تجددت أزمة مثلث حلايب وشلاتين بين مصر والسودان، وخيّر نظام الخرطوم القاهرة بين التفاوض أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
ويحاول نظام الرئيس السوداني عمر البشير استغلال حالة الغضب لدى بعض القطاعات المصرية على خلفية إعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، لفرض أمر واقع، ظنا منه أن الفرصة مواتية لحسم الموقف من المثلث الحدودي المتنازع عليه منذ عقود.
وصعّدت الخرطوم في بيان صحافي مساء الأحد، ضد القاهرة، قائلة “إذا لم ترضخ لحل قضية حلايب وشلاتين بالتفاوض المباشر أسوة بما تم مع السعودية، سوف نلجأ إلى التحكيم الدولي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات وترتيبات تصون الحقوق السودانية السيادية الراسخة”.
وقابل الوعيد السوداني رد حاسم من الخارجية المصرية التي أصدرت بيانا مقتضبا، قالت فيه “حلايب وشلاتين مصرية، وتحت السيادة المصرية، ولن نرد على السودان بأكثر من ذلك”.
ويمثل النزاع المصري- السوداني حول المثلّث أحد أسباب التوتّر بين البلدَين، إذ تتجدّد لغة التصعيد بينهما وسط عدم توفّر حلول دبلوماسيّة حقيقيّة لمعالجة هذا الملف المؤجّل منذ تفجره في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر واستقلال السودان في العام 1956.
ويرى مراقبون أن الرئيس السوداني عمر البشير يحاول أن يغطي على أزمات بلاده الداخلية، ويتودد إلى معارضيه ويرسل لهم رسائل مضمونها أنه يحافظ على الأرض. في حين، ذهب آخرون إلى أن الخرطوم تحاول استغلال الانقسام المصري حول تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بممارسة ضغوط تصورت الخرطوم أن القاهرة في لحظة ضعف ويمكن أن تستجيب لتقديم تنازلات جغرافية.
وقال الباحث السوداني حيدر إبراهيم علي، لـ“العرب” إن النظام السوداني يحاول استغلال الانقسام الموجود داخل مصر لتحقيق مكاسب متعددة، أهمها إمكانية رضوخ نظامها في هذه المرحلة والجلوس للتفاوض حول مثلث حلايب وشلاتين.
وأضاف أن نظام عمر البشير يصعّد ضد مصر، لأجل أن يحقق نجاحا أيضا في تقسيم المعارضة السودانية، ثم السعي إلى ضم بعض ممثلي الأحزاب للمشاركة مع الحكومة في الضغط على مصر، لاسترداد المنطقة المتنازع حولها، على طريقة “كيف تهاجمون نظاما يسعى لاستعادة أملاكه”.
وأشار إلى أن لهجة الخرطوم كشفت عن خبايا التوتر الموجود بين البلدين، وكان الطرفان يحاولان إخفاءه، ما يشي بالمزيد من الصدام، إذا ارتكن الطرفان إلى التفاوض بشأن بعض القضايا العالقة.
ومنذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين اتخذت القاهرة خطوات غير مسبوقة لتأكيد ملكيتها للمثلث، أبرزها القرار بأن تكون جميع الكتب الدراسية مرسومة على أغلفتها خارطة مصر متضمنة مثلث حلايب وشلاتين.
وفي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أصرت الحكومة المصرية على وجود لجان انتخابية في حلايب وشلاتين، الأمر الذي تسبب في أزمة داخل البرلمان السوداني.
صحيفة العرب