هل هو الاعلام الرخيص والمُبتذل ؟ أم أنها الثقافة الفقهية لمذاهب تكفيرية ؟ أمّ إنها ضرورات السياسة في التعبير عن الاختلاف بطريقة عربية طبيعية ؟
أسئلة أخرى تولد باستمرار لحظة الاستماع الى قنوات فضائية همّها الأوّل والأخير الطعن بعقائد الشيعة بطريقة غير علمية وإنما بطريقة تهجمية و "إسقاطية" تضع ايمان مذهبي لا في محلّ شُبهة فحسب بل في يقين قاطع بكفر أهل الإيمان . طبعاً هناك أسباب أساسية ساعدت على التطاول على الشيعة كمذهب ومعتقد وطريقة تفكير وتفسير للنصّ الاسلامي وهيّ في جوهرها أسباباً سياسية من خلال إقحام حزب الله نفسه في الحرب السورية ورفع شعارات مذهبية من "الزينبية " الى التكفيرية السُنية كما يراها السوريون المؤمنون بضرورة التغيير لنظام ترى فيه ايران ضرورة أخرى للبقاء وهاتان الضرورتان المتصارعتان أسهمتا في التأسيس الجديد للصراع المذهبي الذي طال البيئة الإسلامية وصدّع من وحدة تعايشها الطوعي أو القسري ودعاها للنزول الى ساحات الاقتتال المفتوح في العراق وسوريا واليمن ودفعها الى الانخراط الكامل في مشروع هدم دول المنطقة تأسيساً لخراب دائم في السياسة والاقتصاد .
أمام هذا المشهد السوري تحديداً حشد الجميع وشحذ قواه للدفاع عن ثارات وشعارات مذهبية وكان الاستخدام الفضائي لقنوات بثّ السموم وظيفة يومية شارك فيها من مع النظام السوري ومن هو ضدّه وتبرُزُ محطات جريئة في تهشيم الصورة المذهبية كم هو حال قناة الصفا المتخصصة في التطاول على الشيعة واعتبار مذهبهم مذهباً أسّس على مقدمات يهودية لتخريب وحدة الأمّة الاسلامية وأن هناك علاقات جوهرية مع العدو الاسرائيلي وفق تخطيط منهجي يُستدلّ عليه من قبل زوّار قناة الصفا من خلال ربط الأحداث ببعضها البعض بطريقة هستيرية توهم المستمعين بفعلية الاعتقاد الشيعي اليهودي اضافة الى دورهم التاريخي في هدم الاسلام المحمدي الحنيف .
ان القنوات المذهبية المفتوحة وبتمويل عال جداً من قبل المستفيدين من مذهبة الصراع السياسي في سورية والعراق واليمن تُسهم في تغذية الصراع وفي توفير متطوعين جُدد للحروب من قبل المندفعين المذهبين وخاصة من قبل أجيال تحركها الغريزة الطائفية والمذهبية وتجعلها طالبة للموت ولو في أقصى الأرض .
يبدو أن المنتفعين من الصراع المذهبي مستمرون في تغطية اعلام التهويد والتكفير لحاجة الحروب الى مستفزين قادرين على استسهال الموت دفعاً ودفاعاً عن سياسات المستفيدين من دول تتغذّى مصالحها على ارتفاع منسوب الجنون المذهبي بما يبعث على انتشار رائحة الدم في كل مكان .