تشهد محافظة حلب تصعيداً عسكرياً بين أطراف عدة وعلى أكثر من جبهة، الأمر الذي يهدّد الهدنة الهشة المعمول بها في سوريا ويشكل ضغطاً على المحادثات غير المباشرة الجارية في جنيف بين المعارضة والحكومة، فيما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه سيبحث في الأزمة السورية مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الذين سيلتقيهم في الرياض الأسبوع المقبل.
وكانت المحادثات بدأت بلقاء للمبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دو ميستورا ووفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي يمثل أطيافاً واسعة من المعارضة السورية، بينما التقى دو ميستورا أمس وفداً من المعارضة القريبة من موسكو.
وصرح الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة سالم المسلط في مقابلة بأن هناك الكثير من الأشخاص على الجانب الآخر الذين يمكن التعامل معهم. وأضاف أن الهيئة لن تعترض ما داموا لن يرسلوا "مجرمين" تورّطوا في قتل السوريين. وأوضح إن المجال لا يزال يتسع للتفاوض في شأن كيفية التعامل مع رحيل الرئيس بشار الأسد. وقال إنه من أجل التوصل الى حل ولمساعدة جميع السوريين على الحكومة تقديم اقتراحات في شأن ما تريده بالنسبة الى الأسد وأن يناقش.
حلب
ميدانياً، عاودت قوات النظام السوري بغطاء جوي روسي هجوماً كانت بدأته قبل أيام على فصائل مقاتلة بينها فصائل اسلامية و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، في مناطق واقعة شمال مدينة حلب، وتحديداً في محيط مخيم حندرات.
وأفاد مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له ان قوات النظام تمكنت من "التقدم في مزارع الملاح مما يعني اقترابها من طريق الكاستيلو"، المنفذ الوحيد للاحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب. وأضاف ان العملية العسكرية التي تعد استكمالاً لهجوم واسع نفذته قوات النظام في شباط الماضي، تهدف الى قطع طريق الكاستيلو و"تالياً محاصرة الاحياء الشرقية للمدينة تماماً".
وقال علي صابر احد سكان حي بستان القصر في حلب والذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة إن "المخاوف من حصار محتمل" تسود السكان.
وفي واشنطن، أبدى مسؤول أميركي "قلق (الولايات المتحدة) البالغ" من معلومات عن هجوم يشنه النظام السوري "قرب حلب" بدعم روسي، الامر الذي قد يشكل انتهاكاً لوقف النار المعلن. وقال ان المسؤولين الاميركيين "اعربوا عن القلق البالغ" لجميع الدول الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سوريا ومنها روسيا، ودعوا الكرملين الى الضغط على الرئيس السوري لالتزام المحادثات في شأن عملية الانتقال السياسي.
كما اعربت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني عن قلقها من المعلومات عن "هجوم جديد للنظام السوري قرب حلب وشرق دمشق".
"داعش" والفصائل
والى هجوم قوات النظام، تدور في محافظة حلب اشتباكات بين أطراف مختلفين على جبهات عدة وقرب الحدود التركية.
وتخوض منذ بداية الشهر الجاري فصائل مقاتلة معظمها اسلامية، ومنها "فيلق الشام" الذي تدعمه أنقرة، معارك ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي والشمالي الغربي.
وقالد المرصد إن "داعش" تمكن من التقدم وسيطر على ست قرى بالقرب من الحدود التركية أهمها قرية حوار كيليس.
تشن طائرات حربية، رجح عبد الرحمن انها تابعة للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، غارات على مواقع التنظيم في منطقة الاشتباكات.
واجبرت تلك المعارك "المئات على النزوح من مخيم بالقرب من حوار كيليس الى مناطق أخرى أكثر آماناً".
وأوردت وكالة "أنباء الاناضول" التركية شبه الرسمية ان "عدداً كبيراً" من النازحين السوريين يقتربون من الحدود مع تركيا هربا من تقدم الجهاديين في شمال حلب.
وفي ريف حلب الجنوبي، تسعى قوات النظام منذ أسابيع الى استعادة بلدة العيس الاستراتيجية والمطلة على طريق دمشق - حلب الدولي من "جبهة النصرة" والفصائل الأخرى المتحالفة معها.
في غضون ذلك، أعلن المرصد أن مقاتلة سورية سقطت ربما بنيران مقاتلي "داعش" قرب مطار خلخلة الحربي شمال شرق مدينة السويداء في جنوب البلاد ولكن أمكن كما يبدو إنقاذ الطيار.
وقالت وكالة "أعماق" للأنباء المقربة من "داعش" إن التنظيم أسقط طائرة حربية سورية في محيط المطار نفسه.
أوباما
وقبل أيام من القمة الاميركية - الخليجية في الرياض، صرح أوباما بعد إجتماع مع مستشاريه للأمن القومي في مقر وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" بأن الولايات المتحدة ستبذل ما في وسعها للمساعدة في دفع محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف في شأن المستقبل السياسي لسوريا، مشيراً إلى ان إتفاقا لوقف الأعمال العدائية بين حكومة الرئيس بشار الاسد ومعارضيه صامد منذ نحو ستة أسابيع لكنه يبقى هشاً وتحت ضغط.
وقال إن مستقبل سوريا سيكون على جدول أعمال قمة لمجلس التعاون الخليجي تعقد الاسبوع المقبل في الرياض والتي يعتزم أن يحضرها. وأضاف ان العملية السياسية في سوريا يجب أن تشمل فترة إنتقالية لا يشارك فيها الرئيس بشار الأسد.
وأفاد مستشار أوباما لشؤون مواجهة "داعش" روب مالي إن التفاصيل المتعلقة بالاتفاقات مع الدول الخليجية في شأن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للتهديدات الإلكترونية ستتصدر القمة. وقال: "في كل تلك الأشياء أعتقد أنكم سترون فيها تقدماً وتعاوناً أعمق بيننا وبين مجلس التعاون الخليجي".