يتم بعيدا عن الإعلام التحضير لزيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر.وهناك من يراهن على هذه الزيارة التي تدخل في اطار التعاون السعودي المصري على انقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من النظام العربي باعتبار أن الرياض والقاهرة هما آخر ما تبقى من أعمدة هذا النظام وكل منهما في حاجة ماسة إلى الآخر حتى لا يواجه الانهيارات بمفرده.
إذ ان استعادة المبادرة في مثل هذه الحال باتت الخيار الوحيد لوقف التدهور العربي وتحصين الدول العربية الأخرى التي لم ينالها بعد هذا التدهور، فالتراجع العربي يبدو واضحا في دول عربية مثل العراق الذي يعيش تحت وطأة الميليشيات مما افقده القدرة على بناء جيش وطني قوي.
وكذلك لبنان فإنه في حال من الشلل التام خصوصا بعدما عجز عن انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور ما يقارب السنتين على الفراغ الرئاسي بسبب نفوذ الميليشيات على ان الأكثر خطورة في مظاهر التدهور نراه في سوريا التي كانت مثالا لقوة النظام السياسي وسطوته فأصبح مستقبلها ومستقبل رئيسها رهينة لتدخل روسي ونفوذ إيراني ودور أميركي ومصالح ميليشيات وجماعات إرهابية وتكفيرية أتت إليها من كل حدب وصوب، وكل جماعة تمارس القتل والإجرام والتدمير على طريقتها، وإذا كان المشهد العربي يفرض نوعا من الحوار مع إيران.
إلا ان هذا الحوار لا يأتي بثماره إلا إذا كان منطلقا من موقف عربي موحد. فايران من دول الجوار ولها حقوق الجيرة. ولكن ليس من بين هذه الحقوق. التدخل في الدول العربية لنصرة فريق ضد الآخر كما هو حاصل في لبنان وسوريا والعراق واليمن. وليس مقبولا من إيران ان تجعل من الميليشيات رافعة لدورها الإقليمين وقد تكون هذه المسألة من النقاط التي سيتم بحثها خلال زيارة الملك سلمان إلى مصر خصوصا بعد التردد المصري حيال الدور الإيراني في المنطقة.
وقد بدا الارتباك المصري واضحا في ما أبداه وزير الخارجية المصري أخيرا من تقليل لأهمية وصف حزب الله اللبناني بأنه تنظيم إرهابي. وتأكيد هذه الصفة في حق حركة حماس على ان البارز في المشهد العربي هو العلاقات السعودية مع قطر وتركيان وهي علاقات تعتبرها مصر عقدة أمام تطور علاقاتها وتعاونها مع السعودية ومصدر هذه العقدة لدى القاهرة هي مسألة الإخوان المسلمين والارجح ان السعودية انطلاقا من ذلك تقوم ومنذ زمن بدور وساطة بين مصر وتركيا. أما لتحقيق مصالحة بين القاهرة وانقرة او على الأقل لتخفيف حدة الاحتقان بينهما وموضوع هذه الوساطة سيكون من بين المواضيع التي سيطرحها العاهل السعودي الملك سلمان أثناء زيارته إلى مصر.
فالرياض ترى من الضروري أن يكون هناك تنسيق بينها وبين القاهرة وانقرة لأعادة التوازن للمنطقة أمام الانكفاء الأميركي والهجوم الروسي وتحالف ما يسمى جبهة الممانعة بقيادة إيران. بما يؤمن وزنا كبيرا لمواقف ومصالح هذه الدول الثلاث في الحلول المقترحة لأزمات المنطقة واهمها الأزمة السورية، وهذا التوازن غير ممكن من دون تعاون مصري سعودي حقيقي وجريء على قاعدة رؤية مشتركة ليس لمصالحهما فقط وإنما للمصالح العربية عموما..