في خطوة مفاجئة، نفذت السلطات الرسمية الأردنية أمس قراراً إدارياً قضى بإغلاق مقار جماعة «الإخوان المسلمين» كونها «غير مرخصة قانونياً»، وفق إعلان السلطات. واعتبر مراقبون القرار «استكمالاً لإجراءات تضييق الخناق على الجماعة الأم» التي تعاني «مأزقاً قانونياً» بعد ترخيص جمعية جديدة حملت اسم «جمعية الإخوان المسلمين» شكلتها قيادات تاريخية منشقة عن الجماعة، وسمحت الحكومة لها بمزاولة النشاط في آذار (مارس) 2015.
وقال الناطق باسم جماعة «الإخوان المسلمين» بادي الرفايعة لـ «الحياة»، إن «الأجهزة الأمنية أغلقت أمس المقر التاريخي في منطقة العبدلي في وسط العاصمة بالشمع الأحمر، بعد إخراج مَن بداخله»، وقال إنه «إجراء عرفي وغير قانوني». وبد الظهر تم إغلاق مقر الجماعة في محافظة جرش.
وأوضح أن الجماعة ستُصدر بياناً «يوضح الموقف السياسي والقانوني من أزمتها مع الحكومة»، معتبراً أن «المضايقات الرسمية لن تنال من شرعية الجماعة القانونية والسياسية والشعبية»، مشيراً إلى أن «أمام الجماعة عملاً طويلاً، وبإمكان أفرادها ممارسة عملهم السياسي من بيوتهم ومقرات عملهم».
وأكدت الجماعة في بيان أنها «ستواجه الضغوط السياسية والقانونية عليها» بعد إغلاق مقرها العام.
وكانت الجماعة أُبلغت شفوياً بمنع إجراء انتخاباتها الداخلية للهيئات القيادية الدورية المستحقة كل 4 سنوات، إلا أنها واصلت إجراءها في السابع من نيسان (أبريل) الجاري سرياً. كما تزامن ذلك مع إجراء انتخابات نقابة المعلمين التي خسرها مرشحو الجماعة بعدما سيطروا على النقابة منذ تأسيسها قبل أربع سنوات.
وتزامن الإغلاق مع قرب إجراء الانتخابات النيابية المتوقع في الربع الأخير من السنة الجارية، وسط تسريبات برغبة «الإخوان» المشاركة بخلاف انتخابات 2010 و2013 التي أعلنت مقاطعتها لها احتجاجاً على «عدم جدية الإصلاحات السياسية في البلد».
وقالت مصادر رسمية لـ «الحياة»، إن رؤية الدولة الأردنية تشدد على «تطبيق القانون بجدية وحسم على جميع الأطراف، وأن لا أحد فوق القانون» في إشارة واضحة إلى أن الخلاف مع جماعة «الإخوان المسلمين» قانوني يجري الفصل به في المحاكم الأردنية، وأن الخلاف الآخر مع الجماعة هو خلافها مع المنشقين عنها الذين حصلوا على ترخيص «جمعية الإخوان المسلمين»، وآلت ملكية أصول الجماعة غير المرخصة إلى الجمعية المرخصة حديثاً.
واعتبر المراقبون أن تنفيذ القرار الإداري بإغلاق مقر الجماعة الأم جاء «على نحو مفاجئ». وأعادت المصادر الرسمية التأكيد على أن الجماعة كانت تترقب القرار، وبادرت قبل نحو أسابيع بإفراغ المقر من الأوراق الخاصة.
وأكد المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية محمد أبو رمان لـ «الحياة» أن قرار إغلاق مقر الجماعة «كان متوقعاً، وما حدث كان بحاجة الى اختيار الوقت المناسب».
ورأى أبو رمان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، «أن الدولة تسعى من خلال سلسلة التضييق على الجماعة الأم، إلى دفعها لممارسة العمل السياسي ضمن شروطها، وأن أمام الحركة الالتزام بفكر الجماعة كخلفية أيديولوجية لعمل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للجماعة، والاستفادة من النموذج التونسي في هذا السياق». وقال أن «الجماعة لا تملك ترف الخيارات الكثيرة، وعليها التزام شروط الواقعية في العمل السياسي». وتمارس جماعة «الإخوان المسلمين» أنشطتها في الأردن منذ 1946 بمباركة من مختلف أجهزة الدولة، وعندما حظرت الأحزاب السياسية في خمسينات القرن الماضي استمرت الجماعة في ممارسة أنشطتها تحت مسمى جمعية خيرية.
واستمرت العلاقة الوثيقة الإيجابية بين الجماعة والدولة الأردنية طوال العقود الماضية، إلا أن هذه العلاقة انقلبت رأساً على عقب مع موجة الربيع العربي وصعود تيار الإسلام السياسي.