انطلقت صباح أمس فعاليات القمة الـ13 لمنظمة التعاون الإسلامي، بمشاركة قادة ورؤساء وفود أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية، على أن تختتم أعمالها عند الواحدة ظهراً اليوم بإصدار البيان الختامي للقمة مرفقاً بما سيطلق عليه «إعلان اسطنبول». وطبقاً لما كانت قد أوردته «المستقبل» فإنّ البيان سيتضمن إدانة واضحة لإيران رداً على تدخلاتها في الشؤون العربية، بعدما حازت هذه الإدانة إجماع الدول الأعضاء في المنظمة بما فيها لبنان الذي أكد رئيس حكومته تمام سلام في كلمته أمس أمام القمة «التضامن الكامل مع أشقائنا العرب في كلّ ما يمس أمنهم واستقرارهم وسيادة أوطانهم ووحدةَ مجتمعاتهم، والوقوف الدائم إلى جانب الإجماع العربي»، رافضاً في مقابل «التدخلات الخارجية» في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي «محاولةَ فرض وقائع سياسية في الدول العربية عن طريق القوة».
ورغم أجواء الكلمات الهادئة التي تخللت الجلسة الافتتاحية والمتوقع أن تسود اليوم أيضاً في كلمات المتحدثين الخمسة عشر المتبقين، غير أنّ ذلك لم يحجب حال الإدانة الصارخة للتدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، وقال رئيس وفد عربي لـ«المستقبل» تعليقاً على كلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني «العادية» أمام القمة: «ما يهمنا الأفعال لا الأقوال ولذلك فإنّ البيان الختامي سيدين بشكل واضح تدخلات إيران في المنطقة العربية»، مضيفاً: «كلام الملوك والرؤساء الآخرين في القمة كان «كلام ملوك» لا يدخل في التفاصيل باعتبار أنّ بيان القمة سيكون واضحاً في إدانة طهران».
علماً أنّ الرئيس الإيراني لم يغادر تركيا بعد إلقاء كلمته، وهو بصدد القيام بزيارة رسمية إلى أنقرة اليوم.
بدوره، نوّه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بكلمة سلام أمس. وقال لـ»المستقبل» إنها «تؤكد عمق العلاقات بين لبنان ومجلس التعاون الخليجي»، وأضاف: «لبنان في القلب لكن هناك تهديداً لدول مجلس التعاون متمثل بـ»حزب الله» الذي لا يزال يدرب ويحرّض ويعمل على تهديد أمن البحرين ولذلك نحن سنبقى على الموقف الذي اتخذناه إلى أن يغيّر هذا الحزب ومعه إيران سلوكهما تجاهنا، ونحن نأمل أن يغيرا هذا السلوك لكن حتى الآن لا نسمع إلا أقوالاً ولا نشهد أفعالاً».
في وقت لفت على هامش القمة التقاء سلام لدى دخوله قاعة المؤتمر بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بحيث تبادلا السلام والكلام وتعانقا بحرارة وقالت أوساط رئيس الحكومة لـ»المستقبل»: «كان كلاماً ودياً ولم يتطرق إلى أي مواضيع سياسية».
وفي أبرز ما جاء في كلمة سلام الذي يلتقي اليوم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، إعرابه عن الشعور بالألم «لأنّني أتحدثُ من على هذا المنبر باسم لبنان، بديلاً من متحدث أصيل، هو رئيس الجمهورية اللبنانية الذي مازال مقعده شاغراً منذ قرابة عامين«، آملاً «إنجاز الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن لكي يعود التوازن الى المؤسسات الدستورية وتستقيم الحياة السياسية في بلدنا، ولكي يأتي الرئيس المسيحيّ المارونيّ إلى المحافل الدولية متحدثاً باسم بلد العيش المشترك«. كما شدد على رفض لبنان «أيّ شكل من أشكال توطين النازحين السوريين، وأنّ وجودَهم على أراضيه يعتبره وجوداً مؤقتاً يجب أن يزول بزوال مسبّباته«.
وكانت الجلسة الافتتاحية قد استهلت بكلمة وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي كانت بلاده تتولى رئاسة القمة الإسلامية في دورتها الـ12، وما لبث، بعد أن تلا رسالة قصيرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد فيها التزام القاهرة تجاه المنظمة الإسلامية، أن سلّم رئاسة الدورة الحالية إلى تركيا ومن ثم غادر القمة واسطنبول من دون تبادل التحيات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو.
الملك سلمان
وغادر العاهل السعودي اسطنبول بعد إلقاء كلمته أمام المؤتمر وبعدما حضر وأردوغان توقيع وزيري خارجية بلديهما محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي للتنسيق بين البلدين في المجالات الدبلوماسية والاقتصاد والتجارة وغيرها من المجالات، ومما جاء في كلمته: «يسرني في البداية أن أتقدم ببالغ الشكر والتقدير للجمهورية التركية الشقيقة حكومة وشعباً بقيادة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان لاستضافتها القمة الإسلامية الثالثة عشرة وعلى حسن الاستقبال والتنظيم. ولا يفوتني أن أتوجه بالشكر لجمهورية مصر العربية على ما بذلته من جهود مميزة خلال رئاسة مصر للدورة السابقة، والشكر موصول لمعالي الأمين العام للمنظمة، وكافة العاملين فيها على ما يبذلونه من جهود مميزة. أيها الإخوة الكرام، إننا مطالبون بمعالجة قضايا أمتنا الإسلامية وفي مقدمها إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وإنهاء الأزمة السورية وفقاً لمقررات جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254، ودعم الجهود القائمة لإنهاء الأزمة الليبية. وفي الشأن اليمني ندعم الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لإنجاح المشاورات التي ستعقد في الكويت تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2216«.
وأضاف: «إن واقعنا اليوم يحتم علينا الوقوف معاً أكثر من أي وقت مضى لمحاربة آفة الإرهاب وحماية جيل الشباب من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها والهادفة إلى إخراجه عن منهج الدين القويم والانقياد وراء من يعيثون في الأرض فساداً باسم الدين الذي هو منهم براء. وقد خطونا خطوة جادة في هذا الاتجاه بتشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم تسعاً وثلاثين دولة لتنسيق كافة الجهود من خلال مبادرات فكرية وإعلامية ومالية وعسكرية تتماشى كلها مع مبادئ المنظمة وأهدافها. إن ما يتعرض له عالمنا الإسلامي من صراعات وأزمات تتمثل في التدخل السافر في شؤون عدد من الدول الإسلامية وإحداث الفتن والانقسامات، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية واستخدام الميليشيات المسلحة لغرض زعزعة أمننا واستقرارنا لغرض بسط النفوذ والهيمنة يتطلب منا وقفة جادة لمنع تلك التدخلات وحفظ أمن وسلامة عالمنا الإسلامي«. وختم: «وفقنا الله جميعاً إلى كل ما نصبو إليه ونتطلع لبلوغه من التضامن والتعاضد لما فيه خير أمتنا وشعوبنا عملاً بقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)«.
أردوغان
وكان الرئيس التركي قد أكد في كلمته الافتتاحية للقمة أن «المنظمات الإرهابية التي تعتدي على المظلومين، وتقتل وتنهب باسم الإسلام، لا تمثل الدين الإسلامي الحنيف الذي هو دين سلام«، وشكر مصر على جهودها خلال رئاستها للدورة السابقة، كما أعرب عن أمله أن تمثل القمة وسيلة لمستقبل يتصف بالأمن والرفاه للمسلمين ولجميع مواطني العالم.
وأكد أردوغان ضرورة الإسراع في تحقيق مفهومي العدالة والسلام «اللذين يمثّلان محور القمة»، قائلاً إن العالم الإسلامي بأكمله ينتظر ما ستسفر عنه هذه القمة. وفي ما يتعلق بالإرهاب ومكافحته، قال أردوغان «نذكر جيدًا كيف دُمرت أفغانستان، وقُتل مئات آلاف المسلمين، وظُلم الملايين منهم بسبب «القاعدة«، والآن يعمل «داعش«، الذي يسيطر على مناطق في العراق وسوريا ويسعى للتحرّك في ليبيا، لخدمة الغاية القذرة ذاتها«.
ودعا أردوغان المجتمع الدولي إلى «إعادة النظر في طريقة مواجهته للمنظمات الإرهابية«، قائلا إنه «لا بد من العمل على تجفيف المصادر المالية والبشرية للإرهاب بالإضافة إلى مواجهة تهديده على الأرض«. وأضاف: «سيكون من الملائم تأسيس هيكلية لتقوية التعاون بين دول منظمة التعاون الإسلامي، لمواجهة الإرهاب، وغيره من الجرائم. وقد حصل الاقتراح التركي بإنشاء مركز للتعاون والتنسيق بين شرطة دول منظمة التعاون الإسلامي يكون مركزه إسطنبول، على القبول، وأشكركم على الدعم الذي قدمتموه بهذا الخصوص».
وقال أردوغان: «الدول الإسلامية مستاءة من التمثيل غير العادل في آليات اتخاذ القرار الدولي. فالآلية القائمة على الظلم لا يمكن أن تسهم في تأسيس العدالة الدولية«، مشيراً في هذا الإطار إلى عدم وجود دولة مسلمة بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ومؤكدا ضرورة إصلاح الأمم المتحدة.
وتطرق أدروغان إلى أزمة اللاجئين، فقال: «جُلّ من يحاولون الوصول إلى أوروبا، عبر بحر إيجة والمتوسط، بقوارب وزوارق غير صالحة، هم من المسلمين، وهذا مدعاة للخجل بالنسبة لنا، وإذا كان الملايين من هؤلاء الناس، قد أُرغموا على المجازفة بحياتهم من أجل مستقبلهم، فإنّ علينا الجلوس والتفكير في هذا الوضع«.
الملك المغربي
من ناحيته، حذر العاهل المغربي الملك محمد السادس، من محاولات إعادة رسم ما وصفه بـ»خريطة جديدة» للعالم الإسلامي، داعيًا الدول الإسلامية إلى وضع استراتيجيات ملائمة لتجاوز «مرحلة عصيبة» يمر بها العالم الإسلامي. وقال إن جهات تعمل على استغلال «الوضع الهش» في المنطقة لـ»إذكاء النزعات الانفصالية، وإعادة رسم خريطة جديدة للعالم الإسلامي».
ولفت العاهل المغربي، في كلمته، إلى أن المرحلة الحالية تتميز بـ»تصاعد التيارات المناهضة للدين الإسلامي، وثقافة الخوف والحذر والكراهية تجاه الأقليات المسلمة داخل المجتمعات الغربية»، معربًا عن قلقه من توسع ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في الغرب.
المستقبل : «كلام ودّي» بين العاهل السعودي وسلام.. ووزير خارجية البحرين يأمل «تغيير سلوك حزب الله»
المستقبل : «كلام ودّي» بين العاهل السعودي وسلام.. ووزير...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
497
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro