التطورات في ملف الإنترنت غير الشرعي تتسارع، مع تدحرج رؤوس كبيرة. معطيات جديدة تبرز يومياً، وآخرها كان توقيف مالك إحدى أبرز شركات توزيع الإنترنت في لبنان «THGV»، توفيق حيسو ليل أول من أمس. الرجل، المقرب من المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، لا يزال محتجزاً في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، رهن التحقيق.

ومن المتوقع أن يحسم القضاء اليوم قراره بشأن إطلاق سراح حيسو أو الإبقاء عليه محتجزاً. توقيف حيسو يأتي بعدما دهمت القوى الأمنية يوم الجمعة مقرّ شركته في منطقة بربور، على خلفية استجرار الإنترنت غير الشرعي. وقد عُدّ هذا الأمر خطوة أولى في اقتراب التحقيقات من يوسف. وقالت مصادر معنية بالقضية إن التحقيق مع حيسو لم يكشف بعد تورطه في ملف استجرار الإنترنت غير الشرعي إلى لبنان، إلا أن الشبهة تدور حول أن الجزء الأكبر من عمله في توزيع الإنترنت غير مرخّص. وأبدت المصادر خشيتها من أن يكون توقيف حيسو يهدف إلى وضع ملفين في القضاء: ملف استجرار الإنترنت غير الشرعي، وملف محطة الزعرور من جهة، وتوفيق حيسو وعبد المنعم يوسف ودوره في الإضرار بواقع الاتصالات في لبنان والمخالفات التي تنسبها له الجهات السياسية من جهة أخرى. وأن هذا الأمر يخلق «نوعاً من التوازن على الطريقة اللبنانية»، ما يعني لفلفة كل القضايا دفعة واحدة. وتحدّثت مصادر متابعة عن لجوء أحد المعنيين بالتحقيقات إلى طمأنة أصحاب الشركات المشتبه فيهم بأن توقيفهم لن يستمر طويلاً، وأن كل ما يجري سيؤدي إلى تغريمهم بمبالغ مالية صغيرة. وكان يوسف، المدعوم من رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة، قد رفع سقف تحديه لقناة «ام تي في» ومن خلفها حزب القوات اللبنانية، عندما أقام حفل تكريم لفريق «أوجيرو» الذي شارك في عملية دهم محطة الزعرور في آذار الماضي. وأعلن رئيس الفريق في خطاب أمام وسائل الإعلام أن فريقه تعرّض للتهديد من قِبل أكثر من عشرين مسلحاً كانوا يحمون محطة الزعرور.


مؤشرات على أن بعض معدات «الإنترنت غير الشرعي» دخلت لبنان بصورة شرعية

 


وأشارت المصادر إلى وجود مؤشرات على أن بعض الأجهزة التي استخدمتها شركات استجرار الإنترنت غير الشرعي دخلت لبنان بصورة شرعية، ما يزيد من دائرة المشتبه في تورطهم بهذه الفضيحة، سواء بعلمهم أو من غير علمهم.
في المقابل، أكّد رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية حسن فضل الله الاستمرار في متابعة الملف بصورة حثيثة، لافتاً إلى أن الفضيحة كشفت عن خلل أساسي في بنيان الدولة وطرحت علامات استفهام كثيرة حول عدد من الشخصيات السياسية والأمنية التي قد تكون متورطة فيها. وقال إن عدداً من المتضررين يُحاولون ممارسة ضغوط على القضاء من أجل إقفال الملف، داعياً السلطة القضائية إلى «تخطي الضغوط الممارسة عليها». وكشف فضل الله خلال مقابلة له مع الزميل جورج صليبي على قناة «الجديد» عن وجود «جهات سياسية اتصلت ببعض القضاة وطلبت منهم تخفيف الإجراءات في ملف الإنترنت غير الشرعي… هناك ضغوط تمارس لحماية رؤوس كبيرة».
وإذ وزّع فضل الله المسؤولية في قضية الإنترنت غير الشرعي المترتبة على المتورطين وعلى الجهات السياسية، أكد أنه «لا نريد استخدام هذا الملف بغرض التصفيات السياسية. نحن دائماً نتابع الملف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يشدد على ضرورة الذهاب بالقضية إلى النهاية وأن لا يبقى أحد محمياً».
وأشار إلى عدد من ملفات الفساد التي تعرّض الأمن الاجتماعي للخطر، وخاصة في قطعات الأمن الداخلي التي يُنتظر منها مكافحة المخدرات والاتجار بالبشر وجرائم القمار. وتحدّث عن المصاريف السرية في الأجهزة الأمنية وبعض الدوائر المدنية في الدولة، لافتاً إلى أن بعض تلك المصاريف السرية كانت تُستَخدَم لتمويل قادة المحاور في طرابلس. ولفت إلى المبالغ الهائلة من الأموال العامة التي تُهدَر في عدد من الوزارات على الهدايا والتشريفات وشراء الورود ومآدب الغداء والعشاء.

«احتمالات مفتوحة» في جلسة الحكومة

من جهة أخرى، استقبل رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، في معراب، رئيس «التيار الوطني الحر»، وزير الخارجية جبران باسيل، وأمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إيراهيم كنعان وعضو الهيئة التأسيسية في التيار الوطني الحر ناجي حايك، في حضور مدير مكتب جعجع إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات ملحم الرياشي.
وفيما قال باسيل إن مدة الاجتماع ثلاث ساعات “لأن اجتماعاتنا هي للعمل والإنتاج، وكان اللقاء مثمراً”، أثنى جعجع على «الوضع الطبيعي للعمل السياسي» بين الطرفين، معتبراً أن «المرحلة السابقة كانت شاذة».
ويأتي اللقاء في إطار تفعيل التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات، الذي أبرم بينهما قبل ثلاثة أشهر، والتنسيق في عدد من الملفات السياسية التي يعملان عليها، علماً بأنه عقد عشية جلسة مجلس الوزراء التي يفترض أن تناقش موضوع أمن الدولة، وهو الملف الذي يخوضه التيار والقوات في موقف موحد، إضافة الى تنسيق الموقف من الجلسة التشريعية التي ينوي الرئيس نبيه بري الدعوة إليها. ووصفت مصادر المجتمعين الاجتماع بأنه إيجابي. وعلمت «الأخبار» أن البحث انقسم الى شقين: الأول وضع استراتيجية سياسية حول رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب وطاولة الحوار، وسيكون للبحث صلة في بعض التفاصيل، فيما الاتفاق كان كاملاً حول العناوين الرئيسية.
وفي ضوء ما سيحصل اليوم في مجلس الوزراء، «سيكون للطرفين موقف واضح، وكل الاحتمالات مفتوحة إذا تم تجاوز القانون وخصوصاً بالنسبة الى التيار الممثل في الحكومة». كذلك سيكون لهما موقف موحد أيضاً مما سيجري على طاولة الحوار والشق المتعلق بقانون الانتخاب. وقال النائب ابراهيم كنعان لـ»الأخبار» إن الاجتماع وضع خريطة طريق، وهناك تنسيق جدي وإيجابي لتذليل كل العقبات للوصول الى الأهداف التي رسمها التيار والقوات».
أما في الشق المتعلق بالبلديات، فقد جرى عرض تفصيلي لما تم التوصل إليه حتى الآن في البلدات التي يخوض فيها الطرفان الانتخابات. وأكد الطرفان أن «التيار والقوات مهتمان بتفعيل العمل البلدي والسلطات المحلية ولا يخوضان الانتخابات ضد طرف معين، وسيستكملان البحث في التفاصيل المتعلقة ببعض البلدات حيث لا تزال فيها بعض الإشكالات بغية تذليلها».
من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أنّ ما يُسمى «البرلمان العربي» أدان «التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، مقرراً اعتبار حزب الله جماعة إرهابية».