عجبًا من وطن روته كلمات جبران خليل جبران المطرّزة بعبارات العشق والجمال وعجبًا من أرض حملت في باطنها صوت الجبل، فأغدقت بكرمها ترابها الثمين على جسده لتردّ له بعض من الجميل الذي تناساه مدّعي الثقافة في لبنان.
عجبًا لأمّة نثر أدباؤها براعم كتاباتهم في كل أرجاء العالم، وأبحروا بخيالهم حاملين معهم ما لذّ وطاب لبثّ الروح في الحياة.
نعم..عجبًا من وطن نسي أبناؤه أن في اعماقه رقدت نجمة إنطفأت شعلتها في غياهب الفنادق دون مبالاة وتُركت سفيرته إلى النجوم وحيدة بين جدران عُزلتها تنشد "بحبك يا لبنان يا وطني" علّها تُسمع الصمّ حكاية عشقها وعتبها ليعيدوا نبض مدينة الشمس إليها.
لكن هيهات من يسمع آهاتها، فكأس ثقافتنا الذي طالما تغنّينا بطعم خمرته انكسر عندما تجرّع جيلنا الحاضر سموم الفن التافه وعندما ارتدى فنانونا ثوب الإستعراض وفقدوا العزف على اوتار الإحساس وعندما أهمل سياسيونا المنديل في اليدّ وكرّموا الصدر العاري.
فأيّ ثقافة نفتخر بها؟ وأيّ تكريم هذا؟ أليس الأولى بوزير نصّب نفسه على عرش الثقافة أن ينحني خجلا أمام ثقافة الزمن الجميل؟ أليس الأولى بنا جميعًا أن نعتذر للبنان عن العار الذي ألحقناه بثقافته؟
نعم..نعتذر، لولا الشحرورة وفيروز والصّافي ما كان للفنّ أن يكون ثقافة فعذرًا منكم يا أيقونات هزّت بأصواتها كيان العالم وصنعت من كلمات أغانيها سفينة للفخر..
عذرا منكم..فإن التفاهة في لبنان قد وصلت إلى حدّ تكريم الصدر العاري والصغار ونسيان الكبار.