لن تُعقد اليوم جلسة مجلس الوزراء، بعدما تقرر إرجاءها رسمياً بسبب وفاة والدة الرئيس تمام سلام، والتي ووريت أمس في جبانة الشهداء، فيما ينصرف رئيس الحكومة لتقبّل التعازي لليوم الثاني في «البيال» والتي تُستكمل غداً الجمعة.
على أن هذا الإنشغال لم يحجب تصاعد أوار الخلافات المحدقة بطاولة الحوار، وربما بجلسة مجلس الوزراء المقبلة، على خلفية إنزعاج الرئيس نبيه برّي من الرفض القاطع الذي أعلنه «التيار الوطني الحر» لأية جلسات تشريعية، قبل أن تقرّ القوى السياسية، لا سيما الكتل المعترضة على انتخاب النائب ميشال عون، بأن المخرج من الأزمة الراهنة يكون بانتخابه وإلا فإن الأزمة مفتوحة على خيارات ليس أقلّها المراوحة، ما دام الاستقرار المؤدي إلى عودة المؤسسات إلى العمل ليس عملية متاحة، وأن الذهاب بالأوضاع إلى حدّ هزّ الاستقرار دونه رفض متصاعد دولياً وإقليمياً ومحلياً.
وإذا كان الوسط السياسي اللبناني ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري من موسكو للإطلاع على ما توفّر لديه من إتجاهات دولية في ما خصّ مفاوضات جنيف السورية، ومصير نظام الرئيس بشار الأسد المدعوم روسياً، والمدى الذي بلغته الإتصالات الجارية بين موسكو وواشنطن وطهران والرياض في سياق «المساهمة في خلق الظروف المؤاتية التي ستمكّن لبنان من التغلّب على مشاكله الداخلية»، على حدّ تعبير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أثناء استقباله لرئيس تيّار «المستقبل» والوفد المرافق له، في حضور نائبه لشؤون الشرق الأدنى ميخائيل بوغدانوف ومساعديه للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الروسية.
وأكد لافروف خلال الاجتماع أن «بلاده مع ترك الشعب اللبناني يحل مشاكله بنفسه، بعيداً عن أي تأثير خارجي»، معرباً عن رغبه بلاده بالإسراع بإيجاد حل لمشكلة الرئاسة الأولى، في ضوء ما سمعه من الرئيس الحريري.
وكان الرئيس الحريري أشار إلى أن التدخلات تحصل في المنطقة لمنع انتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن يُشير إلى هذه التدخلات التي بحثها مع لافروف، مع الإشارة إلى أنه سبق له واعتبر أن إيران معنية بهذه التدخلات.
وإذ شدّد الحريري على المسائل التي يلتقي فيها لبنان مع روسيا، لا سيما مكافحة الإرهاب، وإيجاد حل سياسي للحرب السورية، أكد أن لبنان يتطلّع إلى دور لروسيا فيه، لا سيما التعاون لمكافحة الإرهاب على حدوده الشرقية بما في ذلك التعاون العسكري.
وفي موقف توقّف عنده المراقبون، قال الحريري أنه «من الضروري أن تبقى سوريا دولة موحدة، من دون أن يكون الرئيس الأسد جزءاً من الحل النهائي للأزمة السورية».
ورداً علي أسئلة قناة «المستقبل» أشار الحرري إلى أنه «لمس إهتماماً روسياً كبيراً بلبنان»، مشيراً إلى أن «الحل السياسي هو بانتخاب رئيس للجمهورية»، وأن هذا الأمر بحثه مع لافروف، داعياً موسكو إلى أن «تضطلع» بدورها على هذا الصعيد، لا سيما وأنها تدعم الجهود التي تبذلها القيادات اللبنانية لحماية لبنان من أي كارثة يمكن أن تحصل (راجع ص2).
وفي السياق الديبلوماسي نفسه، وصل إلى بيروت مساء أمس وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في زيارة رسمية تستمر حتى مساء اليوم، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين، أحطيت تفاصيلها بسرّية، لكن يتوقع أن يتناول خلالها تزويد لبنان بمعدات عسكرية لمراقبة الحدود مع سوريا في إطار المساعدات البريطانية للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية لمواجهة مخاطر الإرهاب.
وأشارت معلومات إلى أن مسؤولاً أميركياً وآخر روسياً قد يزوران بدورهما لبنان لدفع الجهود المبذولة على خط دعم استقراره الأمني والسياسي بتسريع انتخاب رئيس للجمهورية وتحصين مؤسساته الدستورية، لافتة إلى أن المسؤولين الغربييين سيعقدون لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين والقادة السياسيين في إطار محاولة حلحلة العقد المتحكمة بالإستحقاق الرئاسي (راجع ص2).
المصارف سالمة
في هذا الوقت، سارعت جمعية المصارف إلى نفي المعلومات التي تحدثت عن توقف العمليات المصرفية بين لبنان وبلدان الخليج العربي، لا سيما المملكة العربية السعودية.
وقالت الجمعية في بيان لها أن العمليات المصرفية سائرة كالمعتاد وعلى نحو طبيعي بين لبنان وبلدان الخليج، بما فيها التحويلات المالية وبالإتجاهين.
وفي هذا الإطار، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن وضع المصارف اللبنانية سليم، وأن مصرف لبنان لن يسمح بإفلاس أي مصرف.
وفي سياق متصل، أعلن مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية عن قراره بمقاطعة «مؤتمر طاقات إغترابية» الذي دعت إليه وزارة الخارجية في أيار المقبل، على خلفية مواقف وزير الخارجية جبران باسيل المتنكّرة للتضامن العربي، والمتجاهلة للبنانيين المنتشرين في دول الخليج.
ودعا المجلس الحكومة إلى إنشاء خلية أزمة لرأب الصدع الحاصل، واحتواء تداعيات الأزمة القائمة مع دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على حصر أضرارها وإعادة لبنان إلى محيطه العربي. 
وقد أخطر المجلس وزارة الخارجية ببيان رسمي بقراره هذا.
مؤتمر جنيف
وعلى صعيد المؤتمر المنعقد في جنيف للبحث في إعادة توزيع نصف مليون لاجئ سوري في أوروبا، خارج إقامتهم الحالية هناك، استغرب الوزراء المشاركون من دول جوار سوريا في المؤتمر ما سمعوه من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن هناك 480 ألف سوري على الأقل الذين فرّوا من سوريا بسبب النزاع فيها بحاجة لإيجاد بلد مضيف في السنوات الثلاث المقبلة.
ورفض وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في كلمته أمام المؤتمر أية محاولة لتوطين أي سوري في لبنان، معتبراً أن لبنان لا طاقة لديه، وأن على المجتمع الدولي البحث عن دول قادرة لاحتواء نازحين جدد أو توطين ما تحتاج إليه، بوصفه مكسباً نظراً لحاجة الدول المتطورة الصناعية إلى قوى عاملة، ومواهب جديدة تحلّ محل الذين يتقدمون بالسن، وفقاً لتعبير بان نفسه.
وما أعلنه درباس في جنيف، أكد عليه رسمياً الرئيس سلام في المؤتمر المصرفي العربي 2016، في بيروت، الذي مثّله فيه وزير البيئة محمّد المشنوق، بأن لبنان يرفض رفضاً باتاً توطين النازحين السوريين، داعياً للكفّ عن «تخويف اللبنانيين بهذه الفزّاعة».
وقال: «كفي مزايدات كلامية تفاقم الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد، وتحريك الغرائز وإغراق فئة من اللبنانيين في كوابيس الخلل الديموغرافي»، منتقداً أداء الوزير باسيل من دون أن يسميه وقال: «إن السياسات الخارجية للدول تُرسم وفق معايير المصلحة الوطنية وليس أي اعتبار آخر، ومصلحة لبنان تقتضي التعاون بإيجابية مع المؤسسات الدولية، فمن المعيب طلب المساعدات للنازحين والشك بنوايا من يحملها إلى لبنان واتهامه بالتآمر».
التشريع
محلياً، أعلنت مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ«اللــواء» ان التكتل لن يسير بأي تشريع، وأن ما أعلنه بشأن جلسة تشريع الضرورة مبدئي، وان هناك مواصلة في التصعيد السياسي، لكن المصادر نفسها أوضحت أن مشاركة التكتل في هذه الجلسة مرتبطة بإدراج قانون للانتخابات يحقق التمثيل الصحيح، متسائلة عمّا إذا كانت هناك نية للوصول إلى نتيجة في هذا القانون، مؤكدة أنه حتى الساعة ما من رغبة بالاتفاق.
وكشف النائب سليم سلهب لـ«اللواء»: ان هناك تنسيقاً يتم بين «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» لجهة المشاركة أو عدمها بالنسبة للملفات المتصلة بجلسة التشريع، مذكراً بأهمية ما ورد في بيان التكتل أمس الأول.
وكان الرئيس نبيه برّي أكد أمس في لقاء الأربعاء النيابي على ضرورة التشريع ومعاودة المجلس نشاطه لأن التشريع أصبح أكثر من ضرورة لمصلحة البلد، مجدداً التأكيد على متابعة فضيحة الانترنت بكل تفاصيلها حتى النهاية، معتبرا ان هذه القضية خطيرة في مكان بحيث لا يمكن السكوت عنها بأي شكل من الاشكال.
الانترنت غير الشرعي
تزامناً، لم تتوصل لجنة الإعلام والاتصالات في جلستها الثالثة تحت عنوان: «فضيحة الانترنت غير الشرعي» إلى أجوبة واضحة حول المتورطين في هذه القضية، وكيفية وصول الشبكات غير الشرعية إلى المؤسسات الأمنية ورئاسة المجلس، وأبقت على اجتماعاتها مفتوحة، وكذلك محضرها، بانتظار الاستماع إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق والأجهزة المختصة، بعد ان تبين لها وجود 4 معابر غير شرعية في فقرا وجرود الضنية والزعرور وعيون السيمان، بالإضافة إلى خط بحري يمتد من نهر الكلب إلى نهر إبراهيم.
اما من الناحية المالية، وحسب ما أفاد وزير المال علي حسن خليل في الجلسة، فإن الهدر من سرقة المال العام يتجاوز 200 مليون دولار سنويا، في حين تبلغت اللجنة من وزير الدفاع سمير مقبل الذي شارك في الجلسة ايضا ان التحقيقات مستمرة وأصبحت في يد القضاء، فيما أكّد وزير الاتصالات بطرس حرب المضي في الموضوع حتى النهاية دون تراجع.
وتقرر ان تعود اللجنة إلى الاجتماع مجددا الثلاثاء المقبل.