مع وصوله الى البحرين الأربعاء الماضي كان جون كيري يكسر الرقم القياسي العالمي، بقطعه في أسفاره ومهمته التي حملته الى 81 بلداً حول العالم مسافة مليون و700 الف كيلومتر، وهو ما يزيد أربعة أضعاف عن المسافة بين الأرض والقمر ومتوسطها 384 الف كيلومتر.
لست أدري لماذا بذلت وكالة "الأسوشيتد برس" الجهد لإحتساب هذه المسافات، لكن لن يكون غريباً اذا كان المقصود التحريض أو الإيحاء الى البعض من أمثالي بإجراء مقارنة بين هذا التحليق الهائل في الفضاء الذي يعادل 96 يوماً في الجو، وهذا السقوط الهائل على أرض البلدان الـ81 التي زارها.
المقصود بالسقوط هو الفشل الذريع في كل المهمات التي سافر كيري من أجلها، ليترجم ديبلوماسية الإنسحاب الاميركي من المسرح الدولي، وعلى رؤوس اصابع باراك أوباما الذي أتحفنا أخيراً بأنه مطرب جوقة تقلد راي تشارلز في البيت الأبيض وراقص بارع للتانغو الحميم في الأرجنتين.
صحيح ان كيري تفوق على كوندوليزا رايس في التحليق وفي السقوط الذي يبرز خصوصاً في فلسطين التي زارها 11 مرة بعدما كانت هيلاري كلينتون زارتها تسع مرات وقبله كوندوليزا رايس سبع مرات، لكن النتيجة المؤسفة والفاضحة كانت واحدة دوماً، فلم تستطع الديبلوماسية الأميركية ان توقف جرافة واحدة تهدم بيتاً من بيوت الفلسطينيين.
96 يوماً في الجو ولم يستمع كيري الى الأدعية بقصف العمر تتصاعد من البلدان الـ 81 التي زارها، والتي ربما تسببت له بكسر رجله قبل أشهر، وهي أدعية ترتفع حتى من تلك البلدان التي يفترض أوباما انه حقق فيها إنجازات سياسته الخارجية التعيسة، والدليل مثلاً انه لا يزال "الشيطان الاكبر" في ايران الصارخة "الموت لأميركا"، أما في كوبا فها هو فيديل كاسترو يكتب مقالاً يسخر منه: "ان الإستماع الى كلمات الرئيس الأميركي كان ليتسبب لأي شخص بأزمة قلبية"!
في ساعات تحليقه الطويلة [2300 ساعة] ماذا كان كيري يفعل؟ هل كان يدرس الملفات ويضع الخطط التي غالباً ما ألقاها بنيامين نتنياهو وسيرغي لافروف ومحمد جواد ظريف جانباً، أم أن له موهبته الفنية أيضاً مثل رئيسه، بدليل ما حصل معه في زيارته الأخيرة لموسكو عندما سأله فلاديمير بوتين: "هناك شيء مهم في حقيبتك الى درجة انك لا تأمن لأحد آخر ان يحملها عنك، هل أحضرت معك بعض النقود"؟
ماريا زاخاروفا كشفت السر عندما قالت إن الحقيبة تحتوي على الغيتار الخاص الذي يحمله كيري معه في جولاته حول العالم، وهكذا يتمّ النقل بالزعرور ففي وسع أوباما وكيري تشكيل "Presidential Band".