يطرح القبض على أكبر شبكة إتجار بالأشخاص في لبنان تساؤلات عدة حول كيفية استمرار عمل هذه العصابة برغم مرور ثلاثة أشهر على القبض على صاحب «سيلفر أ» و «سيلفر ب» و «شيه موريس»، المتهم «م.ج» وزجه في سجن روميه بتهمة الإتجار بالبشر. وهو صاحب المرافق حيث سُجنت 75 سيدة سورية وجرى استغلالهن وإرغامهن على ممارسة البغاء.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها «السفير» من مصادر متابعة للقضية، فإن العين الأمنية لـ «حزب الله» هي التي أمسكت بالخيوط الأولى للعصابة إثر وصول أربع ضحايا بعد هروبهن من «سجنهن»، بيت البغاء، إلى منطقة حي السلم.
وفي التفاصيل أن سائق الحافلة (الفان) الذي أقلّ السيدات من منطقة المعاملتين، قد طلبْنَ منه نقلهن إلى منطقة الضاحية وتأمين مكان آمن لهن ليطلبن الحماية من «حزب الله»، خوفاً من عثور المتاجرين بهن عليهن ومعاقبتهن، كما فعلوا مع سيدة سبق أن هربت وكان مصيرها قطع لسانها.
تقول إحدى الضحايا من بين الأربع اللواتي هربن وساهمن في الكشف عن العصابة لـ «السفير» إنهن قصدن الضاحية لشعورهن أن أحداً لن يتمكن من إعادتهن إلى التجار في المعاملتين. وهناك من غرفته في «حي السلم» اتصل سائق الحافلة باللجنة الأمنية في «حزب الله» وروى لها قصة الفتيات ورغبتهن بطلب الحماية.
وعلى الفور تم نقلهن إلى أحد المراكز الأمنية التابعة لـ «الحزب» حيث جرى التأكد من عدم وجود أي «قطبة» أمنية مخفية خلف قضيتهن. بعدها اتصل أمن الحزب بفصيلة استقصاء جبل لبنان التي تقع منطقة المعاملتين - جونيه ضمن صلاحياتها، وأطلع المسؤولين فيها على كامل تفاصيل القضية وفق معلومات السيدات.
وأفادت السيدات أن الرأسيْن المدبريْن مع مالك المرافق السياحية هما «ع.ح» و «ع.ر» اللذين ما زالا فارين من وجه العدالة، ويتنقلان بجوازات سفر مزورة، فيما تم القبض على المتورطين في الإتجار «غ. الضفدع» و «ج. الضفدع» اللذين كانا يتوليان خداع السيدات في سوريا وفق مواصفات معينة تؤمن تشغيلهن وعلى رأسها طبعاً الشكل الجميل. وكان «الضفدعان» يقبضان من رئيس العصابة مبلغ ألف إلى 1500 دولار كـ «ثمن» لكل فتاة. ويتحدد المبلغ وفق شكل الفتاة وعمرها الذي يجب ألا يتجاوز الـ25 سنة.
وكان «الضفدعان» يعدان الفتيات بالعمل في فنادق ومطاعم لبنانية مقابل الف دولار في الشهر. وبعد وصول كل واحدة منهن ورفضها العمل في البغاء كان يتم الاعتداء عليها جنسياً من قبل شخصين إلى ثلاثة أشخاص في الأيام الأولى حتى ترضخ لكامل شروط المشغلين.
ومنذ تلك اللحظة باشر استقصاء جبل لبنان تحقيقاته واستقصاءاته وصولاً إلى كامل خيوط الشبكة، وتم الاستحصال على إذن القضاء لمداهمة المرافق السياحية «سيلفر» و «شيه موريس» ومن ثم تحرير الضحايا وتسليم عدد منهن لإيوائهن لدى ثلاث جمعيات أهلية، فيما لجأت بعضهن إلى أقارب لهن في لبنان. وبالإضافة إلى «غ. الضفدع» و «ج. الضفدع» تم القبض على ثماني حارسات كن يساهمن في استغلال الفتيات وتعنيفهن. وأفادت الضحايا أن إرغام كل واحدة على ممارسة البغاء مع عشرة إلى عشرين زبوناً في الليلة الواحدة مقابل مئة الف ليرة من كل زبون كان يؤدي إلى استرجاع التاجر بالبشر المبلغ الذي دفعه مقابل كل واحدة خلال ليلتين على الأكثر.
يذكر أن نشاط الشبكة مستمر في المكان نفسه منذ عشر سنوات وهو ما يطرح تساؤلاً جدياً حول الفساد الذي كان يلف هذه القضية، وحول إمكانية فتح تحقيق في جهازي الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والمكاتب المختصة بالآداب والنوادي الليلية عن سبب استمرار أبشع عملية إتجار وعبودية جنسية وأكبرها حتى الآن. فهل نحن أمام فساد أمني شبيه بملف الطبابة في قوى الأمن؟ ربما على الأجهزة الأمنية المختصة الإجابة عن هذا السؤال.
( السفير)