إن النصوص هي مكمن الداء والدواء ،هذه الحقيقة لا تكاد تخفى على أحد من الناس لا سيما أهل الفكر والدراية ، إلا أن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد ،فليس المهم تحديد الداء والدواء لمعالجة المرض ، بل التحرك العملي على مستوى القضاء على المرض وتناول الدواء لمعالجة الأزمة وهنا نصطدم بالسد القوي والمانع الكبير الذي يحول بيننا وبين معالجة هذه الأزمة التي تعيشها الأمة وهذا المانع يتمثل في أصحاب الدكاكين والمصالح الذاتية من الأحبار ورجال اللاهوت(الإسلامي) الذين فرضوا أنفسهم شرطة على عقائد الناس وسفراء الله في خلقه حيث ارتبطت مصالحهم بالتفكير الماضوي الذي يهيئ لهم سلطة دينية خفية على الناس ،ويجدون في عملية التغيير والإصلاح الديني تهديدا لمصالحهم وسلطتهم ، فأي تحرك لعقلنة النصوص أو تثوير فاعلية العقل لدى الناس ليكتشفوا الحقيقة بأنفسهم ، يعني ابتعاد الناس عنهم ،لذا وقفوا أمام كل ما من شأنه النهوض بالواقع المتخلف للمسلمين والصعود بالأمة في مدارج الرقي والتحضر .
لقد تحول الموقف لدى معظم رجال الدين والفقهاء إلى حالة طاغوتية تسعى لمحاربة كل فكر جديد وقهر كل حركة نحو التعقل والوحدة خوفا على الإمتيازات الاجتماعية والمادية التي اكتسبتها هذه الفئة من خلال عنصر التخلف الفكري الذي يعيشه العوام من الناس . وتحولت المؤسسة الدينية إلى عامل ركود على القديم ، وحبوب إجهاض لكل نشاط فكري يهدف إلى إصلاح الحالة المأساوية التي تمر بها الأمة الإسلامية ، وأداة كبت لكل فكرة تطرح علامات استفهام أمام الفكر الديني المغالي السائد الذي تحول إلى صنم يعبد من دون الله ، فلا أحد يجرؤ على قول الحقيقة أو النقد ،وكل من يتجرأ يرجم بأحجار الارتداد ويرمى بتهمة الضلال والمروق من الدين أو العمالة للأجنبي والوهابية وأمثال ذلك ...
من الواضح أن المصادر الشيعية الروائية مليئة بالموضوعات ولذا يجب يجب أن تغربل هذه المصادر ويتم حذف كل هذه المرويات الباطلة والتي بنى عليها الشيعة عقائد مغلوطة علقت في أذهانهم ، وهيمنت على العقول والأفكار ،وعلينا أن نحرك هذا العقل ليبتعد عن موطن الخرافة والوهم ، وكسر هذه القوالب الضيقة التي تؤطر الذهنية المسلمة والمتمثلة بالنصوص الموضوعة التي وضعها الدجالون والغلاة وأصحاب الفرق السياسية باسم النبي وأهل بيته الطاهرين لينفذوا من خلالها إلى أفكار المسلمين وعقائدهم وينفثوا فيها سمومهم وخرافاتهم ،وعندما نرى أن عشرات الرواة من الغلاة كالمغيرة وغيره من أتباع المذاهب المنحرفة كانوا ينقلون الأحاديث عن الأئمة الطاهرين إلى الناس بعد تحريفها وخلطها بالأباطيل والخرافات والغلو ،ثم جاء المحدثون كالصدوق والكليني والمجلسي ودونوا جميع الروايات والأحاديث الواردة عن أهل البيت عليهم السلام دون تمحيصها وغربلتها ، فحينئذ يتبين لنا حجم المسؤولية الملقاة على عاتق علماء العصر لتطهير وتهذيب المجامع الروائية والكتب الفقهية والعقائدية الشيعية من الأباطيل والموضوعات .