طبقة سياسية،ذات استلهام طائفي، فاسدة من رأسها حتى أخمص قدميها، والفساد عمّ الأرض والبحر والجو والنفوس، وعشّش في العضام. لم تصل أياديهم إلى شيء في هذه البلاد إلاّ أفسدوه.
الإدارة فاسدة بالأصل فزادوها فساداً على فساد، المؤسسات العامة والمستقلة ينخرها الفساد.
أجهزة الرقابة كالتفتيش المركزي والقضائي والمالي، مجلس الخدمة المدنية، ديوان المحاسبة وهلم جرا كلها مُعطّلة، ولعلّ الفساد وجد طريقه إليها.
المجلس الدستوري مُستباح، صناديق خاصة أشبه بمغارة علي بابا.
لصوصية موصوفة، حشروا أتباعهم ومُحازبيهم في الإدارات العامة والمستقلة، حتى أصبح الذين يقبضون رواتبهم ولا يحضرون أكثر من الذين يلتزمون الدوام،، والمداومون على كلّ حال يحرصون على الدوام، بمعظمهم، إمعاناً في الفساد. قد يكون هذا طبيعيا في بلادنا، شأنها شأن غيرها من البلاد النامية والمتخلفة، لكن الأدهى من ذلك أنّ البعض يتصدى للفساد باسم إصلاح مزعوم، وهو غارق حتى أذنيه في الفساد، ويتصدّر جماعة التعطيل للمؤسسات الدستورية، لا يقومون بأبسط واجباتهم كانتخاب رئيس جديد للجمهورية مثلا، مما يساعد في حفظ الحد الأدنى من مقومات الدولة، أم أنّ هنالك من لا يريد قيامة هذه الدولة، إلاّ إذا كانت مرتهنة له، وهو لا يضيع الوقت في بناء دولته الموعودة، وفي الوقت الضائع يتّكئ على دولة الشعب، فيزيدها وهناً على وهن.
لا يقومون بواجبهم التشريعي، وينصرفون إلى تنظيم عمليات اقتسام الغنائم وتوزيعها بما لا يخرق قواعد التوزيع الطوائفي ومنظومته، ويبذلون قصارى جهدهم في شلّ قدرات النظام القضائي وعمله، ويحاولون إفساده ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ولن يعدموا الحيلة والسبيل.
يتبارون في كيل المدائح للجيش، ولا يحصنون مواقعه، ولا يدرأون عنه المخاطر، ويُزجّ في الصراعات الإقليمية،ليجني من وراء ذلك خسائر مجانية، وهو آخر بصيص أمل للمواطنين الحالمين بدولة القانون والمؤسسات، وفي خضم روائح الفساد الغذائي والدوائي، طفت على السطح فضائح من نوع جديد، كالاتجار بالبشر، وقرصنة الإنترنت، فضلا عن مشكلة النفايات، الحاضرة باستمرار، وتسرُّب مواد مسرطنة للقمة الفقير، وتلوّث مياه الانهار، والمياه الجوفية، حتى أصبح حال المواطن كحال الشاعر: من غصّ داوى بشرب الماء غصّته فكيف يفعلُ من قد غصّ بالماء.