استعادت القوات السورية ومجاهدو حزب الله مدينة تدمر الاستراتيجية وسط غطاء جوي روسي سوري، وواصلا حملتهما العسكرية باتجاه تحرير مدينة القريتين التي تقع شرق تدمر وجنوب مدينة حمص وتبعد عنها مسافة 70 كلم، حيث توغلت القوات السورية ومجاهدو حزب الله في مدخلها الغربي بعد السيطرة على التلال السود وتركوا مسرباًَ مفتوحاً شرق المدينة لهروب مسلحي داعش باتجاه «السخنة» التي تقع على طريق تدمر - دير الزور وتبعد عن تدمر 70 كلم. واللافت ان سيطرة الجيش السوري ومجاهدو حزب الله على القريتين سيؤدي الى قطع التواصل بين مسلحي «داعش» والقلمون الشرقي وجرود عرسال، وبالتالي فان استعادة «القريتين» يحمي الحدود اللبنانية ويعزل المسلحين في الجرود، وهذا ما ادى الى اشتعال الجبهات في جرود عرسال بين «داعش» و«النصرة» للسيطرة على المنطقة، وافادت المعلومات ان مقاتلي «النصرة» حاولوا استغلال الانهيار في صفوف «داعش» في تدمر والقريتين وحاولوا القيام بهجوم على مواقع «داعش» حيث تمكن مقاتلو النصرة من استعادة المواقع التي خسروها منذ اسبوعين والقضاء على مجموعة لـ «داعش» بقيادتي ابو الفاروق، والقائد الميداني «ابو العزام» وقد قامت عناصر «داعش» بهجوم مضاد للسيطرة على منطقة الملاهي والعجرم ومخيمات النازحين. وقد اسرت عناصر «داعش» 6 مقاتلين للنصرة وقد استخدمت خلال الاشتباكات الاسلحة المختلفة، واشارت معلومات عن سقوط 20 قتيلاً، كما قتل اللبناني مجد محمد عبد المجيد الحجيري الملقب بابو البراء، وهو تابع لجبهة النصرة من رجال ابو طاقية.
وافادت المعلومات عصر امس عن قيام «النصرة» بهجوم مضاد بقيادة ابو مالك التلي لاستعادة مواقع خسرتها «النصرة» بين الزمراني والعجرم وقرنة الحشيشان والملاهي ووادي شبيب وتمكنت من طرد «داعش» من معظم هذه المواقع.
ويمثل خسارة تدمر إحدى أكبر الانتكاسات لداعش منذ أن أعلن الخلافة عام 2014 في مساحات واسعة من سوريا والعراق.
وقال الجيش السوري إن المدينة التي تضم بعضا من أهم آثار الإمبراطورية الرومانية ستصبح «قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية» ضد التنظيم في محافظتي الرقة ودير الزور باتجاه الشرق.
وقالت وسائل إعلام سوريا امس إن مطار تدمر العسكري فُتح الآن أمام حركة الطيران بعد أن قام الجيش بتطهير المنطقة المحيطة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
واضافت ان الاستعدادات لمعركة الرقة ودير الزور قد بدأت بالتعاون مع روسيا التي ستؤمن الغطاء الجوي لهذه المعركة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب إن اشتباكات وقعت شمال شرقي تدمر بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وقوات متحالفة مع الحكومة بدعم من غارات جوية سورية وروسية.
وأضاف أن غارات جوية يعتقد أنها روسية استهدفت الطريق المتجه شرقا من تدمر باتجاه دير الزور.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن أغلب مقاتلي التنظيم فروا من تدمر يوم الأحد لكن بقي عدد من المقاتلين في المدينة وأضاف أن أغلب السكان فروا قبل هجوم الحكومة وإنه لم يسمع بسقوط قتلى من المدنيين.
وقال المرصد إنه سمع دوي ستة انفجارات يوم الأحد نتجت عن ثلاث سيارات ملغومة فجرها المتشددون داخل المدينة وعلى مشارفها. وفجر ثلاثة متشددين أنفسهم بأحزمة ناسفة كذلك مما أسفر عن عدد غير محدد من الضحايا من قوات الجيش والقوات المتحالفة معها.
وبث التلفزيون السوري الحكومي لقطات من داخل تدمر تظهر شوارع مهجورة ومباني لحقت بها أضرار بالغة.
وقال عبد الرحمن إن 417 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية قتلوا وفقا للمعلومات المعروفة حتى الآن في حملة استعادة تدمر وإن نحو 194 قتلوا على جانب الحكومة السورية.
وقلب التدخل الروسي في مجريات الحرب السورية الموازين لصالح الرئيس السوري بشار الأسد. وبرغم إعلان موسكو عن سحب معظم قواتها العسكرية قبل أسبوعين فإن المقاتلات وطائرات الهليكوبتر الروسية واصلت شن عشرات الغارات الجوية يوميا على تدمر مع بدء حملة الجيش.
وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال الأسد إن الدعم الجوي الروسي كان ضروريا في استعادة السيطرة على تدمر وإن المدينة ستبنى من جديد.
وقالت روسيا إنها ستساعد في تأمين المدينة وإزالة الألغام بعد الحملة لكنها مازالت تظهر مؤشرات على انسحابها الجزئي من سوريا.
وقالت قناة روسيا 24 التلفزيونية الحكومية إن ثلاث طائرات هليكوبتر هجومية ثقيلة غادرت قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا عائدة إلى روسيا.
وتأتي خسارة تدمر بعد ثلاثة أشهر من طرد مقاتلي التنظيم من مدينة الرمادي العراقية في أول انتصار كبير للجيش العراقي منذ انهياره أمام هجوم المتشددين في يونيو حزيران 2014.
وخسر تنظيم الدولة الإسلامية بعض الأراضي أيضا في أماكن أخرى منها مدينة تكريت العراقية العام الماضي وبلدة الشدادي السورية في شباط. وقالت الولايات المتحدة إن سقوط الشدادي جاء ضمن جهود لقطع صلات التنظيم بمركزي القوة الرئيسيين له وهما مدينة الموصل العراقية ومدينة الرقة السورية.
وعرض التلفزيون السوري لقطات يوم الأحد من داخل متحف تدمر أظهرت تماثيل مهشمة وعددا من واجهات العرض المحطمة.
لكن مأمون عبد الكريم مدير عام الآثار والمتاحف في سوريا قال إن مواقع أثرية أخرى ما زالت قائمة وتعهد بإعادة الآثار المتضررة إلى سابق عهدها فضلا عن استعادة ما نهب منها.
وأضاف لرويترز «تدمر أصبحت محررة. هذا نهاية التدمير في مدينة تدمر. كم مرة بكينا على تدمر وكم مرة شعرنا باليأس. ولكن لم نفقد الأمل».

ـ كي مون يرحب باستعادة تدمر ـ

والتصريح اللافت كان للامين العام للامم المتحدة الذي رحب باستعادة الجيش السوري لمدينة تدمر الاثري مؤكداً انه سيساعد على اعادة ترميم ما هدمه داعش في هذه المدينة التاريخية وقال «داعش والارهابيون لا يقتلون الانسان بوحشية فحسب بل يدمرون ايضا ارث الحضارات الانسانية».

ـ التقدم نحو دير الزور او معبر «التنف» ـ

وقال المسؤولون الميدانيون للجيش العربي السوري ان العملية ستستكمل «لاجتثاث» داعش من منطقة البادية السورية وكل الاراضي السورية ووضعوا عدة احتمالات لاستكمال العملية العسكرية عبر التقدم باتجاه دير الزور وفك الحصار عن قوات الجيش السوري المتواجدة في مطار دير الزور وتحرير المحافظة التي تبعد عن تدمر مسافة 200 كلم، وهذا يفترض طرد الارهابيين من السخنة، الواقعة على طريق تدمر - دير الزور والسخنة تبعد عن تدمر 70 كلم وتحيط بها عدة قرى والسخنة هي المدينة الوحيدة التي تقع على طريق تدمر - دير الزور، فيما المسافة الاخرى صحراوية.


اما الاحتمال الثاني وحسب القادة الميدانيين يتمثل بتقدم الجيش السوري الى معبر «التنف» على الحدود العراقية - الاردنية والذي يبعد عن تدمر مسافة 170 كلم، ووصول الجيش السوري الى معبر التنف يؤدي الى التواصل مع الجيش العراقي على معبر «الركبة» العراقي، وهذا المعبر يؤدي الى جنوب العراق، مباشرة وصولا الى الاراضي الايرانية، وبالتالي فتح طريق طهران بغداد - دمشق البري ووصول الامدادات الى الجيش السوري بشكل سريع.

 

ـ تفجير لآلاف الالغام ـ

من جهة اخرى، اعلن الرئيس الروسي بوتين ان الجيش الروسي سيقدم المساعدة للجيش السوري بتفكيك الالغام والعبوات الناسفة، حيث زرع الارهابيون الآف الالغام، «المعقدة» والتي يتطلب تفكيكها تقنيات عالية، وهذا ما يكشف مشاركة قوى اقليمية تملك الامكانيات ساعدت في زرع هذه الالغام، وحسب القادة الميدانيين للجيش السوري ان «داعش» تملك جهاز اتصالات متطور جدا حصلت عليه من تركيا وتحديداً من «مصنع» يقع في منطقة اسكندرون وهذا المصنع يقدم «العبوات المتطورة» لـ «داعش».

ـ بوتين وروحاني بحثا الاوضاع ـ

اما على صعيد الاتصالات السياسية، فقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، اتفقا في اتصال هاتفي على تعزيز الاتصالات الثنائية على مستويات عدة.
وقال الكرملين في بيان، إن الرئيسين بحثا الصراع في سوريا، وتبادلا وجهات النظر بشأن القضايا التي تتصدر الأجندة الروسية والإيرانية.

ـ روسيا شاركت في تحرير تدمر ـ

بالمقابل، أكدت هيئة الأركان الروسية على أن تحرير مدينة تدمر السورية يكتسب أهمية استراتيجية في محاربة الإرهاب، وكشفت عن أن عناصر من قوات النخبة الروسية قد شاركوا في العملية.
وذكر رئيس هيئة الأركان العامة لدى القوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أن العملية الروسية في سوريا أتاحت تحقيق نقلة نوعية في تطورات الوضع في سوريا، وأدت إلى وضع حد لتنامي الورم الإرهابي هناك.
وأعاد غيراسيموف إلى الأذهان، أن الغارات الروسية أدت إلى تدمير مواقع للإرهابيين، ومخازن أسلحة وذخيرة لهم، كما قطعت قنوات تهريب النفط التي كانت تغذي نشاط الإرهابيين.
وتابع غيراسيموف أن الجيش والقوات الشعبية بدآ بهجمات مكثفة ضد عصابات «داعش»، فيما دخلت الهدنة في سوريا حيز التنفيذ.
كما كشف غيراسيموف أن روسيا سترسل قريبا خبراء إزالة الألغام وروبوتات إلى سوريا للشروع في إزالة الألغام بمدينة تدمر. ودعا الدول الأخرى للانضمام إلى هذه المهمة.
وجاءت تصريحات غيراسيموف بعد اجتماع عقده رؤساء هيئات الأركان في بلدان رابطة الدول المستقلة في العاصمة البيلاروسية.
لكن الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف اكد ان العملية العسكرية عززت قدرات الجيش السوري لكنه نفى اجراء اية عمليات برية للجيش الروسي في تدمر.

ـ دمشق : للتعاون مع واشنطن ـ

الى ذلك، اكد رئيس وفد الحكومة السورية الى مفاوضات جنيف ان دمشق مستعدة للمشاركة في اي تحالف دولي ضد الارهاب، لكن فقط حال تنسيق واشنطن اعمالها مع السلطات السورية.
وقال الجعفري ان «التحالف الدولي لم ينجح في سوريا لانه لم ينسق مع النظام، وروسيا نجحت لانها تنسق معنا».
واضاف الجعفري «نحن مع انشاء تحالف دولي لمكافحة الارهاب لكن بالتنسيق مع الحكومة السورية، ليس لدينا مانع ان نتحالف مع اميركا لكن يكون بالتنسيق مع سوريا».

ـ ايطاليا : لارسال فريق تراثي ـ

وأعلنت الحكومة الإيطالية عن استعدادها لإرسال ذوي «قبعات زرقاء» إلى مدينة تدمر السورية التي حررها الجيش السوري من أيدي إرهابيي «داعش».
وأوضح وزير التراث الثقافي الإيطالي داريو فرانتشيسكيني في تصريح صحفي أن الحديث يدور عن «قبعات الثقافة الزرقاء» أي فريق العمليات الإيطالي المعني بحماية التراث الثقافي في مناطق النزاعات، والذي تم تشكيله في شباط الماضي.
وقال الوزير: «قبعاتنا الزرقاء للثقافة مستعدة لتقف على حماية التراث الثقافي الذي خربه الإرهاب الدولي. وعلى اليونيسكو والمجتمع الدولي أن يقررا ما إذا ستصبح تدمر أول مهمة للقبعات الزرقاء، إذ سيتعين عليهما تحديد مواعيد تلك المهمة وأساليب العمل خلالها وإمكانية مشاركة دولة واحدة أو دول عدة في تلك العملية».

ـ برينان اثار مسألة رحيل الأسدـ

نقلت وكالة الإعلام الروسية عن السفارة الأميركية في روسيا قولها إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون برينان أثار مسألة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.
وأضافت أن برينان ناقش أيضا أثناء زيارته لموسكو مطلع الشهر الالتزام بوقف إطلاق النار في سوريا.