الهدوء السياسي الذي خيّم نهاية الاسبوع، لن يستمر الى الاسبوع المقبل. فأكثر من ملف خلافي ينتظر الحكومة السلامية وكل ملف يحمل «لغما» يهدّد اي اتفاق وزاري.
صحيح ان الملفات المطروحة امام مجلس الوزراء من تجهيزات المطار الى ملف النازحين الذي تسيطر حوله مخاوف من سحبه من الواجهة والتحكم به تحت الطاولة، الا ان ملف جهاز امن الدولة يبدو انه يتفاقم من حيث الضغط المسيحي، إذ يعتبر الفريق المسيحي ان اسلوب تعاطي الشريك المسلم مع المسيحيين قد تخطى كل الحدود المنطقية، ولن يسمحوا بعد اليوم بمنطق الاقصاء والتهميش الذي يمارسه البعض.
الا ان الفريق المسلم في الدولة يستغرب هذه المعركة الكبيرة المثارة حوله، ويعتبر ان الامر لا يحتاج سوى احترام القانون، وهناك اقتراح بتعديل هيكلية القيادة لا يتم الا وفق الاصول القانونية في المجلس النيابي.
فهل يبحث رؤساء الطوائف المسيحية اليوم في الصرح البطريركي ما آلت اليه اوضاع المسيحيين في الادارات الرسمية، وهل ستكون لهم الكلمة الفصل؟
يبدو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام يتقاذفان المسؤولية حول أزمة جهاز أمن الدولة، فينقل زوار بري عنه ان هذا الملف بيد سلام، بينما مصادر مقربة من رئيس الحكومة تنقل عنه قوله : «ما بدي زعلو».

بري

إذاً، نقل زوار بري امس انه اقترح «ان يصار الى استبدال المدير العام لامن الدولة اللواء جورج قرعة ونائبه العميد محمد الطفيلي، ووضع قانون جديد لمجلس قيادة امن الدولة بحيث يصبح المجلس مؤلفاً من 6 اعضاء بدل من اثنين (الرئيس ونائب الرئيس)، وقال بري: «وليعيّنوا الضابط الشيعي الذي يريدونه».
وتساءل «لماذا كل هذه الاثارة حول امن الدولة وكل هذه البلبلة، فهناك مشكلة تشبهها في التفتيش المركزي».
اشارة الى ان الرئيس في التفتيش المركزي ماروني والمراقب المالي درزي.
وقال بري: «انا تحدثت مع بطريرك الكاثوليك غريغوريوس لحام ومع الوزير ميشال فرعون، وهذا الموضوع عند الرئيس تمام سلام»، واكد بري: «نحن لسنا «بوياجييه» في البلد».
وفي موضوع انعقاد الجلسة التشريعية نقل الزوار تصميم الرئيس بري على الدعوة للجلسة، وسأل: «أليست مصالح اللبنانيين ومصلحة لبنان ميثاقية»، وقال: «انا سأدعو للجلسة عندما سيكون هناك مشاريع قوانين وليتحمّل الجميع مسؤوليته».

سلام

مصادر مقربة من سلام نقلت عنه «انا صاحب القرار الاول والاخير، ولا احد يرفع صوته امامي»، اضاف: «انا متضامن مع بري، وما بدي زعلو»، وسأل «اين القوى المسيحية لماذا لا تبحث الأمر مع بري، فهم لا يتحدثون عن هذا الموضوع الا ضمن مداولاتهم»، واكد انه سيمشي بأيّ حلّ يقرّره بري بالاتفاق مع القيادات المسيحية.
اما مصادر متابعة لهذا الملف، فقالت ان رئيس الحكومة استمع الى نصيحة المدير العام لرئاسة مجلس الوزراء سهيل بوجي الذي ارتأى انه لا يستطيع انشاء مجلس قيادي لأمن الدولة لانه يحتاج الى دراسـة كما يقول بوجي.
مع العلم ان الدراسة موجودة بحسب المصادر.

الحريري والكلام الروسي

ووصفت مصادر في 8 اذار حركة الرئيس سعد الحريري الخارجية بلا بركة، فلم يحصل على ايّ كلام يريحه في الاستحقاق الرئاسي وهو الذي كان يعوّل على ان القيادة الروسية يُمكن ان تضغط على طهران وسوريا لتحريك الملف الرئاسي.
واشارت المصادر الى ان على الحريري «ان يفتش عن حلول لمآزقه في امكنة لها الثقل السياسي، وعليه ان يقنع السعوديين ان لا امكانية لحلول جدية دون التفاهم مع حزب الله».
وشددت المصادر على ان الحريري «يعرف تماماً انه لا يمكن انتخاب رئيس بغياب المكوّن المسيحي الاكثر تمثيلاً، وغياب المكوّن الشيعي، كما يعرف ان الرئيس نبيه بري (رغم الكاريزما التي تجمعهما) لن يغطي جلسة انتخاب لا يرضى عنها حزب الله».
واكدت المعلومات ان الرئيس سعد الحريري سمع كلاماً واضحاً في موسكو «ان القيادة الروسية مهتمة جداً بالحفاظ على الوجود المسيحي في منطقة الشرق الاوسط، ولن تقبل «كسر» المسيحيين في لبنان من خلال فرض رئيس لا توافق عليه القوى المسيحية الوازنة».

عين الحلوة : سباق بين المعالجة والتفجير

امنيا، يبرز الملف الامني في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة، الذي يشكل احد اعقد الملفات الامنية على المستوى اللبناني، وعلى الرغم من قرار وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه الليلة ما قبل الماضية ، بعد اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلين من حركة «فتح» وآخرين ينتمون الى مجموعات ارهابية تتخذ من بعض احياء المخيم معاقل لها، فإن التوتر الشديد ما زال مسيطرا على المخيم.
وذكرت مصادر امنية فلسطينية لـ «الديار» ان مسلحي المجموعات الارهابية ما زالوا يستنفرون داخل بعض الاحياء التي يقيمون فيها، وبخاصة حي الصفصاف، وان هناك معطيات توافرت تؤكد استمرارهم في التفجير، وسط تأكيدات من جميع القوى الفلسطينية، وفي مقدمهم حركة «فتح» على عدم انجرارهم الى معركة يكون المخيم وسكانه ضحيتها.
وذكر قيادي فلسطيني لـ «الديار»، ان ما جرى يؤكد أن المسلحين الذين ينتمون الى جماعات ارهابية لديها توجيهات من جهات خارجية بتوتير الوضع داخل المخيم، من خلال عمليات اغتيال واطلاق قنابل لتصعيد الموقف والوصول الى اقامة محاور قتالية داخل المخيم، لخلق غيتوات تكون عبارة عن مربعات امنية مقفلة، يخرج منها ارهابيون ويدخل اليها ارهابيون، والهدف استهداف الامن اللبناني من بوابة المخيم.
ومع ان التوتير الامني الواسع الذي شهده مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة، والذي تخللته جولتان من الاشتباكات، بين مقاتلين لحركة «فتح» ومسلحين ارهابيين يقيمون في بعض احياء المخيم، وادت الى مقتل 3 أشخاص واكثر من خمسة عشر جريحا، الا ان صوتا من الحكومة لم يُسمع، مع ان ما جرى من فلتان امني واسع داخل المخيم ، كان ضمن الاراضي اللبنانية وملاصقاً لعاصمة الجنوب صيدا، وان كان المخيم خارج سيطرة الجيش اللبناني.