«لفرنسا مرشح واحد للانتخابات الرئاسية هو لبنان»، بهذه العبارة - الرسالة اختتم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته «جمهورية الفراغ» بعدما كان قد استهلها برسالة مباشرة أخرى للنواب حمّلهم فيها مسؤولية «الجواب» عن السبيل الوحيد لإنهاء الشغور بإقدامهم على انتخاب الرئيس. أما في ملف النزوح السوري، فشكلت المعاينة الميدانية التي قام بها أمس لمعاناة النازحين في مخيم الدلهمية في البقاع مناسبة رئاسية فرنسية لتأكيد التزام مساندة لبنان في تحمّل ورفع أعباء النزوح عن كاهله، مع التشديد في الوقت نفسه على «أولوية» عودة النازحين إلى وطنهم بالتوازي مع نفي أي نية لفرض توطينهم على اللبنانيين.

إذاً، على وقع الرسالة الرئاسية المؤكدة أهمية إسراع اللبنانيين أنفسهم في انتخاب «الرئيس المسيحي (الوحيد) في الشرق الأوسط»، وتلك السيادية المبددة لكل محاولات وحملات الإيحاء بوجود مؤامرة كونية توطينية على لبنان، أنهى الرئيس الفرنسي يوم زيارته الثاني والأخير باستكمال سلسلة لقاءاته في قصر الصنوبر حيث استقبل عند مدخل القصر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وعقد معه جلسة عمل تسلم منه خلالها «مذكرة خطية حول الشأن الوطني والإقليمي أسوة بأسلافي البطاركة«، كما أوضح الراعي في قداس الأحد من بكركي، مشدداً في الملف الرئاسي على أنّ «الأوان آن لطرح السؤال حول الأسباب التي تحول دون اكتمال النصاب وانتخاب الرئيس«. 

ومن قصر الصنوبر، انتقل هولاند جواً إلى مخيم الدلهمية في البقاع حيث تفقد أوضاع اللاجئين السوريين واستمع إلى مطالبهم. وجدد خلال الجولة التزام فرنسا دعم لبنان ومساندته لتحسين شروط استقبال النازحين على المستويات التعليمية والصحية، وأردف: «العودة هي الأولوية وهذا ما يتمناه أيضاً اللبنانيون الذين أظهروا كرماً كبيراً في الضيافة لكنهم لا يريدون توطين هذه العائلات ولا يريدون أن يروا بعد عدة سنوات المخيمات في بلدهم«، مضيفاً: «من مسؤوليات فرنسا أن نرى إنهاءً للأزمة في سوريا وعملية انتقال سياسية، وهذا ما أفعله منذ أربع سنوات تقريباً من مكافحة الإرهاب والإعلان أنه لا يمكن القبول بالابتزاز الذي يمارسه النظام السوري (...) وعند حلول السلام الذي هو ممكن ستعود هذه العائلات الى بلدها«.

هولاند الذي كان قد التقى مساء أمس الأول في قصر الصنوبر الرئيس سعد الحريري، أوفد أمس السفير الفرنسي ايمانويل بون يرافقه المستشار الأول أرنو بيشو والمستشار الثاني جان كريستوف أوجي وعدد من أركان السفارة الفرنسية لزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في وسط بيروت، حيث وضع بون إكليلاً من الزهر باسم الرئيس الفرنسي عند الضريح تحية للرئيس الشهيد، ثم زار الوفد الفرنسي الذي كان في استقباله الحريري على رأس وفد وزاري ونيابي، أضرحة الشهداء الوزير محمد شطح واللواء وسام الحسن ورفاق الرئيس الشهيد. ولدى مغادرته دوّن بون كلمة بالفرنسية في سجل الزوار، جاء فيها: «أنحني باسم رئيس الجمهورية أمام ذكرى الشهداء وأوّلهم الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. هذا يؤكد أن فرنسا وفيّة للبنان سيد، حر، متنوع ومنفتح، وعلى أنها تريد أن تدعمه قدر المستطاع. عاشت الصداقة اللبنانية الفرنسية».