كأنه كتب على اللبنانيين الانتقال من ازمة الى اخرى، ومن كابوس الى آخر، وآخر «الكوابيس» اسراب البرغش... التي غزت المناطق الساحلية وتحديداً القرى الواقعة حول مطمري الناعمة وصيدا والمكبات العشوائية، جراء «الروائح الكريهة» المنتشرة على طول الساحل اللبناني بسبب الطمر العشوائي للنفايات في مطمري صيدا والناعمة ودون اي معايير صحية، تحت حجة ازالة النفايات المتكدسة في العاصمة باسرع وقت، مما ادى بأحد الوزراء الى السعي لمعالجة القضية بالتمني على مسؤولي شركة «سوكلين» مراعاة عمليات الطمر، مؤكداً ان الروائح ستستمر حتى الانتهاء من جمع النفايات «المتكدسة» في الشوارع منذ الثمانية اشهر الماضية.
لقد بدأ الناس يدفعون ضريبة ممارسات الطبقة السياسية وخلافاتها في ملف النفايات ومحاصصاتها وسرقاتها حيث يتم التداول بـ «عمولات» لكبار المسؤولين عن كل «طن نفايات»، ما دفع احدهم الى وصف ملف النفايات بـ «منجم ذهب». ومن الطبيعي جراء الروائح والارتفاع في درجات الحرارة ان تغزو اسراب البرغش السواحل اللبنانية، حيث تفاجأ المواطنون باسراب البرغش الهائلة التي انتشرت في جميع المناطق اللبنانية دون اي تحرك من الدولة، واكتفاء الوزيرين محمد المشنوق ووائل ابو فاعور باعطاء الارشادات الصحية.
وعلم ان اهالي المناطق المجاورة لمطمري الناعمة والكوستابرافا سيبدأون تحركاً اعتراضياً شاملاً وسيبادرون الى قطع الطرقات الدولية خلال الايام المقبلة وتنفيذ اعتصامات مفتوحة، وقد بدأوا باجتماعاتهم الرمزية امس، خصوصاً ان «الروائح» الكريهة لا تسمح للمواطنين بالبقاء في منازلهم، مما دفع بالعديد من المواطنين الى مغادرتها الى قرى بعيدة، وتحديداً من بلدة بعورته، الشحار الغربي. واللافت حسب الاهالي فان الامراض بدأت تنتشر بين اهالي هذه القرى، وعلم انه سجلت حالات «سرطانية» في منطقة الشحار الغربي المحيطة بمطمر الناعمة بشكل فاجأ المراقبين الصحيين.

امن الدولة

اما على صعيد ملف امن الدولة، فان الدخان الابيض لم يصدر بعد، رغم كل الاجتماعات، لكنّ الوزراء المسيحيين عقدوا اجتماعات وتواصلوا طوال الساعات الماضية لتنظيم المواجهة في جلسة الثلاثاء الحكومية اذا عقدت، خصوصا ان اللقاء بين الوزيرين علي حسن خليل وميشال فرعون لم يصل الى نتيجة، علماً ان الوزراء المسيحيين يتمسكون باستكمال النقاش في ملف جهاز امن الدولة في بداية الجلسة وبت هذه القضية قبل الانتقال الى ملفات اخرى. وهذا ما يهدد الحكومة بالشلل والغرق في الخلافات مجدداً، لكن الخطورة في الامر ان الاشتباك الاخير حول جهاز امن الدولة يأخذ المنحى الطائفي.
واشارت مصادر مقربة من الرئيس تمام سلام الى انه سيسعى الى تمرير ملف عقود تجهيزات امن المطار في بداية الجلسة لاعطاء رسالة ايجابية للشركات التي تطالب باجراء تحسينات متعلقة بالامن، كي لا تقاطع هذه الشركات مطار رفيق الحريري الدولي. اما الوزراء المسيحيون فمتمسكون بمناقشة ملف جهاز امن الدولة اولاً في ظل تخوفهم من محاولات تحجيم هذا الجهاز او الغائه. لذلك تقول مصادر وزارية ان هذا الملف يهدد الحكومة بالشلل في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما، الا اذا تم التوافق على تعيين مدير جديد مسيحي ونائبه من الطائفة الشيعية برضى كل الاطياف الحكومية.
علماً ان ملف «امن المطار» واقرار العقود هو موضع خلاف بين الوزيرين غازي زعيتر ونهاد المشنوق، وقد عقدا سلسلة اجتماعات ولم يتوصلا الى اي نتيجة وتُرك الامر للمعالجة في جلسة الحكومة المقبلة، ولكن الخلاف على جهاز امن الدولة في جلسة الحكومة الاخيرة، «طيّر» النقاش في هذا الملف.

بري في القاهرة

على خط آخر، توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد نيابي الى القاهرة تحضيراً لاجتماعات الاتحاد البرلماني العربي الذي يبدأ اعماله اليوم برئاسة الرئيس بري الذي يرأس الدورة الحالية، علماً ان الملك السعودي موجود في القاهرة بزيارة رسمية، وقد حظي الرئيس بري باستقبال لافت وبحفاوة مصرية بالغة.