داخلياً، فرض الظرف العائلي الذي طرأ على رئيس الحكومة تمام سلام برحيل والدته، ترحيل عمل الحوار الوطني أمس ومجلس الوزراء اليوم إلى أجل لاحق، على وقع تسجيل ثابتتين مبدئيتين تربطان النزاع مع «التيار الوطني الحر» من خلال إبداء رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأولى عزمه وإصراره على المضي قدماً في تفعيل العمل التشريعي، وإعراب سلام في الثانية عن استيائه من «الديبلوماسية» العونية العاملة على تقويض علاقات لبنان العربية والدولية والملوّحة «بشبح التوطين» تحريكاً للغرائز وتخويفاً للبنانيين. أما في المشهد الوطني العام، فبرزت أمس المحادثات «الجيدة جداً» التي أجراها الرئيس سعد الحريري في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وتمحورت بشكل أساس حول الضرورات الوطنية والإقليمية الملّحة التي باتت تفرض الإسراع في الحل السياسي لسوريا والحل الرئاسي للبنان، وسط تأكيد الحريري في الملف السوري على وجوب بقاء الدولة السورية موحدة من دون بشار الأسد الذي «لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل النهائي للأزمة» كما نقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عنه، وتشديده في الملف اللبناني أمام لافروف على الحاجة إلى التشاور مع القيادة الروسية في سبل وقف «التدخلات الحاصلة لمنع انتخاب رئيس للجمهورية».

وفي مستهل اجتماعهما في مبنى الضيافة التابع لوزارة الخارجية، رحب لافروف بالحريري معرباً عن اهتمام موسكو بالحفاظ على «أسس المجتمع ومؤسسات الدولة» في لبنان وحرصها على «أن يتمكن من التغلب بأسرع وقت ممكن على الأزمة الداخلية التي يعاني منها»، مع تمنيه على «جميع الشركاء الخارجيين المساهمة في خلق الظروف المؤاتية التي ستمكن لبنان من التغلب على مشاكله». 

وبعدما أبدى الوزير الروسي تطلعه إلى التشاور معه في «الأوضاع الداخلية اللبنانية وأوضاع المنطقة المعقدة للغاية»، توجّه الحريري إلى لافروف مؤكداً أنّ لبنان يمر ومؤسساته «بمرحلة صعبة جداً» مثمناً الدور الروسي في المنطقة ومتطلّعاً إلى تفعيل هذا الدور في لبنان أيضاً، لافتاً في هذا السياق إلى أهمية التشاور في كيفية حلحلة الأزمة الرئاسية وفي سبل مكافحة الإرهاب. 

ولاحقاً إثر استكمال مواضيع البحث خلال مأدبة غداء تكريمية أقامها لافروف على شرف الحريري والوفد المرافق له، وصف الحريري لقناة «المستقبل» لقاءه مع وزير الخارجية الروسي بـ«الجيد جداً» وقال: «تحدثنا بكل صراحة، لا شك أن هناك اهتماماً روسياً كبيراً بلبنان ونحن نحاول بكل الوسائل أن نحميه من أي كارثة يمكن أن تحصل»، مشدداً على كون انتخاب رئيس للجمهورية يشكل «الأهمية القصوى» لأن حل الأزمة الرئاسية من شأنه أن يساهم في حل «معظم المشاكل التي يشهدها البلد».

وفي معرض إشارته إلى بحث «المواضيع التي تتعلق بالمنطقة وتقدّم الأمور في سوريا« مع الوزير الروسي، أعرب الحريري عن أمله في أن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية «بأسرع وقت ممكن«، وأردف: «موقفنا واضح في موضوع بشار الأسد، وهم كذلك موقفهم واضح (...) ومن الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد حلاً سياسياً في سوريا»، مبدياً ثقته بأنّ الحل آتٍ وبأنها مسألة جوهرية تهم الشعب السوري.

بري

بالعودة إلى عين التينة، فقد نقل نواب لقاء الأربعاء عن رئيس المجلس النيابي تشديده على أنه «لا بد من العودة الى تفعيل عمل المجلس والتشريع لأن هذا الأمر أصبح أكثر من ضروري لمصلحة البلد»، وأضاف: «نحن دائماً نعرف كيف نحفظ مصلحة لبنان واللبنانيين والأصول في آن معاً».

سلام

تزامناً، لفتت الانتباه مضامين كلمة رئيس الحكومة التي ألقاها نيابةً عنه الوزير محمد مشنوق خلال انعقاد المؤتمر المصرفي العربي السنوي أمس، سيما لجهة انتقاده «الأصوات» التي عكّرت صفو الزيارة «البالغة الأهمية» التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون برفقة رئيسي البنكين الدولي والإسلامي للتنمية إلى بيروت، مستنكراً هذه الأصوات التي سعت إلى التشكيك بنيات المجتمع الدولي ناسبةً له ولبعض اللبنانيين نيات مضمرة بتوطين النازحين السوريين. 

وفي حين جزم بأنّ «لبنان بكل فئاته يرفض توطين السوريين، وأنّ النازحين يجب أن يعودوا إلى ديارهم فور زوال الأسباب التي أبعدتهم عنها»، قال سلام: «كفى تلويحاً بشبح التوطين وتخويف اللبنانيين بهذه الفزاعة. كفى تحريكاً لغرائز فئة من اللبنانيين وإغراقها بكوابيس الخلل الديموغرافي. كفى ادعاءً باحتكار الحرص على لبنان واتهام الآخرين بالتفريط فيه. كفى التعاطي مع الأولويات الوطنية وكأننا في حملة انتخابية لا تنتهي. كفى مزايدات كلامية تُفاقم الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد»، مشيراً في انتقاد مباشر لأداء وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسميه إلى كون «السياسات الخارجية للدول تُرسم وفق معايير المصلحة الوطنية وليس أي اعتبار آخر (...) من المعيب أن نطلب المساعدة لتحمل عبء النازحين وعندما تأتي ننتقد حاملها ونشكك في نياته ونتهمه بالتآمر علينا».