ثمّة قائلون بالحرب الضرورة مع اسرائيل في مرحلة أحوج ما يكون اليها حزب الله لتصحيح صورته المشوهة أو المحترقة في العالمين العربي والاسلامي بعيد تخليه عن دوره كمقاومة والتحاقه برحلة الموت العبثية في أكثر من بلد عربي تماماً كما فعلت المقاومات العربية والفلسطينية في لحظة طيش ثوري أو هوس سياسي أو تبعاً لتبعية مفرطة للدول الآمرة .
يكتشف هؤلاء من خلال المادة الاسرائيلية المتوفرة دوماً في خطابات أمين عام حزب الله الحاحاً منه على استحضار العدو الأصلي للإبقاء على سرّ سحره العربي الذي منحه في لحظة منتصرة وهم الزعامة الثورية لشعوب عاشقة لشخصية البطل التاريخي الذي يأتي من غيب أو من غياهب الهزيمة ليصنع مجداً لزيف انتصاراتهم .
اذاً ثمّة من يقرأ الحضور الاسرائيلي في سطور السيّد حسن نصرالله بطريقة تدفع الى عدوان على لبنان خاصة وأنهم يعتبرون ما حصل من ردود بين اسرائيل والحزب داخل الخطّ الأزرق وخارجه مقدمات أولية لردود أطول. من مهامها إعادة الاعتبار العربي للحزب كمقاومة لا كطائفة مقاتلة بشراسة وبسيوف مذهبية لأهل السُنّة والجماعة بعد أن أخفق إعلامه في تحييد الشعارات المذهبية واستبدل كمّ هائل من الشعارات والرايات الفلسطينيّة بكمّ أكبر من الشعارات النقيضة والبغيضة لها والتي فتحت المجال لفضاء واسع ومكشوف للنيّل من المعتقدات الشيعية من قبل اعلام آخر أساء للمذهب بطريقة حرفية من خلال استخدام تصرفات الاعلام المقاوم من جهة والخطابات المتحمسة من جهة ثانية بطريقة توظيفية لكسر استقامة عقيدة المذهب في الشارع الاسلامي من خلال تهويده وشيطنته واعتباره أداة رخيصة في سياقات تاريخية لهدم وحدة الأمّة إضافة الى مقولات شيطانية أخرى من شأنها أن تشلح لا الحزب وحده بل المذهب قميص الألوهية الذي يرتديه .
هذا التوصيف لواقع ليس استنتاجي بقدر ما هو فعلي وحقيقي يعرفه حتى من يختبأ خلف الحقيقة يدفع بنظر القائلين بضرورة حرب اسرائيلية يحتاجها حزب الله الى الاقتراب من مشهد النار الاّ أن طبيعة هذه الحرب ومداها ومدتها وطبيعتها وحجم الدمار فيها هي ما تستوقف حسابات حزب الله منها لأن أي معركة متقاربة مع حرب تموز سوف تكون كلفتها عالية خاصة وأن دول التعويض المالي غير متوفرة ولن تدفع توماناً أو ريالاً واحداً وهذا ما سيضرّ بمصالح الحزب لعدم قدرته على اعادة الاعمار الى مما كان عليه وهنا ستكون الطامة الكبرى عليه من قبل المتضررين دولة وشعباً ولن يسعفه الانتصار في الصبر على ردء عدوان آخر من قبل بلد مفلس سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وسيحمل وحده وزر حرب مجنونة حتى من يمشي جنب حائطه سيبتعد ويتبرأ من فعلة الهدم والدمار واغراق البلاد والعباد بأزمات مستعصية على الحلول الطويلة .
اذا كانت طائرة الحزب قد دخلت أجواء فلسطين المحتلة وكان الخبر المذاع عنها صحيحاً فهذا اختبار آخر لصحة قول القائلين بسعيّ حزب الله الى الحرب مع عدو العرب وتكون طائرة نصرالله قد استطلعت أجواء الحرب وحجم الردود لدراسة ميدان النار الملتهبة في مرحلة متعددة الحسابات ومن شأنها أن تخلط الأوراق في المنطقة وتدفع الى مواقف جديدة للدول والشعوب في آن معاً .