يتخوف العراقيون من أن تخرج الأزمة السياسية عن السيطرة ويضطر الفرقاء داخل البيت الشيعي إلى حل الخلافات بقوة السلاح. يأتي هذا فيما يعمل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي على توظيف الأزمة الراهنة للإطاحة برئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي خدمة لحلمه في العودة إلى رئاسة الحكومة التي غادرها مكرها بعد تحميله مسؤولية سقوط أراض عراقية واسعة تحت سيطرة داعش.  

وتوقع متابعون للشأن العراقي أن تتفاقم الأزمة السياسية وتعيد المتظاهرين إلى ميادين الاحتجاجات، في وقت تدفع كتل سياسية لحجب الثقة عن العبادي.

  ومع احتمال أن يعيد تيار مقتدى الصدر أنصاره إلى التظاهر من جديد، تعهدت فصائل مسلحة تابعة لحزب الدعوة الإسلامي برئاسة المالكي ومنظمة بدر التي يرأسها هادي العامري بالوقوف في وجه مطالب الصدر، ولو بقوة السلاح.   وقال المحلل السياسي العراقي فالح عبدالجبار إن “الحرب قادمة لا محالة للدفاع عن النظام الطائفي”.  

وأضاف في تصريح لمجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية “عندما دخل الصدر بوابات المنطقة الخضراء تدافع الجنرالات لتقبيل يديه، وإذا كان قد قتل هناك فإن حربا أهلية كانت ستندلع بين الفصائل الشيعية”.  

واعتبر أن واشنطن تراقب المشهد العراقي الساخن بحيرة، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الإسراع بزيارة بغداد وحث الفرقاء على ضبط النفس والتركيز مجددا على قتال داعش، معتبرا أن تحرير المدن العراقية من التنظيم المتشدد أهم من الخلاف السياسي.  

وبالتزامن، دعا السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة زلماي خليل زادة بلاده إلى العمل مع إيران لإيجاد الحلول الفورية العاجلة للأزمة في بغداد.  

وكتب خليل زادة، الذي عمل أيضا سفيرا لبلاده في بغداد، في صحيفة نيويورك تايمز، “من الأرجح أن تعمل واشنطن وطهران معا بالتوازي للوصول إلى تسوية بين الأحزاب السياسية ورئيس الوزراء”.    

وبعد أن شعر سياسيو العراق بالاطمئنان نتيجة تراجع مستوى الاحتجاجات بسبب الصفقة التي عقدت مع مقتدى الصدر، وأدت إلى فض اعتصام المنطقة الخضراء، جاء الدور الآن على البرلمان للتصعيد، للضغط على رئيس الوزراء من أجل تعطيل تلك الصفقة.

  وقال مراقب سياسي عراقي إن مطالبة مجلس النواب بالإصلاح إنما تغطي على رغبته في استمرار نظام المحاصصة.  

غير أن نوري المالكي، وهو زعيم حزب الدعوة الحاكم، كان صريحا في موقفه المعارض لأي تغيير يمكن أن يطرأ على نظام المحاصصة بسبب الإصلاح، معتبرا ذلك التغيير بداية لاقتلاع النظام الإسلامي.  

واعتبر المالكي أن “ما يجري داخل مجلس النواب هو حراك سياسي ناضج”، على الرغم من معارضته في وقت سابق للاعتصامات أمام المنطقة الخضراء، التي قال إنها “تهدف إلى إسقاط العملية السياسية”.  

وقال في تغريدة على حسابه الرسمي إنه “لم يعد بالإمكان الاستمرار في الأخطاء التي عانت منها العملية السياسية”.  

وأشار المراقب العراقي في تصريح لـ”العرب” إلى أن زيارة كيري الأخيرة إلى العراق قلبت الطاولة على دعاة الإصلاح وشجعت متشددي المحاصصة على الظهور مرة أخرى.  

ولا يزال المالكي يحلم بعودته إلى السلطة، وهو ما عكس اتهامات مختلفة له بالوقوف وراء اعتصام البرلمان وإقالة سليم الجبوري والضغط لمنع عودته إلى رئاسة البرلمان.  

ويراهن المالكي وحلفاؤه على أن فرض تنحي الجبوري وتعيين موال لهم سيسهل مهمة الإطاحة برئيس الحكومة، ومن بعده رئيس الدولة فؤاد معصوم.

  ولا شك أن مسعى المالكي للعودة إلى الواجهة سيجلب الكثير من المتاعب لزعماء الكتل السياسية، ممن أظهروا موقفا معارضا لسياساته، وبالأخص ما يتعلق بالفساد.  

ورجح المراقب العراقي أن يلجأ رئيس الوزراء السابق إلى إثارة الفوضى باعتبارها الخيار الوحيد أمامه إن أفشل الآخرون مسعاه لاستعادة السلطة.

صحيفة العرب