انصرفت القوى السياسية على تنوعها في عطلة عيد البشارة إلى هموم الإنتخابات البلدية والإختيارية المقبلة بعد شهر ونيّف وتراجعت الحركة السياسية، محصورة بعودة الرئيس سعد الحريري والوفد المرافق إلى بيروت بعد زيارته اللافتة بلقاءاته العالية المستوى في موسكو، ولا سيما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعلمت "النهار" في هذا المجال أن مستقبل سوريا استأثر بالجزء الأكبر من المحادثات، نظراً إلى تداعياته وانعكاساته المباشرة على لبنان في سعيه إلى استعادة الدولة حضورها وفاعليتها بدءاً من ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي الذي ثبت بعد نحوسنتين في ظله أنه يصيب المؤسسات تباعاً بالشلل والعجز.
وفي هذا السياق تناول البحث شكل الحكم المقبل في سوريا في ضوء اتفاق دولي، أميركي – روسي تحديداً على إجراء انتخابات حقيقية يشارك فيها السوريون أينما كانوا، وليس في السفارات كما حصل في الإنتخابات الأخيرة التي نظمتها السلطة السورية ، وتشرف عليها الأمم المتحدة خلال 18 شهراً من إعلان الإتفاق عليها. ومن الطبيعي بحسب مراقبين أن يكون لبنان في ضوء هذه التطورات قد شق طريقه نحو استقرار سياسي وعملية نهوض اقتصادي يبدآن بانتخاب الرئيس.
وقد لاقت القمة الروحية المسيحية التي انعقدت في بكركي هذا التوجه بالدعوة في بيانها الختامي إلى إعطاء أولوية قصوى لانتخاب رئيس الجمهورية، والعمل على الخروج من الإرباك على مستوى علاقات لبنان بالدول العربية ودرء موجات التطرف.
وفي مستوى الإنتخابات البلدية لاحظ مراقبون ميلاً إلى التوافق يسود لدى غالبية الأحزاب والفاعليات والمناطق ، بعدما تبين أن طبيعة هذه الإنتخابات، المحلية والعائلية بحزازياتها وحساسيتها وحساباتها لا يمكن تحميلها فوق ما تتحمّل، وبالتالي يمكن أن ينقلب السعي إلى غلبة حزبية ما في شكل واضح إلى نتائج عكسية سواء في الإنتخابات البلدية والإختيارية نفسها أم في الإنتخابات النيابية لاحقاً. وسيعني ذلك أن التركيبات القائمة لن تتغير كثيراً، خلافاً لما تردد سابقاً، خصوصاً في المناطق التي شاع أنها مرشحة لمعارك كبيرة وانقلابات في موازين القوى كما في التمثيل، في المناطق ذات الغالبية المسيحية في جبل لبنان والشمال. وقد تكون جونية المدينة الوحيدة التي ستشهد معركة انتخابية كبيرة وحقيقية إذا لم تنجح الاتصالات في التوصل إلى توافق فيها، في حين أن مدينة جبيل ذاهبة إلى توافق يكرس التركيبة البلدية الحالية مع بعض التعديلات، والأمر نفسه ينطبق على زحلة كما على غالبية بلدات المتن الشمالي وقراه.
ويؤكد المتابعون طي شعار "استعادة القرار المسيحي" عملياً بعدما جرى بحث في اعتماده إثارة لعصبية معينة وخوض الإنتخابات البلدية لجبل لبنان والشمال على أساسها، من أجل إظهار قوة "التحالف الثنائي" الناشىء بعد اتفاق "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" باستثارة عصبية معينة قد طوي عملياً، نظراً إلى انعكاساته السلبية المحتملة، والكبيرة، سواء في الإنتخابات أم في السياسة العامة، وتقرر بدلاً منه إعلان السير في العمليات التوافقية مع التركيز على الفوز أقله برئاسة أحد الإتحادات البلدية الثلاثة في جبيل وكسروان والمتن.
على صعيد آخر، من المتوقع أن تنشط الإتصالات لتسهيل تمرير جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، من خلال التوص إلى حل لمشكلتي جهاز أمن الدولة، وتعزيز أمن مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي بالتجهيزات المطلوبة. وتتجه الأنظار إلى جلسة التشريع النيابية التي سيتحدد مصيرها بعد جلسة الحوار الوطني في 20 نيسان الجاري، وسط تخوف من عواقب التصميم الذي أبداه الرئيس نبيه بري على المضي في عقدها بمعزل عن اعتبارات التمثيل التي راعاها سابقاً، معلناً استعداده لافتتاحها بحضور 65 نائباً، وذلك لأن الفريق المعترض على عدم إدراج قانون الإنتخابات النيابية بنداً أول وإقرار هذا القانون ، سوف يكون جاهزاً لتصعيد إعلامي وشعبي وسياسي لأسباب أبعد من الجلسة في ذاتها، وتتصل بتعزيز المواقف ورص الصفوف على أبواب الإنتخابات البلدية، علماً أن إصرار رئيس المجلس على هذا المنحى سوف يُحرج "تيار المستقبل" الملتزم وعد الرئيس الحريري بعد المشاركة في جلسة لا تبحث أولاً في قانون الإنتخابات، كما سيحمل حزب الكتائب على الوقوف بجانب "القوات" و"التيار العوني" في التحرك الإعتراضي لأسبابه المبدئية.