تقاسَمت موسكو وباريس المشهد اللبناني أمس، ففي الكرملين خلوة بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس سعد الحريري، وفي باريس وبيروت تحضيرات لزيارة الرئيس فرانسوا هولاند للبنان مشفوعة بنصائح للرئيس الفرنسي بتأجيلها إلى ما بعد انتخاب رئيس لبناني جديد.
في معلومات لـ«الجمهورية» أنّ جهات فرنسية ولبنانية نصَحت دوائر قصر الإليزيه بأن يؤخّر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته للبنان في خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، الى حين انتخاب رئيس جمهورية، خصوصاً انّه لا يحمل معه حلّاً تنفيذياً للملف الرئاسي، وكذلك لكي لا تفسّر زيارته وكأنها إشارة للتطبيع مع الشغور الرئاسي. واقترحت هذه الجهات على هولاند بأنه إذا كانت لديه مبادرة حقيقية فليَدعُ القيادات اللبنانية الى فرنسا.
وكان وزير الخارجية جبران باسيل عرضَ مع السفير الفرنسي ايمانويل بون لترتيبات زيارة هولاند الى لبنان.
الحريري ـ بوتين
في غضون ذلك توّج الرئيس سعد الحريري زيارته لموسكو بلقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر الكرملين بعد ظهر امس بحضور وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والسيّد نادر الحريري ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان ومستشار الرئيس الروسي للشؤون الخارجية يوري اوشكوف والممثّل الخاص لبوتين في الشرق الأقصى ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
ورفضَ الناطق الإعلامي باسم بوتين دميتري بيسكوف الحديث عن مضمون الاجتماع الذي وصَفه بأنه «لقاء خاص، ويأتي استمراراً للعلاقات الشخصية الطويلة الأمد التي تربط بين بوتين والحريري». وذكّر بأنّ بوتين التقى الحريري مرّات عدة، وكانت المرّة قبل الأخيرة في أيار 2015، عندما تبادلا الآراء حول تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط. وكان بوتين التقى الحريري للمرة الأولى في مدينة سوتشي عام 2006.
بدوره، أوضَح المكتب الاعلامي للحريري أنّ اللقاء الذي تخلّلته خلوة بين بوتين والحريري دام ساعة، وتمّ خلاله البحث في الاوضاع السائدة في لبنان واستعراض جهود الحريري لإنهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، وتطرّقَ البحث الى التطورات الجارية في المنطقة، وخصوصاً في سوريا، والجهود التي تبذلها روسيا لإيجاد حلّ للأزمة السورية.
وفيما لم تتسرّب أيّ معلومات تفصيلية عن هذا اللقاء، قالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» إنّ التحضيرات التي سبقت اللقاء أوحت بأهمّيته، وإنّ التوقعات توحي بوجود استعدادات جدّية لدى روسيا لممارسة مزيد من الضغوط أينما تمكّنَت، لتعزيز التوجّه إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بهدف توحيد موقف لبنان من الأزمات المتناسلة، ولكي يكون حاضراً في المنطقة على المستوى الذي يوفّر تمثيلاً صحيحاً للبلاد أمام المحافل الإقليمية والدولية، على خلفية القلق المتنامي من عدم وجود موقف لبناني رسمي واحد في المحافل الدولية، وهو ما يشكّل خطراً جدّياً على مصالحه في المستقبل، وخصوصاً في المرحلة التي تتقدّم فيها الحلول السياسية والديبلوماسية على العسكرية منها للخروج من الأزمة وتداعياتها على الساحة اللبنانية كونها إحدى الساحات الأكثر تأثّراً بتداعيات الحرب السوريّة.
وأضافت المصادر أنّ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لعب دوراً مهمّاً في ترتيب اللقاء العاجل بين الحريري وبوتين والذي لم يكن محدّداً قبل القراءة المشترَكة التي أجراها والحريري لحجمِ المخاطر المحيطة بلبنان إنْ بقيَ بلا رئيس للجمهورية.
بالإضافة الى ما يتسبّبَ به الشغور الرئاسي من أزمات مردُّها إلى انتظار البعض الفرصة لترجيح كفّة فريق لبناني على آخر، وهو يعتقد أنّه قادر على تسييل انتصارات في الأزمة السورية وترجمتها في لبنان، فيما هي بعيدة المنال ويتساوى الاعتقاد بالوصول إليها باحتمال الوصول الى نكسات تصيب بعض اللبنانيين المتورّطين في الأزمة السوريّة».
وخَتمت المصادر: «إنّ نجاح الحريري في مهمّته الروسيّة ستكون له انعكاسات أخرى تتعدّى لبنان في محطات مقبلة. فلا يمكن تجاهل أهمّية هذا اللقاء قبل أسبوعين تقريباً على القمّة بين بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز المرتقَبة منتصف الشهر الجاري إنْ عقِدت، لأنّ موعدها هو الثالث إلى اليوم بعدما ألغيَ موعدان آخَران لها».
«العربية» تقفل مكاتبها
وإلى ذلك، تتوالى الأزمة اللبنانية ـ السعودية فصولاً، وكان جديدها أمس قرار قناة «العربية» وقناة «الحدث» المتفرّعة منها إقفال مكاتبها في بيروت نهائياً وتسريح جميع موظفيها. وفيما نقلَ مصدر إعلامي لبناني عن العاملين أنّ «أسباباً أمنية» تقف وراء القرار، قال أحد الصحافيّين العاملين في «العربية»: «أُبلِغنا بقرار إغلاق المكاتب والاستغناء عن 27 موظفاً».
وذكرَت القناة في بيانها أنّه «نظراً للظروف الصعبة والتحدّيات (...) وحِرصاً من القناة على سلامة موظفيها (...) تقرّر إعادة هيكلةٍ تسفِر عملياً عن إقفال المكتب المتعاون في بيروت». وقالت «إنّ «العربية» ستستمر في تغطية الشأن اللبناني ومتابعته الحثيثة».
جرَيج
وفيما اكتفى وزير العمل سجعان قزي بالقول لـ«الجمهورية»: «يدعوننا إلى العروبة ويقفلون العربية»، قال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«الجمهورية»: «فوجئتُ بالقرار وهو غير مبرَّر، لأن لا أسباب أمنية ولا أسباب اقتصادية لإقفال مكاتب القناة.
أمّا الأسباب السياسية فاعتقَدنا أنّها باتت خلفَنا. فإذا كانت هذه الخطوة موقفاً من الإعلام اللبناني، فالإعلام اللبناني حرّ، وحرّيته مكرّسة في الدستور، وإنّما تمارس هذه الحرّية تحت سقف القانون، وإذا كان هناك من تجاوز للقانون، فالقانون يحمي الناس والدول الصديقة إذا تعرّضَت للتشهير والقدح والذم. إذن مِن كلّ النواحي القرار مؤسِف وغير مبرّر».
حمادة
وقال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «نأسَف كثيراً لإغلاق مكتب «العربية»، وأتمنّى أن يبقى لهذه القناة المميّزة مراسلون في لبنان وآليّة عمل تستمر من خلالها تغطية الأحداث اللبنانية. وأغتنمها مناسبةً لأقول إنّ ممارسات «حزب الله» مع محيطنا العربي وأشقّائنا العرب أدّت إلى نوع من القطيعة الذي يتعمّق، وإن استمرّ الحزب على هذا المسار فأبشِروا بإغلاق لبنان وليس فقط قناة تلفزيونية».
فتفت لـ«الجمهورية»
من جهته، اعتبَر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت «أنّ إقفال مكتب «العربية» خسارة كبيرة للبنان»، وقال لـ»الجمهورية»: «إنّ لبنان يُراكِم الخسائر، لكن فلننتظر لنرى إن كان الموضوع مرتبطاً بتنظيم المحطة المالي والإداري، أم أنّ هناك مسألة سياسية وأمنية فعلاً».
ولم يرَ فتفت في هذا الإجراء أبعاداً سياسية «لأنّ الدول العربية لا تسَتّر مواقفَها السياسية بحججٍ أخرى، فلو كان السبب سياسياً لصرّحوا به، فلا أرى سبباً للتستير، لكنّهم وعدوا بإصدار بيان تفصيلي يشرح الأسباب لاحقاً، فلننتظره قبل التعميم».
وجزمَ فتفت بأنّ «غياب محطة كـ«العربية» عن بيروت يُعَدّ مؤشّراً خطيراً، وكأنّ لبنان لم يعُد مركزَ اهتمام أحد، وهو أمرٌ مؤسف لمستقبل البلد، خصوصاً أنّ العالم العربي يدخل في مرحلة قد تؤدّي إلى التوصّل لحلّ سياسي في سوريا»، مبدياً خشيته من «أن يدفعَ لبنان جزءاً مِن ثمن هذا الحل».
على صعيدٍ آخر، قال فتفت إنّ كاريكاتور صحيفة «الشرق الأوسط» الذي صوّرَ لبنان بأنّه «كذبة نيسان» «جاء وصفاً للحقيقة، و»الحقيقة بتِجرح»، وإذا ألقَينا نظرة على كاريكاتورات صُحفنا، نرى أنّ بعضها اعتبر رئاسة الجمهورية في لبنان كذبة أوّل نيسان»، لافتاً إلى أنّه «في حال اعتبَر البعض أنّ هناك دولة في لبنان، فهو يوهِم نفسَه، فهذا واقعُنا ويجب التعاطي معه، هناك «حزب الله» الذي يفرض سيطرته على البلد، ونحن نعيش في ظلّ وهمٍ اسمُه دولة، عاجزة عن انتخاب رئيس لها، وعن التشريع في مجلس النواب، علماً أنّ هذا ليس بالأمر الجديد، بل إنّه بدأ منذ الـ 2006، إذاً لبنان يتّجه نحو الانحدار منذ عشر سنوات»، موضحاً أنّ «الكاريكاتور، وإن اعتبَر البعض أنه جرَح كرامته، إلّا أنّه يصف الحقيقة، حيث هناك ميليشيا مسلّحة تسيطر على ما يُسمّى دولة».
تجهيزات المطار
مِن جهة ثانية، وفيما الاتصالات نشَطت أمس لحلّ أزمة تجهيزات المطار، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري اطّلعَ من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي زاره أمس، على واقع التجهيزات في المطار وما حكِي عن ثغرات أمنية فيه. فاتّصل بري بوزير المال علي حسن خليل وطلبَ منه إعطاءَ الأولوية لتأمين التمويل المتعلق بتجهيزات المطار ومستلزماته.
زعيتر
وأوضَح وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر لـ»الجمهورية» «أنّ المبلغ المطلوب يقارب السبعين مليار ليرة لبنانية لبناء السور وكاسر الموج، وكِلفته 24 مليار ليرة، وهو ضروري لأنّه يشكّل خطراً على المدرج الغربي، بالإضافة الى تركيب أجهزة سكانر وتوسيع شبكة كاميرات المراقبة وإنشاء غرفة تحكّم جديدة، ونظام خاص من أجهزة السكانر يَعمل على تفتيش السيارات والآليات». وأضاف: «سأطلب من مجلس الوزراء تأمينَ الاعتمادات لاحتياجات المطار التي سبقَ ورفعتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بداية هذه السنة».
«أوجيرو» تعتذر
وفي جديد التحقيقات القضائية المفتوحة على مستويات عدة في ملف الإنترنت غير الشرعي، كشفَت مصادر قضائية مطّلعة لـ»الجمهورية» أنّ مؤسسة «أوجيرو» لم تتمكّن من تسليم التقرير الذي طلبَه منها مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر كما وعدت به أمس الجمعة.
وقالت المصادر إنّ «أوجيرو» اعتذرت عن إمكان وضع تقريرها النهائي في شأن المعدّات التي تمّ تفكيكها في المراكز الأربعة وتوصيفها وتحديد مصدرها وسعتِها ووجهة استعمالها الى ما بعد عطلة «عيد البشارة» مطلع الأسبوع المقبل لتضعَه في الصيغة النهائية وبالتفاصيل الدقيقة التي طلبَت منها.
وكشفت المصادر أنّ «أوجيرو» ستضَع تقريرَين، أحدُهما ستُسلّمه الى المحكمة العسكرية والآخر ستسلّمه الى مديرية المخابرات في الجيش التي تتولّى بموجب استنابة قضائية التحقيقَ في جوانب أخرى من الملف.
على صعيد آخر شكّلَ وزير الاتّصالات بطرس حرب أمس لجنة فنّية عليا لمتابعة ومساندة التحقيقات الجارية على المستويات القضائية العدلية والأمنية والعسكرية وتقديم التوضيحات والإجابات الضرورية في موضوع شبكات الإنترنت غير الشرعية ومواكبة التحقيقات التي تجريها المراجع.
وأبلغَ حرب القرار إلى كلّ مِن النيابة العامة التمييزية، النيابة العامة الماليّة ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر.
الجمهورية : خلوة بوتين - الحريري: الرئاسة أولاً .. وتحرُّك لتأمين تجهيزات حماية المطار
الجمهورية : خلوة بوتين - الحريري: الرئاسة أولاً .. وتحرُّك...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
442
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro