الأمن الداخلي مجددا في العناية المركّزة. جهوزية عسكرية وحزبية، جهد أمني وعسكري ومخابراتي. تفكيك شبكات إرهابية ، وإجراءات مشددة وتدابير احترازية في الداخل وعلى الحدود الشرقية، تتحرك على وقع التطورات العسكرية المتسارعة في الميدان السوري.
وعلى الخط نفسه، يبقى الامن السيادي مربوطاً بفضيحة الانترنت، التي لم تنته فصولها بعد، وتتوالى محاولات سبر أغوارها وفكفكة ما تكتنزه هذه المغارة من ألغاز وأسرار ومفاجآت.
وما بين هذا وذاك، جاء حكم القضاء العسكري على ميشال سماحة بالسجن ثلاثة عشر عاما، معاكسا بل مناقضا الحكم الاول، وكان بديهيا أن يتلقاه الرئيس سعد الحريري باعتباره انتصارا سياسيا حرص على التعبير عنه من أمام ضريح والده الشهيد رفيق الحريري.
في جديد فضيحة الانترنت، انها مرشحة لمزيد من التفاعل، وفي انتظار ان يدخل القضاء جديا في دهاليز هذه الفضيحة والمخاطر التي تستولدها، يبدو أن اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات ستكون أمام جولة جديدة من البحث والتدقيق والاستقصاء، خاصة أن ما يحيط بهذه المسألة بات يؤشر الى ان يدا خفية تحرّك هذا الملف وتسعى الى إصابة كل الباحثين عن الحقيقة بالعمى عن رؤية ما تحويه هذه المغارة.
لم يعد الهدف، فقط، معرفة كيف تم ادخال المعدات ومن ركّبها ومن أين تم استقدامها ومن مدد الكابلات البحرية، بل صار الهدف الأساس معرفة تلك الجهات الخفية وأهدافها، وهل هي لبنانية ام غير لبنانية، صديقة ام عدوة؟ والدافع الى ذلك بروز ما تعتبره مصادر مواكبة لتفاصيل الفضيحة، مستجدات خطيرة، تتمثل بإخفاء «الداتا» المرتبطة بالشبكة، والتي تتضمن كل الصادر منها والوارد اليها، وكل ما يرتبط بالزبائن وأماكن وجودهم في لبنان وخارجه.
من هنا أكد أحد الخبراء لـ «السفير» أن كل الاجهزة التي قيل إنه تم تفكيكها وضبطها بمحاضر رسمية تبقى بلا أية قيمة، لا بل مجرّد خردة في غياب «داتا المعلومات»، ومن شأن هذا الأمر أن يمنع التوسع في التحقيق، ويجعل بالتالي من المستحيل التحقق مما اذا كان هناك خرق اسرائيلي أو أصابع اسرائيلية أو غير اسرائيلية فيه، وهل استطاعت تلك الأصابع أن تتغلغل في المؤسسات اللبنانية، سواء الرسمية أو الأمنية أو المالية، والى أي مدى وصلت في ذلك؟
هذا المستجد، فرض استنفارا لدى لجنة الإعلام النيابية، التي ستقاربه في جلستها المقبلة، تحت جملة من الأسئلة الاتهامية، لمجهولين حتى الآن: من تلاعب بمسرح الجريمة من خلال تفكيك التجهيزات التي تحتوي «الداتا الكاملة» حول حركة التواصل مع هذه التجهيزات، من هو المتورط في تنبيه القيّمين على الشبكات، قبل وصول الفرق الرسمية لتفكيكها، بما يتيح لهم فرصة العبث في المكان وإخفاء المعالم والأدلة؟ ما هو نوع التجهيزات التي تم تفكيكها؟ من أخفاها وأين هي؟ هل ما زالت موجودة ام تم إتلافها، هل ثمة من يملك نسخاً عن تلك «الداتا»، من كان يشغلها، أين كانت تحفظ المعلومات، ومع من كان المشغلون «يربطون الوصلات»، ثم ما هو نوع هذه الوصلات، والأهم ما هو نوع المعلومات التي كانت تحويها «الداتا» وما هي أسماء الزبائن في لبنان وخارجه الذين كانوا يستفيدون منها؟
الجيش يستهدف التلي
على الصعيد الأمني، فرضت التطورات الميدانية الأخيرة في سوريا والتي تجلت في استعادة مدينة تدمر ومن بعدها بلدة القريتين، على الجيش اللبناني وكذلك الاجهزة الامنية، بالإضافة الى المقاومة في الداخل وعلى الحدود، استنفارا استثنائيا لملاقاة أية ارتدادات محتملة لتلك التطورات.
وكشف مرجع أمني رفيع لـ «السفير» عن ورود إشارات عن تحضيرات لـ «تمدّد هروبي»، للإرهابيين في اتجاه لبنان، ما دفع الجيش الى اتخاذ إجراءات احترازية على طول الحدود، بالتوازي مع عمليات استباقية أدت الى توقيف عشرات الإرهابيين، وكاد الجيش في إحداها أن يطيح رأس أمير جبهة النصرة في القلمون «ابو مالك التلي».
وفي التفاصيل أن الرصد العسكري توصل الى معلومات عن وجود التلي في منطقة معينة، يشارك في اجتماع مع بعض عناصر «النصرة». فتم إرسال طائرة عسكرية تابعة للجيش اللبناني حلّقت على مسافة قريبة من المكان المقصود، وما هي إلا دقائق قليلة حتى خرج التلي من المبنى واستقل سيارة يعتقد أنها من نوع «مرسيدس» بيضاء اللون ومعه ثلاثة أشخاص آخرين.
وبحسب المعلومات، فإن طائرة الجيش استمرت في رصد مسار سيارة التلي، الى أن وصلت الى منطقة صار من السهل استهدافها وإصابتها مباشرة، فأطلقت الطائرة صاروخاً، ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، اذ صادف أن ظهرت فجأة سيارة ثانية خرجت من طريق فرعي ودخلت الطريق الذي يسلكه التلي، ما جعل السيارة التي يستقلها التلي تنحرف، وفي لحظة الانحراف سقط الصاروخ أمام مقدمة السيارة، التي توقفت فورا وشوهد التلي والأشخاص الثلاثة وهم ينزلون منها ويفرون راكضين للاحتماء. وقد تم تصوير العملية بالكامل.
وكشفت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ «السفير» أن شبكة إرهابية خطيرة وقعت مؤخرا في قبضة الامن العام، وكانت تتستر تحت عنوان مدرسة دينية في احدى مناطق الشمال، كان يديرها من الرقة الإرهابي عمر الصاطم، ووظيفتها إعداد الإرهابيين. وقد تم إلقاء القبض على خمسة من أفرادها، كانوا يتولون منذ مدة إعطاء الدروس الجهادية لبعض المراهقين، ثم يرسلون أعدادا منهم الى ما يسمونها «أرض الخلافة» في الرقة للالتحاق بتنظيم «داعش»، ويتركون البعض الآخر لاستخدامهم في الداخل في تنفيذ عمليات إرهابية.
وكشفت المصادر ايضا، أن الامن العام أحبط خلال الفترة نفسها، عملية انتحارية كان يعد لها تنظيم «داعش» حيث تمكن من إلقاء القبض على شخص سوري الجنسية (عشريني)، في منطقة عكار، اعترف بأنه كان بصدد تنفيذ عملية انتحارية، وأن مديره هو الإرهابي عمر الصاطم وكان ينتظر أن يتلقى منه تحديد الهدف وساعة الصفر للتنفيذ.