إحدى عشرة دقيقة..هي رواية تجسِّد حقيقة مأساوية لفتاةٍ تتقن مهنة (المومس) من أجل العيش بعد أن فقدت بعلها في الحرب، وبقيت بالعراء بلا سقفٍ يؤويها ويؤوي أولادها الثلاثة من غائلة الزمن... هي رواية للكاتب البرازيلي (باولو كويلو)..تكشف المومس الشابة (ماريا) مشاعرها تجاه من يعربدون على جسدها من الرجال، وتفضح خفايا صنفٍ ذكوري وضيعٍ من أجل أمورٍ عفنة..
الفضل لقراءة هذه الرواية يعود للكاتبة والناشطة السعودية (وجيهة الحويدر) التي كتبت مقالاً بعنوان (بغايا العرب) وصفت (ماريا) بأنها فتاة جميلة ومومس متمرِّسة بجذب الطبقة الغنية ،وهي تُعنَ بتخفيف العُقد الجنسية المُعتلَّة في نفوس الذكور المترفين ،ومن أصحاب الرساميل والمراكز الحسَّاسة،على الصعيدين – الديني والسياسي – وفي الوقت ذاته يعجزون عن رفع أنفسهم قيد أنملةٍ أمام جمالها وأمام جسدها الفضِّ الملتهب...
ويعتبرهم الناس من الأتقياء في لباسهم الديني، وعظماء في مراكزهم السلطوية والسياسية، وحالما يدخلون محراب المومس الشبقة، يتحولون إلى شياطين مستأنسة وذليلة..وأما عند تاريخ العرب ما قبل الإسلام وما بعده، وجدت هذه المهنة للسبب الذي وجدت من أجله المِهن الأخرى،وفي كل الثقافات المحافظة وغير المحافظة، التي كانت تلك المخادع مأوى لكل النزلاء من هذه الطبقة المحمومة ،لأنها تدرك أنَّ لدى (ماريا الجميلة) ما يُخفِّف من وطء أوجاعها الشيطانية، وحتى لو تقاعدت وأصبحت من قواعد النساء وفي سنِّ اليأس التي يعتريها الذبول والتجاعيد، ويبقى الفحل العربي والإسلامي يصرُّ على إعتلاء صهوتها،وإستغلال كل تضاريسها...
في واقعنا اليوم أكثر من (ماريا) وواحدة منهن حدَّثتني عن علاقاتها المتعددة بالذكور، بعد أن جاءتني بمسألةٍ إجتماعيةٍ إرثيةٍ،وإعترفت أنَّ ما دفعها إلى ممارسة المتعة الشرعية ،هو جوع أبنائها الثلاثة ،وظلم المجتمع لها كمطلَّقةٍ، لقد واجهت صعوبة الحياة لها من خلال البحث عن عملٍ يسترها ويستر عيالها..تفاجأت أن سوق العمل وأربابه يطمعون في جمالها وجسدها فلم تسلم منهم، لذا قررت أن تتقن فنَّ المتعة الشرعية ،وأن تتفرَّغ لها لتستقيم حياتها على إسعاد زبائنها، وعلى إستقرار وضعها الإقتصادي وهي تمرُّ عليهم واحداً تلو الآخر، وربما في اليوم الواحد، والقاسم المشترك بينهم أنهم يقضون معها (إحدى عشرة دقيقة) مقابل خمسين دولار من بيت مال المسلمين ومن صندوق الزكاة...
بين (ماريا المسيحية البرازيلية) وبين (ماريا المسلمة اللبنانية) كثير من المشتركات التي دفعتهما إلى البغاء، رغم أنَّ الأولى لم تحظَ بتراخيص شرعيةٍ كنسيَّةٍ، في حين أنَّ الثانية إستحصلت على تراخيص كهنوتيةٍ شرعيةٍ ،وتوفَّرت لها المعاذير الشرعيَّة.. فيا أيها الفحل الإسلامي والقاضي الشرعي والمسؤول السياسي إن كنت تعتقد بأن المرأة إنسان مثلك فعلِّمها كيف تأكل لقمتها من حرفةٍ غير هذه الحرفة النكدة، وإلاَّ فأحسن إليها وارحمها كما ترحم كلبك وشاتك.