جلسة حكومية حامية اليوم , والفساد نخر كل الملفات
السفير :
تتدافع في «أروقة» الدولة اللبنانية، بل في «أنفاقها»، فضائح الفساد التي لطالما تفنن أصحابها في ارتكاب المحظور، وتجميع الضحايا، كالطوابع التذكارية.
ما إن يُفتح ملف موبوء حتى يظهر آخر لا يقل شأناً، وكأن المصيبة في لبنان لا تهون إلا عندما تتكشف أخرى أشد فظاعة وفتكاً، وليس حين يُعاقب المتورطون الذين غالباً ما يفلتون من العقاب.
يكاد عدّاد الفضائح يضرب في هذه المرحلة أرقاماً قياسية، من شأنها أن تؤهل لوائح الفاسدين المحليين لمنافسة «وثائق بنما» و «ويكيليكس».
كيفما مددت يدك تقع على فضيحة هنا أو هناك، في زمن انعدام الوزن وسقوط الحد الأدنى من الضوابط. والأرجح أن معظم اللبنانيين كانوا يلهثون خلال الأيام الماضية وهم يحاولون اللحاق بالملفات المتدحرجة في كل الاتجاهات.
انترنت غير شرعي، اختلاس في قوى الأمن الداخلي، مشروع ملتبس لتركيب الكاميرات في بيروت، شبكة إتجار بالبشر من مشتقات القرون الوسطى، أطباء «أجهضوا» رسالتهم الإنسانية المفترضة، قمح غير مطابق للمواصفات، تلوّث بيئي وصحي بفعل آثار النفايات المتراكمة، رئاسة شاغرة، حكومة متعثرة، مجلس نيابي معطل، جهاز لأمن الدولة بات يحتاج الى من يحميه..
وأغلب الظن، أن ما ظهر حتى الآن، على فداحته، ليس سوى رأس جبل الجليد، الذي إذا ما ذاب، فإن سيولاً من الفضائح ستتدفق وستأخذ في طريقها بقايا هذه الدولة المهترئة.. خصوصاً إن لم تكتمل دورة المساءلة والمحاسبة.
.. وحده القضاء بإمكانه تحويل هذا التهديد الى فرصة.
وحده القضاء يستطيع أن يعيد ترميم سمعة لبنان ودولته، إذا حزم أمره وقرر أن يضرب البنية التحتية للفساد، من دون أن يحسب حساباً للحمايات التي طالما شكلت بيئة حاضنة للمرتكبين.
صحيح أن الواقعية تستوجب الاعتراف بأن هناك «وصاية» أو «مونة» سياسية على العديد من القضاة المعرّضين عند كل منعطف واستحقاق، لضغوط شتى.. لكن الصحيح ايضا أن الوضع المزري الذي آلت اليه أحوال الدولة والناس، بات يتطلب تغيير قواعد اللعبة التقليدية، ولو استدعى ذلك من هؤلاء القضاة «الانتفاضة» على أنفسهم، وإصدار «حكم مبرم» غير قابل للاسئتناف بالخروج من سجن التعايش مع الأمر الواقع.
ويواجه القضاء حالياً اختبارات مفصلية، قد تشكل نقطة ارتكاز للإصلاح ومكافحة الفساد، وربما تكرّس غياب المساءلة والمحاسبة، تبعاً للطريقة التي سيتعامل بها مع الملفات المفتوحة، والمدى الذي سيصل اليه في ملاحقة المرتكبين والمتورطين.
حمود: لا تغطية لأحد
ويقول مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود لـ «السفير» إن القضاء ليس بصدد تغطية أحد في الملفات التي يتولى التحقيق فيها، «ونحن لن نتغاضى عن أي شخص متورط، لكننا في الوقت ذاته سنحرص على أن تكون أحكامنا مستندة الى الأدلة والبراهين، لأننا لا نريد أن نظلم أحدا».
ويؤكد أنه لم يتعرض شخصياً الى أي ضغوط، «ولم يحصل بعد أن راجعني أحد، وإذا جرى أي شيء من هذا القبيل، فلن أتأثر به، ونحن مصممون على المضي في التحقيقات حتى النهاية، وسنلاحق أي شخص مرتكب أو مشتبه فيه».
ولكن هناك شعوراً بأن عمل القضاء بطيء، قياسا على خطورة الملفات المفتوحة وأهميتها؟
يلفت حمود الانتباه، هنا، الى أن بعض المسائل التي يتصدى لها القضاء، كقضية الانترنت غير الشرعي، تحتاج الى تحقيقات فنية دقيقة، يتطلب إنجازها بعض الوقت، إضافة الى أن هناك متهمين ينكرون الاتهامات الموجهة اليهم، الأمر الذي يستوجب المزيد من التدقيق والمتابعة لكشف الحقائق.
وماذا عن خشية البعض من لفلفة قضايا الفساد في نهاية المطاف، بفعل التداخل بين السياسة والقضاء في لبنان؟
يجزم حمود بأنه لن تكون هناك لفلفة لأي ملف، مهما بلغت حساسيته، وأياً كانت هوية الأسماء المتورطة التي ستتكشف بفعل التحقيقات، «وأنا أطمئن اللبنانيين الى أن القضاء سيؤدي دوره كاملا، ولن يخضع الى أي نوع من أنواع الضغوط المحتملة، ولن يتوقف عند أي حصانة سياسية او طائفية مفترضة لأحد من المشتبه فيهم».
صقر: سنقاوم الضغوط
وفي سياق متصل، يؤكد مصدر مقرب من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لـ «السفير» أن صقر لن يتأثر بكل الضجيج السياسي والإعلامي الذي يواكب عمل القضاء في هذه المرحلة، وهو لن يسمح للضغوط، أياً يكن مصدرها، بأن تتحكم بوجهة التحقيق في الملفين اللذين يتولاهما وهما التثبت من وجود أو عدم وجود رابط بين شبكة الانترنت غير الشرعي والتخابر مع اسرائيل، وملابسات ما جرى في الزعرور خلال تفقد فريق «أوجيرو» الأجهزة والمعدات الموجودة في تلك النقطة، بمواكبة من عناصر قوى الأمن الداخلي.
ويلفت المصدر الانتباه الى ان هناك محاولة لجعل الاعتبارات السياسية تطغى على المعايير القضائية، إلا ان القاضي صقر لن يقبل بذلك، وهو يواصل عمله وفق ما تمليه عليه قناعاته.
ويكشف المصدر عن ان التحقيق الذي يجريه صقر في احتمال حدوث اتصال مع العدو الاسرائيلي عبر شبكة الانترنت غير الشرعي، أظهر حتى الآن انه لم يحصل أي تخابر من هذا القبيل، أو دخول اسرائيلي على خط الانترنت المخالف، وفق ما تبلغه من مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، علما أن التحقيق مستمر في هذا الاحتمال.
وفي ما يتعلق بحادثة الزعرور، يشير المصدر الى ان صقر كان قد أنجز التحقيق فيها، والذي تبين بموجبه انه لم يُسجل اعتداء على عناصر مخفر بتغرين التي كانت ترافق فريق «أوجيرو» في مهمته، موضحا ان العناصر الامنية أكدت في إفاداتها عدم حصول اعتداء عليها أو اعتراض لها، في حين ان موظفي «أوجيرو» بدّلوا إفاداتهم، من نفي وقوع الحادثة الى تأكيدها.
النهار :
ليس تطوراً عادياً ومألوفاً في لبنان ان يحال عشرات المدعى عليهم في ثلاثة ملفات فساد من الدرجة الاولى على القضاء في يوم واحد. انطلق المسار القضائي مبدئيا في مراحله الاولى في ملفات فضائحية تتناول شبكة الانترنت غير الشرعي والاتجار بالبشر عبر احدى كبرى شبكات الدعارة وملف الاختلاس غير المسبوق في قوى الامن الداخلي دفعة واحدة، ليدفع بملف الفساد المتنوع الاتجاهات والقطاعات الى صدارة المشهد الداخلي بما طغى على كل القضايا السياسية المطروحة وهمشها واضعا الحكومة أيضا أمام وقائع قد يتعذر عليها تجاهلها في جلسة مجلس الوزراء اليوم وان يكن جدول اعماله يتركز على ملفين خلافيين من خارج هذا السياق هما ملف أمن الدولة وملف تجهيزات المطار والعقود الرضائية العائدة اليها.
والواقع ان تطورات المسار القضائي في ملفات الفساد الثلاثة اتخذت بعدا بالغ الاهمية من خلال اكتمال اجراءات التحقيقات الاولية في كل منها وصدور الادعاءات تباعاً امس لترتسم صورة دراماتيكية عن مجمل وقائع هذه الملفات ووقعها على الرأي العام، ولكن أيضاً لتضع القضاء أمام محك المضي بلا هوادة في تسريع الاجراءات اللاحقة واستمكالها واثبات قدرته على مكافحة الفساد وقت تجتاز البلاد ظروفا شديدة التعقيد وترسم حول الطبقة السياسية أسوأ الشكوك في ايصال البلاد الى هذا الدرك المتدهور من تفشي الفساد.
وفي خلاصة الوقائع القضائية أمس جاء ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر في ملف قوى الامن الداخلي ليشمل 47 شخصاً من رتب ضابط ومؤهل ورتيب عسكري ومدني بينهم 17 موقوفاً ومنالموقوفين ثلاثة ضباط في جرائم استغلال الوظيفة واساءة استعمال السلطة واختلاس أموال عائدة الى قوى الامن الداخلي واختلاق فواتير وهمية والغش في المواد المستعملة والتلزيمات. واحالهم على قاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا.
اما في ملف شبكة الدعارة والاتجار بالبشر، فادعت النيابة العامة الاستنئافية في جبل لبنان على 26 شخصاً بينهم 9 لبنانيين و17 سورياً بجرم استدراج فتيات وحجز حريتهن وانزال التعذيب الجسدي والمعنوي بحقهن واستغلالهن في أعمال الدعارة مؤلفين بذلك شبكة للاتجار بالبشر وجمعية بقصد ارتكاب الجنايات على الاشخاص. كما ادعت على الطبيب رياض.ع. وطبيب البنج جورج أ. اللذين حقق معهما وتركا بسندي اقامة بجرم اجهاض فتيات قصدا وعلى عشرة سوريين من افراد الشبكة بالاقامة غير المشروعة وتزوير بطاقات الهوية ومستندات ثبوتية. واحيل الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس.
وفي ملف شبكات الانترنت غير الشرعية، أوقف المدعي المالي علي ابرهيم احد اصحاب محطات الانترنت غير الشرعي في جرود الضنية وهو الشخص الثاني الذي يوقف في هذه المنطقة بهذا الملف.
واسترعى الانتباه في هذا السياق ان وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي أثار ملف شبكة الاتجار بالبشر في مؤتمر صحافي أمس، تحدث عن "محاولات حصلت من بعض النافذين لتغيير افادة طبيب الاجهاض والتراجع عنها " موضحا انه بسبب ذلك اتخذ الاجراءات المناسبة في حق الطبيب. وقال: "ان الدولة لا يمكنها ان تستمر في هذا المسار الانحداري وآن الاوان لكي تسقط الحمايات السياسية عن بعض المتورطين في القضايا التي اثيرت اخيرا ". ومن المقرر ان تستجوب نقابة الاطباء اليوم الطبيب المعني بالملف واعلان قرارها في شأنه.
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، عقد عشية جلسة مجلس الوزراء اجتماع وزاري برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام حضره وزراء الداخلية نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل والاشغال العامة غازي زعيتر خصص للبحث في موضوع عقود تجهيزات المطار وتقرر في ضوئه ترك القرار النهائي لمجلس الوزراء اليوم. وأوضح وزير المال ان ليس امامه الا وسيلة واحدة من ثلاث لتمويل التجهيزات "أو ليعيدوا جدولة الاحتياط المالي ". وقال الوزير المشنوق ان الملف سيطرح بكامله على مجلس الوزراء لجهة واقع المطار والحاجات " والقرار يعود الى مجلس الوزراء". وعلمت "النهار" ان وزراء حزب الكتائب سيطرحون اليوم ما اذا كان لبنان ملزماً عقوداً وضعت رضائياً على أساس انها ممولة بموجب هبة وسيطلبون توجيه سؤال الى هيئة الاستشارات والقضايا في وزارة العدل لمعرفة رأيها في هذا الملف. كما سيسألون عن تجهيزات تلزم بعقد مع شركة الخدمات في المطار"ميز" التي انتهى العقد معها في العام 2010 وهي باقية تحت عنوان تسيير عمل مرفق عام.
المستقبل :
بعد قرابة الثلاثة أشهر أمضاها خارج مكانه الطبيعي خلف قضبان العدالة، تنتهي اليوم فترة «نقاهة» المجرم الإرهابي ميشال سماحة بعودته إلى الزنزانة استعداداً لمواجهة حكم محكمة التمييز العسكرية التي تلتئم اليوم في جلسة مصيرية من المُفترض أن تفضي إلى «إعادة توقيف المتهم المخلى سبيله بعد ختم المحاكمة إلى حين إفهام الحكم» وفقاً لنصّ قانون أصول المحاكمات الجزائية، وسط مطالبات قانونية ومناشدات وطنية بأن يكون حكماً متشدداً يعيد ميزان الحق إلى نصابه القويم بإعادة سماحة المجرم المدان بالصوت والصورة إلى السجن لقضاء بقية فترة محكوميته العادلة والمتناسبة مع حجم مؤامرته الإرهابية الفتنوية.
وفي حال عدم فراره من وجه العدالة، سيمثل سماحة صباحاً أمام المحكمة في جلسة مخصصة للاستماع إلى مرافعة ممثل النيابة العامة القاضي شربل أبو سمرا ومرافعات وكلاء الدفاع عنه من دون استبعاد أن يتولى المجرم مهمة الدفاع عن نفسه ليكرر لازمته المعهودة التي لطالما كررها أمام هيئة المحكمة زاعماً زوراً بأنه «كان ضحية عملية استدراج للإيقاع به».
غير أنّ أوساطاً قانونية متابعة للملف أكدت لـ«المستقبل» عُقم هذا الزعم وعجزه عن دحض الأدلة الموثّقة بالصوت والصورة التي تدين سماحة بجرم نقل مواد متفجرة من سوريا وتسليمها مع أموال نقدية بغرض تنفيذ عمليات اغتيال وتفجير في لبنان، مؤكدةً أن هذه الأدلة المُحكمة تضعه أمام أرجحية قانونية تستوجب من محكمة التمييز إصدار حكم جديد بحقه يكون أكثر تشدداً من الحكم الابتدائي الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة في الثالث عشر من أيار الفائت وقضى بسجنه مدة أربع سنوات ونصف السنة، على أن تحتسب المدة التي أمضاها في السجن من مجمل العقوبة التي سينالها.
الحكومة
سياسياً، تعود الحكومة إلى الانعقاد اليوم بعد عطلة قسرية طيلة الأسبوعين الماضيين الأول بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والثاني مع وفاة والدة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. وتحضر على طاولة المجلس ملفات ساخنة أبرزها ملفا جهاز أمن الدولة وتعزيز أمن مطار رفيق الحريري الدولي بالإضافة إلى مسألة تجديد التعاقد مع قمر «نايل سات» لمواصلة تبادل المعلومات معه عبر محطة «جورة البلوط».
وبينما أكدت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ الحكومة ستعمد إلى طرح وتجديد الهبة المقدمة من «النايل سات» لبث عدد من قنوات التلفزة اللبنانية عبر قمرها الصناعي من خارج جدول الأعمال لتفادي قطع البث عن هذه القنوات، لفتت في المقابل إلى أن الاتصالات مع المسؤولين المعنيين حول الموضوع أظهرت بما لا يقبل اللبس أنّ قطع بث قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» قرار نهائي «لا رجعة عنه» اتخذه القيّمون على «النايل سات» ربطاً بما تبثه القناة من برامج «تحضّ على كراهية العرب وتثير النعرات الطائفية والمذهبية» وفق ما أوضحوا لمراجعيهم من المسؤولين اللبنانيين.
أما عن ملفَي تحديد الصلاحيات في هرمية رئاسة أمن الدولة وتعزيز الأمن في المطار، فرجحت المصادر الوزارية أنّ يُصار إلى إرجاء بتّهما اليوم «لمزيد من التشاور» بعد عدم التوصل إلى صيغة توافقية بشأن الملف الأول بين الأفرقاء المعنيين، وتعثر الاتفاق بصورة نهائية على سبل تمويل عقود تعزيز الإجراءات الأمنية المتخذة في المطار خلال الاجتماع الذي عقد في السرايا الحكومية أمس وجمع إلى سلام كلاً من وزراء المالية علي حسن خليل والأشغال العامة والنقل غازي زعيتر والداخلية والبلديات نهاد المشنوق، مؤكدةً في الوقت عينه إثارة الموضوع اليوم على طاولة الحكومة من منطلق ضرورة الإسراع في تعزيز هذه الإجراءات تلافياً لأي عواقب أو إجراءات دولية قد تتخذها شركات طيران عالمية بحق المطار من نوع وقف التعامل معه بحجة المخاوف الأمنية.
الديار :
قرار سياسي جائر بامتياز اتخذته جمهورية مصر العربية بوقف بث قناة المنار على «نايل سات» لمخالفتها الاتفاق الموقع معها وبث برامج تثير النعرات الطائفية والفتن، كما ادعى بيان «نايل سات» التابعة لجمهورية مصر العربية.
قرار «النايل سات» ليس قراراً ادارياً بل خضوع مصري للضغوط السعودية على حزب الله بسبب مواقف الحزب المبدئية في الصراع العربي - الاسرائيلي وقضايا الشعوب العربية والاسلامية من اليمن الى العراق الى ضرب الحركات الارهابية. فما اعلنته ادارة الـ«نايل سات» لا يمت الى الحقيقة بصلة، رغم ان القرار المصري اثار الاستغراب والاستهجان في ظل ما تعانيه مصر في الظروف الحالية على يد القوى التكفيرية. هذا بالاضافة الى ان الـ«نايل سات» تحتضن عشرات القنوات التلفزيونية التي تبث على التحريض ونشر الافكار الهدامة وأخبار عصابات القتل التي تعاني منها مصر، دون اي اجراء في حق هذه القنوات. بالتالي فان القرار سعودي بامتياز، لكنه سها عن بال القيّمين على محطة «نايل سات» انه لا يمكن في ظل التطور التقني اسكات صوت المقاومين الذي تمثله قناة المنار.
وقد ترك القرار استهجاناً سياسياً شاملاً وادانات واسعة من مختلف التيارات السياسية، ودعت هذه القوى ادارة «نايل سات» الى العودة عن قرارها الظالم الخاطئ خدمة لقضايا الامة وشعوبها ومصالحها.
كما اعلن وزير الاعلام رمزي جريج انه بحث في اتصال هاتفي مع سفير مصر في لبنان محمد بدر الدين زايد في موضوع وقف البث، واكد وزير الاعلام «اننا ارسلنا كتابا في صدد تجديد الترخيص ووزارة الاتصالات قامت بالشيء نفسه».
فيما اعلن السفير المصري انه اجرى ترتيبات لاستمرار بث قنوات الجديد وتلفزيون لبنان و«ان بي ان» على نفس التردد.
وعلم ان ادارة «نايل سات» ستعيد بث القنوات اللبنانية باستثناء المنار.
ودعا رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ الى اجتماع يعقد غداً في المجلس الوطني للمؤسسات التلفزيونية اللبنانية المرخصة.
كما انتقد حزب الله القرار الجائر الذي يشكل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير والرأي ومحاولة لكم صوت المقاومة والحق. وطالب حزب الله السلطات المصرية بالعودة عن القرار الذي يدرك المصريون قبل غيرهم انه يصب في خدمة المطالب والاهداف الاسرائيلية.
كما اصدرت قناة المنار بياناً دعت فيه ادارة الـ«نايل سات» للعودة عن القرار الظالم تحت حجج واهية والادعاء بأن المنار تحرض على الفتنة، فذلك لا يمكن ان ينطلي على أحد والجميع يعلم ان المنار هي قناة وحدة ومقاومة، بينما هناك عشرات الفضائيات على قمر «نايل سات» وغيره تروج للفتنة والتكفير وبالتالي فان قرار «نايل سات» يؤكد اننا اصبحنا في عصر لا مكان فيه لصوت المقاومة ولصورتها فيه على الاقمار الصناعية العربية. ولكن الكل يعلم ان لا حرب تموز ولا ما قبل حرب تموز ولا ما بعدها استطاع ان يغير موقف المنار او ان يسكت صوت المنار او يحجب صورتها الموجودة في قلوب الملايين من ابناء العالم العربي.
وأكد مدير عام قناة المنار ابراهيم فرحات «ان قناة المنار ستستمر بالبث عبر اقمار اخرى ومنها القمر الروسي».
ـ اقفال موقع الشارقة 24 ـ
وبعد اسبوع على اغلاق قناة «العربية» مكتبها في بيروت وتسريح الموظفين تبلغ موظفو «موقع الشارقة 24» الاماراتي قراراً بعدم الحضور الى مكاتبهم امس، على ان يتبلغوا قريباً القرار النهائي المتعلق بمصيرهم.
وذكر ان وزير الاعلام ووزيري حزب الله سيبحثون قرار الـ«نايل سات» بوقف بث المنار في جلسة الحكومة اليوم، علما ان ادارة محطة عربسات التابعة للمملكة العربية السعودية قد اوقفت بث قناة المنار ايضا من ضمن الحملة على حزب الله. (التفاصيل ص 5)
ـ مجلس الوزراء اليوم ـ
وفي ظل هذه الاجواء المتشنجة اعلامياً وملفات الفضائح المتدحرجة من النفايات الى «القمح المسرطن» الى الانترنت غير الشرعي الى التلزيمات بالتراضي الى الهدر والفساد «المعشش» في كل ادارات الدولة الى ملف هدر الاموال في قوى الامن الداخلي الى الاتجار بالبشر، يعقد مجلس الوزراء جلسته اليوم على وقع هذه الملفات، بالاضافة الى ملف جهاز امن الدولة الذي لم يأخذ طريقه الى الحل في ظل وجود عدة مقترحات وابرزها تعيين مدير عام جديد لجهاز امن الدولة ونائبه. هذا الامر يقابل برفض مسيحي، كما سيناقش مجلس الوزراء تجهيزات امن المطار والعقود والتمويل. وتشير المعلومات الى ان الجلسة ستكون «حامية» لكنها ستبقى تحت السقف المضبوط بعدم تفجير الجلسة وستتم لفلفة هذه القضايا.
اما على صعيد عمل مجلس النواب فان الرئيس نبيه بري مصر على تفعيل عمل مجلس النواب وعقد جلسة تشريعية للمجلس بعد جلسة الحوار، مع التأكيد على ميثاقية الجلسة في حضور نواب المردة ونواب المستقبل المسيحيين واطراف اخرى، بالاضافة الى حزب الطاشناق الذي أكد على حضور الجلسات التشريعية. وستناقش جلسة الحوار الوطني في 20 نيسان ملف التشريع ودعا الرئيس بري «الجميع الى تحمل مسؤولياتهم تجاه مصالح الناس التي هي من اساس اي ميثاقية، مع تأكيدنا التزام ما تقتضيه الاصول ومصلحة الشعب».
علماً ان حزب الله وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي وكل مكوّنات 8 آذار مع التشريع، وتبقى العقدة مسيحية وتحديداً من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب الرافضين للتشريع وكل من وجهة نظره. فالكتائب ضد التشريع قبل انتخاب الرئيس فيما التيار والقوات لن يحضرا اذا لم يكن قانون الانتخابات اول بند على الجلسة التشريعية. وهذا امر بالغ الصعوبة في ظل عدم التوافق على القانون الانتخابي بعد، لكن الرئيس بري مصرّ على التشريع وعقد الجلسة التي ستكون اواخر الشهر الحالي او بداية شهر أيار المقبل.
ـ ملفا قوى الأمن الداخلي والاتجار بالبشر ـ
وعلى صعيد ملف الفساد في قوى الامن الداخلي فقد ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على 47 شخصاً من رتبة ضابط ومؤهل ورتيب ومدني بينهم 17 موقوفا ومن بين الموقوفين 3 شباط في جرائم استغلال الوظيفة، وأحال صقر الموقوفين الى قاضي التحقيق الاول رياض ابو غيدا.
اما لملف الاتجار بالبشر، فاستمرت التحقيقات في هذا الملف والمتهم الرئيسي من آل ريحاوي ما زال متواريا عن الانظار والمتهم الثاني في السجن، فيما الدكتور رياض العلم متوار عن الانظار بعد اجرائه اكثر من 200 عملية اجهاض للفتيات السوريات الـ75. واشارت معلومات الى ان المتورطين في هذا الملف كثر وان الفندق كان «محمياً» وتم اقفاله اكثرمن مرة، ثم كان يعاد فتحه بعد فترة. وقد وصف الوزير وائل أبو فاعور الدكتور رياض العلم بالمجرم.
الجمهورية :
فيما يتمدّد عمر الشغور الرئاسي يوماً بعد آخر من دون تحديد أيّ موعد ينهيه، ينصرف المسؤولون إلى متابعة الملفات الفضائحية الكبرى التي تظهر تباعاً، من ملف الإنترنت غير الشرعي، إلى ملف الدعارة والإتجار بالبشر، فملف اختلاس أموال عائدة لقوى الأمن الداخلي. وقد نشَطت الاتصالات السياسية أمس لتأمين أجواء ملائمة لجلسة مجلس الوزراء اليوم، التي ستحضر هذه الملفاتُ على طاولتها، إضافةً إلى الملفّين المتفجّرين: المديرية العامة لأمن الدولة والتجهيزات للمطار. وعلى خط موازٍ، يَدفع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتشريع قدُماً، ويدعمه «حزب الله»، فيما تحافظ الكتَل المسيحية على مواقفها المعارضة للتشريع في غياب رئيس الجمهورية. قالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» إنّ المخاوف من أن تكون جلسة مجلس الوزراء عاصفة موجودة على أكثر من مستوى، فهناك مشاريع عدة مطروحة للبحث، ومن شأنها أن تثير الخلافات بين الوزراء، ولا سيّما منها ملف المديرية العامة لأمن الدولة، بالإضافة إلى ملف المشاريع المخصّصة لتجهيز مطار بيروت.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ بعض الوزراء سيطلب في بداية الجلسة البحث في ملف أمن الدولة، التزاماً بالوعد الذي قطعه رئيس الحكومة تمام سلام في الجلسة السابقة بأن يكون في أولوية الملفات المطروحة على جدول الأعمال.
بوصعب
وعشية الجلسة، قال وزير التربية الياس بوصعب لـ»الجمهورية»: «لم نقُل مرّة إننا لن نشارك، بل قلنا إننا لا نستطيع أن نستمر إذا لم يكن مجلس الوزراء منتجاً». وأضاف: «نحن لا نزال في المنطق نفسه، فهناك مواضيع ضرورية وجدّية يجب التحدّث فيها، فإذا كانت العقلية ستظلّ على ما هي عليه في السابق فمعنى ذلك أنّنا سنَدخل الى مجلس وزراء هُم أرادوه مُعرقَلاً.
مثلاً، مجلس الإنماء والإعمار طلبَ تمويلاً لمشاريع عدة وأغفَل التمويل الإضافي لجسر جل الديب، على الرغم من أنّ هناك قراراً ثانياً لمجلس الوزراء بذلك.
نحن لن نقبل بإعطاء تمويل لأيّ مشروع آخر إذا لم تُعطَ الأهمية نفسها لجسر جل الديب، وهذه إحدى العوائق. نريد توازناً في القرارات، وإذا لم يحصل ذلك فمعناه أننا لسنا مقتنعين بأنّ هذا العمل سيسير، فالمطلوب التعاطي مع كلّ الملفات بتوازن كما يجب، وإلّا ستكون هناك عوائق».
أبوفاعور
وكان وزير الصحة وائل ابو فاعور قال أمس «إنّ مجلس الوزراء مدعوّ غداً (اليوم) إلى تناول هذه القضايا بمنتهى الشفافية، واتّخاذ قرارات وإجراءات فعلية على أيّ مستوى كان، بدءاً مِن الوزراء وصولاً إلى الموظفين، وذلك بحق الإداريين المتورطين، سواءٌ في الأجهزة الأمنية أم الإدارات المدنية، وإلّا فلن تفقد الحكومة صدقيتها وحسب، بل إنّ الدولة ستفقد موقعَها في ذهن كلّ مواطن لبناني.
وقد آنَ الأوان لأن تسقط الحمايات السياسية عن المتورطين. فمِن غير المعقول أن نسمع كلاماً يومياً عن مسؤول إداريّ متورّط في الدولة ويبقى في موقعه بلا عقاب. وكيف تطبّق الدولة القانون على المواطن الضعيف، فيما تَرتعد فرائصُها عندما يصل الموضوع إلى أحد عليّة القوم».
تجهيزات المطار
وحاولَ رئيس الحكومة تفكيكَ أحد الألغام من أمام طاولة مجلس الوزراء اليوم، لكن محاولته باءت بالفشل. فبَعد اجتماع ضمَّ وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الأشغال العامة غازي زعيتر ووزير المال علي حسن خليل، على مدى ساعتين أمس، لم يتوصّل المجتمعون إلى تفاهم على الملف الخاص بتجهيزات المطار الفنّية والأمنية.
وعلمت «الجمهورية» أنّ العقدة بقيَت في طريقة إدارة العقود، حيث أصرّ المشنوق على أنّ العقود الأربعة الموقّعة مع الشركات على أساس الهبة السعودية هي عقود قانونية وخضعَت لاستدراج عروض ولا تشوبها شائبة.
أمّا زعيتر فأصرّ بدوره على أن يتّخذ مجلس الوزراء قراراً بتسويتها لأنه كوزير معنيّ لا يمكنه قبول عقود آليتُها معمول بها على أساس أنّها تعود لمشيئة الواهب، وهو بالتالي يحتاج إلى شرعنة هذه العقود بحسب الأصول من طريق استدراج عروض وإشراف إدارة المناقصات مباشرةً مع وزارة الأشغال.
وظلّ هذا الخلاف في وجهات النظر على أن يُطرح اليوم مجدّداً على مجلس الوزراء لاتّخاذ قرار في شأنه.
وقالت مصادر المجتمعين لـ»الجمهورية»: «إنّ المشكلة ليست في التمويل، لأنّ وزير المال أبلغَ إلى المجتمعين أنّ مجلس الوزراء عندما يتّخذ قراراً بتأمين نواقص ومستلزمات تجهيز المطار ويطلب التمويل بطريقة قانونية فإنّه جاهز لتأمينها، والخلاف هو حول آليّة إدارة العقود».
التشريع
وفي ملف تفعيل العمل النيابي، أكّد برّي أمس أنه سيدعو إلى جلسة تشريعية بعد جلسة الحوار الوطني المقرّرة في 20 نيسان الجاري، ولدى جهوز وتوافر المشاريع والقضايا الضرورية للبنان واللبنانيين.
وقال بري بحسب ما نَقل عنه نواب «لقاء الأربعاء» النيابي، إنّ «على الجميع تحمُّل مسؤولياتهم تجاه مصالح الناس التي هي من أساس أيّ ميثاقية، مع تأكيدنا الالتزامَ بما تقتضيه الأصول ومصلحة الشعب».
«حزب الله»
في الموازاة، أيَّد «حزب الله» موقفَ بري من التشريع، خلافاً لموقف حليفه تكتّل «الإصلاح والتغيير» الذي كان أكّد أمس الأوّل، بعد اجتماعه الأسبوعي، رفضَه «اختراع ظروف استثنائية للتمديد لحالة معينة بما تحمله من فساد وخروج عن القانون، والأخطر لحالة الخروج عن الميثاق».
وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «ما الذي يَمنع أن ينعقد المجلس النيابي ويقيم اجتماعاته من أجل إقرار القوانين التي فيها مصلحة للناس؟ يقولون: إنّ المشكلة في عدم وجود رئيس جمهورية، هذه المشكلة مستمرّة منذ سنتين، وهل مِن أجلها نعطِّل مؤسسة كبرى ونفوِّت مصالح كبرى على الناس؟
يفترض أن نجعل التشريع قائماً ونعمل بنحو دؤوب لانتخاب رئيس للجمهورية من دون أن نعطِّل مصالح الناس، ورأيُنا أن يكون التشريع في كلّ شيء وليس بمقدار الضرورة الذي يتحدّث البعض عنها ولا في اشتراطات مختلفة، لأنه لا يوجد في الدستور ما يَمنع من انعقاد المجلس النيابي من أجل التشريع، وهذه مسؤولية على الجميع».
زيارة هولاند
على صعيد آخر، وقبلَ زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان في بداية النصف الثاني من نيسان الجاري، بدأ السفير الفرنسي في بيروت ايمانويل بون جولة على القيادات السياسية والحزبية، فزارَ أمس رئيسَ حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في البيت المركزي في الصيفي. وقالت مصادر المجتمعين إنّ بون رغبَ القيام بهذه الجولة لاستطلاع الأجواء اللبنانية التي ستواكب زيارة هولاند وما يريده اللبنانيون منها وتقديرهم للملفّات التي يجب أن يتناولها جدول أعمالها.
ولم يظهر بون أنّه يملك عناوين أساسية حول الزيارة وما يريده الرئيس الضيف، لكنّه كان حريصاً على توجيه أسئلة واضحة إلى مضيفه، فسمعَ أجوبة واضحة من رئيس الكتائب تناولت مختلف التطورات على الساحتين الإقليمية والمحلية ورؤية الكتائب إزاءَها بالتحديد، وخصوصاً من موضوع انتخاب رئيس جمهورية جديد والتحذير من التمادي في الشغور الرئاسي الذي انعكس شللاً تاماً على المستويات الإدارية والمؤسسات، وبات السبب الذي قد يكون وحيداً لمجمل المشكلات التي تعانيها البلاد على كلّ المستويات.
كذلك سمعَ السفير الفرنسي من الجميّل رأياً واضحاً في أسباب الأزمة السورية، وتشديداً كتائبياً على تكرار الدعوة مرّة أخرى إلى الحياد عمّا يجري هناك لمنع أيّ تأثيرات للأزمة على الداخل اللبناني وتعزيز قدرات الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى لمواجهة الأوضاع الطارئة على الحدود اللبنانية ـ السورية والتهديدات التي تطاول الساحة الداخلية والتي يمكن اعتبارها نتيجة تدخّل اللبنانيين في الأزمة السورية.
بالإضافة إلى ملف النازحين السوريين ومساعدة لبنان على تجاوز كلفة النزوح ومواجهة سلبياته على كلّ المستويات الأمنية والسياسية قبل الاقتصادية والاجتماعية.
وذكرت المصادر أنّ جولة بون على القيادات الرسمية بدأت قبل أيام، منذ أن زار رئيس الحكومة نهاية الأسبوع الماضي، مؤكّداً أنّ الترتيبات في شأن الزيارة جارية على قدم وساق توصّلاً إلى البحث في كلّ تفاصيلها في وقتٍ قريب، بعد ترتيب جدول أعمال الزيارة ووقائعها كاملة والتي حُدّدت مبدئياً بعد 15 نيسان الجاري تاريخ عودة رئيس الحكومة من اسطمبول، حيث سيشارك في الدورة الرابعة عشرة لقمّة الدوَل الإسلامية.
اللواء :
تتفق الأوساط الوزارية على ان جلسة مجلس الوزراء اليوم باتت مثخنة بجراح الخلافات قبل أن تبدأ.
واطلق اجتماع السراي بين الرئيس تمام سلام والوزراء الثلاثة: نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، العنان ليل أمس، لجولة واسعة من الاتصالات تسبق موعد الجلسة عند العاشرة والنصف، لأنه ولئن كان مصدر وزاري واسع الاطلاع على حصيلة الاجتماع المطوّل والذي دام لأكثر من ساعتين، ترك الامر لمجلس الوزراء لبت مسألة آلية وتمويل إنجاز التجهيزات لأمن مطار رفيق الحريري الدولي، فإن الوزير نفسه أبلغ «اللواء» ليلاً ان التمويل يبقى على قرار سياسي يتوقف على همة الاتصالات التي جرت بين عين التينة و«بيت الوسط» لتذليل العقبات، بعد توقف الهبة السعودية، وإعلان وزير الاشغال انه باتت لديه آلية جديدة غير التي كانت معتمدة، باعتباره الوزير المعني بالمطار، في حين ان لوزير الداخلية وجهة نظر مختلفة، انطلاقاً من انه هو الذي اثار مسألة أمن المطار، وانه هو المعني بالأمن، بصورة رئيسية، في حين ان وزير الاشغال معني بالشق التقني والفني والهندسي.
وكان الوزير المشنوق أشار في دردشة مع «اللواء» إلى انه تمّ الاتفاق على إحالة الملف إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، متسائلاً: لماذا انا ووزير الاشغال من يتحمل المسؤولية؟ فليتحمل الوزراء جميعاً المسؤولية، كاشفاً انه سيطلع مجلس الوزراء على الآراء الدولية حول أمن المطار في ضوء الوضع الأمني في المطار، والدراسة التي اعددتها وزارة الداخلية وقرار اللجنة الوزارية بشأنه، معتبراً ان الأموال يجب ان تتوفر لأمن المطار لأنه يتعلق بأمن البلد.
في حين أكّد وزير المال علي حسن خليل لـ«اللواء» أيضاً ان واجباته كوزير للمال تأمين الأموال اللازمة للمشروع كاشفاً عن ثلاثة خيارات من بينها إعادة جدولة احتياطي الموازنة.
ومع ان المبلغ المتعلق بقيمة العروض الموضوعة لا يتجاوز 26 مليون دولار، فإن مصادر وزارية توقعت ان يستأثر موضوع تجهيز أمن المطار بمعظم الوقت المخصص لجلسة مجلس الوزراء، معربة عن مخاوفها من أن لا تبلغ نقاشات المجلس الموضوع المتفجر الثاني المتعلق بجهاز أمن الدولة والذي يحمل البند 65.
وقال وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«اللواء»، ان موضوع جهاز أمن الدولة بالغ الحساسية، وهو مفتوح على كل الاحتمالات، مشيراً إلى ان الموقف الكتائبي والمسيحي عموماً يُصرّ على رفع الحصار عن مدير الجهاز اللواء جورج قرعة الذي أبلغ بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الخامس لحام الرئيس سلام ومن يعنيه الأمر انه ليس في وارد القبول بتغييره.
وفي سياق متصل قال حكيم لـ«اللواء» ان وزراء الكتائب لن يعرقلوا تمرير تجهيزات أمن المطار نظراً لاهميته، متوقعاً ان يتركز النقاش حول دور هيئة الاستشارات ومسألة التلزيمات بالتراضي.
وأبدى حكيم رفضه للبند المتصل باقتراح لجنة تعداد الفلسطينيين في لبنان والمقدم من السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى انه من غير الممكن القبول بلجنة تنشأ لهذه الغاية ولا يتمثل فيها لبنان.
في هذا الوقت لم يستبعد مصدر وزاري من 8 آذار ان تجري مناقشة قرار الشركة المصرية «نايل سات» بوقف العقد مع لبنان عبر محطة جورة البلوط.
ونسب إلى السفير المصري في لبنان بدر الدين زايد ان قرار «النايل سات» بوقف بث قناة «المنار» سببه مخالفة القناة الاتفاق الموقع مع القمر المصري بعدم بث النعرات الطائفية والفتن، مشيراً إلى ان الشق الإداري له صلة بعدم بت مجلس الوزراء اللبناني بقضية التراخيص، فيما أكدت محطة «المنار» انها مستمرة بالبث عبر القمر الروسي.
كما ان عاصفة الدعارة وفضيحة الانترنت غير الشرعي ستفرض نفسها على مناقشات مجلس الوزراء، إلى جانب المخالفات المالية في قوى الأمن الداخلي.
القمة الإنسانية
يُشار إلى ان الرئيس سلام تسلم أمس من سفير تركيا في لبنان تشغتاي ارجيس، دعوة من نظيره التركي أحمد داود أوغلو للمشاركة في قمّة الأمم المتحدة الإنسانية العالمية الأولى من نوعها التي ستستضيفها تركيا في 23 و24 أيّار المقبل في اسطنبول، وفقاً للدعوة العالمية للعمل الإنساني الموجهة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وأوضح السفير التركي انه من المتوقع ان يحضر هذه القمة أكثر من 5 آلاف مشارك بينهم رؤساء دول وحكومات وقادة من المجتمعات المتضررة من أزمة النازحين التي تستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين في العالم وكذلك لبنان، لافتاً إلى ان القمة سوف توفّر فرصة للبدء بمجموعة من الإجراءات الملموسة على المستوى العالمي مع جميع أصحاب المصلحة للتصدي للتحديات العالمية في المجال الإنساني، مع التركيز بشكل خاص على مساعدة اللاجئين والدول المضيفة لهم.
ومعلوم ان الرئيس سلام سيشارك شخصياً في القمة الإسلامية 13 التي ستعقد في اسطنبول بين 14 و16 نيسان الحالي، مع وفد وزاري.
الجلسة التشريعية
على صعيد الجلسة التشريعية التي استأثرت بمشاورات عاجلة بين الكتل النيابية، أكّد الرئيس نبيه برّي ان قانون الانتخاب سيكون على جدول جلسة الحوار في 20 الحالي، على ان يدعو إلى جلسة تشريعية بدءاً من أيّار المقبل، حيث ينتهي العقد العادي في 31 منه، معتبراً ان مصالح النّاس هي أساس الميثاقية.
وعلمت «اللواء» من مصادر نيابية مطلعة ان خلافاً كبيراً بين غالبية الكتل يحدق بالجلسة النيابية، حيث تطالب كتل «الكتائب» و«التيار العوني» و«القوات» بادراج قانون الانتخاب كبند أوّل على جدول أعمال الجلسة، في حين ان خلفية عقد الجلسة تتعلق بإقرار قوانين واقتراحات قوانين ذات صلة بمقررات مؤتمر لندن في ما خص مساعدة لبنان على الوفاء بالتزاماته تجاه النازحين السوريين.
وإذا كان جدول الأعمال يضعه مكتب المجلس الذي يتعين عليه الاجتماع قبل تحديد موعد الجلسة، فإن مصادر عونية تتحدث عن «كباش» جديد، ما لم يضع الرئيس برّي قانون الانتخاب بنداً أوّل، ومتعهداً مع كتلة «المستقبل» باقراره، وهو الامر الذي شكك مصدر نيابي بأن يقبله رئيس المجلس باعتباره شرط مسبق وقيد على حركة المجلس الذي هو سيّد نفسه.
وعلمت «اللواء» ان اجتماعات مكثفة تعقد بين ممثلين عن «القوات» وعن التيار العوني، تدرس الخيارات المتاحة في ما خص قانون الانتخابات.
وتقول مصادر معلومات «اللواء» ان من بين الخيارات المطروحة مناقشة خيار العودة إلى قانون الستين مع إدخال تعديلات بسيطة عليه، لأنه في نظر هؤلاء سيضمن الإتيان بغالبية النواب المسيحيين في معظم الأقضية، في حال خاض العونيون والقواتيون الانتخابات معاً في ضوء تفاهم معراب.
وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو، فإن «القوات» تكون خرجت على مشروع قانون الانتخاب المختلط التي كانت تفاهمت عليه مع «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» الأمر الذي يُعيد خلط التحالفات النيابية في الانتخابات المقبلة.
يذكر ان «حزب الله» خرج بموقف متمايز جداً عن «التيار الوطني الحر» جاء على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي تساءل في لقاء مع فعاليات منطقة حيّ السلم: «ما الذي يمنع ان ينعقد المجلس النيابي من أجل إقرار القوانين التي فيها مصلحة للنّاس؟ يقولون ان المشكلة بعدم وجود رئيس الجمهورية، هذه المشكلة مستمرة منذ سنتين، وهل من أجلها نعطل مؤسسة كبرى ونفوت مصالح كبرى على النّاس؟
الاخبار :
طار الرئيس سعد الحريري الأسبوع الماضي إلى العاصمة الروسية موسكو، ليلقى استقبالاً يليق، على أقل تقدير، برؤساء الحكومات. استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤولون آخرون. عاد الحريريون من موسكو ليكرروا الكلمة التي لا تحبها الديبلوماسية الروسية في وصف بوتين: القيصر. يتحدّث التيار الأزرق عن عظمة روسيا، وقوتها، وتأثيرها، وواقعيتها.
يُظهرون الكثير من الزهو، وهم ينسبون إلى الرئيس الروسي عبارة خاطب بها الحريري. يقول المستبقليون إن بوتين قال لرئيس تيار المستقبل: «أنتَ لستَ رئيساً سابقاً لمجلس الوزراء. أنت رئيس دائم للحكومة». أراد الروس القول إنهم يتمتعون بصلات ممتازة مع جميع القوى السياسية في لبنان والإقليم. والحريري في نظرهم، هو أحد قادة «الاعتدال»، بحسب مطّلعين على تفاصيل الزيارة. الملف السياسي الأول لدى القوى اللبنانية هو انتخاب رئيس. لم يتطرّق بوتين والمسؤولون الآخرون الذين استقبلوا الحريري إلى الشغور الرئاسي، إلا بكلام عام عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن. كيف يُصرَف «الدعم الروسي» للحريري في لبنان؟ تُعدّ موسكو الأرضية لمواكبة أي حراك مقبل، يؤدي إلى تسوية ما في لبنان. وحتى ذلك الحين، لا نتيجة مباشرة لأي دعم تقدّمه لأي من فريقي النزاع. ففي مقابل «اهتمامها» برئيس المستقبل، تقول مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار إن حزب الله تلقى رسالة من المسؤولين الروس، تقول إن «موسكو تؤيد، بالمبدأ، انتخاب رئيس توافقي. لكننا نؤيد خياركم». وهذا الكلام لا ترجمة عملية له في لبنان أيضاً. فالواقع السياسي المحلي يظلّله أداء سعودي غير مفهوم.
وهذا الأداء يستهدف بالدرجة الأولى الرئيس سعد الحريري. ولا يكاد الأخير يلتقط أنفاسه بعد ضربة يتلقاها، حتى يعاجله حكام الرياض بأقسى منها. عاد إلى لبنان بعد طول غربة، فإذا بهم يسحبون الهبة للجيش، ويبدأون إجراءات لمعاقبة اللبنانيين. حاول معالجة الخلل، فأعلنوا في وسائل إعلامهم (مطلع آذار الفائت) إحالة ملف شركة «سعودي أوجيه» التي يملكها على إمارة الرياض، بعد تأخرها في دفع رواتب موظفيها، فضلاً عن اتخاذ إجراءات «عقابية» بحق الشركة، من قبل وزارة العمل السعودية. زار الحريري بعدها عاصمة المملكة، وأشاع مقرّبون منه معلومات تقول إن الأبواب فُتِحت لحل أزماته. لكن قبل ثلاثة أيام (4/4/2016)، صدر «الخبر اليقين». وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، في مقابلة مع وكالة «بلومبيرغ»، قال إن حكومته لا علاقة لها بأزمة «سعودي أوجيه». أكّد أن الرياض دفعت لشركة آل الحريري جزءاً من مستحقاتها، وأنها ستدفع مستقبلاً كامل تعهداتها، «لكن كلما حوّلنا لهم الأموال إلى حساباتهم المصرفية، يسحبها المصرف». لفت إلى أن «أوجيه» تعاني من ديون داخل المملكة وخارجها، وأنها «غير قادرة على دفع كلفة تشغيلها». ثم أضاف: «هذه ليست مشكلتنا. هذه مشكلة سعودي أوجيه». وأكّد أن الحكومة السعودية لن تتدخل في هذه المشكلة، فاتحاً الباب في الوقت عينه للتدخل، بهدف حماية حقوق العمال والمتعاقدين مع الشركة، في حال لجوئهم إلى القضاء! اللغة التي استخدمها بن سلمان لم يعتدها اللبنانيون، علناً، من مسؤول سعودي يتحدّث عن السياسي اللبناني ــ السعودي الذي درجت العادة أن يصفه ملك آل سعود بـ»ابننا». بدا وليّ وليّ العهد كمن يقول للحريري: «قَلِّع شوكك بإيدك». كلامه أقرب إلى التهديد بالتدخل لغير مصلحة إمبراطورية الحريري، منه إلى عبارات «الاحتضان» التي يُقال منذ عقود إن العائلة الحاكمة في الرياض تستخدمها مع آل الحريري. «سعودي أوجيه» بدت في نظر «الأمير الشاب» كأيّ شركة أخرى تنفّذ مشاريع للسلطات السعودية، في زمن الشحّ الناتج من سياسة مستشاري بن سلمان، وانخفاض أسعار النفط، وارتفاع النفقات العسكرية في اليمن وسوريا وغيرهما. ماذا تفعل الرياض؟ لا أحد من زوار المملكة يملك الجواب. يتردد الكلام ذاته: «بن سلمان يريد إفلاس «سعودي أوجيه» ليستحوذ عليها»؛ «الجيل الجديد من حكام الرياض لا يرى في الحريري استثماراً ناجحاً في لبنان، ولا يجد نفسه ملزماً بإنقاذه. فغالبية السياسيين السنّة يقفون مع السعودية، من دون أن يكلّفوها دولاراً واحداً، فلماذا يجب عليها أن تدفع للحريري؟»؛ «بن سلمان وابن عمه محمد بن نايف لا ينظران إلى لبنان بالطريقة ذاتها التي كان ينظر فيها إليه الجيل السابق من الحكام. فلبنان بالنسبة إلى «المحمدين» هو ساحة صراع مع إيران لا أكثر». كل هذه العبارات لا تعطي إجابة شافية عن الأسئلة المركزية: لماذا تترك السعودية الحريري وحيداً؟ وبأي أسلحة تريده أن يواجه حزب الله؟ وهل قرّرت التخلي عنه؟ لمصلحة من؟ تبقى الأسئلة معلّقة، ليتسلى السياسيون بإشارات لا تسمن ولا تُغني. يقولون إن الأموال السعودية التي تُدفع لحلفاء الحريري البارزين لم تنقطع، رغم أنهم اتخذوا خيارات تستفز الرياض. ويُحكى عن زيارة قريبة سيقوم بها الوزير المتمرّد على الحريري، أشرف ريفي، إلى الرياض، للمشاركة في اجتماع لمجلس أمناء «جامعة نايف للعلوم الأمنية». أي إن ريفي سيحل ضيفاً، كما منذ أكثر من 7 سنوات، على وليّ العهد السعودي محمد بن نايف، المعروف بأنه لا يُكن كثير ودّ للحريري. خطوة يراها بعض «المستقبليين» بلا أي مغزى سياسي، لكونها «روتينية»، فيما يجد فيها آخرون دليلاً إضافياً على تراجع حظوة رئيس التيار الأزرق في عاصمة «وطنه الثاني».