لبنان تحت موجة أسراب من برغش يجتاح مناطق الساحل ويتفق باجساد الاطفال , وأجواء موبوءة تنبعث من النفايات
النهار :
بدا الكلام عن الملفات السياسية المطروحة في ظل الاشتباك الحكومي الاخير ومثلها عن ملفات الفساد المتكاثرة وايضا عن أصداء الحكم المبرم الذي صدر على ميشال سماحة غير ذي جدوى وفي غير مكانه امام وزمانه امس امام الكارثة البيئية التي ابتليت بها العاصمة بيروت ومثلها مناطق عدة مثل صيدا والناعمة والشويفات وغيرها بما بات يفرض واقعيا اعلان حال طوارئ بيئية مفتوحة . لم تقف أزمة النفايات التي تمادت منذ ١٧ تموز الماضي الى اليوم عند حدود تنفيذ الخطة المقررة التي يجري بموجبها نقل جبال النفايات الى المكبات المحددة والتي جرى واقعيا انجاز مراحل متقدمة منها بحيث ازيلت جبال ولا يزال العمل ناشطا في استكمال أكوام وجبال أخرى . اذ تكشفت الايام الاخيرة ان عمليات ازالة النفايات وسط تصاعد حرارة الطقس الربيعي الحار راحت تتسبب بكوارث وافدة جديدة فاذا باجتياحات بيئية إضافية تملأ الفضاءات اللبنانية من موجات الروائح الكريهة المنبعثة من تجمعات النفايات كما من سواها من العوامل وصولا الى اجتياح البرغش والبعوض الذي تمدد من صيدا على طول الساحل شمالا نحو بيروت . وهو الامر الذي بدأ يتسبب باثارة تحركات شعبية ساخطة كان من ابرزها امس نزول تجمعات من المواطنين الى محيط مكب الناعمة وقطع طريق الأوتوستراد ومن ثم الطريق امام شاحنات نقل النفايات الى المطمر وعدم فتحها الا بعد الحصول على تعهد بعدم مرور الشاحنات في قلب الناعمة . كما نظم تجمع مماثل في الشويفات طالب باقفال مطمر الكوستابرافا.
هذا التطور البيئي جاء ليضيف على المشهد الداخلي مزيدا من التعقيدات وسط تصاعد النقمة الشعبية في حين تتلمس الحكومة مكامن المخارج لتدارك احتمال شلّها تكرارا عقب الاشتباك السياسي الحاد الذي شهدته الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء . ولكن يبدو ان رئيس الوزراء تمام سلام الذي كان تملكه السخط من انفجار الاشتباك الحكومي الاخير على خلفية اتخذت منحى طائفيا بسبب مشكلة جهاز أمن الدولة قرر عدم ترك الجرح يعتمل فوجه الدعوة الى جلسة استكمالية لمجلس الوزراء الثلثاء المقبل بعدما كان لمح في نهاية الجلسة الاخيرة الى امكان عدم انعقاد جلسة الثلثاء . وتشير المعلومات المتوافرة في هذا الصدد الى ان الرئيس سلام اراد من خلال توجيه الدعوة وتحديد موعد الجلسة وضع سائر القوى السياسية امام مسؤولياتها في احتواء الخلاف الحاصل والسعي بقوة الى وضع حد لمشكلة أمن الدولة من خلال حصر مناقشات الجلسة بما بقي من بنود في جدول اعمال الجلسة السابقة وعدم اضافة اي بند جديد اليه . واذ تترافق الدعوة الى الجلسة مع مضي وساطات وزارية ابرزها لوزير السياحة ميشال فرعون الذي يجول على القيادات المعنية من اجل ايجاد حل مرض للجميع في مسالة أمن الدولة فان مصادر معنية قالت ل" النهار " ان تحديد موعد الجلسة يؤشر الى توافر معطيات جديدة يؤمل ان تحمل معها الجلسة المقبلة ملامح حلحلة لهذا الملف والانطلاق منه الى بت ملفات حيوية للغاية من ابرزها موضوع تجهيزات مطار رفيق الحريري الدولي الذي لا يحتمل مزيدا من التأجيل . واشارت المصادر الى انه على رغم نفي الجهات المعنية تلقي السلطات المختصة اي تحذيرات من دول غربية حول وضع المطار فان الامر لا يحتمل مزيدا من التلكؤ في بت النقاط المتعلقة بتمويل الحصول على التجهيزات اللازمة لتحصين أمن المطار والرقابة الصارمة على حركة الركاب من خلال بت الآلية الوزارية والمالية والإدارية لتجهيز المطار . كما ان المصادر لفتت الى ان انعقاد جلسة مجلس الوزراء الثلثاء ونجاحها المفترض في بت هذين الملفين الاساسيين يبدو أمرا ملحا في ظل توجه الرئيس سلام الى اسطنبول منتصف الاسبوع المقبل للمشاركة في القمة الاسلامية ومن ثم الاستعدادات الجارية لاستقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند السبت المقبل في زيارته المقررة لبيروت . وهما محطتان ديبلوماسيتان بارزتان يتعين على الحكومة ان تظهر معهما في حد ادنى من انسجام وتحمل مسؤولياتها وقت لا يجد العالم سواها مرجعية دستورية لبنانية للتعامل معها بسبب الازمة الرئاسية . وتعتقد المصادر ان الايام الفاصلة عن الثلثاء المقبل تبدو مرشحة لبلورة مخارج للملفين الخلافيين من اجل ترميم صورة الحكومة بسرعة ومنع تعمق المأزق الذي نشأ عن الجلسة السابقة خصوصا ان ثمة الكثير من الملفات الاخرى المتراكمة تنتظر دورها تباعا.
المستقبل :
في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بزيارة إلى الجامع الأزهر في القاهرة واستقبله شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، حيث تناول اللقاء عدداً من قضايا الأمتين العربية والإسلامية وسبل مواجهة التطرف والإرهاب.
وخلال اللقاء، دعا الملك سلمان والشيخ الطيب الأمتين العربية والإسلامية إلى الوحدة، خصوصاً في ظل التحديات الراهنة التي تستهدف الأمة وتسعى إلى تمزيق وحدتها، مؤكدين على أهمية استمرار التعاون والتكاتف بين المملكة والأزهر للحفاظ على الثوابت الدينية ونبذ الفكر المتطرف.
وشدد الجانبان على أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من تكثيف الجهود والتنسيق المشترك بين الطرفين لنشر ثقافة السلام والتسامح والتعايش المشترك، مؤكدين أن المملكة والأزهر يد واحدة في مواجهة الإرهاب.
وعقب جولة داخل الجامع الأزهر، اطلع العاهل السعودي على أجزاء من مشروعات ترميم الجامع الأزهر وعناصره المختلفة، كما اطلع على صور تبين تصاميم وعناصر مشروع إعادة تأهيل جامع ومشيخة الأزهر الأثرية، الذي بدأ العمل فيه بمبادرة من الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، كذلك اطلع الملك سلمان على مجسمات للمشروع واستمع إلى شرح وافٍ عما يتضمنه المشروع من مبانٍ سكنية وتعليمية.
بعد ذلك وضع الملك السعودي الحجر الأساس لمدينة البعوث الإسلامية التي تشمل مجمعات سكنية ومرافق خدمية وتعليمية لطلبة الأزهر، وقال «على بركة الله، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين في الأزهر، ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا لخدمة الأزهر لأنه من مساجد الله التي يُعبد فيها الله ويُدرس فيها الإسلام، ونرجو التوفيق إن شاء الله، وندعمهم بكل ما يلزمهم إن شاء الله».
ورافق العاهل السعودي خلال زيارة الجامع الأزهر الأمراء والوزراء أعضاء الوفد الرسمي المرافق خلال زيارة العاهل السعودي الحالية إلى مصر. وأكد الشيخ الطيب أن الأزهر الشريف يقدر الدور الكبير الذي تقوم به المملكة مع أشقائها العرب تجاه أمن ووحدة أمتنا العربية والإسلامية، بما يسهم في إرساء دعائم السلام والتعايش المشترك، فيما أشاد العاهل السعودي بجهود الأزهر الشريف في نشر الفكر الوسطي ومحاربة التطرف والإرهاب، حسبما قال بيان للأزهر حول زيارة العاهل السعودي.
وعقب وضع الحجر الأساس لمدينة البعوث الإسلامية، أمر العاهل السعودي باستكمال المدينة لتستقبل وافد من دولة حول العالم للدراسة في الأزهر الشريف، حيث من المقرر أن تستهدف المرحلة الأولى منها 5000 آلاف وافد، فيما تكفل الملك سلمان بالمرحلة الثانية التي تشمل 35000 وافد.
وذكر موقع الأزهر أن عدداً من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين حضروا تلك الاجتماعات، منهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
وفي خطوة رمزية لافتة، أهدى العاهل السعودي شيخ الأزهر كسوة الكعبة المشرّفة.
وأصدر الشيخ أحمد الطيب قراراً بتوثيق الزيارة رسمياً ووضع الكسوة بالجامع الأزهر بمناسبة زيارة الملك السعودي التاريخية إلى مصر.
وفي سياق آخر، قال بيان لمجلس الوزراء المصري صدر بعد يوم من توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية إن جزيرتي تيران وصنافير الموجودتين في البحر الأحمر تقعان في المياه الإقليمية للمملكة.
وجاء في البيان «أسفر الرسم الفني لخط الحدود... عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية«. وأضاف البيان «الجدير بالذكر أن جلالة الملك (الراحل) عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير 1950 أن تتولى (مصر) توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ«.
وجاء في البيان «كان التوقيع على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين البلدين إنجازاً هاماً من شأنه أن يمكّن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة (المعينة) لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما«.
ومضى البيان قائلاً «سيتم عرض اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية على مجلس النواب لمناقشتها وطرحها للتصديق عليها طبقاً للإجراءات القانونية والدستورية المعمول بها«.
ووقعت مصر والسعودية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما الجمعة بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك سلمان الذي يقوم بزيارة رسمية لمصر تستمر خمسة أيام.
ووقع الاتفاقية عن الجانب المصري رئيس الوزراء شريف إسماعيل وعن الجانب السعودي ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان.
الديار :
كأنه كتب على اللبنانيين الانتقال من ازمة الى اخرى، ومن كابوس الى آخر، وآخر «الكوابيس» اسراب البرغش... التي غزت المناطق الساحلية وتحديداً القرى الواقعة حول مطمري الناعمة وصيدا والمكبات العشوائية، جراء «الروائح الكريهة» المنتشرة على طول الساحل اللبناني بسبب الطمر العشوائي للنفايات في مطمري صيدا والناعمة ودون اي معايير صحية، تحت حجة ازالة النفايات المتكدسة في العاصمة باسرع وقت، مما ادى بأحد الوزراء الى السعي لمعالجة القضية بالتمني على مسؤولي شركة «سوكلين» مراعاة عمليات الطمر، مؤكداً ان الروائح ستستمر حتى الانتهاء من جمع النفايات «المتكدسة» في الشوارع منذ الثمانية اشهر الماضية.
لقد بدأ الناس يدفعون ضريبة ممارسات الطبقة السياسية وخلافاتها في ملف النفايات ومحاصصاتها وسرقاتها حيث يتم التداول بـ «عمولات» لكبار المسؤولين عن كل «طن نفايات»، ما دفع احدهم الى وصف ملف النفايات بـ «منجم ذهب». ومن الطبيعي جراء الروائح والارتفاع في درجات الحرارة ان تغزو اسراب البرغش السواحل اللبنانية، حيث تفاجأ المواطنون باسراب البرغش الهائلة التي انتشرت في جميع المناطق اللبنانية دون اي تحرك من الدولة، واكتفاء الوزيرين محمد المشنوق ووائل ابو فاعور باعطاء الارشادات الصحية.
وعلم ان اهالي المناطق المجاورة لمطمري الناعمة والكوستابرافا سيبدأون تحركاً اعتراضياً شاملاً وسيبادرون الى قطع الطرقات الدولية خلال الايام المقبلة وتنفيذ اعتصامات مفتوحة، وقد بدأوا باجتماعاتهم الرمزية امس، خصوصاً ان «الروائح» الكريهة لا تسمح للمواطنين بالبقاء في منازلهم، مما دفع بالعديد من المواطنين الى مغادرتها الى قرى بعيدة، وتحديداً من بلدة بعورته، الشحار الغربي. واللافت حسب الاهالي فان الامراض بدأت تنتشر بين اهالي هذه القرى، وعلم انه سجلت حالات «سرطانية» في منطقة الشحار الغربي المحيطة بمطمر الناعمة بشكل فاجأ المراقبين الصحيين.
امن الدولة
اما على صعيد ملف امن الدولة، فان الدخان الابيض لم يصدر بعد، رغم كل الاجتماعات، لكنّ الوزراء المسيحيين عقدوا اجتماعات وتواصلوا طوال الساعات الماضية لتنظيم المواجهة في جلسة الثلاثاء الحكومية اذا عقدت، خصوصا ان اللقاء بين الوزيرين علي حسن خليل وميشال فرعون لم يصل الى نتيجة، علماً ان الوزراء المسيحيين يتمسكون باستكمال النقاش في ملف جهاز امن الدولة في بداية الجلسة وبت هذه القضية قبل الانتقال الى ملفات اخرى. وهذا ما يهدد الحكومة بالشلل والغرق في الخلافات مجدداً، لكن الخطورة في الامر ان الاشتباك الاخير حول جهاز امن الدولة يأخذ المنحى الطائفي.
واشارت مصادر مقربة من الرئيس تمام سلام الى انه سيسعى الى تمرير ملف عقود تجهيزات امن المطار في بداية الجلسة لاعطاء رسالة ايجابية للشركات التي تطالب باجراء تحسينات متعلقة بالامن، كي لا تقاطع هذه الشركات مطار رفيق الحريري الدولي. اما الوزراء المسيحيون فمتمسكون بمناقشة ملف جهاز امن الدولة اولاً في ظل تخوفهم من محاولات تحجيم هذا الجهاز او الغائه. لذلك تقول مصادر وزارية ان هذا الملف يهدد الحكومة بالشلل في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما، الا اذا تم التوافق على تعيين مدير جديد مسيحي ونائبه من الطائفة الشيعية برضى كل الاطياف الحكومية.
علماً ان ملف «امن المطار» واقرار العقود هو موضع خلاف بين الوزيرين غازي زعيتر ونهاد المشنوق، وقد عقدا سلسلة اجتماعات ولم يتوصلا الى اي نتيجة وتُرك الامر للمعالجة في جلسة الحكومة المقبلة، ولكن الخلاف على جهاز امن الدولة في جلسة الحكومة الاخيرة، «طيّر» النقاش في هذا الملف.
بري في القاهرة
على خط آخر، توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد نيابي الى القاهرة تحضيراً لاجتماعات الاتحاد البرلماني العربي الذي يبدأ اعماله اليوم برئاسة الرئيس بري الذي يرأس الدورة الحالية، علماً ان الملك السعودي موجود في القاهرة بزيارة رسمية، وقد حظي الرئيس بري باستقبال لافت وبحفاوة مصرية بالغة.
الحياة :
شدد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبناني اللواء ابراهيم بصبوص الذي مثل وزير الداخلية نهاد المشنوق في حفلة تخريج الدفعة الأولى من دورة الدركيين المتمرنين (945 دركياً) تابعوا دورة تنشئة مسلكية وعسكرية حملت اسم «دورة الانتماء الوطني»، على أن «كشف بعض الفساد القديم في قوى الأمن الداخلي ينبغي ألا ينسينا إنجازاتها الباهرة في كل مجالات عملها وخصوصاً في إطار مكافحة الإرهاب والإتجار غير المشروع بالمخدرات والإتجار بالبشر ومختلف أنواع الإجرام المنظم وغير المنظم، وحماية الأفراد والمؤسسات وحفظ الأمن والنظام، كما أنه لا يعني أنها المؤسسة الوحيدة في لبنان التي تعاني هذه الظاهرة، إنما برأينا أن جميع إداراتنا بحاجة إلى وقفة مع الذات واتخاذ القرار الشجاع لمحاربة الفساد بكل أشكاله وصوره، سيان أكان فساداً سياسياً أم بنيوياً أم مالياً أم على صورة استغلال السلطة لمآرب مشبوهة».
وأقيمت الحفلة في معهد قوى الأمن الداخلي - ثكنة الرائد الشهيد وسام عيد، وحضرها ممثلون لقادة الأجهزة الأمنية والوحدات في قوى الأمن الداخلي وممثلون عن السفارات.
وتحدث بصبوص عن التغييرات التي طرأت على قوى الأمن الداخلي «وفق رؤية عصرية متقدمة، تلبي حاجات التدريب والتأهيل وتراعي وتضمن حقوق الإنسان، وتوفر أحدث وأفضل المعدات والتجهيزات والمختبرات والأعتدة والأسلحة، ومختلف وسائل التدريب». وأشار الى «الدعم المتواصل الذي وفرتْه لنا السلطة السياسية، وعلى رأسها الرئيس تمام سلام، والوزير المشنوق، اللذان وضعا نصب أعينهما توفير كل الدعم المعنوي والمادي لقوى الأمن الداخلي ولبقية المؤسسات الأمنية والعسكرية في مختلف المجالات، ولم يألوا جهداً في التواصل مع الجهات المانحة داخلياً وخارجياً، وكان للوزير المشنوق الفضل الكبير في إيجاد مصادر التمويل لإنشاء وترميم وتأهيل بعض السجون، وعدد لا بأس به من مراكز قوى الأمن الداخلي المنتشرة وتحديث الآليات والأسلحة والمختبرات الطبية والجنائية وغيرها من التجهيزات الفنية الضرورية والملحة».
للتحلي بالتعقل
كما توقف عند «الدعم الذي قدمتْه بعض الدول الصديقة والشقيقة وكان له الأثر الواضح في استكمال ما بدأناه لنصل إلى ما نحن عليه». وقال: «إن التطور التكنولوجي الذي شهده العالم في قطاعي الاتصالات والكومبيوتر سهل للمجرمين وللتنظيمات والجماعات الإرهابية التواصل في ما بينهم ومكنهم من ارتكاب جرائمهم في أي مكان من العالم، ما وضع القوى العسكرية والأمنية أمام تحديات جسام وحتم عليها مواكبة التطور للاستفادة من كل ما هو متاح من إمكانات لتنمية قدراتها ومهاراتها وتطوير أدائها لتتمكن من مجابهة الإجرام. وهذا دفعنا إلى التركيز على التدريب والتأهيل باعتبارهما الأرضية الصالحة لتنشئة رجل الأمن وتحصينه وإعداده، كي يكون على قدر المسؤوليات الملقاة على عاتقه إلى أن أضحى لدينا ما يكفي من الخبراء والفنيين الذين يتقنون أصول العمل في مسارح الجريمة المعقدة، إضافة إلى سعينا لتعميم التدريب المستمر الذي يقتضي متابعته من عناصر مختلف القطعات ليكونوا على جهوزية تامة ومستمرة لمواجهة الجريمة بكل أشكالها».
وتوقف عند «المرحلة الحرجة سياسياً واقتصادياً وأمنياً التي يمر بها لبنان وأملتها الظروف السياسية الدولية والإقليمية والمحلية، والتي يمكن توصيفها بأنها في غاية الحساسية، وتفاقمت في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط برمتها، النزاعات السياسية والعسكرية المعلنة وغير المعلنة والتي ترجم بعضها على شكل صراعات داخلية مسلحة، تدور رحاها في بعض الدول العربية المجاورة، حيث أدت إلى لجوء أعداد كبيرة من النازحين إلى لبنان، فاقت التوقعات، ولا تتناسب مع إمكانات وظروف لبنان الجغرافية والسياسية والاقتصادية والأمنية. وكل ذلك يدعونا كما يدعو الجميع للتعقل والتحلي بالمسؤولية، والتحسب لأي طارئ، كي نجنب لبنان مغبة الانزلاق في متاهات قد لا يسلم منها».
النزاهة والفساد
وتطرق اللواء بصبوص الى فضيحة الفساد التي كشفت داخل مؤسسة قوى الأمن الداخلي وقال: «آمنا منذ دخولنا السلك بأن رجل الأمن ينبغي أن يكون رمزاً للنزاهة، وعنواناً للعطاء والتفاني، وأخذنا على عاتقنا مهمة متابعة النهوض بالمؤسسة وتطويرها ومكافحة الفساد فيها وتطهيرها من دنس الفاسدين، ولكن بصمت حفاظاً على هيبة المؤسسة وسمعتها، وصوناً لكرامة الشرفاء فيها وهم الأكثرية الساحقة، وبادرنا إلى اعتماد المساءلة المسلكية والعدلية إن اقتضى الأمر، وأحلنا عدداً من الضباط والعناصر أمام مجالس التأديب، وأخضعنا بعضاً آخر لتدابير عقابية مشددة، تتناسب مع خطورة الأفعال والارتكابات والسلوكيات المنحرفة لكل منهم؛ ولما تبين لنا أن حجم الفساد أكبر من أن يكتفى بعقوبات مسلكية منفردة، أمرنا بفتح تحقيقات معمقة، توصلت بعد جهد كبير إلى تحديد مواضع الخلل، وكشف حقائق مريرة، وصلت أصداؤها إليكم، وإن كنا لا نرغب في التداول بها عبر وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، إلا أننا نستدرك لنقول أنه لا عيب في التصالح مع الذات، ولا في النقد الذاتي البناء، ولا في الاعتراف بوجود الخلل وتحديد مواضعه، إنما العيب كل العيب يكمن في التعامي عن الواقع، والتستر على الفساد، والخشية من كشف الفاسدين أو التردد في ملاحقتهم».
ودعا الخريجين الى التحلي «بالمسؤولية، ولا تهابوا الصعاب، وتزينوا بالقيم والأخلاق والمناقبيات التي أنشئتم عليها، وتسلحوا بالعلم فهو أمضى من أسلحتكم الحقيقية في مجابهة الانحراف الفكري والإجرامي، إلا أنه عليكم ألا تتوانوا عن استعمالها في معرض الدفاع المشروع عن الأبرياء كما عن أنفسكم، واحرصوا على أن تكونوا دائماً المثال الصالح والمواطن المسؤول، وتترفعوا عن كل الاصطفافات الفئوية، والشهوات الغرائزية، والأطماع المالية، وأية مغريات قد تودي بكم إلى منزلقات يصعب عليكم النهوض من مستنقعاتها».
وكان رئيس شعبة العلاقات العامة العقيد جوزف مسلم تحدث عن أهمية «الدورات التدريبية التي أفادت من خبرات عالمية، وإدخال التخصصات التي تتيح السيطرة على كل المجالات»، فيما شدد قائد معهد قوى الأمن العميد أحمد الحجار على تركيز الدورات التدريبية على «الانضباط والالتزام بأخلاقيات المهنة واحترام حقوق الإنسان وحرياته»، شكر اللواء بصبوص على دعمه للمعهد والذي «كان له أبلغ الأثر في تحقيق تطور نوعي في سير العمل ورفع مستوى التدريب وتحفيز الضباط والعناصر على بذل أقصى الجهود من أجل إعطاء أفضل النتائج».
ونفذ الخريجون محاكاةً لمهمات وعمليات أمنية متسلسلة، تلاها عرض عسكري على وقع موسيقى قوى الأمن الداخلي.