على رغم أنّ محكمة التمييز ردّت الطلبات الثلاثة لوكلاء الدفاع عن المتّهم ميشال سماحة، لجهة استدعاء الشهود ميلاد الكفوري وخبير المتفجّرات والمحقّقين في التحقيق الأوّل، إلّا أنّ الوكلاء عادوا وقدّموا إلى المحكمة مذكّرة مفادُها الرجوع عن ردّها. من هنا لن تنطلق الجلسة اليوم من حيث انتهت سابقاتها، إنّما ستخفي كمّاً من الاحتمالات والخطوات المحسوبة "ع الورقة والقلم"، لا سيّما في ميزان وكلاء الدفاع وحِرصهم على الاستفادة من كلّ دقيقة حرّية.
أيّاً يكن المسار الذي ستسلكه جلسة اليوم، فإنها لن تحمل حكماً نهائياً بحق سماحة، خصوصاً أنّ هذه الجلسة مخصّصة لمطالعة ممثّل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل بو سمره ومرافعات وكلاء الدفاع، المحامين صخر الهاشم، شهيد الهاشم، ورنا عازوري.
إلّا أنّ مسألة تقديم المذكّرة المذيّلة بتوقيع المحامية عازوري ستشكّل مادة نقاشية مطلعَ الجلسة لجملةٍ من الأسباب، منها انه لم يستجدّ شيء على مسار الملف لتعود المحكمة عن قراراتها في ردّها لمطالب وكلاء الدفاع. ما يعني أنّ المحكمة ستبقى متمسّكة بردّها من دون أيّ تعديل، خصوصاً أنّ ردّها في الجلسة المنصرمة جاء معللاً.
اقتناع باطني
في قرارة أنفسِ وكلاء الدفاع: "لو أرادت المحكمة التراجع عن قرار ردّ الطلبات لما اتّخذته أساساً". في هذا السياق تؤكّد مصادر الدفاع أنّ الوسائل القانونية المتاحة استُخدمت بمجملها، "ما عاد في وسعِنا فعلُ شيء"، مستبعدةً التأجيل أو التأخير.
أمّا عن خلفية تقديم المذكّرة، فقد لفتت إلى أنّ "هذه الخطوة جاءت في إطار اعتراض الدفاع على ردّ المحكمة، وبناءً لإشارة القاضي لطوف إلى إمكان تقديم مذكّرة تفسيرية في حال اعتبار أنّ قرارات المحكمة غير محِقّة".
وهنا لا بدّ مِن الإشارة إلى غياب توقيع الهاشم عن المذكّرة، وذلك لم يسقط سهواً أو لوجوده خارج البلاد، إنّما "لعدم اقتناعه بجدوى مطالبة المحكمة بالعودة عن ردّها"، وفقَ ما أكّدته المصادر، علماً أنّ مضمون المذكّرة هو نفسه الذي سبق أن قدّمه الهاشم في المرّة الأولى أمام قوس المحكمة قبل أن تردّ الطلبات. من هنا يبرز تباين في الرأي بين سماحة والهاشم حيال طرح الطلبات مجدّداً.
العملة الأصعب
يُشكّل عامل الوقت العملة الأصعب في حسابات جهة الدفاع التي باتَ من الصعب شراؤها، فأفقُ المماطلة ينحسر تدريجاً أمام الوكلاء، خصوصاً مع مشارفتهم على استنفاذ كلّ سُبل الدفاع المتاحة أمامهم؛ مِن طلب الاستمهال إلى الاستماع للشاهدين سكرتيرة سماحة وسائقه، مروراً بطلب النظر إلى داتا الاتصالات، ومراجعة تفريغ التسجيلات المصوّرة، إلى تقديم طلب رجوع المحكمة عن ردّها.
من هنا تبرز إمكانية التغيّب كوسيلة تخدم المماطلة، فتوضح المصادر: حتى "هذه الخرطوشة"، لا تبدو ممكنة، نظراً إلى حضور الدفاع الجلسة الماضية وتبلّغهم بموعد جلسة الغد (اليوم)، فلا يحقّ لهم التغيّب، ومن واجبهم الحضور والترافع بعدما سبقَ أن تبلّغوا ذلك".
هذا ما ستحمله المرافعة...
على وقع "زخ" المكالمات الهاتفية من الصحافيين في الدرجة الاولى، واصلت جهة الدفاع حتى اللحظة الأخيرة، صياغة مرافعتها الطويلة التي "بلغت 47 صفحة"، وفقَ ما علمت "الجمهورية"، إلّا أنّ التركيز لن يكون إلّا على نقاط أساسية محدّدة، معزّزة باجتهادات، وسيتم توزيع الكلام بين الوكلاء، على أن يكون الحيز الاكبر أولاً لمجموعة من النقاط السياسية، وثانياً للمنحى القانوني، مع حرص الدفاع ألّا تتجاوز مرافعتهم الساعة. في موازاة ذلك تُبرز جملة إحتمالات منها:
1- أن تسير الجلسة على نحو طبيعي، تبدأ بموقف هيئة محكمة التمييز من المذكّرة المقدّمة، وتكرار رفضِها لمطالب وكلاء الدفاع في استدعاء الشهود ميلاد الكفوري، الخبير الفنّي الذي كشف على المتفجّرات والمحققين في التحقيق الأول.
ثمّ يبدأ الاستماع إلى مطالعة ممثّل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل بو سمره ومرافعة وكلاء الدفاع، وتُختتم المحاكمة وفي نهايتها يتمّ توقيف سماحة إلى حين صدور القرار.
2- أن تعود المحكمة عن ردّها لأحد الطلبات الثلاثة، فيتمّ تأجيل الجلسة إلى حين تنفيذ المطلب الموافق عليه، "وهذه من سابع المستحيلات" على حدّ تعبير مصدر قضائي لـ"الجمهورية"، فيما ينظر لها وكلاء الدفاع بـ"المفاجأة السارّة".
3- أن يتغيّب وكلاء الدفاع أو سماحة فيتمّ تأجيل الجلسة.
التوقيف محتّم
في حال سَلكت الجلسة مسارَها الطبيعي، ستُختَتم مع انتهاء المرافعة، عندها لن يعود سماحة أدراجَه مع أسرته إنّما سيتمّ توقيفه في سجن الريحانية إلى حين صدور القرار.
في هذا السياق، يستبعد المصدر القضائي إمكانية صدور الحكم في اليوم ذاته، قائلاً: "هذا شبه مستحيل، فالمذاكرة طويلة، وإصدار الحكم يُنتظر أن يتضمّن تعليلاً، خلافاً لِما جرَت عليه العادة في أحكام المحاكم العسكرية التي يكون تعليلها مقتضَباً إنْ لم يكن غائباً، فالقانون أجازَ لها ذلك أو على الأقلّ لم يُلزمها بالتعليل"، لذا يرجّح المصدر "صدور الحكم الثلثاء المقبل أو الخميس".
أمّا بالنسبة إلى العقوبة، فلم تخفِ مصادر الدفاع توجّسَها "من تشديدها"، مشيرةً "إلى عِلمها بوجود تباين في قرارات الضبّاط الأربع وميلِ أحدِهم للمطالبة بعقوبة قوية".
في المقابل يَعتبر المصدر القضائي "أنّ المحكمة تسير وفقَ قناعاتها وما يمليه عليها ضميرها"، رافضاً الخوضَ بالعقوبة، مكتفياً بالإشارة إلى "أنّه أيّاً يكن عدد السنوات بحقّ سماحة، ستُحسَم منها الفترة التي أمضاها مسجوناً".
وهنا لا بدّ من التذكير بأنّه نظراً إلى أنّ نقض الدفاع قد رُدّ فيما نقض النيابة العامة قُبِل، لم يعُد الحكم الذي صدر بدايةً أي 4 سنوات ونصف السنة، هو سقف العقوبة المنتظرة.
في الختام، تبقى كلّ الأمور مشرّعة على كلّ الاحتمالات... والحسابات!
( الجمهورية)