نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريراً، تحدّثت فيه عن الخطر الذي قد يواجه الأردن، خاصة أن العديد من الشباب الأردني انضموا إلى تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، وهو ما دفع بعمّان إلى اتخاذ العديد من الإجراءات؛ بهدف التصدي لهذه الظاهرة.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن تنظيم "داعش" حاول شنّ هجمات على مقرّ المخابرات الأردنية، واستقطاب شبّان أردنيين للقيام بهجمات داخل البلاد، حيث اعتقلت السلطات الأمنية عدداً منهم في الأول من شهر آذار المنصرم أثناء محاولتهم استهداف مدينة إربد، شمال الأردن.
وذكرت الصحيفة أن هذه المجموعة المسلحة قاومت قوات الأمن بشراسة، حيث استغرقت الاشتباكات نحو 10 ساعات، وشارك فيها حوالى 150 عسكرياً، ما أسفر عن مقتل سبعة مسلحين، فضلاً عن أحد عناصر القوات الأمنية. وقد تمكّنت القوات الأمنية في نهاية المطاف من إلقاء القبض على باقي العناصر ليتبيّن بعد التحقيق معهم أنهم على صلة بتنظيم "داعش".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المواجهة تُعدّ الأعنف منذ أن بسط تنظيم "داعش" سيطرته على مساحات شاسعة في سوريا والعراق. وفي هذا السّياق، صرّح الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمّد المومني، بأن "هذا الهجوم يبيّن النوايا الخبيثة التي يُضمرها تنظيم داعش تجاه الأردن"، وطالب "بتوخّي الحيطة والحذر؛ من أجل الحفاظ على أمن البلاد".
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان المحلّل مروان شحادة، الذي أفاد بأن "قادة تنظيم داعش أصبحوا يوجّهون أنظارهم نحو الأردن، ويعتبرونها أرض جهاد يسعون فيها إلى استقطاب المجنّدين". وأضاف أنه "ينبغي ألا ننسى أن الأردن يمثّل بالنسبة لهم جزءا من دولة الخلافة، وأنهم سيفعلون ما بوسعهم لنشر إيديولوجيتهم التي من الممكن أن يناصرها العديد من سكّان البلاد".
وذكر الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، محمد أبو رمان، أن "عدم تبني تنظيم داعش لهذا الهجوم يشير إلى أننا لا نتعامل مع عناصر يتحكّم بها قادة تنظيم من الرقة، وإنما مع شبّان أردنيين تأثّروا بهذا التنظيم وقرروا من تلقاء أنفسهم حمل السلاح وتنفيذ الهجمات".
وأضافت الصحيفة أنه باستثناء الهجمات التي استهدفت ثلاثة فنادق في عَمّان في تشرين الثاني سنة 2005، التي نفّذها انتحاريون عراقيون تابعون لأبي مصعب الزرقاوي، لم تشهد البلاد أي هجمات إرهابية، إلى أن نفّذ أنصار تنظيم "داعش" هجومهم الأخير. وبالتالي، فإن الأردن لم يعد محصّنا ضدّ مثل هذه الهجمات الإرهابية كما في الماضي، وفق قول الصحيفة.
ونقلت الصحيفة شهادة أحد الأشخاص الذين كانوا متواجدين أثناء الاشتباكات التي وقعت في إربد، حيث قال إن هؤلاء الشباب لطالما عُرفوا بمناصرتهم لتنظيم "داعش"، كما اعتقلوا عديد المرّات من قبل مديرية المخابرات العامة. وقال الشاهد إن هؤلاء الشبّان لطالما اتهموا الحكومة الأردنية "بانتهاك تعاليم الإسلام"، محذّرا من التأثير "المتزايد" لتنظيم "داعش" بين أوساط الشباب الأردني.
وذكرت الصحيفة أن الأردن أصبح موضع اهتمام تنظيم "داعش"، فمنذ سنتين تأثر بعض الأردنيين بالانتصارات المتتالية التي حقّقها هذا التنظيم، خاصة في ظلّ القمع الذي تمارسه الحكومة الأردنية ضدّ أنصاره، فضلاً عن مشاركتها في التحالف الدولي الذي يسعى إلى القضاء على التنظيم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تمّ تفعيل قوانين مكافحة الإرهاب التي تسمح بإلقاء القبض على أي شخص يقوم بمناصرة التنظيمات "الجهادية"، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، قال مدير تحرير صحيفة الغد، فهد الخيطان، إن "اجتثاث جذور الإرهاب تّعدّ من أولويات الحكومة الأردنية"، وأضاف أنه "منذ الاشتباكات التي وقعت في إربد، تمّ إلقاء القبض على حوالى 150 شخصاً يُشتبه بأنهم على صلة بتنظيم داعش".
ولكن العديد من الخبراء والمختصّين في المنظمات الجهادية اعتبروا أن هذا الردّ الأمني غير كاف، وأنه لا بدّ كذلك من محاربة تنظيم "داعش" على الصعيدين الاجتماعي والفكري. فقد اعتبر محمد أبو رمان أن "اعتقال شاب لأنه توجّه إلى القتال في سوريا في سجن يضمّ عدداً من المنتمين لتنظيم "داعش"، هو أفضل وسيلة لتغذية التطرف".
ودعا أبو رمان الحكومة الأردنية إلى إنشاء برامج ضدّ التطرّف، والتي من شأنها أن تحتوي هؤلاء الشبّان وتمنع عنهم خطر التطرّف.
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 2000 أردني توجّهوا للقتال في سوريا منذ اندلاع الحرب، قتل منهم حوالى 400 شخص.
وفي الختام، بيّنت الصحيفة أن السلطات الأردنية تدرك أن المعركة ضدّ التطرّف هي معركة إيديولوجية؛ لذلك اتّخذت العديد من الإجراءات، مثل فرض رقابة صارمة على المساجد التي تدعو إلى التطرّف والجهاد، وإنشاء لجنة لمحاربة التطرف داخل المجتمع الأردني؛ بهدف تعزيز الرؤية المعتدلة والسلمية والمتسامحة للإسلام.
(عربي 21)