في عتمة الملفات الخلافية والفضائحية المتمادية، والتي تشغل الرأي العام، مع كل صباح، من الانترنت غير الشرعي، إلى شبكات الدعارة والاتجار بالبشر، إلى الخلافات على عمل هذا الجهاز أو ذاك، ودفاع بعض القوى المسيحية عن استمرار الشغور الرئاسي، والعجز عن التوصل إلى قانون انتخاب، أو حتى عقد جلسة نيابية لتشريع الضرورة أو إقرار الموازنة، أو تشريعات هي عبارة عن قروض سيقدمها البنك الدولي وبنك التنمية الإسلامي لتمكين لبنان من مواجهة الأعباء الناجمة عن النزوح السوري الذي بلغ حداً غير مسبوق في تاريخ النزوح والهجرات القسرية، لاح في الأفق مشروع «أفعال» لمواجهة الفقر المدقع في طرابلس وكل لبنان، لينير على مساحات خيرة ما تزال عند القيادات اللبنانية، وأن الهموم الوطنية والمعيشية كل لا يتجزأ، كما عبر عن ذلك الرئيس سعد الحريري في الكلمة التي ألقاها عند الثالثة والنصف من عصر أمس في «بيت الوسط» في حفل إطلاق حملة دعم مشروع «ازالة الفقر والعوز المدقع في لبنان» (أفعال)، وهو الاقتراح الذي تقدّم به نائب طرابلس روبير فاضل إلى المجلس النيابي، منذ قرابة سنة، بحضور وزراء ونواب ودبلوماسيين، ومدير إدارة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج.
وقال الرئيس الحريري في الاحتفال: «اذا كنا نعاني من مشاكل كثيرة، على رأسها مشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية، بصفتها المدخل الأساسي لمعالجة كل المشاكل والأكثر الحاحاً منها ان ربع مليون لبناني ولبنانية يعيشون بأقل من 9 آلاف ليرة في اليوم، وهم الأكثر عوزاً وفقراً في لبنان، وهذا الوضع يُشكّل وصمة عار علينا جميعاً، مشيراً إلى انه «من الطبيعي ان يؤدي انخفاض النمو وهبوطه من 8 في المائة على الأقل عام 2011 إلى صفر في السنة الماضية، ان تختفي فرص العمل في كل القطاعات في كل المناطق»، متوقفاً عند الاقتراح الذي تقدّم به النائب فاضل لمحاربة الفقر، وتعزيز فرص المستفيدين من فرص عمل عندما يعود النمو، داعياً النواب والكتل لإقرار قانون «أفعال» في أسرع وقت ممكن.
وكانت الأرقام التي جرى تداولها، لا سيما على لسان بلحاج الذي أشار إلى ان 235 ألف مواطن لبناني يعيشون بأقل من 5.7 دولارات أميركية في اليوم الواحد، وأن هناك مليون مواطن يعيشون بأقل من 8.7 دولارات أميركية في اليوم، وتتزايد نسبة الفقر لتبلغ 36 في المئة في شمال لبنان و38 في المئة في البقاع.
وكشف بلحاج ان 200 ألف لبناني دخلوا حلقة الفقر بسبب الأزمة السورية، معتبراً بأن برنامج «حلا» التابع للشؤون الاجتماعية الذي ساعد البنك الدولي على صياغته وتنفيذه قدم حوالى 25 مليون دولار على شكل هبات لتوفير الدعم التقني والمالي.
واعتبر فاضل في كلمته ان مليون وربع مليون لبناني يعيشون تحت خط الفقر المدقع ولم يتمكنوا من ارسال أولادهم إلى المدارس، مشيراً إلى ان تبني الرئيس الحريري للمشروع يجعله ممكناً للتطبيق، مقترحاً مساعدة نقدية ثلث الحد الأدنى أي 225 ألف ليرة شهرياً لكل عائلة لتعليم اولادها وتدريبهم على مهنة، مستشهداً بنجاح التجربة في أكثر من 60 دولة، وأن كلفة المشروع هي 70 مليون دولار بإمكان الخزينة اللبنانية توفيرها (راجع التفاصيل ص 3).
مجلس الوزراء
في هذا الوقت، استمرت التحضيرات لعقد جلسة لمجلس الوزراء غداً، باضافة 44 بنداً طارئاً على 120 بنداً متبقياً من الجلسة المؤجلة الخميس الماضي.
ومع ان البنود التي أضيفت تتناول تجديد تعيين الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل محافظاً بالوكالة لجبل لبنان، نظراً لقرب الانتخابات البلدية، فضلاً عن شؤون مالية ونقل اعتمادات لعدد من إدارات الدولة والمحاكم العدلية والشرعية، وهبات وسفر، فإن التركيز بقي على كيفية معالجة ملف جهاز أمن الدولة، في ظل إصرار الوزراء المسيحيين على إطلاق يد مديره العام اللواء جورج قرعة، وعلى خلفية ان رتبة اللواء لا توازي رتبة العميد، وهي رتبة نائبه محمّد الطفيلي، الأمر الذي يعتبره عدد من الوزراء المسلمين معارضا لقانون إنشاء هذا الجهاز.
وليلا، كشف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل رفض اقالة اللواء والعميد، وهو الاقتراح الذي قيل ان الرئيس نبيه برّي تقدّم به في معرض معالجة هذه المشكلة، حيث سبق لكل من الوزيرين ميشال فرعون وآلان حكيم ان هددا بالخروج من الجلسة إذا لم يتوفر حل لهذا الموضوع يرضي عنه الكاثوليك والمسيحيون.
ومن الملفات المتفجرة، موضوع تلزيمات أمن المطار والاعتمادات اللازمة لذلك، في ظل تحفظ وزراء التيار العوني، على ما أثاره وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر في مؤتمره الصحفي الأخير.
ومن المتوقع ان يثير موضوع تبني وزارة الخارجية ترشيح السيدة فيرا خوري لاكوي، وهي اللبنانية - الفرنسية جدلا، لأن عددا من الوزراء يؤيد ترشيح الوزير السابق غسّان سلامة الذي أعلن ترشيح نفسه لمنصب الأمانة العامة لمنظمة الأونيسكو.
وإذ كشفت مصادر وزارية لـ «اللواء» بان السمة العامة للاتصالات ما زالت تركز على التهدئة، فإن هذه المواضيع الخلافية ستكون على جدول الجلسة، وستأخذ ما يلزم من الوقت، في ظل تجنّب الوزراء المسيحيين أي مقاربة تجعلهم يسلمون بعقد جلسة تشريعية لتعديل القوانين، وهذا يفيد رغبة الرئيس برّي بفتح المجلس امام جلسات تشريع سواء في ما خص هذا الموضوع، أو اقتراح قانون مواجهة الفقر أو أية قوانين أخرى، مع الإشارة إلى ان وزراء «حزب الله» وآخرين سيثيرون موضوع الانترنيت غير الشرعي، كما سيثير الوزيران الاشتراكيان اكرم شهيب ووائل أبو فاعور فضيحة شبكة الدعارة والفساد الحاصل في عدد من الإدارات.
ومن غير المستبعد ان يفرض قرار إدارة «نايل سات» بوقف بثه عبر محطة جورة البلوط، ابتداء من العاشرة من قبل ظهر اليوم نفسه على مناقشات مجلس الوزراء، خاصة وانه بموجب القرار يصبح متعذرا على بعض المحطات التلفزيونية اللبنانية البث عبر القمر المذكور وإيصال الصوت والصورة إلى خارج لبنان، ومن هذه المحطات: «الجديد» وN.B.N و«المنار» وL.B.C.
الانترنت غير الشرعي
وفي موضوع الانترنت غير الشرعي، شددت مصادر وزارية لـ«اللواء» على أهمية الوصول إلى المسؤولين عن هذه الفضيحة، وكشفهم بالأسماء، خاصة وانها بدأت «تتدحرج» على حدّ تعبير رئيس لجنة الاتصالات والإعلام النيابية حسن فضل الله، مشيرة إلى ان الموضوع لم ينته ولن ينتهي عند اللجنة النيابية، مشددة على ان لا أحد سيقبل بلفلفة هذا الملف الخطير حسب وصفها.
وقالت ان لا أحد من الوزراء مستعد للدفاع عن المسؤول عن الفضيحة مهما كان، مبدية اسفها للانحدار الذي تشهده الدولة يوماً بعد يوم إلى حدّ الانهيار التام.
وكانت اللجنة النيابية، تابعت بحث الموضوع في جلسة رابعة لها، بعد ان تركت محضرها مفتوحاً في الجلسة السابقة، وحددت جلسة جديدة في 19 نيسان الحالي للاستماع إلى تقرير لوزارة الدفاع حول مآل التحقيقات وكيفية دخول الأجهزة والمعدات إلى البلد، بحسب ما تعهد وزير الدفاع سمير مقبل في الجلسة، مؤكداً ان الوزارة ومخابرات الجيش لم تضع يدها حتى الساعة على تجسس على لبنان أو على اجهزتها، وأن التحقيق سيكون على أعلى درجة من الشفافية.
وفيما اعتبر وزير الاتصالات بطرس حرب ان الوزارة لم تقصر إطلاقاً في تقديم خدمات الانترنت ضمن امكاناتها الفنية الموجودة، لفت النائب فضل الله إلى وجود تباين بين تقرير «اوجيرو» ومنع القوى الأمنية من القيام بمسؤولياتها في موقع الزعرور. وأن القضاء العسكري سيعيد النظر بالتقرير، كاشفاً عن استجرار انترنت من الخارج في الضنية وباكيش وفقرا وعيون السيمان والزعرور.
الا ان اللافت في الجلسة كان الكشف من قبل القضاء على أوّل توقيف بحق أحد المتورطين ويدعى غ.غ.، وهو المسؤول عن محطة الضنية، وأن ثمة أسماء أخرى بدأت تتكشف بعدما تبين وجود متورطين جدد في القضية، مؤكدين ان القضاء هو من سيعلن الحقيقة في نهاية الأمر.