في غمرة استمرار الركود السياسي وغياب أيّ معطى إيجابي وعملي على جبهة الاستحقاق الرئاسي، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتزي الذي سيزور إيران الثلثاء والأربعاء المقبلين في 12 و13 نيسان الجاري في إطار الانفتاح الأوروبي على طهران وسعياً للتقريب بينها وبين الرياض، سيَحمل معه إلى المسؤولين الإيرانيين موقفاً فاتيكانياً يشدّد على ضرورة انتخاب رئيس جمهورية جديد في لبنان. وتأتي زيارة رينتزي لطهران بعد زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لروما والفاتيكان قبل شهرين. فيما تواصلت التحقيقات في فضائح الإنترنت غير الشرعي وسواها، وما تركته من انعكاسات وتداعيات على الوضع الامني العام في البلاد، أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي لدى تفقّده الكلّية الحربية في الفياضية «أنّ الأوضاع الأمنية في البلاد تحت السيطرة، وأنّ الجيش في أعلى جهوزيته لمواجهة أي استهداف أو نشاط إرهابي على الحدود وفي الداخل، بالإضافة إلى جهوزيته التامّة لمواكبة الاستحقاقات الوطنية المقبلة، وتوفير الأمن وحرّية التنقّل والتعبير لجميع المواطنين.

الحريري

وفي غياب أيّ تقدّم على صعيد الاستحقاق الرئاسي، شدّد الرئيس سعد الحريري على ضرورة إنهاء الفراغ، وقال: «نحن في لبنان نعاني مشكلات كبيرة، وعلى رأسها مشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية، وتعلمون جميعاً الجهود التي نقوم بها لانتخاب رئيس وإنهاء الفراغ، بصفته المدخل الأساسي لمعالجة كل المشكلات.

إنّ إنهاء الفراغ، اليوم قبل الغد، ضرورة لإعادة إطلاق عجَلة الدولة، ومؤسساتها، لإعادة إطلاق عجَلة الاقتصاد والعودة إلى النمو، وإلى إيجاد فرَص العمل لمحاربة الأسباب الحقيقية للفقر».

«التكتّل»

وردّ تكتّل «الإصلاح والتغيير» على الحريري من دون أن يسمّيه، فسأل من يطالب اليوم بإنهاء الفراغ: «هل يكون ذلك بتغطية المخالفات والمرتكبين والتمديد لهم من خلال عدم انتخاب رئيس ميثاقي وإقرار قانون انتخاب يحدّد التمثيل الصحيح؟» و»هل تقصدون بذلك فراغ الرقابة والقضاء والرئاسة والتمثيل الصحيح والإدارة بالتعيينات، وهو أخطر فراغ؟»

تجهيزات المطار وأمن الدولة

إلى ذلك، تشخص الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء الخميس التي ستبحث قي قضية تأمين التجهيزات الخاصة بأمن المطار وملف المديرية العامة لأمن الدولة.

وعشية الجلسة، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام دعا إلى اجتماع تمهيدي يُعقد الخامسة مساء اليوم في محاولة للتفاهم على صيغة لتأمين تجهيزات المطار قبل الجلسة. وسيحضر هذا الاجتماع وزراءُ الداخلية والأشغال العامة والنقل والمال ومجلس الإنماء والإعمار.

أمّا في يتعلق بملف المديرية العامة لأمن الدولة، فكشفَت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» أن «لا اتصالات جدّية بعد حول هذا الموضوع حتى الساعة وأنّ كلّ ما يجري هو تراشُق إعلامي، حيث إنّ كلّ طرف يقول إنّه يريد تطبيق القانون من وجهة نظره».

ورأت المصادر «أنّ المطلوب بتّ هذا الامر سريعاً، وغالبُ الظن أنه سيُصار الى تعيين مديرعام جديد لأمن الدولة ونائب جديد له، لأنّ الحديث عن توسيع مجلس إدارة الجهاز صعب في الوقت الراهن، إذ يتطلّب قانوناً، وهذا القانون يحتاج الى تشريع وإقرار في مجلس النواب».

وعن إمكانية حدوث سجال كبير حول ملف النازحين داخل جلسة مجلس الوزراء غداً، استبعدت المصادر هذا الأمر، مشيرةً الى أنّ النقاش حوله في السياسة ولا شيء مطروحاً للبحث». ورأت أنّ إثارة الموضوع خلال الأيام الماضية لم يكن سوى مزايدات شخصية استغلّت فيه العناوين السياسية».

فضائح بالجملة

في هذه الأجواء، تصدّرت الفضائح، التي كرّت سبحتها دفعةً واحدة، عناوين المتابعات والاهتمامات، بدءاً من فضيحة الانترنت غير الشرعي، مروراً بفضيحة الفساد في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وصولاً إلى فضيحة الدعارة والإتجار بالبشر في جونية التي تتكشّف فصولها تباعاً وتفاعلت، ما حدا برئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى التغريد عبر «تويتر» قائلاً: «هل تعلم أنّ شبكة الدعارة التي اكتشفت إنّما كان الأمر بالمصادفة وعلى يد ضابط حر الضمير، كون هذه الشبكة تعمل منذ سنوات وبالتواطؤ مع المسؤولين الكبار في سرية الآداب؟».

وقوبلت تغريدة جنبلاط بإعلان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّه كلّف المفتش العام في قوى الأمن الداخلي العميد جوزف كلاس التحقيق في ما ورد على لسان جنبلاط من اتّهامات، طالباً إعلان النتائج فور انتهاء التحقيق».

كذلك ردّ المشنوق على حملات التشهير والتجنّي حول دور للوزارة في شبكة الإتجار بالبشر، فأكّد أنّ اتّهام الوزارة «هدفُه تشتيت الأنظار عن المرتكبين الحقيقيين، أو ربّما الانتقام من مسار التحقيقات داخل قضايا الفساد بالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي».

برّي يحذّر ويسأل

وإلى ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّه يؤيّد ما ذهب اليه جنبلاط «لجهة وجود محاولة جدّية للَفلفة فضيحة الانترنت». وأضاف: «هذه القضية غير قابلة للّفلفة، وسنتابعها حتى النهاية، وهذا ما أبلغته الى وزير الاتصالات بطرس حرب والذي وجدتُ أنّ رأيه مثل رأيي، ووفقَ ما شرَح لي فإنّ تفاصيل الفضيحة لا تصدّق، خصوصاً لجهة خطورتها».

وقال بري: «لقد كنتُ حذّرتُ من التنصّت الاسرائيلي عام 2013، وطلبتُ متابعة الموضوع لجَلاء ملابساته، لكن للأسف لم يستكمل، ولو أنّ الإجراءات الردعية والعقابية قد اتّخِذت آنذاك، لَما كنّا وصلنا الى فضيحة الانترنت».

وأكد بري «أنّ السؤال الخطير الذي لا يزال يَشغل باله هو أنّه «كيف تمّ إدخال المعدّات، ومنها معدّات عملاقة؟ ومَن المسؤول عن ذلك؟ ومِن أيّ مرفق أو مرفأ دخلت ومَن تولّى تغطيتها». وقال: «هناك إشارة إيجابية برزت في الأمس حين أوقف المدعي العام أحد المتورطين، وآمل في البناء علي هذه الإشارة».

وأشار بري الى «محاولات يقوم بها البعض لزيادة عامل الاستثمار في بعض مناطق بيروت، الأمر الذي سيؤدي إذا ما استشرى، الى خنقِ ما تبقّى من الواجهة البحرية، وهنا تكمن مسؤولية الجميع، وزارات وقضاء وبلدية ومحافظة، من أجل التصدّي لهذا التشويه ومنعِ هذه الجريمة من الاكتمال»
جنبلاط

وكان جنبلاط قد تحدّث عن ضغوط تمارَس على القضاء للَفلفة القضية، وكتبَ مغرّداً على «تويتر»: «هل تعلم أنّ قاضياً من الصقور طلب من قاض مرؤوس التمهّل في التحقيق في الشبكة غير الشرعية للإنترنت، وكيف لا وكبار الأمنيين والإعلاميين والإداريين مشتركون في فرقة الانترنت غير الشرعية؟».

من جهته، قال رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون: ناهِبُ البلد «يدعى الباسلُ الخطرُ» وفاضحُ الأمر «مذمومٌ ومحتقرُ».

أبو فاعور

وأكّد وزير الصحة وائل ابو فاعور من السراي الحكومي أنّه «إنْ لم تتّخذ الحكومة موقفاً حازماً في الاجتماع الخميس المقبل على مستوى إجراءات قضائية وإدارية وإجراءات في المؤسسات قبل الإجراءات في حقّ المخالفين، فأعتقد أنّ على الدولة السلام وعلى المؤسسات السلام وعلى هذه الحكومة السلام».

التشريع

وفيما يواصل بري جهوده «التشريعية»، أكّد وزير المال علي حسن خليل أنّ المطلوب عودة سريعة الى عمل المجلس النيابي وحضور جلسات التشريع.

وقال خلال إطلاقه الخدمات الالكترونية العقارية: «المطلوب أن يطلق عمل المجلس النيابي بما يلبّي حاجات الدولة والناس، وإقرار التشريعات الضرورية التي تسمح بإنجاز كثير من المشاريع العالقة المتّصلة بمستقبل الوطن وحياة الناس».

وأضاف: «إذا بقينا على الموقف المعطّل للمجلس النيابي ربّما لم يعُد هناك ضرورة لعمل كثير من المؤسسات، أو ربّما لا يبقى حاجة لعمل بعض المؤسسات التي يرتبط انطلاق عملها بعمل المجلس النيابي.

بمعنى آخر، اليوم الدعوة للمجلس النيابي ليست ترَفاً وليست مسألة تعبّر عن حاجة فئة أو جهة سياسية لاجتماع لمؤسسة دستورية، بل عن حاجة أكيدة لدى الدولة في إقرار المشاريع، وحاجة أكيدة للمواطنين لإقرار القوانين التي تسهّل حياتهم، وهذا الأمر يرتبط أيضاً بعمل بقيّة المؤسسات، حيث لا يُعقل أن نسمع بعضاً من التفسيرات الدستورية التي تربط عمل المجلس النيابي بقضايا أخرى دون أن تربط عمل المؤسسات الأخرى بهذه القضايا.

هذا أمر في غاية الأهمية، ونريد للجميع ان يتعاطوا معه بأعلى درجات المسؤولية حتى لا نقع في محظور الشلل الكامل للدولة مستقبلاً، بما يهدّد استمرار هذه الأعمال التي نقوم بها».

ومن جهته، تكتّل «الإصلاح والتغيير» أكّد موقفَه لناحية «عدم اختراع ظروف استثنائية للتمديد لحالة معيّنة بما تحمله من فساد وخروج عن القانون، والأخطر لحالة الخروج عن الميثاق». وقال: «كأنّ هناك من يقول تفضّلوا شرِّعوا من دون الاهتمام الى إقرار قانون انتخاب يؤمّن صحة التمثيل، بعد 26 عاماً على إقرار اتفاق الطائف.

فيما المطلوب أن تتوقّف القوانين الملتوية، ومِن غير المقبول ولا الجائز التلهّي بالاختلاف على الفواصل وأيّ نظام نعتمد، الأكثري أو النسبي، فيما الحقيقة أنّ النيّة غير متوافرة، وهناك من يريد الاستمرار بتغطية الوضع المهترئ، خصوصاً لناحية الشراكة، وهو أمرٌ مرفوض.

من جهته، جدّد حزب الكتائب موقفَه الدستوري باعتبار «المجلس النيابي هيئة ناخبة وفقَ المادتين 74 و 75 من الدستور، ولا يصحّ أن ينتقل لممارسة أيّ عمل تشريعي قبل القيام بواجبه الوطني بانبثاق السلطة»، ورأى في ضوء الرتابة التي تلفّ انتخابات الرئاسة «أنّ الاستحقاق بات يحتاج الى دفع من نوع آخر يفتح الآفاق على خيارات جديدة تضاف الى الترشيحين القائمين، خصوصاً أنّ المرشحَين لم يحضرا الجلسات الأربع التي تلت ترشيحَهما».

وأكّد الأمين العام لحزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان أنّ «الحزب سيشارك في أيّ جلسة تشريعية تتمّ الدعوة إليها، أكانت لتشريع الضرورة أم لا، لأنّ مجلس النواب هو المكان الوحيد الذي تعالج فيه مشكلات الناس»، موضحاً «أنّ تعطيل المجلس النيابي لن يؤدي إلى الدفع بالانتخابات الرئاسية الى الأمام، وبالتالي لا نفعَ من تعطيل عجَلة التشريع».

«عين الحلوة»

أمنياً، ظلّ مخيّم عين الحلوة موضعَ قلق، على خلفية الأحداث التي شهدها أخيراً، وزار أمس وفد من ممثلي الفصائل والقوى الإسلامية الفلسطينية، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للبحث في أوضاع المخيّم.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد نقلَ إلى ابراهيم هاجساً من أن يكون خلف ما حصَل مؤامرةٌ ضد المخيم لجرِّه إلى اشتباك لا أحد يعلم الى أين سيؤدي. فيما رأى بعض أعضاء الوفد أنّ الأمر تمّ تضخيمه، وأنّ ما جرى لم يكن سوى مشكلات قديمة جديدة بين التنظيمات تؤثّر على استقرار المخيّم.

كذلك تطرّقَ البحث إلى مشكلة وكالة «الأونروا»، وأبلغ الوفد الى ابراهيم أنّ الفصائل ستُبرمج تحرّكها على إيقاع المفاوضات مع «الاونروا»، وكلّما تقدّم التفاوض ينسّقون التحرّك، وهم سيتابعون هذه القضية التي يَعتبرونها مصيرية، من خلال الخلية الفلسطينية التي يشارك فيها المدير العام لـ»الاونروا» ويشرف عليها الأمن العام».

ولاحقاً زار ابراهيم رئيس الحكومة وأطلعَه على نتائج اجتماعه مع الفصائل الفلسطينية.