«بعيداً عن المزايدات والتصرفات السياسية الهوجاء» أوصل الرئيس سعد الحريري المركب الوطني في قضية المجرم الإرهابي ميشال سماحة إلى برّ العدالة إنصافاً للقضاء ولدماء الشهداء وكفاحهم «المستميت» على دروب إحقاق الحق وإحياء العدل. ما بدأه اللواء الشهيد وسام الحسن بكثير من الحنكة والحرفة وبذل حياته في سبيل تحقيقه، أنجزه الحريري بكثير من الحكمة والهدوء توصلاً إلى تصويب حكم المحكمة العسكرية الابتدائي المخفّف بحق عميل الأسد وتجريمه بما يليق بمؤامرته الإرهابية الدموية الدنيئة الموثّقة بالصوت والصورة.. وها هو ذلك العميل المأجور يمضي يومه الأول في سجن رومية بعد أن جرى نقله إليه أمس إنفاذاً لحكم الأشغال الشاقة الذي أصدرته محكمة التمييز العسكرية وقضى بسجنه 13 عاماً مع تجريده من حقوقه المدنية، حكماً مبرماً موصولاً في إدانته المعنوية إلى محور القتل والاغتيال وأرباب نظامه العائم على الدماء في دمشق من رأسه بشار الأسد إلى مختلف أذرعته القاتلة مروراً برئيس جهاز أمنه القومي اللواء علي المملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان بوصفهما المشغلين المباشرين لسماحة ومزوديه بالمتفجرات الفتنوية التي نقلها بسيارته من سوريا لتنفيذ عمليات اغتيال وتفجير في لبنان.

وبعدما أعاد حكم التمييز الاتزان لميزان العدل وصوّب بصوابيته الحكم المتساهل الخاطئ الذي سبق وأصدرته المحكمة الابتدائية، غرّد الحريري على الإثر منوهاً بالحكم وبعودة «الإرهابي سماحة إلى السجن المكان الطبيعي لكل من يخطط لقتل الأبرياء وجرّ لبنان إلى الفتنة والاقتتال الأهلي». وقال في سلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر» إنّ صدور هذا الحكم «يصحح الحكم السابق المخفّف الذي رفضناه وأعلنا أننا لن نسكت عنه»، لافتاً الانتباه في الوقت عينه إلى كونه يثبت أنّ «المتابعة القضائية والشفافية مع الرأي العام هما الطريق الصحيح للعدالة بعيداً عن المزايدات والتصرفات السياسية الهوجاء».

وأثناء أداء الحريري صلاة الجمعة في مسجد محمد الأمين وسط بيروت، كانت لفتة من خطيب المسجد الشيخ أمين الكردي حول الحكم الصادر بحق سماحة مشدداً على أنّ «الحقّ إذا طالب به أهله وإذا سعى وراءه أصحابه فإنه لا يضيع»، وأردف: «كما نرى اليوم هذا المشهد، نسأل الله تبارك وتعالى أن نرى مشهد هؤلاء القتلة المجرمين الذين قتلوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله مساقين أمام الناس إلى مكان العدالة الحقيقي».

ولاحقاً، توجه الحريري إلى ضريح الرئيس الشهيد وقرأ الفاتحة لروحه ولأرواح الشهيدين محمد شطح واللواء وسام الحسن وسائر الشهداء الأبرار.

المحكمة: ضميرنا مرتاح

وفي إطار مواكبتها للحدث، نقلت مندوبة «المستقبل» القضائية الزميلة كاتيا توا (ص 3) وقائع جلسة النطق بالحكم على سماحة الذي «تُرك وحيداً في قفص الاتهام يواجه مصيره» بعدما خرج وكيله الأساسي المحامي صخر الهاشم من قاعة المحكمة قبيل التئام الهيئة. وما هي سوى لحظات حتى التأمت وأنصت سماحة وقوفاً لرئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف أثناء تلاوته الحكم غير أنه ما لبث أن جلس ثم عاد ليقف مرتبكاً طالباً الماء تكراراً ومراراً إلى أن استقر به الحال جلوساً مطأطأ الرأس مصفرّ الوجه داخل القفص إلى أن انتهى لطوف من تلاوة الحكم، فطلب سماحة «قداحة» لإشعال سيجارة ثم سُمح لعائلته الدخول إلى قاعة المحكمة لمواساته إثر انتهاء الجلسة.

وفي تعليق مقتضب، أكد القاضي لطوف بعد صدور الحكم أنه وجميع أعضاء المحكمة قاموا بما تمليه عليهم قناعتهم قائلاً لـ«المستقبل»: أنا والأعضاء ضميرنا مرتاح.