من عاصمة الشمال واحة العيش المشترك، حرص رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية على إعلاء صوت لبنان العروبي في الوقت الذي يتعرض فيه الوطن لأشرس المحاولات وأخبث الحملات الرامية إلى تشويه صورته وطمس هويته العربية. زار فرنجية طرابلس أمس رافعاً لواء العروبة ليؤكد «من بيته وبين أهله»: «عروبتنا تاريخنا، كلنا عرب وعلى العروبة ربانا الرئيس الراحل سليمان فرنجيه لم نفرّق يوماً بين طائفة وأخرى وبين مذهب وآخر والله يخرب بيت من أوصلنا الى المذهبية والطائفية». وعقب الزيارة صرّح زعيم «المردة» لـ«المستقبل» قائلاً: «شعرتُ نفسي في بيتي»، وأردف بالقول: «من الطبيعي أن أكون بين أهلي في طرابلس بينما التباعد كان هو الأمر غير الطبيعي بيننا»، لافتاً إلى أنّ «عودة الأحوال إلى طبيعتها تعيد المياه سريعاً إلى مجاريها بدليل أنّ تباعد 10 سنين تبدّد بلحظة».

وكان فرنجية قد زار دارة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الذي أولم على شرفه بحضور حشد وطني وسياسي وروحي إسلامي مسيحي وأكد على كونها «مناسبة وطنية جامعة يسعد بها الشمال» داعياً إلى «رفع حواجز الماضي الوهمية والنفسية» والعمل والتعاون في سبيل «إطفاء المحرقة السياسية التي أصابت الوطن والمتمثلة بالفراغ الرئاسي»، مع تشديد الشعار على أنّ القول بأنّ رئيس الجمهورية يختاره الموارنة أو المسيحيون حصراً هو بمثابة «الخروج عن الانتظام العام لأنّ الرئيس يختاره اللبنانيون عبر ممثليهم في البرلمان».

أما المرشح الرئاسي الشمالي فاستهل كلمته بالتأكيد على ضرورة أخذ العبر من الماضي ووجوب «النظر إلى الأمام»، وقال: «ترشيح الرئيس سعد الحريري لنا جاء من منطلق الاتفاق المسيحي والتوافق اللبناني (...) ومسألة الأقوى في كل طائفة هو أمر خطير لأن الاعتدال قد لا يكون في الضرورة هو الأقوى» في كل المراحل، مضيفاً: «المرشح القوي لرئاسة الجمهورية يجب أن ينبثق من طائفته ويمثل بيئته ويكون مقبولاً من الفئات الأخرى، ونحن نعتبر أنفسنا منبثقين من بيئتنا وطائفتنا ومقبولين من الفئات الأخرى».

كذلك، زار فرنجية مطرانية طرابلس المارونية حيث كان في استقباله راعي الأبرشية المطران جورج بو جودة وعقد معه لقاء مطوّلاً أكد بعده بو جودة على كونها زيارة «مهمة جداً» مشدداً على ضرورة محافظة طرابلس «على سمعتها بأنها مدينة العيش المشترك منذ القدم». وبدوره أشاد زعيم «المردة» بعاصمة الشمال بوصفها «مدينة الانصهار الوطني»، منوهاً في الوقت عينه بالدور «الوفاقي التوافقي» الذي يلعبه المطران بو جودة في طرابلس.

«الشرق الأوسط»

في الغضون، برزت أمس مروحة واسعة من الاستنكارات الوطنية للاعتداء الذي تعرضت له مكاتب صحيفة «الشرق الأوسط» في بيروت، بالتوازي مع قيام الأجهزة الأمنية بتوقيف أحد أبرز المحرضين والمشاركين في عملية اقتحام مقر الصحيفة وتخريب محتوياته بيار حشاش بينما عمد شبان آخرون من المرتكبين إلى تسليم أنفسهم والخضوع للاستجواب حول الحادث.

فقد دانت كل من منسقية الإعلام في «تيار المستقبل» الاعتداء لافتةً إلى أنّ «أي خطأ تتضمنه مادة صحافية أو إعلامية لا يُعالج بخطأ مماثل ضد وسائل الإعلام»، وأهابت بالأجهزة الأمنية العمل على محاسبة الفاعلين واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمن مكاتب الصحف اللبنانية والعربية. كذلك استنكر الاعتداء كل من «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي أبدى تضامنه مع أسرة الصحيفة، وحزب «القوات اللبنانية» الذي شدد على ضرورة الاحتكام للقوانين في أي اعتراض، وأمانة الإعلام في «حزب الوطنيين الأحرار» التي استغربت «منطق اللادولة بحجة الدفاع عن الدولة».

عسيري

تزامناً، تمنى السفير السعودي علي عواض عسيري إبقاء الردود على الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته «الشرق الأوسط» في إطارها الإعلامي وعدم تحويل الموضوع إلى «مادة للاستغلال من بعض الجهات التي تسعى الى تخريب علاقات لبنان بأشقائه العرب»، مجدداً إبداء احترام المملكة العربية السعودية للدولة اللبنانية ومؤسساتها وشعبها باعتباره احتراماً «ليس بحاجة الى برهان»، مع التأكيد على كون «العلاقات الأخوية القائمة بين المملكة ولبنان أعمق من أن تُختصر برسم كاريكاتوري».

الزياني

كذلك أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني عن ثقته «بقدرة الأجهزة الأمنية اللبنانية على كشف ملابسات هذا الاعتداء الإجرامي والقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة»، مشدداً على أنه «اعتداء جبان لا يعبّر عن مواقف الشعب اللبناني الشقيق الذي يدرك تماماً الدور الفاعل والمتميز الذي تقوم به صحيفة الشرق الأوسط في دعم لبنان إعلامياً، ومساندة حكومته في جهودها للحفاظ على أمن واستقرار لبنان وتحقيق تطلعات أبنائه في الحرية والكرامة والتنمية».