اجواء الحوار، بل على العكس ظهر جنبلاط منشرحاً وقال لأحد المشاركين إنه لن يمضي في السجالات وتساءل: "هل أنا قدّ هملر؟" في إشارة الى هاينريش هيملر أحد أقوى رجال أدولف هتلر وقائد "الغستابو".
وكانت للنائب الجميّل مداخلة أكد فيها تلهّفه ونواب حزبه الى التشريع، عارضاً موانع دستورية صارمة وردت في المادتين 74 و75 من الدستور اللتين تلاهما وعلّق عليهما قائلاً إن لا مادة أوضح منهما. وهما تنصان على أن المجلس النيابي لا يمكنه التشريع عندما يلتئم سواء بدعوة من رئيسه أو من دونها بعد أن يتحوّل هيئة ناخبة إلا لانتخاب الرئيس. وحذر بإسهاب من مغبة الخروج على الدستور والإجتهاد في تطبيقه. واقترح الجميّل حلاً لانتخاب رئيس الجمهورية باعتماد أكثرية الثلثين في الدورة الاولى وأكثرية النواب الحاضرين في الجولات التالية، ولقي طرحه قبولاً ضمنياً من رئيس الوزراء تمام سلام والرئيسين السنيورة وميقاتي والنائب بطرس حرب.
وكانت للرئيس ميقاتي مداخلة أيّد فيها عقد جلسة نيابية تشريعية بالحد الادنى من أجل اقرار المشاريع العاجلة واعطاء رسالة ايجابية عن استمرار عمل المؤسسات الدستورية. وفي ما يتعلق بقانون الانتخاب شدد على ضرورة الاتفاق على قانون جديد من دون اقراره في غياب رئيس الجمهورية، لأن الرئيس هو المخول دستوريا اعطاء الموقف النهائي في القوانين سواء لجهة اقرارها أو ردها الى المجلس مع الملاحظات التي يراها ضرورية. وأضاف: الاولوية الثانية بعد جلسة التشريع، وحتى في اسرع وقت، هي وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليكتمل عقد المؤسسات الدستورية وتنتظم دورة الحياة السياسية، وبعد انتخاب الرئيس يصار الى اقرار قانون الانتخاب الجديد واجراء الانتخابات على اساسه".
مبادرة بري
ثم طرح الرئيس بري اقتراحاً لاجتماع هيئة مكتب المجلس قريباً جداً لتحديد جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يفترض ان يدعو اليها مطلع أيار المقبل وتبحث الهيئة العامة للمجلس في القرار الذي سبق لها ان اتخذته العام الماضي باولوية انتخاب رئيس الجمهورية قبل اقرار قانون الانتخاب وطلب من الجميع ردودهم على الاقتراح قبل نهاية الاسبوع الجاري.
المستقبل :
اعلن البيت الأبيض في بيان له أمس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز جددا التأكيد في اجتماع بينهما في العاصمة السعودية الرياض أمس دام ساعتين، «على الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية العميقة بين الولايات المتحدة والسعودية»، وأشار البيت الأبيض كذلك إلى أن الزعيمين تطرقا إلى الصراعات في أنحاء الشرق الأوسط وناقشا قضايا بينها اليمن وسوريا والعراق ولبنان، بالإضافة الى مناقشة «التحديات التي تشكلها أنشطة إيران الاستفزازية في المنطقة»، لافتاً الى أن الزعيمين اتفقا على أهمية وجود نهج شامل لنزع فتيل التوترات الإقليمية.
وشدد الملك سلمان خلال لقائه مع الرئيس الأميركي على الصداقة بين الأميركيين والسعوديين، فيما بدأ قادة الخليج يتوافدون للمشاركة في القمة الخليجية اليوم والتي يشارك فيها أوباما، وسبقها اجتماع أمس لوزراء دفاع دول مجلس التعاون شارك فيه نظيرهم الأميركي آشتون كارتر، حيث تصدرت المحادثات قضيتا مكافحة تنظيم «داعش» وتدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
فقد عقد العاهل السعودي لقاء قمة أمس في قصره في الرياض، مع الرئيس الأميركي الذي وصل إلى العاصمة السعودية في وقت سابق في زيارة تستغرق يومين. وشدد الملك سلمان خلال اللقاء على علاقات الصداقة التي تربط الشعبين السعودي والأميركي، فيما أعرب أوباما عن تقديره للعاهل السعودي ولدعوته الى المشاركة في لقاء مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض.
وعقب ذلك جرى خلال جلسة المحادثات استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والجهود الدولية تجاهها ومن بينها مكافحة الإرهاب.
وكان في استقبال أوباما، لدى وصوله إلى المملكة، في الصالة الملكية بمطار الملك خالد الدولي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ووزير الخارجية عادل الجبير، ومدير شرطة منطقة الرياض اللواء سعود بن عبدالعزيز الهلال، وسفير الولايات المتحدة لدى المملكة جوزيف ويستفول، ومدير عام مطار الملك خالد الدولي عبدالعزيز سعد أبو حربة، ومندوب عن المراسم الملكية، وأعضاء السفارة الأميركية لدى المملكة.
وقال البيت الأبيض كذلك إن أوباما وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بحثا عدداً من الصراعات بمنطقة الشرق الأوسط خلال لقاء خاص يسبق قمة مع زعماء دول الخليج الخميس. وأضاف البيت الأبيض أن أوباما وولي عهد أبوظبي اتفقا على الحاجة لتسوية سياسية في الصراع اليمني والحاجة للدعم الدولي حكومة الوفاق الجديدة في ليبيا ولتجنب «الأعمال التي تؤدي الى أضرار محتملة«.
واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان على التوالي: نائب رئيس وزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان فهد بن محمود آل سعيد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح.
كما استقبل الملك السعودي ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي أكد في تصريح صحافي لدى وصوله إلى الرياض أن القمّة «تأتي استمراراً للجهود الدؤوبة التي تقوم بها دول مجلس التعاون لأجل خير جميع دول المنطقة ورفاهية أبنائها وذلك بالتواصل والتنسيق مع جميع الأصدقاء ومع القوى الفاعلة والمؤثرة وعلى رأسها الولايات المتحدة، وذلك إيماناً بأن المزيد من التعاون البناء بين دول العالم هو السبيل الأقوى للتغلب على ما يواجهنا جميعاً من تحديات وما يحيط بنا من مخاطر والوصول إلى ما نصبو إليه من استقرار وأمن دائمين«.
وتلقى الملك السعودي اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء العراق حيدر العبادي. وتم خلال الاتصال بحث العلاقات بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها في المجالات كافة، والجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقد أكد خادم الحرمين حرص المملكة على وحدة العراق وتحقيق أمنه.
قمة الخليج ـ المغرب
وافتتح الملك سلمان مساء القمة الخليجية - المغربية في الرياض. وفي كلمته، أكد الملك السعودي أن القمة الخليجية - المغربية تعكس العلاقات الوثيقة في كافة الجوانب بين الطرفين، مضيفاً أن دول الخليج تتضامن مع المغرب، لا سيما في قضية الصحراء. وأكد الملك سلمان حرص المملكة على حل للأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية.
وثمّن العاهل المغربي «الدعم المادي والمعنوي من دول الخليج للمغرب«، متحدثاً عن «روابط وثيقة تجمع المغرب بدول الخليج العربي«. وأكد أن الطرفين يواجهان «التحديات نفسها لا سيما في المجال الأمني»، مضيفاً: نحاول الاستفادة من التجربة الرائدة لدول مجلس التعاون الخليجي«.
وشدد على أن عقد القمة المغربية الخليجية ليس موجهاً ضد أي جهة، إلا أنه استدرك قائلاً: «نحن أمام مؤامرات تستهدف أمننا الجماعي. الدفاع عن أمننا واجب، والأمن الخليجي هو أمن المغرب«.
وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وملك المملكة المغربية، بحثت العديد من الموضوعات من أهمها، الفتنة الطائفية، والتطرف، والإرهاب، إضافة إلى التحالف العسكري الإسلامي، كما بحثت التدخلات في شؤون دول المنطقة.
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار: لقد كان هناك كالمعتاد تطابق كامل في رؤى دول المجلس ومملكة المغرب، حيث أكدت القمة التزام الدفاع المشترك عن أمن بلادهم، واحترام سيادة الدول، ووحدة أراضيها، ووقف أي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار.
وتابع يقول: ونحن والمغرب معاً قلباً وقالباً.. هذا يدل على متانة العلاقات، ومكانة الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين.
وعقد وزراء الدفاع بدول مجلس التعاون اجتماعاً مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في قصر الدرعية بالرياض. وأكد ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، أن «الاجتماع يُعقد في ظل تحديات كبيرة تواجه العالم والمنطقة وأهمها الإرهاب والدول غير المستقرة والتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة»، مشدداً على ضرورة «العمل لمجابهة هذه التحديات من خلال الشراكة التي تجمع دول الخليج العربي والولايات المتحدة وهي شراكة طويلة وعريقة».
وتابع الأمير محمد بن سلمان: «اليوم يجب أن نعمل بشكل جدي لمجابهة هذه التحديات»، مؤكداً أنه «فقط بالعمل سوياً سوف نجتاز كل العقبات التي تواجهنا».
الديار :
ما يحدث في الرياض، من قمة ثنائية بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأميركي باراك أوباما، وبالتالي القمة الخليجية التي ستظهر كما لو ان الولايات المتحدة هي الدولة السابعة في مجلس التعاون الخليجي، يحدد، في نظر مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى، اتجاه الرياح، والعلاقات، في الشرق الاوسط...
ـ تفاهم الرياض وطهران ـ
وتلفت هذه المصادر الى الاتصال الذي اجراه اوباما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاثنين، وأبلغه فيه «ان سوريا تتفسخ بسرعة أكبر، دون ان تتمكن من التحرك الى الأمام ما لم تتفق آراء واشنطن وموسكو، يلقي الضو على آراء الادارة الاميركية التي تعتبر ان تفاهما يفترض ان يحصل بين الرياض وطهران لوقف المراوحة الدموية الراهنة، وبالتالي محاولة صياغة تسوية توضع على طاولة المفاوضات في جنيف.
وبحسب المصادر اياها، فان ما تسفر عنه القمة لا بد ان تكون له تداعياته على الساحة اللبنانية بأزماتها الطارئة او... المستدامة.
بانتظار ان تتبلور نتائج محادثات أوباما التي وصفتها المصادر بـ«الهامة جداً او الحساسة جداً»، بدا المشاركون في طاولة الحوار (الجلسة رقم 17) وكأنهم يدورون حول أنفسهم، الجدل البيزنطي لا يزال على حاله، قانون الانتخاب قبل أم بعد انتخاب رئيس الجمهورية؟
ـ لا تحرجوني فتخرجوني ـ
الجلسة تختزل بعبارة الرئيس نبيه بري التي رفع بها هذه الجلسة «لا تحرجوني فتخرجوني». ما هي ردة فعله اذا بقيت الامور تراوح مكانها، ولم تتخلَّ الكتل المسيحية عن شروطها؟ الجواب في الايام المقبلة.
وكان الرئيس بري قد اعطى المشاركين بضعة ايام لبيان موقفهم من اقتراح تقدم به ويقضي بعقد جلسة تشريعية لاقرار «قوانين الضرورة»، والغاء قرار سابق لطاولة الحوار يحظر اقرار قانون الانتخابات قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وهذا الأمر يفسح في المجال امام عقد جلسة تشريعية قبل آخر أيار، اي قبل انتهاء دور الانعقاد الأول للمجلس النيابي.
ـ لم نتفق ـ
لكن وزير الخارجية جبران باسيل الذي مثّل العماد ميشال عون في الجلسة خرج ليقول «ان القصة قصة مساواة»، مشيرا الى ان منطق العدالة بين اللبنانيين فقد، ولم نتفق على شيء، وهو ما يعكس حجم الهوّة التي تفصل بين المواقف حول الجلسة التشريعية.
غير أن وزير المال علي حسن خليل صرّح بـ«اننا لم نسمع في الجلسة رفضا او تحفظا حول هذه النقطة (اي ما طرحه الرئيس بري) وما قيل «اننا لن نجيب الآن، ولهذا اعطى الرئيس بري فرصة لعدة ايام قبل تحديد خطواته».
ـ مبادرة بري... التفاف ـ
ولوحظ ان قناةOTV نقلت عن «مصدر» ان «مبادرة بري التفاف على قانون الانتخاب» بعدما كان قد أكد في الجلسة حرصه على الميثاقية، موضحاً ان اللجنة النيابية التي درست قانون الانتخاب لم يحصل فيها اتفاق على الاقتراح المقدم من تيار المستقبل وحزب «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، اي 68 مقعداً على النظام الأكثري و60 مقعداً على النظام النسبي.
كما قال بري «لا تقيدوني باقتراح دون آخر، فالمجلس مصدر السلطات ولا توافق على موضوع قــانون الانتخاب».
لا شيء يشير الى ان «الفرصة» التي اعطاها رئيس المجلس يمكن ان تأتي بجديد، فالتيار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانية» يعتبران وضع قانون الانتخاب اولوية دستورية وميثاقية فوق كل القوانين، وذلك بالتلازم مع انتخاب رئيس الجمهورية. اما الكتائب فترفض ان توضع بين خياري مخالفة الدستور وتسيير شؤون الناس. استطراداً، الدعوة الى جلسة تشريعية يكون قانون الانتخاب البند الأول فيها، اضافة الى مسائل أخرى محدودة جداً، مع تأمين حضور مسيحي «معقول»، ومع اعتبار ان مصالح البلاد (والناس) هي جزء لا يتجزأ من البنية الفلسفية للميثاقية.
ـ معادلة البيضة والدجاجة ـ
ربما يكون وزير السياحة ميشال فرعون الأقرب الى قراءة المشهد في ضوء ما حدث في الجلسة إذ قال «ان الامور تقترب اكثر الى الانفجار من الاتفاق».
معادلة البيضة والدجاجة على المسرح السياسي: قانون الانتخاب قبلاً ام انتخاب رئيس الجمهورية؟
وأمس برز حدث بالغ الحساسية، وربما جرى توقيته مع وجود أوباما في العاصمة السعودية، وهو اطلاق واشنطن لائحة بـ 99 اسماً ستغلق حساباتها في المصارف اللبنانية.
وتشمل الاسماء شخصيات ومؤسسات وجمعيات حددتها وزارة الخزانة الاميركية في اطار المراسيم التطبيقية لقانون فرض الحصار المالي على «حزب الله».
ـ سلامة: نتدخل عند المبالغة ـ
وفي هذا الصدد، اوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «ان المصارف تتحمل مسؤولية تطبيق هذا القانون. وفي حال عدم رغبتها في التطبيق ستواجه حالة عدم وجود «شغل» لها مع الخارج».
وأشار الى أنه سيطلب من المصارف التي ستقوم باقفال حسابات او بعدم فتح حسابات انها، من ناحية، تكون قد احترمت المراسيم التطبيقية لاحتوائها على آليات تحدد أسس تعاطي المصارف مع الزبائن، وعليها تبليغ لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بنيتها اقفال او قرارها بعدم فتح حسابات.
وقال سلامة انه «في حال لاحظنا اي مبالغة (في التطبيق) باستطاعتنا التدخل».
الى ذلك، تابع الوزير السابق وئام وهاب حملته على النائب وليد جنبلاط الذي توقف عن «التغريد» أمس، في ضوء اتصالات جرت معه، بما فيها اتصال من الرئيس سعد الحريري.
الجمهورية :
هدأ أمس السجال بين بعض القوى السياسية، ليسود تشنّج نسبي على طاولة الحوار بين رؤساء الكتل النيابية أحدَثه تبايُن في المواقف حول أولويتَي إقرار قانون الانتخاب النيابي وانتخاب رئيس الجمهورية، إذ حلَّ تفعيل العمل التشريعي وقانون الانتخابات النيابية طبقاً دسماً على المداولات، حيث طرَح راعي الحوار ومديرُه رئيس مجلس النواب نبيه بري صيغةً لعقدِ جلسة تشريعية تحدّد هيئة مكتب المجلس جدولَ أعمالها وتطرَح خلالها إعادة النظر في قرار مجلس النواب القاضي بعدم إقرار قانون انتخابي قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فإذا حصَلت الموافقة، تُعقد جلسة تشريعية قبل نهاية الدورة العادية الحاليّة للمجلس آخِر أيّار المقبل لإقرار هذا القانون. وأمهلَ برّي الكتلَ النيابية أياماً للردّ على مبادرته هذه قبل أن يقرّر خطواته المقبلة، وحدَّد 18 أيار المقبل موعداً لجولة الحوار الرقم 18. وفي غضون ذلك كان الحدث الاقليمي ـ الدولي امس لقاء القمة الذي دام ساعتين في الرياض بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وخادم الحرمين الشريفين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز حيث ركزا خلاله على تعزيزالعلاقات بين البلدين، وتطرّقا إلى النزاعات الدائرة في إنحاء الشرق الأوسط، ومخاوف الولايات المتحدة في شأن حقوق الإنسان في المملكة. وجدّد الزعيمان تأكيد «الصداقة التاريخية والشراكة الإستراتيجية العميقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية»، و»ناقشا قضايا بينها اليمن وسوريا والعراق ولبنان»، وفق ما قال بيان اصدره البيت الأبيض كذلك بحثا في »الحاجة إلى تعزيز وقف القتال في سوريا والإلتزام بدعم عملية إنتقال سياسي، بعيداً من الرئيس السوري بشار الأسد. وذكر البيت الأبيض أنّ أوباما ووليّ عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إتفقا خلال لقاء خاص سبق قمة زعماء دول الخليج التي ستنعقد اليوم، على الحاجة الى تسوية سياسية في النزاع اليمني والحاجة الى الدعم الدولي لحكومة الوفاق الجديدة في ليبيا ولتجنّب «الأعمال التي تؤدي إلى أضرار محتملة». في غمرة الاهتمامات المحلية والتطورات الجارية محلياً وإقليمياً ودولياً، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام سيسافر اليوم الى نيويورك للمشاركة في الاحتفال الذي سيقام في الأمم المتحدة لمناسبة توقيع وثيقة «قمّة المناخ» التي كانت «قمّة الأرض» توصّلت إليها في 12 كانون الأوّل الماضي لدى انعقادها في باريس.
وفي وقت يسافر سلام لثلاثة أيام بمفرده، قالت مصادره أن لا لقاءات محدّدة يمكن أن يعقدها على هامش القمّة التي سيشارك فيها عدد من قادة العالم ورؤساء الحكومات من مختلف القارّات، والذين سيوقّعون الوثيقة التي تلزم الدوَل الغنية بالعمل للتخفيف من حرارة الأرض «أدنى بكثير من درجتين مئويتين»، ومراجعة التعهّدات الإلزامية لهذه الدول «كلّ خمس سنوات»، وزيادة المساعدة المالية لدول الجنوب، إضافةً إلى دعم البيئة والتنمية المستدامة.
الحريري وبن سلمان
إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ الرئيس سعد الحريري الذي غادر بيروت قبل أيام من دون إعلان، زارَ الرياض والتقى فيها بعض أركان القيادة السعودية للتشاور في مجمل التطورات المحلية والإقليمية والدولية وحصيلة المشاورات الجارية في عواصم عدة بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز القاهرة والتي انتقل منها إلى اسطنبول حيث شاركَ في قمّة منظمة التعاون الإسلامي.
وقالت مصادر مطّلعة إنّ الحريري عَقد لقاءً طويلاً مع وليّ وليّ العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأفادت المعلومات القليلة التي وردت إلى بيروت أنّ هذا اللقاء «كان إيجابياً وتخلّله توضيح لكثير من القضايا التي أثيرَت أخيراً على أكثر من مستوى، ما يضع حدّاً لِما أثيرَ حول علاقة الحريري مع القيادة السعودية».
نصيحة روسية
في سياق آخر، كشفَت مصادر روسية معنية بالملف اللبناني لـ«الجمهورية» أنّ الحريري تبلّغَ خلال زيارته الأخيرة لموسكو والتقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين «أنّ الاستحقاق الرئاسي اللبناني لم تنضج ظروفه بعد».
وتلقّى الحريري نصيحة من القيادة الروسية التي تنظر إليه كصديق قديم، بعدمِ استنزاف طاقاته السياسية، في محاولة لتأمين نصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في القريب العاجل والاهتمام بقضايا أُخرى إلى حين نضوج اللحظة الرئاسية المرتبطة بالحلّ السياسي في سوريا والمنطقة».
الجولة 17
إلى ذلك، انعقدت جلسة الحوار الرقم 17 بين رؤساء الكتل النيابية أمس في عين التينة، وغاب عنها رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.
ودعا المعاون السياسي لبرّي الوزير علي حسن خليل القوى والأطراف إلى التفكير بالصيغة التي طرحَها رئيس المجلس لعقدِ جلسة تشريعية، مؤكّداً أنّ جلسة الحوار «كانت جيّدة»، وأنّ بري «أكّد حرصَه على الميثاقية التي كرّسها خلال كلّ ممارسته، وكان وما زال حريصاً عليها».
قبل أم بعد؟
وشدّد سلام على أنّ «إقرار قانون الانتخاب يجب أن يكون بعد انتخاب رئيس الجمهورية لأنّ لهذا الرئيس حقوقاً بمبدأ المراجعة وردّ القانون».
وبدوره، أكّد الرئيس نجيب ميقاتي «ضرورة الاتفاق على قانون جديد للانتخاب من دون إقراره بغياب رئيس الجمهورية، لأنّ الرئيس هو المخوّل دستورياً إعطاءَ الموقف النهائي في القوانين، سواء لجهة إقراها أو ردّها إلى المجلس النيابي مع الملاحظات التي يراها ضرورية، بما يتوافق مع القسَم الدستوري الذي يؤدّيه الرئيس».
واعتبَر وزير الاتّصالات بطرس حرب أنّ «انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يتمّ قبل إقرار قانون الانتخابات»، واصفاً الصيغة التي طرَحها برّي بأنّها «صيغة عقلانية»، وأكّد أنّه «لا يجوز أن نمنع رئيس الجمهورية من حقّين أساسيَين: حقّ ردّ القانون، وحقّ طلب إعادة النظر فيه مرّةً ثانية في مجلس النواب، وتالياً حقّ مراجعة المجلس الدستوري في قانون بأهمّية قانون الانتخابات».
وعن موقف «التيار الوطني الحر» وطرحِ برّي، وما إذا كان تمّ التوافق، قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل: «لم نتّفق على شيء، ورأينا أنّ المشكلة هي مشكلة مساواة وعدالة بين اللبنانيين، وهي أبعد بكثير من مؤسسة ومن موقف، فموقف العدالة بين اللبنانيين انتفى».
وبدوره نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، قال: «إذا أردنا البحث في موضوع التشريع، فيجب أن نبحث فيه مع قانون الانتخاب، لا أن نبحث في كلّ موضوع على حِدة».
وإذ ذكّرَ بأنّ اللجنة النيابية المكلّفة إعداد قانون الانتخاب بَحثت في الاقتراح المشترَك لتيار «المستقبل» و»القوات واللبنانية» والحزب التقدّمي الاشتراكي، والاقتراح الذي قدّمه النائب علي بزّي، وتوصّلت إلى نقاط مشتركة بنسبة 90 في المئة، وبقيَت نسبة عشرة في المئة لم يتمّ الاتفاق عليها، قال إنّ «الأحزاب المسيحية وكثيراً من المسيحيين يعتبرون أنّ أوّل جلسة يجب أن تتضمّن قانون الانتخاب، وسعياً إلى حلّ هذه المشكلة، وتالياً العودة إلى التشريع فيما بعد، فلنطرح المشروعين اللذين بحثَتهما اللجنة ونأخذ برأي المجلس في النقاط المتوافق عليها، ويبقى القسم المختلف عليه».
وأضاف: «ما أقوله أنّ هذه النقاط المختلف عليها يتمّ إنهاؤها بالإقناع أو بالتصويت خلال جلسة للهيئة العامة». وخَتم: «توخّياً لحلّ عقدة رفضِ التشريع قبل قانون الانتخاب، فلنعطِ قانون الانتخاب الأولوية ولنخصّص الأسبوعين المقبلين له أوّلاً، لكي نزيلَ الحظر».
فيّاض
وأشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض إلى أنّ برّي سينتظر حتى نهاية الأسبوع ليحصل على ردود الأطراف في شأن العمل التشريعي وإمكان إقرار قانون الانتخابات، وقال: «إنّ هناك مؤشّراً إلى إمكانية الاتّفاق».
اللواء :
باختصار شديد، خيم الاشتباك واللاثقة على اقتراحات المخرج لعقد جلسة تشريعية عرضت على طاولة هيئة الحوار الوطني بنسختها السابعة عشرة في عين التينة.
لعب «التيار الوطني الحر» على الطاولة «صولد الميثاقية» وقال رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل بصفته ممثلاً للنائب ميشال عون الذي دأب على عدم المشاركة شخصياً في الحوار منذ اشهر: «لم نتفق على شيء، والمشكلة مشكلة عدالة ومساواة وليست مشكلة مؤسسة».
ادرك الرئيس نبيه برّي ان الجواب الذي طلب ان يصله بعد أيام حول مبادرته التي توفق بين جلسة التشريع التي يتمسك بانعقادها مهما كلف الأمر، والأخذ بعين الاعتبار تمسك الأحزاب المسيحية لا سيما المشاركة منها في طاولة الحوار، أي «التيار الوطني الحر» وحزب الكتائب بإقرار قانون جديد للانتخابات قبل نهاية العقد العادي للمجلس في 31 أيّار المقبل، ادرك ان جواب باسيل وصله، واصفاً مبادرة الرئيس برّي بأنها «مناورة»، مما رفع الحرارة لدى رئيس المجلس، ورد على الملاحظات والانتقادات بكلمات ثلاث تنطوي على ما يشبه الانذار: «لا تحرجوني فتخرجوني».
ومع هذه النتيجة، لم يتردد أحد الوزراء الذي آثر ترك الجلسة والذهاب إلى واجب اجتماعي في وصف الجلسة بأنها ليست «حرزانة».
بدا الموقف صعباً، وأن ممثلي الكتل والأحزاب وضعوا طاولة الحوار وانفسهم امام المأزق، في وقت وضعت فيه إدارة الرئيس باراك أوباما المراسيم التطبيقية لقانون مكافحة تمويل «حزب الله» على الطاولة، وأصبحت المصارف اللبنانية ملزمة بتطبيق هذه المراسيم. وقررت الإدارة إيفاد مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب في «مكتب شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية» دانيال غلازر إلى بيروت في الأسبوع الأوّل من أيّار، بعدما أصبح قانون «منع التمويل الدولي لحزب الله» والذي حمل الرقم 2297، ساري المفعول اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، وأصبحت الخزانة الأميركية معنية بمراقبة الأصول الأجنبية(OFAC) الذي تضمن لوائح بـ95 اسماً لمسؤولين سياسيين ورجال أعمال وشركات ومؤسسات تعتبرها واشنطن مرتبطة «بحزب الله»، وفي مقدمها الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله والمسؤول العسكري مصطفى بدر الدين (أحد الأربعة الذين تتهمهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري)، ورجال أعمال على صلة بالحزب، إضافة إلى مؤسسات الحزب الاعلامية: تلفزيون «المنار»، واذاعة «النور».
وبالتزامن، كان وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر يصف «حزب الله» بأنه «احد الأنشطة الخبيثة التي تقوم بها طهران في المنطقة»، مؤكداً استمرار بلاده بفرض العقوبات على إيران من جرّاء دعمها الإرهاب، إضافة إلى تجارب الصواريخ البالستية التي تعد خرقاً لبنود الاتفاق الموقع بشأن برنامج إيران النووي.
وقبل وصول المسؤول الأميركي المكلف بمراقبة تطبيق العقوبات في المصارف اللبنانية، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان المصارف اللبنانية تتحمل مسؤولية تطبيق قانون مكافحة تمويل حزب الله، ولديها الخيار، فإذا لم ترغب بتطبيقه فلا يكون لها عمل مع الخارج»، أي مع المؤسسات المالية الدولية.
المهم، بالنسبة لحاكم المركزي ان على المصارف اللبنانية ان تطبق المراسيم الأميركية لجهة علاقتها مع زبائنها فتقفل ما تشاء من الحسابات، أو تمتنع عن فتح حسابات لأشخاص مشمولين بالعقوبات الأميركية، وعليها (أي على المصارف) ان تبلغ هيئة التحقيق في مصرف لبنان المسار الذي ستتعامل بموجبه مع المراسيم التطبيقية الأميركية لا سيما لجهة حجم الأموال في العمليات المصرفية.
وأكد سلامة ان «مسؤولية المصارف ان تعرف كيف تعمل على الموضوع، وسيكون لها إمكانية ان تبلغ قراراتها لهيئة التحقيق، وإذا كان هناك أي أمر نجده مبالغ به يمكننا ان نتدخل».
ولا تتردد المصادر النيابية المقربة من عين التينة من ربط إصرار الرئيس برّي على عقد جلسة تشريعية وتمرير ما بين 8 و9 مشاريع واقتراحات قوانين معظمها قروض ومعاهدات، بالاجراءات الأميركية والدولية المشار إليها، وذلك لعدم إلحاق اذى بالقطاع المصرفي وبتحويلات اللبنانيين العاملين بالخارج، التي تشكّل دعماً قوياً للاقتصاد اللبناني الذي بلغ أمس النمو فيه في العام الحالي حدود الصفر، وفي ظل غياب الموازنة للعام الثاني عشر، فضلاً عن قطع الحساب واستمرار الأزمة السياسية.
ويؤكد قطب شارك في جلسة الحوار أمس ان الرئيس برّي يتجنب الوقوع في «شرك» يعمق الأزمة السياسية، ويحرص على عقد الجلسة التشريعية بمشاركة الكتل المسيحية الوازنة، خارج نغمة الميثاقية والحقوق المسيحية أو التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية، لكنه يُصرّ على عقد الجلسة، وانه لهذا الهدف طرح مبادرة تنص على ان تنعقد هيئة مكتب المجالس لوضع جدول أعمال الجلسة العتيدة وفق تشريع الضرورة، يكون من ضمنه قانون الانتخاب، فإذا وافقت تعقد الجلسة وسيتعين على الهيئة العامة للمجلس عندها ان تعيد ترتيب اولوياتها، فتعيد النظر بما اقرته سابقاً لجهة ان قانون الانتخاب يجب الا يُقرّ في غياب رئيس الجمهورية، فإذا تراجعت عن هذه التوصية نبحث جميع القوانين وتقر واحداً قبل انتهاء الدورة العادية نهاية أيّار.
وأشارت مصادر سياسية إلى ان تأييد كتل «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» وكتلة «المردة» و«الطاشناق» والنواب المسيحيين المستقلين، يوفّر العدد اللازم لنصاب الـ65 وبالتالي إقرار مشاريع القوانين، لكن رئيس المجلس أبقى الباب مفتوحاً امام كتل «القوات» و«التيار العوني» والكتائب لاتخاذ القرار اللازم بالمشاركة، في ظل الحاجة القصوى لجلسة تشريعية شبيهة بالجلسة التي عقدها المجلس قبل نهاية العام الماضي.
ولئن كان الرئيس برّي أعطى الكتل المعترضة على عقد الجلسة التشريعية مهلة لا تتجاوز نهاية الأسبوع الحالي للرد على مبادرته، فإن مخاوف تصاعدت من ردّ مسيحي عوني - قواتي سلبي على المبادرة التي وصفها وزير الاتصالات بطرس حرب بالمعقولة.
ومع نجاح التدخلات لوقف الحملات بين النائب وليد جنبلاط والوزير نهاد المشنوق، وارتفاع أوار الخلافات المتصاعدة حول التحالفات والتفاهمات والترشيحات للانتخابات البلدية، فإن الأنظار تركزت على النتائج غير المريحة التي آلت إليها جلسة الحوار أمس، وشرّعت الأبواب أمام تجاذبات جديدة - قديمة تخطت قانون الانتخاب والتشريع إلى التجاذب حول الرئاسة الأولى التي دخلت في المجهول، مع إشارة وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب إلى أن «حزب الله» لن يمارس أي ضغط على النائب عون للإنسحاب من الانتخابات الرئاسية، وأن التيار العوني ينتظر تبني تيار «المستقبل» ترشيح عون، الأمر الذي يعني أن مأزق الانتخابات مقبل على تفاقم في ظل وضع إقليمي متفجّر، لا سيما على الجبهة السورية.
جلسة الحوار
فماذا دار على طاولة الحوار، وما هو تقييم النتائج التي انتهت إليها؟
في تقدير قطب مشارك في الحوار أن القيادات المشاركة ما تزال في حالة من الظلام، لافتاً إلى أن الرئيس برّي كان يريد من الحوار أمس أمرين إثنين:
الأول: فتح مجلس النواب لتشريع الضرورة.
والثاني أنه غير مستعجل لإقرار قانون الانتخاب.
وكشفت القطب لـ«اللواء» أن الرئيس برّي أورد لائحة تضمنت41 مشروع واقتراح قانون قال أن من بينها ثمانية مشاريع يعتبرها ضرورة لأنها تتعلق بقروض ومعاهدات، وطلب بموجب هذه اللائحة أن يمشي الأقطاب بالتشريع.
وبحسب المعلومات فإن الرئيس فؤاد السنيورة والنواب وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وطلال أرسلان وافقوا على طرح الرئيس برّي بالنسبة للتشريع، فيما عارضه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، معتبراً أن التشريع مخالف للدستور في ظل غياب رئيس الجمهورية، وقرأ في هذا السياق نص المادتين 75 و76 من الدستور، لافتاً نظر الرئيس برّي إلى أن اعتماد نصاب الثلثين لانتخاب الرئيس أمر مستحب ولكنه لم يعد واقعياً.
وأعلن الوزير باسيل أنه باسم «التيار الوطني الحر» وباسم «القوات اللبنانية» لا يمشي بتشريع الضرورة قبل أن يكون قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة.
وردّ النائب فرنجية قائلاً: نحن لم نأت إلى هنا لنبحث في الدستور، ولا في القوانين، نحن بصفتنا قيادات يجب أن نسعى لحل المشاكل المستعصية، لا أن نشرّع أو نبحث في القوانين.
أضاف: أنا بصفتي ممثلاً لأكبر بلدة مسيحية في الشمال لا أرى أن التشريع يمكن أن يمسّ بالميثاقية ولا بالمسيحيين ولا باللبنانيين، لكن ما يمسّ اللبنانيين هو عدم انتخاب رئيس للجمهورية.
وتابع: في انتخاب الرئيس لا نستطيع أن نكسر إرادة أحد، وأنا متأكد أنه لو تمّ انتخابي رئيساً غصباً عن فريق معيّن، فستقوم حرب في اليوم الثاني.
أما الرئيس نجيب ميقاتي فكانت له مداخلة لاحظ فيها تناقضاً بين طرح قانون الانتخاب والتشريع، لافتاً الى أن تمرير 8 أو 9 مشاريع قوانين لتسيير عجلة الدولة هو أمر طبيعي وضروري لكن طرح قانون الانتخاب يجب أن لا يكون قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فدعونا نذهب إلى تشريع الضرورة ونسعى في الوقت نفسه لانتخاب الرئيس.
وقال ميقاتي: لو افترضنا أننا أقرّينا قانوناً للإنتخاب وتمّ حلّ المجلس الحالي، وأجرينا إنتخابات نيابية، ثم لم ننجح في انتخاب رئيس ماذا ستكون الحالة عندئذٍ، لا رئيس جمهورية ولا حكومة في ظل حكومة مستقيلة، لماذا نُدخل أنفسنا في المحظور؟