الهدف الاسمى هو وجوب رعاية مصالح الأمة العظمى ، ودرء المفاسد الكبرى عنها من الحاكم والمحكومين، و حفظ الأمن وأنه واجب على الجميع، وأن الإخلال به فساد في الأرض، والاديان باجمعها جاءت بحفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والمال والعرض والعقل) و نقطة التوازن والاعتدال، كما أن التعدد والاختلاف الفكري يكون حتما كلما وجد التطرف، وتكون حدته وشدته بقدر حدة هذا التطرف.
فان مصلحة الامة العظمى هي طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها. ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة عندما تبتعد عن مصلحة الامة العليا ومصيرها وكينونتها الانحراف الفكري ما هو إلا انحراف عن مصالح الامة نحو الإفراط والتفريط، أو الغلو والتقصير. ولتعديل هذا الانحراف الفكري يجب العودة به وبمن يحمله إلى جادة الامة بمصالحها في ظل الظروف والأحداث العالمية المحيطة، التي تموج بالصراعات والخلافات والقلق.
فانه من المهم إن تنتشر ثقافة الولاء للامة الواحدة والتفاؤل بامكانية تحقيق هذا الهدف والتسامح مع من لم يعي هذا المقصد العظيم وأن تسود روح المحبة في كل المتحدات الاجتماعية . وأن تشجع النخب الثقافية والحركات الانقاذية كل ما يساعد على رفع الروح المعنوية لأفراد المجتمع، وبث الأمل في إصلاح الأحوال وإزالة المعوقات عندها يمارس الأفراد التفكير الناقد و سوف يستطيعون التفريق بين الأفكار والمغالطات المتعددة التي يتبناها ويعرضها أصحاب الفكر المنحرف، ويختبرون بها مدى دقة وصلاحية تلك الأفكار المنحرفة.
وتنمو لديهم القدرة على التخلص من “السموم الإعلامية” التي تبثها جماعات التطرف الديني في وسائلها الإعلامية المختلفة في علاجها المشوه والمتحيز للقضايا والمسائل الاجتماعية والسياسية والدينية إن مما يلحق الضرر بالأشخاص والشعوب هو تغييب دور العقل ومكانته وعدم استخدام التفكير العقلاني المستقيم في الموازنة بين الأمور والتمييز بين الحسن والقبيح وتجنيب النفس والمجتمع أسباب الهلاك والدمار.
ولعل أهم تلك المهارات الفعالة والتي لها دور في الوقاية من الفكر المتطرف والمنحرف هو مهارة التفكير الناقد، وهي من المهارات والمقاييس المهمة التي تستخدم في الحكم على درجة نضج الأشخاص.
وفي هذه المهارة يتوصل الفرد إلي الأحكام والخيارات والقرارات بنفسه بدلا من أن يدع الآخرين يقومون بذلك نيابة عنه وفي جو الحرية تظهر الأفكار في النور ، فيمكن لأهل العلم مناقشتها، وتسليط الضوء عليها ، فتثبت وتبقى ، أو تختفي وتذهب ، أو تعدل وتهذب ، بدل أن تظل في السراديب التحتية، تلقن بلا مناقشة ، وتطرح بلا معارضة ، وتتفاقم يوما بعد يوم ، حتى يفاجأ الناس بها وبانحرافها وقد شبت عن الطوق هذا لدرء خطر الأفكار المنحرفة التي تحيا على الكبت والقمع والكراهية ، هو فتح النوافذ لنسيم الحرية وتشجيع روح النقد والنصيحة و الاستجابة للرغبة الشعبية في المشاركة السياسية والتي هي من مقومات الأمن السياسي حيث تكتسب السلطة الحاكمة شرعيتها، وعدم استئثارها بالحكم.
إن مسئولية رعاية الجيل الجديد مسئولية تقع على جميع مكونات الامة وفي طليعتهم الحكام الممسكون بزمام الأمور والقادرون على اتخاذ القرارات ، كما أن المسئولية تقع بالدرجة نفسها على العلماء والمفكرين المؤهلين بعلمهم وبصيرتهم، وحرية رأيهم باعتبارهم الأئمة الحاملين لأمانة الرسالة، وبراهين الحق والذين بإمكانهم رعاية الجيل الجديد من الانحلال والانحراف .
إن هؤلاء العلماء هم قادة الخير ورواد الإصلاح و هم المكلفون ببيان الحق للناس وهدايتهم إليه وتلك مسؤولية كبرى تقع على أهل العلم والفقه والمعرفة، فإن الله جل وعلا حملهم مسؤولية عظمى هي : هداية البشرية، ونشر العلم، وبذل النصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإبلاغ الحق، وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، ورثوا وظيفة التبليغ والإرشاد فعليهم أن يرشدوا ويعلموا، وأن يتولوا القيادة الروحية والفكرية للمجتمع ويسدوا الذرائع أمام الفتن وحماية الشباب من استغلال المستغلين المتاجرين بالدين .
فمتى ما أهمل العلماء هذه المسؤولية العظمى فإن البلدان تخرب، والقلوب تظلم، والنفوس تتيه، والأفكار تزيغ، والباطل يصول، والضلال يجول
يتبع......