يوماً بعد يوم يفقد اللبنانيون ثقتهم بالدولة مع تفشي ظاهرة العنف وإعتداء المواطن اللبناني على أخيه المواطن في وضح النهار وقتله أمام أعين المارة من دون أن يتحرك ضميره أو يخشى أي عقاب قانوني.
وأن يخسر مواطن لبناني حياته لسبب تافه مثل الخلاف على أفضلية مرور في ظل تقاعس مقصود من قبل الأجهزة الأمنية وتقاعس الدولة اللبنانية فكيف علينا أن ننسى جورج الريفي حين قتل على الأشرفية و الشاب مارسيلينو ظماطا، وجريمة قتل المقدم ربيع كحيل الذي كان طموحه المقدم المغوار أن يستشهد على ساحات الشرف ومواجهة الإسرائيلي وقتال الجماعات التكفيرية، إلا أن قدره الأسود أن يسقط على أيدي عناصر متفلتة من القانون ، ففي تفاصيل الحادثة تبين أن (هشام ضو) تضارب مع الرائد كحيل وخلال التضارب شهر مسدسه الحربي واطلق طلقات نارية عدة باتجاه رجلي الرائد، وأصابه بأربع منها في الفخذ الأيسر حيث تقطعت الشرايين والأوردة مؤدية إلى وفاته، فالمتهم ضو الذي قام بإطلاق النار على المقدّم كحيل، وهو من رجال الأعمال البارزين على مستوى لبنان ومن كبار مورّدي الحديد ومواد البناء في لبنان، وهو يملك قصرا في بدادون.
بعد هذه الحادثة فرّ هشام ضو إلى الخارج بينما ألقي القبض على إيلي ضو وهو نجل رئيس بلدية حومال خليل ضو وبعد مرور تسعة أشهر على الجريمة أعلنت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد خليل ابراهيم على طلب إخلاء سبيل إيلي ضو الذي يحاكم أمامها بجرم قتل المقدم ربيع كحيل، لأنه علم لدى صعود هشام إلى جانبه أنه هو الذي أطلق النار على كحيل من خلال الإتصالات التي كان يجريها هشام، ورغم ذلك سهل له فراره وساعده والذي حُكم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة حتى عشرين سنة سندًا إلى المادة 547 و 219 من قانون العقوبات.
من هنا لا يسعنا القول لدولتنا الكريمة أنه لا بد من المحاسبة، لكي يصبح المرتكب عبرة لكل من يفكر بأن يقوم بالجريمة نفسها، فالعقاب يحد من الجرائم، في حين أن الفلتان الأمني يُشجع أياً كان على فعلها، والدليل كل ما يحصل أخيراً من جرائم عائلية وفردية.
وأخيراً، إن ترك الأمور على حالها، بإفلات المجرم من العقاب، والأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تحصى، فقد باتت هذه الجرائم قضايا إنسانية ينادي أهل الضحايا فيها بإسترداد حقوق بناتهم وأبنائهم، هو خير دليل على أن الدولة هي دولة فساد، فكما قالت شقيقة كحيل إنها الدولة التي تستند على كل شيء ما عدا الحق.