مرة جديدة تؤكد الأحداث أن المنتخبين الأرجنتيني والبرازيلي لا يزالان يسيران على نسقٍ واحد رغم الخيبة التي مُنيا بها في المونديال و"كوبا أميركا" الأخيرين (وإن كانت أفدح للبرازيليين). في الأرجنتين والبرازيل لا وجود إلا لليونيل ميسي ونيمار.
نجمان يضع عليهما بلداهما كل الآمال والطموحات، وهذا ما تكرر في التصفيات الحالية لمونديال 2018، من دون تغيّر في الصورة التي يبدو أنها ستظل على هذه الشاكلة حتى الاستحقاقات المقبلة، في مقابل صورة مختلفة تماماً لدى منتخبات أوروبا التي تعتمد أسلوباً آخر قوامه المجموعة المتكاملة والمتراصة التي لا تقوم على فردٍ واحد، فترتفع بارتفاعه وتسقط بسقوطه.
وهذه هي الحال تماماً في الأرجنتين والبرازيل. مرة فوق ومرة تحت، وفي الحالتين ابحث عن ميسي ونيمار، وهذا ما لم تكن عليه الحال مع المنتخبين سابقاً، إذ صحيح أن البرازيل عرفت بيليه والأرجنتين دييغو أرماندو مارادونا، لكن إلى جانب هذين الأسطورتين، وبدرجة أقل الأخير، كانت هناك مجموعة تدعم وتساعد، وما كان على اللاعبين المذكورين إلا أن يبصما بسحرهما وإبداعهما على عملها وإخراجه بصورة مميزة.
في المباراتين الأخيرتين في تصفيات مونديال روسيا حيث ثبت مجدداً مدى التأثير السلبي والإيجابي الذي يتركه ميسي ونيمار وانعكاسه على صورة منتخبيهما.
بالنسبة إلى الأرجنتين، وبمجرد أن عاد "ليو" إلى التشكيلة بعد غيابه عن المباريات الأولى بسبب الإصابة، رأينا "الألبيسيليستي" يحصد فوزين متتاليين للمرة الأولى، حيث كانت لميسي فيهما بصمته، وتحديداً في المباراة الثانية أمام بوليفيا التي تألق فيها وساهم بروعة في الهدف الأول، وسجل الثاني من ركلة جزاء. صحيح أن "البرغوث" لا يظهر على الدوام مع منتخب بلاده بالشاكلة التي يكون عليها مع فريقه برشلونة، لكنه يبقى العنصر الأوحد الذي يدير محرك "التانغو" أو يطفئه. فإذا كان "ليو" في يومه، فإن الأرجنتين تكون في يومها، وإذا غاب "ليو" غابت الأرجنتين، مقابل انتفاء أدوار النجوم الكثر الآخرين الموجودين في التشكيلة، وهذا ما تُظهره النتائج في التصفيات الحالية بين حضور ميسي وغيابه. بمعنى آخر، فإن الأرجنتين لا تزال ترهن مصيرها بالكامل لنجمها الأول، رغم عدم تقديمه أداءه مع "البرسا"، وفق مقولة متكررة "هذه المرة سنرى ميسي برشلونة"، حيث يكون "ليو" هو محور خطة اللعب، ما يجعل، وبوضوح، الأرجنتين منتخب النجم الأوحد.
الصورة تبدو مطابقة تماماً، لا بل حتى بشكلٍ أكبر، عند الغريمة البرازيل، حيث لا كلمة إلا لنيمار، فهو البطل والبقية "كومبارس". وهذا ما تجسّد مجدداً في جولتي التصفيات حيث إن عدم فعالية نجم برشلونة في المباراة الأولى أمام الأوروغواي، رغم تمريره الهدف الثاني الذي سجله ريناتو أغوستو، أدى إلى تعثر "السيليساو". أما عندما غاب في المباراة الثانية أمام الباراغواي بسبب الإنذارات، فإن شكل البرازيل تغيّر كلياً وكانت على وشك الخسارة لولا الهدفان المتأخران اللذان سجلتهما، كما حصل بالضبط في المونديال و"كوبا أميركا" الأخيرين حين غاب عن بقية مبارياتهما.
نقطة جامعة تترسخ أكثر فأكثر بين الأرجنتين والبرازيل رغم خلافهما الأزلي، وهي اعتمادهما على نجم واحد يتمثل في ميسي عند الأولى ونيمار عند الثانية، ما يشكل الحل والمشكلة على السواء لكليهما، لذا لا استغراب في أن تظل الأيدي على القلوب في كلا البلدين تحسّباً لأي طارئ على النجمين.
(الأخبار)