الحكومة ما زالت عالقة عند «امن الدولة» رغم انها رحّلت الخلاف الى جلسة الحكومة المقبلة وتجاوزت «اللغم» عبر ابتداع حل سحري على الطريقة اللبنانية بتفويض رئيس الحكومة تمام سلام بالحل واجراء الاتصالات بعد اشادة من جميع الوزراء بمواقفه ومبدئيته رغم ان الرئيس سلام طرف في المشكلة ومتوافق مع الرئيس نبيه بري بان القرارات يجب ان ترفق بتوقيع المدير ونائبه حسب المرسوم الذي انشئ بموجبه جهاز امن الدولة.
وفي المعلومات، ان النقاش في جلسة الحكومة امس لم يحمل اي جديد بالنسبة لجهاز امن الدولة، والوزراء كرروا مواقفهم السابقة في الجلسات الماضية، ولم يتم اجتراح حل للخروج من الازمة.
النقاش في ملف «امن الدولة» استمر 3 ساعات منذ بدء الجلسة في الرابعة والربع حتى السابعة والربع دون حلول واقترح وزير السياحة ميشال فرعون حلاً مؤقتاً يقضي بصرف الاعتمادات السرية والسفر الى جهاز امن الدولة مع المخصصات السرية لباقي الاجهزة التابعة لوزارة الداخلية وحل الموضوع المتعلق بتطويع 400 عنصر في امن الدولة، على ان يترك الحل الشامل الى جلسات لاحقة وتحديداً حول الصلاحيات وما شابه.
* الرئيس تمام سلام والوزير علي حسن خليل رفضا الامر وأكدا ان المخصصات السرية والسفر تحتاج الى توقيع المدير ونائبه حسب المرسوم الذي انشئ بموجبه امن الدولة.
* اقترح بعض الوزراء الدعوة الى عقد اجتماع لمجلس الدفاع الاعلى لحل هذا الموضوع.
* الرئيس سلام رغم عدم معارضته للامر لكنه أكد رفضه توجيه الدعوة لان هذا الامر من صلاحيات رئيس الجمهورية ولا يجب ان نزيد مشكلة جديدة.
* بعدها تحدث وزير المال علي حسن خليل وقدم مستندات تبين انه احال الاموال للمعاملات الادارية بشكل كامل لكن الاموال للمخصصات السرية فتمويلها غير قانوني لانها تحتاج الى توقيع العميد محمد الطفيلي.
* قاد جبهة الدفاع عن اللواء جورج قرعة وجهاز امن الدولة ستة وزراء هم وزراء الكتائب والتيار الوطني الحر وميشال فرعون الذين اقترحوا اعطاء «داتا المعلومات» للجهاز.
وكان الرد ايضا بأن هذا الطلب يجب ان يوقع عليه العميد محمد الطفيلي.
* وجرى نقاش حول تفعيل عمل الجهاز حاليا وفصل ذلك عن تشكيل المجلس القيادي لكن الرئيس سلام والوزير علي حسن خليل رفضا الامر.
وبعد النقاشات التي اخذت طابع الحدة احياناً لم يتم التوصل الى حلول، فتم اقتراح تكليف الرئيس سلام بالحل، شرط عدم صرف المستحقات السرية للامن العام وشعبة المعلومات حتى حل قضية المستحقات السرية والسفر لامن الدولة وتم التوافق على هذا الامر.
وبعدها استؤنفت الجلسة، وتم اقرار بنود عادية ولم يتم التطرق الى قضية حجب قناة المنار عن «نايل سات».
فالخلاف عنوانه «جهاز امن الدولة» لكنه اعمق من ذلك وهو يتعلق بالاستحقاق الرئاسي والمعارك البلدية وحقوق المسيحيين و«الخوف من المثالثة» وكلها قضايا تتشابك مع هذا الملف الذي ربط بحقوق المسيحيين في الدولة ومؤسساتها، ولن ينتهي الا «بمخرج عجائبي» لان القضية ايضا عند الرئيس سلام والوزير علي حسن خليل ليست مرتبطة بتعيينات جديدة في الجهاز او انتظار احالة العميد الطفيلي الى التقاعد بعد شهرين بل بالالتزام بالقانون وبالمرسوم الذي انشئ على اساسه جهاز امن الدولة ونص على توقيع المدير ونائبه في المستحقات السرية والسفر وغيرها.

ـ هجوم عنيف لابو فاعور على المشنوق ـ

واثناء النقاش في جهاز امن الدولة شن الوزير وائل ابو فاعور هجوماً عنيفاً على وزير الداخلية نهاد المشنوق وسأله عن كيفية صرف المستحقات السرية والسفر. ومعلوماتي انها تصرف على فنادق «5 نجوم» واتهم ابو فاعور الوزير المشنوق «باستشراء الفساد» في وزارته وصرف «المستحقات السرية» على هواه دون ضوابط. علما ان الوزير المشنوق غاب عن الاجتماع واشارت بعض المصادر ان غياب المشنوق ليس بسبب وعكة صحية او مواعيد سابقة بل يعود الى انزعاجه من اثارة موضوع الاعتمادات السرية للاجهزة الامنية من الوزراء المسيحيين في هذه «الطريقة» علما ان هذه المصاريف تعتمدها كل دول العالم وخصوصا في هذه الظروف حيث يواجه لبنان خطراً ارهابياً وربما تغيب المشنوق لتجنب الرد على الوزير ابو فاعور، بعد ان فتح جنبلاط قضية الشرطة القضائية والاجحاف الذي يمارسه المشنوق بحقها، حيث رد المكتب الاعلامي للمشنوق على جنبلاط داعياً الاخير الى توخي الدقة في المعلومات في ما يتعلق بالمؤسسات الامنية الكفوءة نافيا علمه بوجود حساب للتصفية بيني وبين جنبلاط الا اذا وجدت نميمة، وكان جنبلاط اتهم المشنوق بالعمل على محاصرة الشرطة القضائية، وسعيه مع احد المستشارين الى تعيين ضابط قريب لشخصية سياسية درزية وازنة مكان قائد الشرطة القضائية الحالي العميد ناجي المصري.
واوضحت المصادر ان وزراء المستقبل لم يردوا على ابو فاعور الذي وجه عبارات قاسية للمشنوق عن الفساد وفنادق 5 نجوم والاموال السرية، وقد رد الوزير سجعان قزي على المشنوق بكلمتين «اي كلام يوجه لاي وزير بحضوره».

ـ تباين بين السنيورة وعدوان ـ

اما على الصعيد الرئاسي، فلا جديد وتناقص عدد الحضور الى 53 نائبا، ورفع الرئيس نبيه بري الجلسة الى 10 أيار، وغاب عنها الرئيس سعد الحريري «احتفل بعيد ميلاده الـ46» والنائب وليد جنبلاط، وكانت الجلسة مناسبة لاطلاق المواقف السياسية وسجل فيها تباين واضح بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب جورج عدوان حول ملف رئاسة الجمهورية، ورد النائب عدوان على الفور على السنيورة مؤكداً ان مرشح القوات اللبنانية هو العماد ميشال عون حتى آخر لحظة واذا وضع قانون انتخابي على جدول الاعمال وتمت مناقشته لن يتحمل اي كان عدم تمريره، والتصويت عليه امام الرأي العام.
فيما اكد السنيورة، ان تعطيل انتخاب رئيس يتحمل مسؤوليته التيار الوطني الحر، وميشال عون وحزب الله.
وفي مقابل ذلك، تكثفت اللقاءات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وتم التوافق بينهما على كل تفاصيل البلدية وخوض المعارك سويا، في جميع القرى مع التركيز على مدينة «زحلة» لانها ستكون «المعيار» و«المقياس» وعلى نتيجتها ستتحد الكثير من الامور، وستشكل الترجمة العملية للتحالف بينهما على الارض، في ظل استعدادات الاخرين للتأكيد بأن التيار والقوات لم يتمكنا من الحسم مسيحياً كم تم ترويجه، وبالتالي فان معركة زحلة ستكون «المفصل».