على وقع التطورات الاقليمية المتسارعة ، ولا سيما منها ما يجري في سوريا بعد استعادة قوات النظام وحلفائه مدينة تدمر من أيدي «داعش»، تترقّب الاوساط السياسية ان تتحرك الاتصالات في اتجاهات عدة لملاقاة ايّ معطى إيجابي إقليمي يمكن حصوله، خصوصاً على مستوى العلاقات السعودية ـ الايرانية لتوظيفه في سبيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي ستكون له محطة جديدة في 18 نيسان المقبل، فيما يتحدث البعض عن أنّ هذا الموعد سيكون أول المواعيد الجدية لتأمين انتخاب رئيس جديد في مهلة أقصاها تموز المقبل. إنتهت استراحة العيد لتستأنف العجلة السياسية دورانها مجدداً بزخم ظهرَ اليوم، كاسِرة الرتابة السياسية التي طبعت مشهد الايام الماضية.
ففي الاولى من بعد ظهر اليوم، يترأس وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر اجتماعاً للجنة الأمنية والادارية في مبنى المديرية العامة للطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي، للبحث في أوضاع المطار أمنياً وادارياً، ويليه مؤتمر صحافي.

امّا العمل التشريعي فسيطرح من بابه الواسع في جلسة الحوار الوطني بين اقطاب الكتل النيابية غداً في عين التينة بعدما اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ تفعيل عمل مجلس النواب واستئناف الجلسات العامة سيكون محور النقاش في هذه الجلسة التي سيتخللها عرض لتقرير اللجنة النيابية في شأن قانون الانتخاب.

وغداً ايضاً تحضر فضيحة الانترنت غير الشرعي مجدداً على طاولة لجنة الاعلام والمواصلات التي تنعقد في العاشرة صباحاً، بعدما دعا رئيسها النائب حسن فضل الله الى هذا الاجتماع وزارات المال والاتصالات والداخلية للبحث في الهدر المالي نتيجة وجود شبكة غير شرعية والاستماع الى الاجراءات التي اتخذت لتفكيك هذه الشبكات في ضوء ما لدى هذه الوزارات من معطيات ومعلومات تملكها هذه الوزارات.

وبعد غد يعود موضوع أمن الدولة الى الواجهة الذي سيُطرح في جلسة مجلس الوزراء، بعدما كان رئيس الحكومة تمام سلام تعهّد في الجلسة الماضية بوَضعه على جدول اعمال هذه الجلسة. ويضاف كل ذلك عرض لموضوع النازحين في ضوء السجال الذي أعقب زيارة الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاخيرة لبيروت حول مسألة توطين هؤلاء النازحين في لبنان.

كلمة لسلام

وقبل 24 ساعة من جلسة مجلس الوزراء تترقب الأوساط السياسية كلمة رئيس الحكومة تمام سلام في افتتاح أعمال مؤتمر «التكامل المصرفي العربي» الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية في فندق فينيسيا، وذلك في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ سلام سيعلن، خلال المؤتمر، جملة مواقف تبدأ بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وصولاً الى تجسيد موقف لبنان من عدد من القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ولا سيما منها الجدل القائم حول بعض العناوين والملفات التي برزت إثر زيارة الأمين العام للأمم المتحدة للبنان.

مجلس وزراء

وفي هذه الأجواء، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية بعد استراحة «خميس الأسرار» . وكانت الأمانة العامة للمجلس عمّمت على الوزراء في نهاية الأسبوع الماضي جدول أعمال يضمّ 120 بنداً أبرزها ما يتصل بملف جهاز أمن الدولة، بعدما تمّ الإتفاق في آخر جلسة قبل اسبوعين على أن تكون له الأولوية بالإضافة الى قضايا عادية لا تخرج من لائحة الضرورة واستثناء الملفات الخلافية قبل معالجتها. لكنّ أحد الوزراء توقّع تأجيل هذا الملف مجدداً لأنّ الإتصالات الجارية في شأنه لم تصل الى خواتيمها وتحتاج الى مزيد من الجهد والوقت.

وقال وزير آخر لـ«الجمهورية» انّ على جدول اعمال الجلسة قضايا عادية مالية وإدارية وأبرزها يتصل بتزويد مجمّعات النازحين السوريين الطاقة الكهربائية بالمجان، بالإضافة الى بنود أخرى تتصل بترميم بعض الطرق ونقل اعتمادات من الخزينة العامة الى بعض المؤسسات والوزارات وفق القاعدة الإثني عشرية وعمليات شراء بالتراضي لبعض المؤسسات العسكرية والأمنية.

والى جدول الأعمال طلبت الأمانة العامة من الوزراء توقيع 26 مشروع مرسوم عُمّمت نصوصها عليهم تمهيداً لإصدارها.

حرب

وفي المواقف، اكد وزير الاتصالات بطرس حرب لـ»الجمهورية» انّ «موضوع مديرية أمن الدولة مطروح على جدول أعمال الجلسة، بالإضافة الى نتائج زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وما أعقبها من مواقف. وأعتقد انه يجب إثارة موقف وزير الخارجية الذي لم يفهمه أحد». واكد «انّ قضية الانترنت غير الشرعي باتت في عهدة القضاء اللبناني الذي يواصل تحقيقاته».

وأشار الى أنه سيشارك في جلسة لجنة الاعلام والاتصالات غداً، وقال: «يجب عليّ مكافحة الانترنت غير الشرعي، وهذا ما فعلته وأتابعه، وعلى القضاء التحقيق وتبيان المسؤولية ومحاسبة المسؤولين». وأضاف: «أعتقد أنّ هناك من يعمل على خلق مشكلات وإلهاء الناس بها وصنع بطولات وهمية».

وأكد أن «لا شيء إسمه توطين السوريين في لبنان، وهذا التوطين لا يمكن ان يحصل لأنّ هناك اجماعاً وطنياً على رفضه، وثانياً لأنّ المجتمع الدولي ليس مشروعه توطين النازحين بمقدار ما هو مساعدتهم في لبنان حتى عودتهم الى بلادهم، وليس مساعدتهم لإبقائهم هنا.

فطرح الموضوع على هذا النحو هو للإثارة فقط، فجميع اللبنانيين ضد التوطين. لكن طبعاً علينا ان نكون يقظين وحريصين على عدم حصول أي انزلاق في هذا الموضوع، هذه واجبات الحكومة اللبنانية لكن ليست واجباتنا إخافة الناس بأمر غير موجود أساساً أو بأمر نحن نستطيع مواجهته بسهولة».

وعن تفعيل العمل النيابي قال حرب: «أنا مع أن يؤدي المجلس النيابي دوره بدءاً بانتخاب رئيس جمهورية، وتشريع الضرورة لا نستطيع الهروب منه، أنا لست ضد تسهيله، لكن ان يمارس المجلس دوره النيابي بنحو طبيعي وكأن ليس هناك مشكلة في البلد ومن دون أن نأخذ في الاعتبار انّ هناك محاولة مدروسة لضرب رئاسة الجمهورية، فطبعاً أنا لست معه، بل مع ان لا يتعطّل المجلس، وأن يشرّع القضايا الضرورية التي لا تحتمل التأجيل، لكن هذا ليس معناه انّ المجلس يمارس دوره التشريعي وكأن لا مشكلة في البلد».

جريج

وأشار وزير الاعلام رمزي جريج لـ«الجمهورية» الى انّ بنود جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء عادية، مُبدياً اعتقاده بأنّ جميع الوزراء سيشاركون في الجلسة. وقال إنّ سلام كان اعلن انه سيضع قضية مديرية أمن الدولة على جدول الاعمال، وسيقدم اقتراحات في شأنها.

وأضاف: «هذا الموضوع مرتبط برئاسة الحكومة والرئيس سلام معنيّ به، وانّ أطرافاً سياسية ستتحدث عنه. هو موضوع دقيق بعض الشيء، لكن لا بد من إيجاد حل له يتجاوز الاشخاص الذين يتولّون المسؤولية للحفاظ على هذه المؤسسة».

ورأى جريج «انّ توطين النازحين السوريين موضوع افتعل، ولا احد يتحدث بتوطينهم»، مُتسائلاً: «لماذا أساساً سنتحدث عن توطينهم في حين انّ نزوحهم موقّت وناتج من حرب أهلية في سوريا، وبمجرد حصول حل سياسي سيعودون الى بلدهم؟».

وإذ ذكّر جريج بأنّ موقف حزب الكتائب المبدئي هو أنّ مجلس النواب هيئة ناخبة ولم يعد هيئة تشريعية ولا يجوز التشريع قبل انتخاب الرئيس، قال: «لا أعرف ما اذا كان سيحصل تعديل في هذا الموقف بعد انعقاد هيئة الحوار».

موسى

وأكد النائب ميشال موسى لـ«الجمهورية» انّ «الوقت حان لعودة التشريع بعد توقّف قسري طالت مدته». ولفتَ الى انّ رئيس مجلس النواب سيطرح في جلسة الحوار غداً تقرير لجنة قانون الانتخاب للاطلاع على آراء المتحاورين قبل ان يتخذ القرار المناسب بالتشاور معهم. وقال: «في كل الحالات، لا شيء يمنع استمرار العمل التشريعي.

وقد رأينا كم كان موقف الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم واضحاً لجهة تشديدهما على ضرورة تفعيل عمل مجلس النواب لإقرار القوانين المطلوبة لتلقّي المساعدات والهبات، وبالتالي لا نستطيع البقاء بلا تشريع في انتظار بعض الامور التي لا تنضج».

ولدى سؤاله، هل يعتقد انّ أحزاب الكتائب و»القوات» و»التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» ستقبل بالتشريع في ظل الشغور الرئاسي؟ أجاب موسى: «لا اعرف، هذا الموضوع سيطرح الاربعاء (غداً) لمعرفة الآراء بعد النقاش على طاولة الحوار».

وعن قانون الانتخاب، لفتَ موسى الى «انّ بعض النقاط تقدّمَ البحث فيها وهناك نقاط أُخرى لا تزال موضع خلاف بين الأفرقاء وليس هناك أفضل من طاولة الحوار لجَمع القيادات ودرس الامور».

سفير فرنسا

الى ذلك، لم يخرج الملف الرئاسي بعد من دائرة الجمود والمراوحة، واكد السفير الفرنسي ايمانويل بون، خلال مأدبة غداء أقامها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على شرفه أمس عقب القداس السنوي على نيّة فرنسا، «اّن اللبنانيين لا يمكنهم انتظار نهاية الحرب في سوريا ولا أن يتمّ الإتفاق السعودي ـ الإيراني لكي يقرروا مصيرهم. على البرلمان ان يجتمع وينتخب رئيساً في اسرع وقت لأنّ في هذا مصلحة المسيحيين ومصلحة الأمة أيضاً».

واكد بون انّ مسيحيي المنطقة «قلقون، وهم خائفون اكثر من غيرهم من نمو المجموعات المتطرفة، ومتخوّفون على مستقبلهم ومستقبل اولادهم. وهم لطالما عانوا، وكثيرون منهم هاجروا».

واكد انّ فرنسا «ستتابع عملها لاستقبال اللاجئين على ارضها لا سيما منهم الذين يأتون من لبنان، لأنّ هذا البلد غير قادر على ذلك». وأكد «انّ لبنان يبقى أولوية كاملة» بالنسبة الى بلده، وقال: «فرنسا تعرف تماماً واجبها التاريخي حيال لبنان، وهي تريد وحدة اللبنانيين واستقرارهم وأمانهم وازدهارهم».

من جهته، تمنّى الراعي «ان تبقى فرنسا دائماً داعية للسلام القائم على العدل، وحقوق الانسان وكرامته والقيم الديموقراطية والتعددية الثقافية». وحَمّل بون رسالة الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يعبّر له فيها عن «مدى التقدير والشكر للجهود التي يبذلها في سبيل لبنان».

لقاء «القوات» و«أمل»

من جهة ثانية يعقد ظهر اليوم لقاء بين وفد من حركة «أمل» وآخر من حزب «القوات اللبنانية» ومعه فريق تقني، وذلك في إحدى قاعات مجلس النواب لمناقشة اقتراح قانون الحكومة الإلكترونية الذي تعمل «القوات» على تأمين حشد نيابي لإقراره. وقال مصدر في «القوات» انّ «الإجتماع تقني ولا يحمل أي خلفيات سياسية، فكتلة نواب «القوات» تواصل اتصالاتها مع الكتل النيابية بعيداً من الإصطفاف السياسي».

الإبعاد مستمر

وفي إطار التضييق على «حزب الله» وبعد أسبوع على إبعاد لبنانيين ثبتَ انتماؤهم للحزب، ألغت السلطات الكويتية تأشيرات إقامة 60 لبنانياً اتهموا بالارتباط به بعدما صنّفته دول مجلس التعاون الخليجي «منظمة إرهابية»، حسبما أفادت صحيفة «القبس» الكويتية، التي نقلت عن مصدر أمني قوله إنّ السلطات الكويتية غَيّرت تأشيرات الإقامة لهؤلاء لتصبح موقتة، ما يعطيهم 30 يوماً إلى 60 فقط لترتيب أوضاعهم وتَسلّم مستحقاتهم المالية ومن ثم مغادرة البلاد.