ليس تطوراً عادياً ومألوفاً في لبنان ان يحال عشرات المدعى عليهم في ثلاثة ملفات فساد من الدرجة الاولى على القضاء في يوم واحد. انطلق المسار القضائي مبدئيا في مراحله الاولى في ملفات فضائحية تتناول شبكة الانترنت غير الشرعي والاتجار بالبشر عبر احدى كبرى شبكات الدعارة وملف الاختلاس غير المسبوق في قوى الامن الداخلي دفعة واحدة، ليدفع بملف الفساد المتنوع الاتجاهات والقطاعات الى صدارة المشهد الداخلي بما طغى على كل القضايا السياسية المطروحة وهمشها واضعا الحكومة أيضا أمام وقائع قد يتعذر عليها تجاهلها في جلسة مجلس الوزراء اليوم وان يكن جدول اعماله يتركز على ملفين خلافيين من خارج هذا السياق هما ملف أمن الدولة وملف تجهيزات المطار والعقود الرضائية العائدة اليها.
والواقع ان تطورات المسار القضائي في ملفات الفساد الثلاثة اتخذت بعدا بالغ الاهمية من خلال اكتمال اجراءات التحقيقات الاولية في كل منها وصدور الادعاءات تباعاً امس لترتسم صورة دراماتيكية عن مجمل وقائع هذه الملفات ووقعها على الرأي العام، ولكن أيضاً لتضع القضاء أمام محك المضي بلا هوادة في تسريع الاجراءات اللاحقة واستمكالها واثبات قدرته على مكافحة الفساد وقت تجتاز البلاد ظروفا شديدة التعقيد وترسم حول الطبقة السياسية أسوأ الشكوك في ايصال البلاد الى هذا الدرك المتدهور من تفشي الفساد.
وفي خلاصة الوقائع القضائية أمس جاء ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر في ملف قوى الامن الداخلي ليشمل 47 شخصاً من رتب ضابط ومؤهل ورتيب عسكري ومدني بينهم 17 موقوفاً ومنالموقوفين ثلاثة ضباط في جرائم استغلال الوظيفة واساءة استعمال السلطة واختلاس أموال عائدة الى قوى الامن الداخلي واختلاق فواتير وهمية والغش في المواد المستعملة والتلزيمات. واحالهم على قاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا.
اما في ملف شبكة الدعارة والاتجار بالبشر، فادعت النيابة العامة الاستنئافية في جبل لبنان على 26 شخصاً بينهم 9 لبنانيين و17 سورياً بجرم استدراج فتيات وحجز حريتهن وانزال التعذيب الجسدي والمعنوي بحقهن واستغلالهن في أعمال الدعارة مؤلفين بذلك شبكة للاتجار بالبشر وجمعية بقصد ارتكاب الجنايات على الاشخاص. كما ادعت على الطبيب رياض.ع. وطبيب البنج جورج أ. اللذين حقق معهما وتركا بسندي اقامة بجرم اجهاض فتيات قصدا وعلى عشرة سوريين من افراد الشبكة بالاقامة غير المشروعة وتزوير بطاقات الهوية ومستندات ثبوتية. واحيل الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس.
وفي ملف شبكات الانترنت غير الشرعية، أوقف المدعي المالي علي ابرهيم احد اصحاب محطات الانترنت غير الشرعي في جرود الضنية وهو الشخص الثاني الذي يوقف في هذه المنطقة بهذا الملف.
واسترعى الانتباه في هذا السياق ان وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي أثار ملف شبكة الاتجار بالبشر في مؤتمر صحافي أمس، تحدث عن "محاولات حصلت من بعض النافذين لتغيير افادة طبيب الاجهاض والتراجع عنها " موضحا انه بسبب ذلك اتخذ الاجراءات المناسبة في حق الطبيب. وقال: "ان الدولة لا يمكنها ان تستمر في هذا المسار الانحداري وآن الاوان لكي تسقط الحمايات السياسية عن بعض المتورطين في القضايا التي اثيرت اخيرا ". ومن المقرر ان تستجوب نقابة الاطباء اليوم الطبيب المعني بالملف واعلان قرارها في شأنه.

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، عقد عشية جلسة مجلس الوزراء اجتماع وزاري برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام حضره وزراء الداخلية نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل والاشغال العامة غازي زعيتر خصص للبحث في موضوع عقود تجهيزات المطار وتقرر في ضوئه ترك القرار النهائي لمجلس الوزراء اليوم. وأوضح وزير المال ان ليس امامه الا وسيلة واحدة من ثلاث لتمويل التجهيزات "أو ليعيدوا جدولة الاحتياط المالي ". وقال الوزير المشنوق ان الملف سيطرح بكامله على مجلس الوزراء لجهة واقع المطار والحاجات " والقرار يعود الى مجلس الوزراء". وعلمت "النهار" ان وزراء حزب الكتائب سيطرحون اليوم ما اذا كان لبنان ملزماً عقوداً وضعت رضائياً على أساس انها ممولة بموجب هبة وسيطلبون توجيه سؤال الى هيئة الاستشارات والقضايا في وزارة العدل لمعرفة رأيها في هذا الملف. كما سيسألون عن تجهيزات تلزم بعقد مع شركة الخدمات في المطار"ميز" التي انتهى العقد معها في العام 2010 وهي باقية تحت عنوان تسيير عمل مرفق عام.

 

مجلس النواب
الى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس انه سيدعو الى جلسة تشريعية بعد جولة الحوار الوطني المقررة في 20 نيسان. وعلمت "النهار" من مصادر نيابية أن موضوع الفراغ في مراكز المخاتير مع بدء شهر ايار المقبل يشكل مبرراً قوياً لإنعقاد مجلس النواب في الثلث الاخير من الشهر الجاري وذلك في ضوء إعلان الرئيس بري انه في صدد الدعوة الى عقد جلسة تشريعية بعد إجتماع الحوار النيابي في 20 نيسان الجاري. ورأت ان تفادي هذا الفراغ الذي سيشلّ عمل المختارين في كل لبنان بعد 1 أيار المقبل سيكون حجة في وجه الاعتراضات على إنعقاد الجلسة، خصوصاً ان مواعيد إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية ستبدأ كما هو مقرر لها في مستهل الاسبوع الثاني من أيار مما يعني أن هناك أياماً من تعطّل العمل الاختياري إذا لم يتم التشريع لمنعه وتالياً تيسير عدد لا يحصى من معاملات المواطنين الحيوية اليومية.وأشارت الى ان هذا الامر سيحتم نشر القانون في الجريدة الرسمية في إطار الافادة من المهل المقصّرة قبل نهاية نيسان.ولم تستبعد أن تكون هناك مشاريع قوانين ملحّة ستجد طريقها الى الاقرار في الجلسة المرتقبة.