قررت «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة أمس الانسحاب تدرجاً من مفاوضات جنيف، في وقت قتل وجرح عشرات المدنيين بغارات شنها الطيران السوري على غوطة دمشق وريف ادلب، بالتزامن مع تحذير الرئيس الأميركي باراك اوباما من تعرض سورية الى «التفسخ السريع» اذا استمر التصعيد العسكري والجمود السياسي.
وقال أوباما إنه أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي الاثنين أن سورية «تتفسخ بسرعة أكبر» وأنه لا يمكنها التحرك إلى الأمام ما لم تتفق آراء الولايات المتحدة وروسيا. وأضاف في مقابلة بثتها قناة «سي بي اس» امس: «لن يخدم هذا مصالح أي منا».
وكان المنسق العام لـ «الهيئة» المعارضة رياض حجاب قال أمس: «سأسافر اليوم (أمس)، قسم من الإخوة سافروا أول من أمس، وقسم آخر سيسافر تباعاً حتى الجمعة»، موضحاً ان بعض أعضاء «الهيئة «والوفد سيبقون في جنيف للمشاركة في نشاطات «مبرمجة» مسبقاً.
وأضاف أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا «عرض ان يأتي خبير شارك في (صياغة) تشكيل هيئة الحكم الانتقالي في بيان جنيف الى الفندق وقلنا له أهلاً وسهلاً، وهو سيقابل كفنيّ زملاءنا القانونيين في الوفد».
وإذ جدد الإشارة الى أن الوفد جاء الى جنيف «من أجل انتقال سياسي مبني على القرارت الدولية التي تقول جميعها بإنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات لا مكان فيها للمجرمين وعلى رأسهم بشار الأسد»، أعلن رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري انه مخول بحث تشكيل حكومة موسعة وليس مستقبل الأسد، متهماً وفد «الهيئة» المعارض بـ «المراهقة» في العمل السياسي. وشدد حجاب على «اننا لم نأتِ الى جنيف لننتج نظام بشار الأسد بل جئنا لننهي هذا النظام».
في موسكو، أكد الكرملين انه «لا يمكن السماح للارهابيين» بالسيطرة على مناطق في سورية، ودعا الى مواصلة المفاوضات في جنيف، بينما حملت موسكو المعارضة مسؤولية تعثر جولة المفاوضات بسبب «غلبة متطرفين على الهيئة العليا للتفاوض». وحذر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من أن موسكو تأخذ في الاعتبار أن الوضع ليس سهلاً في المسار التفاوضي، لكن «لا يمكن ايضاً تجاهل صعوبة الوضع على الأرض او التوقف عن محاربة الارهابيين الذين يسعون للتمدد في مناطق عدة». ودعا إلى متابعة المفاوضات لأن «الحوار هو الشرط الأساسي للتسوية». لافتاً الى ان «التركيز على ضرورة متابعة الحوار والحفاظ على نظام وقف إطلاق النار، كان جوهر الاتصال الهاتفي بين الرئيسين بوتين وأوباما».
ميدانياً، ارتفعت حصيلة القتلى المدنيين الذين سقطوا في قصف جوي الثلثاء على سوقين شعبيتين في محافظة ادلب في شمال غربي سورية، الى 44 وفق «المرصد السوري لحقوق الانسان». وقتل 37 شخصاً، بينهم طفلان، في قصف طاول سوقاً للخضار في مدينة معرة النعمان وحدها، وسبعة آخرون في غارات استهدفت سوقاً للسمك في كفرنبل. وأشار «المرصد» الى ان عدد القتلى مرشح للازدياد نتيجة وجود جرحى. كما قتل وجرح آخرون في قصف على الغوطة الشرقية لدمشق. واعتبر «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، المتحالف مع «الهيئة»، هذه الغارات «تصعيداً خطراً».