تتّجه الأنظار المحلية والإقليمية والدولية اليوم إلى الرياض التي سيزوها الرئيس الأميركي باراك أوباما ويستقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وستتناول المحادثات ملفّات ذات اهتمام مشترك قبل أن يشارك أوباما في قمّة دوَل مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد غداً في العاصمة السعودية، وتبحث في أوضاع المنطقة وسُبل التصدّي للإرهاب وتعزيز التعاون العسكري بين الجانبين.
في غمرة الصخب السياسي والسجالات الحادة على خلفية الملفات الفضائحية والتراشق بالاتهامات بين بعض المسؤولين في قضايا الفساد، تتركز الاهتمامات اليوم على جلسة الحوار الوطني بين رؤساء الكتل النيابية في عين التينة للبحث في قضايا عدة يتقدمها تفعيل العمل التشريعي في مجلس النواب قبل انتهاء عقدِه الحالي في نهاية الشهر المقبل، في ظل إصرار البعض على ربطه بإدراج قانون الانتخاب بنداً أوّلاً على جدول أعمال أيّ جلسة تشريعية.
وفي هذا السياق كرّر تكتّل «التغيير والإصلاح» التأكيد «أن لا تشريع ضرورة ولا سواه، إنّما الميثاق أوّلاً وأخيراً، ولا شيء آخر قبله ومن دونه»، مشدّداً على أنّ «قانون الانتخاب والموازنة وقطع الحساب قبل أيّ شيء آخر».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ الحوار اليوم سيركّز على الدعوة الى جلسة تشريعية وسط إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقده مثلَ هذه الجلسة قريباً، بحيث يحدّد موعدها بعد اجتماع لهيئة مكتب المجلس ووضع كلّ القوى السياسية أمام مسؤولياتها لجهة التحذير من عدم حضور الجلسة وما يمكن أن يترتّب عليه.
لجنة الاتصالات
وعشية جلسة الحوار، حضَر ملف الإنترنت غير الشرعي على طاولة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية التي عقدت اجتماعاً صاخباً طالبَ خلاله وزير الصحة وائل أبو فاعور بعدم السماح للمدير العام لـ»أوجيرو» عبد المنعم يوسف بحضور الجلسات «كونه متّهماً ومشتبَهاً به في ملف الإنترنت غير الشرعي».
وعلى الأثر أُخرِجَ يوسف من الجلسة، ولكنّه قال لدى خروجه: «لم يتمّ إخراجي من الجلسة، وها أنا أضحك».
وبعد الجلسة، أكّد رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله «أنّ ملف الانترنت غير الشرعي لن يقفل إلّا من خلال تحقيق العدالة»، وقال: «علمنا اليوم أنّ بعض تجهيزات شبكات الانترنت غير الشرعية دخلت الى لبنان عبر المعابر الشرعية إنّما ببيانات مزوّرة»، لافتاً إلى «أنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر يتابع ملف حادثة الزعرور للوصول الى نتيجة».
وأكد «الإصرار على الوصول الى الرؤوس الكبيرة التي تقف وراء قضية الانترنت غير الشرعي»، موضحاً «أنّ على القضاء كشفَ مَن كان يغطي على مدى سنوات ما كان يحصل في الملف».
مصادر متابعة
في غضون ذلك، قالت مصادر متابعة للجلسة: «في إطار الحملة التي يشنّها الحزب التقدمي الإشتراكي على يوسف أسبابٌ معروفة، حضَر أبو فاعور إلى اجتماع اللجنة وهاجَم يوسف بشدة مؤكداً أنّ مِن غير الجائز أن يمثل أمام اللجنة كمدير عن هيئة «أوجيرو».
فتدخّلَ وزير الاتّصالات بطرس حرب موضحاً «أنّ حضور يوسف هو أمام اللجنة النيابية وليس أمام لجنة تحقيق، واللجنة النيابية ليست لجنة تحقيق نيابية بل لمتابعة أعمال الحكومة والرقابة عليها ولجنة تقصّي النتائج التي توصّل إليها التحقيق، ما يفرض احترامَ مبدأ الفصل بين السلطات، بمعنى أن تضعَ الوزارة كلّ المعلومات التي لديها في تصرّف اللجنة وتترك للقضاء اتّخاذ قراره لئلّا تتسرّب هذه المعلومات وتساعد المجرمين والمرتكبين على تضليل التحقيق».
وأضافت هذه المصادر: «أمّا بالنسبة إلى حضور يوسف الجلسة فهو قرار يعود للوزير المختص الذي يرتئي شخصياً مَن يريد حضورَه جلسات اللجان النيابية إلى جانبه، وهو ليس متّهَماً لكي يتمّ التعامل معه على هذا الأساس، ومتى تثبت أيّ مخالفة، آنذاك يتمّ التعامل معه على أساس أنه متّهم».
وقالت: «هنا ارتأَت اللجنة إخراجَ كلّ الموظفين، وتُرِك المجال لحرب أن يقرّر ما يرتئيه للجلسات المقبلة، خصوصاً أنّ الوزارة مستعدّة للتعامل الإيجابي مع اللجنة وليس لخلق جبهات ومشادّات واتّهامات. ولا يمكن اعتبار أيّ شخص مُداناً أو مرتكِباً إلّا إذا صدر قرار بإدانته، وهذا ما تنصّ عليه القوانين.
وعلى هذا الأساس انتهت الجلسة. أمّا حضور أبو فاعور، فكان لاستخدام منبر اللجنة لمواصلة حملة الحزب التقدمي الإشتراكي على يوسف، في حين أنّ عضو اللجنة النائب علاء الدين ترّو كان حاضراً الجلسة وممثّلا لحزبه».
مقبل وخليل
وقبَيل الجلسة، أكد وزير الدفاع سمير مقبل أنّه سلّم القضاء التقرير في شأن الانترنت غير الشرعي، مشيراً إلى عدم وجود أيّ خرق أمني في المؤسسة العسكرية.
وبدوره وزير المال علي حسن خليل شدّد لدى مغادرته الجلسة على أنه تقدّمَ بدعوى لتحصيل الاموال في ملف الانترنت غير الشرعي وكرّر اتّهامه كلّ مَن يظهره التحقيق.
إجتماع أمني ـ قضائي
وسبقَ جلسة لجنة الاتصالات اجتماع وزاري ـ أمني في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام خُصّص للبحث في مسار التحقيقات القضائية في موضوع الانترنت غير الشرعي وفقَ ما أعلنَ حرب مؤكّداً «أنّ القضاء يتابع التحقيقات التي يُجريها من خلال الاستنابات القضائية التي سُطّرَت وقريباً سيتّخذ خطوات تلقي الضوء على بعض المخالفين وسيتّخذ تدابير بحقّهم».
وأكّد وجود «إجماع وسعي جدّي لئلّا تُضلل هذه التحقيقات بقضايا جانبية وأن تُركِز على القضايا الأساسية والجرائم المرتكبة في هذا الملف». وأوضح «أنّ المعلومات أكدت وجود خروق ومخالفات للقانون واستعمال غير شرعي لوسائل الإتصالات الموجودة في تبادل المعلومات».
ودعا وسائل الإعلام الى «عدم التداول في الموضوع حفاظاً على سرّية التحقيقات»، مشيراً إلى «أنّ التركيز سيكون في المرحلة المقبلة على إفساح المجال امام القضاء لمتابعة أعماله بالجدّية المطلوبة وانتظار النتائج من دون إجراء تحقيقات بواسطة وسائل الإعلام». وطمأنَ الى «أنّ التحقيقات جارية بجدّية، وهناك تدابير ستُتّخَذ لتُبيّن مدى جدّيتها».
مرجعان قضائي وأمني
وقال مرجعان، قضائي وأمني، يتابعان الملف لـ»الجمهورية» إنّ «ما يجري على الساحتين السياسية والحكومية يَعوق الجهود القضائية المبذولة للوصول الى أيّ تحقيق نهائي. فالقضية معقّدة في جوانب عدة الى درجة عالية تحتاج للبحث الجدّي في كثير من التفاصيل التقنية والإدارية والأمنية التي لا يمكن القضاء أن يقولَ كلمته فيها طالما إنّ التجاذبات السياسية تعوق التحقيقات الجارية».
حمود والحقائق
وكشفَت مصادر الذين شاركوا في اجتماع السراي لـ«الجمهورية» أنّ المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود أصرّ في الاجتماع على إعطائه الوقتَ الكافي للتثبت من الحقائق التي يبحث عنها بين مختلف المسارات الجاري التحقيق فيها ما بين مديرية المخابرات والقضاء العسكري والتحقيقات القضائية الجارية على مستويات تقنية عدة، لكنّه لم يصل بعد الى اقتناع تامّ توصّلاً إلى مرحلة ينتهي فيها إلى قرار نهائي.
وقالت المصادر إنّ التحقيقات التي يجريها حمود مع توفيق حيصو الموقوف رهنَ التحقيق ما زالت مستمرّة، وقد يصل اليوم إلى إمكان تحديد موعد نهائي لختمها بحثاً عن كثير ممّا هو غامض في هذا الملف.
وقد تبيّنَ أنّ حيصو يسوّق الإنترنت الشرعي عبر مؤسسة «أوجيرو»، لكنّ محطات البث والنقل التي كان يستخدمها لم تكن غيرَ مرخّصة وقد دخلت الى لبنان بطريقة شرعية، لكنّ الشكوك توحي بأنه تمّ استيرادها بوثائق مزوّرة لا تكشف حقيقتها وسعتها وقدراتها الفنّية ونوعيتها التقنية، ما يؤدّي إلى احتمال استخدامها لتسويق سعات من الإنترنت غير الشرعي.
وعُلم أنّ القضاء أطلقَ مهندسَين من مؤسسة «أوجيرو» كانا قد أوقِفا قبل أيام وأُبقِيا رهن التحقيق في أيّ وقت تحتاجه المراجع القضائية المعنية.
السجالات
وفي هذه الأجواء، حفلت الساعات الماضية بسجالات استُعملت خلالها كلّ «العيارات النارية الثقيلة» بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ووزير الداخليّة نهاد المشنوق. وقد غرّد جنبلاط مساء أمس قائلاً: «الداخلية اللصوص اطردوهم من الهيكل»، وذلك بعد تغريدة أخرى له بالإنكليزية سرعان ما حذفَها و قال فيها: «ديناصور السراي» مرفقة بصورة.
ودخلَ على خط السجال ابو فاعور والوزير السابق وئام وهاب الذي ساندَ المشنوق، وكتبَ عبر «تويتر»: «فجأةً أصبح نهاد المشنوق فاسداً لأنّه رفض إزاحة ضابطين درزيَين من مكتبه لا يدينان بالولاء السياسي للوزير جنبلاط».
وأضاف: «عمر الفساد يا وليد بك في لبنان عشرات السنوات، وأنت كنتَ جزءاً من هذه السلطة، بينما عمر نهاد المشنوق في الحكومة سنتين». وقال: «يَرضى القتيل وليس يرضى القاتل، يا بك حَكَمتَ بالإعدام ظلماً على منير شعبان ومنَعته وهو الأحقّ من قيادة الشرطة القضائيه فقبِل الحُكم ولم تقبَل أنت». وتابع: «إذا كنتَ تعتقد أنّ العميد منير شعبان لقمة سائغة فأنت واهم وفي إمكاننا أن نثبت لك ذلك، إحترِم كرامات الناس وإلّا».
وكان المشنوق اتّهم جنبلاط عبر»تويتر» بأنّه «أحد أكبر وأعتى رموز الفساد في تاريخ لبنان»، وقال في عشاء جمعية تجّار كورنيش المزرعة في فندق «فينسيا»: «إنّ جميع السياسيين ينفضون أيديَهم من قضايا الفساد في اعتبار أنفسهم جمهوراً يصفّق وليسوا مرتكبين، ونرى حملات مكافحة الفساد بلا فاسدين وحملات تورّط بلا متورّطين». وأضاف «إنّ الفساد لا يُعالَج بزجَليات وشعارات واتّهامات وبمخيّلات مريضة، بل بالتحقيق الشفّاف والعودة الى القضاء كما تقوم به مؤسسة قوى الأمن الداخلي بكلّ شجاعة واحتراف».
وشدّد المشنوق على أنّه «طالما هو في الحكومة سيتصرّف كوزير لداخلية كلّ لبنان، ولا أحد يمكن ان يحاسبه إلّا على هذا الاساس». وردّاً على الاتهامات بالفساد، أشار إلى أنّ كلّ المصاريف والرحلات التي قام بها مع معاونيه في الوزارة كانت بدعم الرئيس سعد الحريري وليس على حساب الدولة أو غيرها. نافياً أن يكون لوزارة الداخلية مصاريف سرّية.
أبوفاعور
وردّ أبو فاعور على اتّهام المشنوق لجنبلاط بالفساد قائلاً: «علمت أنّ الوزير المشنوق يَرشح زيتاً من دفاتر السوق والكاميرات».
«المستقبل»
واستهجنَت كتلة «المستقبل» التهجّم على المشنوق، واعتبرَت أنّ «الحملة المنظّمة التي يتعرّض لها انطلاقاً من بعض الحسابات الصغيرة والفئوية لا تخدم منطق الدولة التي نطمح إليها، ولا تعزّز المؤسسات التي يجب أن تكون في خدمة الجميع، في الوقت الذي يعمل البعض على هدمِها وتقويض دورها».
أمن الدولة
إلى ذلك، ظلّت قضية المديرية العامة لأمن الدولة محور متابعة واهتمام، في وقتٍ زار المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة بكركي وأطلعَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على مهمّات هذه المديرية والصعوبات والتحدّيات التي تواجهها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ «اللقاء الذي حضَره أيضاً رئيس شعبة المعلومات في مديرية أمن الدولة العميد بيار سالم أتى في سياق الزيارات الدورية التي يقوم بها قرعة الى بكركي، نظراً للدور الذي تضطلع به على المستوى الوطني، وقد أطلعَ قرعة البطريرك على أجواء عمل جهاز أمن الدولة ونشاطه في مجال مكافحة الإرهاب وتوقيف الشبكات، وشرَح له الصعوبات التي يواجهها وكلّ ما يتعلّق بتقييد عمله والإجراءات التعسّفية بحقّه والتي تؤثّر سلباً على عمله، وما يمكن فعله لحلّ هذه المشكلة، خصوصاً أنّ مجلس الوزراء لم يجد الحلّ المناسب الذي ينصف الجهاز، فردّ الراعي مهنّئاً الجهاز على نشاطه الدائم في مجال حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، ومشدّداً على أهمّية أن يكون هذا الجهاز من ضمن المنظومة الأمنية للدولة اللبنانية، لأنّ المرحلة حسّاسة وتحتاج تضافرَ كلّ الجهود».
حكيم
وفي المواقف، أكّد وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«الجمهورية» أنّه غير متفائل إطلاقاً في موضوع حلّ ملف أمن الدولة، مبدياً استياءَه الشديد من طريقة تعاطي القوى الأخرى مع هذه القضية، ومشدّداً على متابعة الفريق المعني بالملف، أي «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب و«التيار الوطني الحر» والوزير ميشال فرعون، الموضوع حتى النهاية.
وقارنَ حكيم بين «موضوع الشرطة القضائية الذي تسبّبَ بمجابهة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار «المستقبل» ممثّلاً الوزير نهاد المشنوق، وبين الموضوع الوطني والمسيحي الذي يمثّله ملفّ مديرية أمن الدولة، وهذا أقلّ شيء نحن نطالب به، وهو من حقّنا».
واعتبَر «أنّ السجالات التي تملأ البلد هدفُها التغطية على أمرَين: أوّلاً، عجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية. وثانياً، التغطية على القنبلة الموقوتة المتمثّلة بالنزوح السوري، والتي ستنفجر في وجهنا يوماً ما اقتصادياً وتجارياً وأمنياً واجتماعيا، هذه القنبلة يتستّر الجميع عليها».
«التكتل»
واعتبَر تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّ «ربط بندِ جهاز أمن الدولة بسائر أمور الأجهزة الأمنية يوحّد جهود الحلّ انطلاقاً من أنّ أمن الدولة جهاز فاعل ومتكامل»، داعياً رئيسَ الحكومة إلى «إيجاد الحلّ الملائم لهذا الملف» للحؤول دون استفحال الأمر.
الجمهورية : الحوار اليوم: التشريع أولاً... وأزمة بين «المستقبل» وجنبلاط
الجمهورية : الحوار اليوم: التشريع أولاً... وأزمة بين...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
614
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro