يقف جو معلوف أمام الكاميرا بانفعال أقل ومعلومات أكثر.
انضباط هذا الموسم لناحيتي المادة التلفزيونية وأسلوب التقديم، يجعله يُنتَظر. حلقة عن ذكرى الحرب وبشاعة الصور، قال فيها ما ينبغي قوله خارج "سيستم" الخوف والمسايرة ورفض الاعتراف بالخطأ.
سُمّي مَن كانوا السبب في جعل الحرب جرحاً أبدياً لا يُشفى، وهم اليوم في السلطة.
حلقة من "حكي جالس" ("أل بي سي آي") بمثابة صفعة على وجوه راكدة، استفزّت الوعي الهشّ في الفرد والجماعة. يحلّ 13 نيسان بأشباحه وآلام العمر، حاملاً معه غصّة قلوب احترقت.
الضحايا، المقعدون، المفقودون، وصنّاع الأمل، أمام استعادة مكثّفة لمفصل تاريخي غلب فيه صوت القذائف أريج الزهر وزقزقة الصباح. فُتح الملفّ بمقدار ما يسمح الوقت، لكنّه فَتْحٌ هادف، موجِع، يتعمّد خلخلة التوازنات.
ثمة مَن يُستفزّ حين يُمَسّ زعيمٌ يُبجّله، أو عقيدة يراها غير قابلة للنقد، ويُحوّر النقاش من كون القصد منه عبرة لا بدّ أن يستخلصها الشعب، إلى كونه إنكاراً لنضالات طرف ومحواً لتضحية الشهداء. لم تتورّط الحلقة بالرخص التلفزيوني لغرض طائفي بشع. بدت مثل نكء الذاكرة بقصد تطهيرها والشعور بسلام يهدِّئ أعماق النفس. أتت بـ"صدمة" مطلوبة ليصحو الغافي من كهفه. الموتى هم أنفسهم. لأرواحهم وردة.
تحمّل معلوف المسؤولية وفي الآن عينه رفع السقف.
أرادها صرخة ضمير في وجه جرائم التاريخ وصيرورة المعركة وعبثية القتل. نقاشات في فظاعة الصور والمقابر الجماعية والمرأة اللبنانية حين امتشقت السلاح، وإشكالية العودة إلى القرى. وفي وجع لا يستكين، كأنه عقاب السكاكين. وجع المفقودين وعائلاتهم.
رحلوا و"تركوا ضحكات ولادن منسية عَالحيطان"، كما تقول أغنية "وينن" في حنجرة فيروز. وداد حلواني بما تتحمّل، والأمهات والزوجات والعالم الذي لولا الأمل لتحوّل جحيماً. جلجلات وعذابات، وليت الأحبة يعودون. مخيفٌ حلم أمّ رأت في يد ابنها المفقود صحناً من اللبنة مغمساً بالزيت. نظر إليها بوجع وقال: هكذا غطّسونا يا ماما. كما تُغطّس اللبنة وتغرق
النهار