أثار طلب إسرائيل من رعاياها مغادرة تركيا في أسرع وقت، تحسباً لهجمات يشنّها تنظيم «داعش»، صدمة في أنقرة، التي أكدت أنها أحبطت تفجيرات أخرى أخيراً، محاولةً طمأنة السياح الأجانب بعد تقارير أمنية أفادت بأن التنظيم خطّط لاستهداف مسيحيين ويهوداً خلال عيد الفصح في إسطنبول نهاية الأسبوع الماضي.
وكان «داعش» استهدف في إسطنبول في الأسابيع الأخيرة، في عمليتين منفصلتين، سياحاً ألماناً في ساحة السلطان أحمد، وإسرائيليين في ساحة «تقسيم». كما تواجه تركيا هجمات انتحارية يشنّها تنظيم «صقور حرية كردستان» التابع لـ «حزب العمال الكردستاني».
وبعد مقتل السياح الإسرائيليين، أصدرت هيئة مكافحة الإرهاب التابعة للحكومة الإسرائيلية تحذيراً عاماً من «الدرجة الثالثة» من السفر إلى تركيا، ورفعت هذا التحذيرَ أمس إلى «الدرجة الثانية»، مشيرة إلى «تهديد ملموس كبير»، وزادت: «نكرّر توصيتنا (الرعايا) بتجنّب السفر إلى هناك، وللإسرائيليين الموجودين في تركيا بمغادرتها في أقرب وقت».
وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن ثمة إنذارات متوافرة لدى الهيئة باحتمال قيام «داعش» بتنفيذ تفجيرات تستهدف إسرائيليين في تركيا. وهذا هو الإنذار الثاني الذي تصدره الهيئة خلال الأيام العشرة الأخيرة منذ تفجير إسطنبول السبت قبل الماضي. ولفتت الإذاعة إلى أن الإنذار الذي أصدرته هيئة مكافحة الإرهاب يكاد يكون نادراً في حدة لهجته.
وقال الرئيس السابق للهيئة نيتسان نوريئل، إن الإنذارات التي تطلقها الهيئة لا تعتمد فقط تقويم الأوضاع، إنما أساساً على معلومات استخباراتية عينية توفرها الاستخبارات الإسرائيلية أو غيرها من الوكالات التي تتعامل مع إسرائيل، «وعندما تتجمع مثل هذه المعلومات تجتمع الهيئة وتطلق إنذاراها». وأضاف أن حدة التحذير أمس تؤشر إلى توافر معلومات استخباراتية محددة تلزم إعادة الإسرائيليين إلى البلاد.
واستدرك ديبلوماسي بارز بأن التحذير موجّه فقط للسياح الإسرائيليين وليس لحاملي الجنسية المزدوجة الذين يعيشون في تركيا، مشيراً إلى أن ذلك ينسجم مع أحدث معلومات تلقّتها تل أبيب من السلطات التركية، علماً بأن عشرات الآلاف من السياح الإسرائيليين يزورون تركيا سنوياً.
في المقابل، أعلن إبراهيم كالين، الناطق باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده أحبطت أخيراً تفجيرات أخرى لـ «داعش»، بعضها انتحاري. وشدد على أن «الإرهاب مشكلة عالمية، والمشكلة أننا لا نستطيع تقدير أين يمكن أن يحدث»، وزاد: «علينا تجنّب تجميد روتيننا اليومي، وهذا (الأمر) يُسعِد الإرهابيين».
ويؤشر التحذير الإسرائيلي إلى عودة الضغوط الدولية على تركيا، في ما يتعلق بهجمات «داعش»، ومسؤولية أنقرة عن تسلّل أعضاء من التنظيم عبر أراضيها، وذلك بعد محاولة أردوغان إلقاء كرة المسؤولية في ملعب الاتحاد الأوروبي، إثر كشف إطلاق بلجيكا انتحارياً سلّمته أنقرة، شارك الثلثاء الماضي في تفجيرات بروكسيل.
وذكرت مصادر ديبلوماسية أن تبادل الاتهامات وتقاذف المسؤولية بين تركيا والغرب، دخلا فصلاً جديداً، مع تجديد واشنطن ضغوطها على أنقرة لطرد «داعش» من الحدود التركية في جرابلس السورية ومنبج والباب القريبتين، علماً بأن أنقرة ما تزال ترفض دخول القوات الكردية هذه المناطق، بحجة منع الأكراد من توسيع حكمهم في شمال سورية.
ويبدو أن من بين وسائل الضغط، ملف لقاء أردوغان الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن هذا الأسبوع على هامش قمة حول الأمن النووي.
وعلى رغم الحديث عن مساعٍ لمصالحة تركية- إسرائيلية قريباً، لم تُعلن بعد معاودة العلاقات رسمياً، في ظل تردد أنقرة، التي تحسب ردود فعل حلفائها الإسلاميين على هذا التطبيع الجديد، وشعور تل أبيب بأن تركيا تسعى إلى خطوة تكتيكية تكسر عنها عزلة دولية وتتيح توسّط الدولة العبرية لدى موسكو لتحسين علاقاتها مع أنقرة.
لكن التعاون الاستخباراتي التركي- الإسرائيلي لم ينقطع طيلة السنوات الخمس الماضية، إثر قطع العلاقات على خلفية أزمة سفينة «مرمرة»، كما أن عدد السياح الإسرائيليين إلى تركيا لم يتأثر، وكذلك حجم التجارة بين الدولتين.