إنعقدت يوم أمس قمة استنبول لمنظمة التعاون الإسلامي بحضور سبع وخمسين دولة إسلامية، وعلى رأسهم قادة الدول المحيطة ببؤرة النزاع الملتهب في سوريا والعراق واليمن.
وإذ تُليت الكلمات الافتتاحية التي تُمجدّ الإسلام وتاريخه وسماحته واعتداله، ينشط ،وعلى بُعد أميال معدودة منهم، في الموصل، إسلاميو داعش في إزالة معالم أثرية، لا تقدّر بثمن، معالمٌ، لم يمسّها بسوء قادة الفتح الإسلامي، وجُلّهم من صحابة الرسول، ولا خلفاء بني أمية والعباسيين ،والمغول والتتار وسلاطين بني عثمان.يجتمع قادةُ الإسلام، والصُورّ باهية والموائد عامرة، وبالقرب منهم ملايين المسلمين المشردين والجائعين ،فضلاً عن الضحايا اليومية، يجتمعون وقد بلغ الغُلوُّ والتكفير والتّعصُب مداه في طول العالم الإسلامي وعرضه، ولعلّ أخطر ما أفرزته انقسامات المسلمين وحروبهم المتنقلة والمدمرة ظاهرة الإرهاب وفظائعه في ارجاء المعمورة، حتى أنّ بلداً إسلامياً عريقا كتونس اضطرّ، وقبل هجوم بن قردان الإرهابي، إلى إقفال أكثر من ثمانين مسجداً.
ويُراقبُ أئمة المساجد وخُطبهم وتحركاتهم في معظم البلاد الإسلامية، وتعالت صرخات التنديد بالقيم الدينية الجامدة، والمناهج الإسلامية المتخلفة، والتي لم تُراجع من قرون عديدة.ولم يتنبّه إلى ما تُحدثُهُ ،وستُحدثُهُ عمليات تشظّي الظاهرة الدينية الإسلامية ، وتحوّلها، وبل تردّيها وانحطاطها تحت ظغط الحركات الإسلاموية والشعبوية المتزايد، عند السّنة والشيعة على السواء، فيتحول الدين الإسلامي إلى هذيان جماعي يحمل في طيّاته الموت والخراب، ولا تنفع في لمّ شعثه، لعقود قادمة مؤتمرات، وندوات، ودعوات،للعودة إلى دائرة الاعتدال والوسطية، طالما أنّ التجديد في الفكر ممنوع، وطالما أنّ الكلمة الفصل للمصالح، لا للإسلام ولا لمبادئه. أمّا دعاةُ الديمقراطية والدولة المدنية وحقوق الإنسان، فسيُلاقون الأمرّين على يد هذه الموجة الظلامية، التي لا تستثني مذهبا ولا حزبا ولا دعوة.
ويصدُقُ فيهم وهم يجتثّون رقاب العباد، ويحتربون بأحدث الأسلحة المستوردة من بلاد الكفر والجهل، ويتنازعون سيرة النبي وصحابته، قول الجاهليين ، الذين ،على ما ظهر، لم يكونوا على درجة من الجهل تفوق جهالة أيامنا هذه: وأحياناً على بكرٍ أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا.