قبل زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز المرتقبة لروسيا، حمل الرئيس سعد الحريري الأزمة اللبنانية إلى موسكو، في سلسلة لقاءات، كان أبرزها لقاءه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين.

وبحسب مصادر متابعة للزيارة، فإن الحريري «ذهب لاستطلاع الموقف الروسي من التطورات في سوريا والرؤية الروسية للحلّ، بعدما باتت روسيا اللاعب الأول في الميدان السوري». ولمح الحريري في مقابلة مع قناة روسيا 24 ووكالة «أنتر فاكس» إلى عدّة عناوين جرى الحديث عنها في لقاءات المسؤولين الروس، وأهمها تعبير الحريري عن «رفض فدرلة سوريا والتأكيد على ضرورة بقائها موحّدة»، بما يتناسب مع ما سمعه الحريري في العاصمة الروسية. وقالت مصادر شاركت في الزيارة لـ«الأخبار» إن «الحريري سمع من المسؤولين الروس رفضاً قاطعاً لفدرلة سوريا وكل دول المنطقة». غير أن مصادر أخرى اطلعت على أجواء الزيارة أكّدت أن «تسويق ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية كان العنوان الأبرز في زيارة الحريري»، وأن رئيس تيار المستقبل «يحاول أن يظهر نفسه في روسيا كمسوؤل لبناني يمثّل الاعتدال السّني وليس كملحق بالمملكة السعودية». لكنه في المقابل، بحسب المصادر، يبحث عن «رافعة لأزمته المالية»، عبر الدخول إلى «ميادين جديدة للقيام ببعض الاستثمارات». وكشفت المصادر عن «سعي الحريري للانفتاح على سوق النفط والغاز مع مجموعة شركاء فرنسيين»، وتسربت معلومات عن «محاولة ترتيب شركة متعددة الجنسيات وتنشط على مستوى دول البحر المتوسط». والنشاط المستجد على هذا الخط، بحسب المصادر، مردّه أن «الحريري استشعر إغلاق الباب أمام طموحاته انضمام شركاته في عملية إعادة إعمار سوريا، على أن تعوض له هذه الاستثمارات خساراته في المملكة».
من جهة ثانية، لم يحتمل وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، أن تُرفع على أوتوستراد «الزلقا ــ جل الديب»، لافتة واحدة تنتقد المملكة العربية السعودية وأحكام الإعدام فيها، بما لا يقارن مع ما نشرته كبريات الصحف العالمية من انتقادات، وما يتمّ تداوله عالمياً على مواقع التواصل الاجتماعي من تهكّم على السياسات السعودية الداخلية ودعم الإرهاب في سوريا ولبنان والعراق واليمن، الذي باتت تشتهر به المملكة.


العنوان الأبرز في زيارة
الحريري لموسكو هو تسويق ترشيح فرنجية

 


وسريعاً، عاد ريفي عن استقالته فعلاً مع تمسّكه بها قولاً، لأن «المملكة تتعرض لحملة منظمة من الإساءات المبرمجة، التي كان آخرها صباح اليوم (أمس) وقيام عدد من الأشخاص بتعليق لافتة تضمنت عبارات مسيئة للمملكة» بحسب بيان له، طالباً من المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود «التحرّك الفوري لاستقصاء هوية هؤلاء الأشخاص، وتوقيفهم والتحقيق معهم لاستجلاء الجهات التي تقف وراءهم، وإنزال أشد العقوبات بهم».
وبالفعل، لم يمضِ وقت حتى أُعلن عن اعتقال الناشط العوني طوني أوريان، الذي اتهمته الأجهزة الأمنية بمسؤوليته عن تعليق اللافتة، بعدما كانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت قبل يومين الناشط بيار الحشّاش على خلفية الاعتداء على مكاتب جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، بعد نشرها كاريكاتوراً في مناسبة الأول من نيسان أو «يوم الكذب»، وصفت فيه لبنان بأنه «كذبة أول نيسان».
وفي وقت لا يزال يؤكّد فيه ريفي أنه مستقيل من مهماته، ولا يحضر جلسات مجلس الوزراء على خلفية موقفه من إطلاق سراح الوزير السابق ميشال سماحة، لا يزال ريفي وزيراً للعدل بقوّة عدم صدور مرسوم قبول استقالته موقع من مجلس الوزراء بصفته وريثاً لصلاحيات رئيس الجمهورية، ما يسمح لريفي بالبقاء وزيراً فعلياً للعدل.
غير أن اللافت أيضاً هو الصمت الرسمي والسياسي على ما قامت به «الشرق الأوسط» من إهانة للبنان وعلمه واللبنانيين، ما يدفع بالناشطين إلى القيام بردّات فعل عشوائية تعرّضهم للملاحقة القانونية، كرمى لتزلّف بعض المسؤولين للسعودية، ولا سيّما ريفي، الذي يحاول التنافس مع الحريري والوزير نهاد المشنوق على كسب الرضى السعودي. وكيف يمكن لريفي أن يفسّر قوله «إن هذا السلوك المتكرر الذي استهدف مصالح المملكة العربية السعودية، والذي وصل الى حد الإساءة، يهدد مصالح لبنان واللبنانيين ويدمر علاقاته مع الدول العربية والصديقة»، في وقت تستمر فيه الهجومات الإعلامية بحقّ سوريا، التي يرتبط بها لبنان ارتباطاً عضوياً، فضلاً عن الدور الذي اضطلع به تيار المستقبل منذ الخروج السوري من لبنان ومع الأزمة السورية بالتحريض على سوريا والعبث بالأمن السوري عبر إيواء وتهريب السلاح والمسلحين إلى الداخل السوري.
وتبدو خطوات ريفي الأخيرة كهروب من الإحراج الذي سببته له أخبار الفساد في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ولا سيّما أنه لمح لأكثر من ضابط وصديق ممن تواصل معهم في الأيام الماضية بأنه يحمّل الحريري والمشنوق مسؤولية التسريبات التي كشفت فضيحة الفساد في المديرية، وأن الهدف من التسريب هو استهدافه شخصياً. ووصل به التوتر إلى حد القول إنه «إذا كان الحريري والمشنوق يريدان استهدافي، فإن ما يفعلانه لا يمس أحداً سوى الشهيد وسام الحسن، فهو من كان رئيس شعبة المعلومات. وكشف الفساد في قوى الأمن الداخلي من مهمات هذه الشعبة في مجال الأمن العسكري».
في سياق آخر، حدّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مواعيد الانتخابات البلدية في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية يوم الأحد الواقع فيه 22 أيار 2016، وفي محافظتي لبنان الشمالي وعكار الأحد الواقع فيه 29 أيار 2016، وذكّر بمواعيد انتخابات محافظات بيروت والبقاع وبعلبك ــ الهرمل الأحد 8 أيار 2016، وانتخابات محافظة جبل لبنان الأحد 15 أيار 2016.