قد يحتاج تحليل "إل كلاسيكو" برشلونة وريال مدريد الاخير الى صفحات كثيرة للحديث عن الجوانب الفنية وابعاد تلك النتيجة اللافتة التي اصابها ابناء العاصمة الاسبانية في "كامب نو" حيث اعتاد الكاتالونيون دهس الفرق الزائرة، لكن هذه المرة ليس الريال.
اللقاء الكبير الذي كاد الحكم اليخاندرو هرنانديز يحدد نتيجته النهائية، كانت الكلمة الاخيرة فيه لريال مدريد الذي حدّد مصيره بيده في هذه المناسبة، تماماً كما حصل في مباراة الذهاب التي سقط فيها امام غريمه الازلي برباعية نظيفة في "سانتياغو برنابيو".
وبعد أمسية السبت سأل كثيرون عمّا تغيّر منذ اربعة اشهر حتى اليوم غير زين الدين زيدان الذي وصل الى قيادة "الميرينغيز"، وسألوا ايضاً عن سبب ذاك التفوّق الذي اعطى الريال فوزاً معنوياً مهماً ربما ينقذ موسمه محلياً واوروبياً.
الواقع ان كل شيء كان مغايراً في صورة ريال مدريد في تلك الامسية، ولا شك في ان هذه المسألة اعطته فوزاً مستحقاً لا لبس فيه.
واذ ما بدا على ارض الملعب ان الفضل الاول يعود الى اللاعبين المستميتين في كل ما حصل، فإنه لا يمكن اسقاط لمسات زيدان، لان الاستراتيجية المرسومة لم تأتِ من فراغ بل ان للفرنسي دورا مؤثرا فيها، حيث كان انتشار لاعبيه مثاليا على ارض الملعب، وعرفوا متى يدافعون ومتى ينطلقون الى الهجوم، فاستقبلوا "البرسا" ككتلة واحدة، رغم سيطرة الاخير في الشوط الاول بشكلٍ رهيب، وضيّقوا المساحات بشكلٍ ممتاز بقيادة افضل لاعبي اللقاء البرازيلي كاسيميرو، الذي خنق الجميع، من دون ان يمنحوا في الشوط الثاني حرية كبيرة للاعبي الخصم بالتحرك. والاهم انهم لم يغامروا في الانطلاق الى الهجوم بل انهم صبروا حتى وجدوا المساحات والمنافذ المناسبة للانطلاق منها في الوقت المناسب الى المنطقة الكاتالونية فكان هدفا الفرنسي كريم بنزيما والبرتغالي كريستيانو رونالدو اللذان جعلا جمهور برشلونة في حالة صدمة طبيعية.
نعم هي الصدمة وخصوصاً لان "البلاوغرانا" كان متفوّقاً بشكلٍ كبير في مباراة الذهاب، لكن كما كان "البرسا" حاضراً بدنياً بطريقة ممتازة في "سانتياغو برنابيو"، كان الريال على الصورة نفسها في "كامب نو"، وهو الامر الذي صنع الفارق ايضاً لان نقاط المباراة كانت تنتظر صاحب النفس الاطول، وهذا ما ثبت عندما سجل الفريق الملكي وهو منقوص بعد طرد سيرجيو راموس، الذي لا يستحق حمل شارة قيادة فريقٍ بهذا الحجم، وهو الذي يضعه في مأزق في كل مناسبة كبيرة.
والحديث عن راموس يأخذنا الى نقطةٍ اخرى يمكن الاشارة اليها في المباراة ونتيجتها، اذ ان الحكم هرنانديز اهدى راموس فرصة البقاء لـ 60 دقيقة اخرى على ارض الملعب بعدما ارتكب خطأ واضحاً بحق الارجنتيني ليونيل ميسي كان يستوجب حصوله على انذارٍ ثانٍ. هرنانديز نفسه الغى هدفاً صحيحاً للويلزي غاريث بايل، فكان مع راموس اسوأ وجوه المباراة.
المهم ان الفارق البدني كان له الدور الاساس، وقد ضربت هذه النقطة برشلونة في الصميم فاختفى ميسي والبرازيلي نيمار في الشوط الثاني وبقي الاوروغوياني لويس سواريز وحيداً يقاتل في خط المقدمة، لكن "قتال الشوارع" مع راموس والبرتغالي بيبي. وهذا الارهاق للاعبين الاميركيين الجنوبيين سببه بلا شك سفرهم الطويل لخوض المباريات الدولية، وما لقطة عدم تمكن البرازيلي داني الفيش من الوصول إلا متأخراً لمقابلة رونالدو في حالة الهدف الثاني حيث فقد توازنه بلحظة، إلا دليل آخر على المشكلة البدنية التي اسقطت برشلونة بالضربة القاضية.
استحقها ريال مدريد رافضاً المزيد من "الاهانات" امام فريقٍ بدا حتى الأمس القريب انه من كوكبٍ آخر، قبل ان يعود الى الارض على متن رحلة مضطربة عنوانها "إل كلاسيكو".